صادق نواب المجلس الشعبي الوطني، هذا الثلاثاء، بالإجماع على قانون المسنين، في وقت أعلن “سعيد بركات” وزير التضامن الوطني والأسرة عن صدور النصوص التنفيذية للقانون المذكور قريبا، بالتزامن مع تخطيط مصالحه لاعتماد دفتر خاص بـ2.7 مليون مسنّ تحصيهم البلاد.
وفي جلسة شهدت حضورا نيابيا مكثفا وكذا “سعيد بركات” وزير التضامن الوطني والأسرة، لم يشهد التقرير التكميلي لمشروع قانون المسنين تعديلات كثيرة، حيث آثرت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني على مستوى المجلس الشعبي الوطني، ترسيم مسودة المشروع التمهيدي الذي تمت مناقشته قبل أسبوع، مع إدراج بضع تعديلات.
وفي كلمة قصيرة، وصف بركات مباركة النواب لقانون المسنين بـ”العرس”، مبرزا أنّ اعتماد القانون إياه يعدّ خطوة في سبيل تحسين وضع المسنين قانونيا وصحيا واجتماعيا وصون كرامتهم.
وأوضح بركات أنّ خلايا مختصة تتولى حاليا إعداد النصوص التنفيذية لقانون المسنين، بالإضافة إلى العمل على إنجاز دفتر خاص بالمسنين، بغرض التكفل بثلاثة أصناف منهم، وهم أولئك المسنين التائهين، المطرودين والمُهملين، وكشف الوزير أنّ هناك 220 خلية مكلفة بالمسنين وطنيا، وهي مرشحة لأن تصير 250 خلية في غضون الفترة القليلة القادمة تقدير مختلف الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمسنين.
ويقترح القانون المذكور الذي يشمل الفئة العمرية 65 سنة فما فوق، الخروج بالمسنين من عقلية التكفل المادي، والارتقاء بهم إلى فضاءات مهنية اجتماعية أكثر رحابة، من خلال حث المتقدمين في السن على الاستثمار ومباشرة أنشطة ذات جدوى.
كما يتضمن قانون المسنين بنودا تؤطر مراكز المسنين وتميّز خدماتها، بالتزامن مع تحسيس أفراد المجتمع بالتكفل بذويهم، وتفادي تركهم في مراكز الشيخوخة بمجرد عجزهم.
صندوق وطني ومنح دورية لتأمين المتقدمين في السن
ينص قانون المسنين على تقديم منحة مالية للأشخاص المسنين تقدّر بثلثي الأجر الوطني الأدنى المضمون، مع إنشاء صندوق وطني لحماية هذه الفئة، إضافة إلى مراكز علاج طبية وسيكولوجية خاصة بالمسنين، فضلا عن خلايا اجتماعية لحماية وتوجيه المسنين.
ويؤكد هذا القانون على ان حماية الاشخاص المسنين وصون كرامتهم يشكلان التزاما وطنيا وان للشخص المسن الحق في العيش بصفة طبيعية محاطا بأفراد أسرته.
وتهدف حماية المسنين الى “دعم ابقاء الشخص المسن في وسطه العائلي و تعزيز علاقاته الأسرية و السهر على راحته و صون كرامته”. و تسهر الدولة في هذا الصدد على الحفاظ على كرامة الاشخاص المسنين و واجب احترامهم في كل الحالات و في كل الظروف لا سيما واجب الاعانة والمساعدة و حماية حقوقهم”.
وتتلقى الأسر المحرومة أو في حالة هشة –حسب مواد هذا القانون– اعانة من الدولة والجماعات المحلية ومن المؤسسات المتخصصة المعنية التى تتخذ في اطار اختصصاتها التدابير المناسبة لمساعدة هذه الأسر للقيام بواجب التكفل بأشخاصها المسنين و تشجيع ادماجهم في وسطهم الاسري والاجتماعي.
كما تسهر الدولة على مساعدة الاشخاص المسنين في وضعية هشة و على محاربة كل أشكال التخلي والعنف و سوء المعاملة والاعتداء والتهميش والاقصاء من الوسط الأسري والاجتماعي.
ويستفيد الأشخاص المسنون المحرومون أو في وضع صعب أو في وضعية اجتماعية هشة من مجانية النقل البري و الجوي و البحري والنقل بالسكك الحديدية أو من التخفيض من تسعيراته.
أما بخصوص الأحكام الجزائية ينص القانون في احدى مواده أن كل من ترك شخصا مسنا أو عرضه للخطر يعاقب حسب الحالات بنفس العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات لا سيما المادتان 314 و 316 منه.
ويعاقب بموجب هذا القانون الأشخاص المخالفون لأحكامه بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات و بغرامة مالية تتراوح ما بين 000 20 دج و 000 500 دج حسب الحالات.
وفي مداخلاتهم بالمناسبة، دعا نواب الغرفة السفلى إلى حتمية التوعية للتكفل بالمسنين، بهذا الصدد، لاحظ النائب “مختار بوطالب” أنّ الجزائر تعاني من انعدام طب المسنين، داعيا إلى إنشاء دور طبية متخصصة لصالح المسنين، وتخصيص مساعدين اجتماعيين على مستوى كل بلدية لتسهيل عملية إحصاء هذه الفئة والتكفل بنقل انشغالاتهم إلى الجهات المعنية.
وفيما يتعلق بحقوق المسنين، اقترح “محمد الضاوي” عن كتلة الجبهة الوطنية الجزائرية، و”فيلالي غويني” عن كتلة حركة الإصلاح الوطني، وضع بطاقة وطنية خاصة بهذه الفئة، وتفادي دمجها مع شريحة المختلين عقليا خاصة على مستوى مراكز المسنين للحيلولة دون وقوع حوادث بين المقيمين.
من جهتها، شدّد كل من “عبد الرحمان سهلي” عن كتلة جبهة التحرير الوطني، و”عبد القادر زياني” عن كتلة الجبهة الوطنية الجزائرية، على تشديد العقوبات والأحكام الجزائية الخاصة بهذا القانون للحفاظ على حقوق المسنين وحمايتهم، بالإضافة إلى اقتراح إدراج مادة جديدة تنص على ضرورة اللجوء إلى إجراء الصلح بين الأصول والفروع كوسيلة علاجية قبل توقيع أية عقوبة حفاظا على الروابط الأسرية.
في اتجاه آخر، انتقدت النائبة “سكينة مسّاك” تغليب طابع التكفل بالمسنين، دون إيلاء الاهتمام اللازم بالاستفادة من خبرات المسنين وقدراتهم بشكل يكفل تحويل هذه الفئة إلى مفيدة للمجتمع بدلا من مرهقة لها أو عالة عليها.
كما رأت النائبة “سعيدة جفّال” بسهولة السطو على القانون والتلاعب بمقاصده، لذا أوصت بعدم التوقف عند حدود سن قانون فحسب، ولم تستسغ جفّال سقوط القانون في العموميات، كما تخوفت من بقاء القانون حبرا على ورق وعدم تطبيقه إلاّ بعد سنتين أو ثلاث سنوات، رغم الوضع الحسّاس لفئة المسنين.
وذهبت النائبة “آمال عنّاني” إلى ضرورة إعفاء المسنين من الانتقال إلى غرض العلاج وإنشاء وحدات طبية خاصة بهم، ورأت أنّ بلوغ عدد المسنين في الجزائر حدود 9 ملايين شخص بحلول 2040، يتطلب حراكا أكبر للتكفل بهؤلاء، مثلما جزمت بعدم أهلية دور المسنين لتكون بديلا عن البيوت العائلية، متصورة أنّ مراكز الإيواء هي ملاذ لمن لا أهل له فحسب.
ونادى النواب “منصور عبد العزيز” وكذا “كمال بوشوشة” و”ليلى حاج أعراب” باعتماد استيراتجية شاملة وعدم الاكتفاء بالردع في حل مشاكل المسنين مع أسرهم.
من جانبهم، قدّر “محمد مخالدي” و”هوارية بوسماحة” بعدم معقولية إدراج مواد تتدخل في الشؤون الشخصية للعائلات، واقترحا إنشاء نوادي تسمح بترسيخ التواصل الاجتماعي، بينما أيّدت النائبة “سليمة عثماني” ضرورة تكريس أدوات فعالة لتطبيق القانون وقطع الطريق على من سمتهم “الانتهازيين”.
بدوره، دعا النائب “الأخضر رابحي” إلى تحرير المجتمع المدني ليمارس دوره على صعيد استيعاب المسنين وحمايتهم، وتحديد الإطار العام لحماية الأشخاص المسنين وتمكين المجتمع من الاستفادة من تجاربهم