يشكّل كل من قانون المالية التكميلي لسنة 2010، إضافة إلى قانون حركة رؤوس الأموال، قانون مجلس المحاسبة، فضلا عن قانوني النقد والقرض وقانون الوقاية من الفساد ومكافحته، المُصادق عليها هذا الثلاثاء، ترسانة قوية تستجيب لمتطلبات المرحلة عبر توخي آليات جديدة لتأمين المال العام ومحاربة مختلف أشكال الغش والفساد التي تضر بالاقتصاد الوطني.
في مقام رئيس، يعزّز قانون المالية التكميلي 2010، السياسة الحمائية للاقتصاد الوطني من حيث منع تهريب الأموال نحو الخارج، وتحفيز وتيرة النمو من خلال إقرار إجراءات تشجيعية لدعم الاستثمار والتنمية الفلاحية وتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ورصد القانون غلافا ماليا إضافيا بقيمة 608 مليار دينار لتصل النفقات المالية للسنة الحالية إلى 6468 مليار دينار بينها 3446 مليار دينار موجهة لميزانية التسيير و3022 مليار دينار لميزانية التجهيز، في مسلك يروم التكفل بالنفقات المتمثلة في مدفوعات نظام التعويضات الجديد الخاص بالموظفين بأثر رجعي ابتداء من جانفي 2008، فضلا عن تنشيط منظومة البنى التحتية، ودعم قطاعي السكن والتربية، وكذا دعم مخطط الاحتراف الذي جرى الشروع فيه رسميا خلال الصائفة.
بدوره، يمثل القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لبنة لقمع دابر الفساد، ومكافحته بواسطة شرطة قضائية متخصصة تعمل وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، بما يكرّس قواعد الشفافية والنزاهة والمنافسة الشريفة في مجال الصفقات العمومية، وإلزام كل متعهد وطني أو أجنبي يرغب في الترشح للحصول على صفقات عمومية تقديم تصريح بالنزاهة.
واستنادا إلى شروحات وزير العدل “الطيب بلعيز”، يقترح المشروع تمديد نطاق الاختصاص القضائي داخل كامل تراب الوطن و ذلك على غرار أدوار ضباط الشرطة القضائية في مجال محاربة جرائم المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود و الجرائم الماسة بالأنظمة المعلوماتية وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالصرف.
وجاء قانون الوقاية من الفساد، للحد من الآثار السلبية لهذه الآفة الخطيرة وانعكاساتها على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد و كذا حرص الدولة على إضفاء الشفافية و النزاهة على كيفية تسيير الشأن العام وتعزيز آليات المحافظة على المال العام.
ولا يلغي إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد، الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد التي جرى بعثها في مارس 2006، حيث أوضح بلعيز على أنّ الديوان المركزي لقمع الفساد له مهامه ومسؤولياته، بينما الهيئة ستعنى بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد و الجرائم المرتبطة به.
من جهته، يتضمن القانون المتعلق بمجلس المحاسبة تعديلات ترمي إلى توضيح دور مجلس المحاسبة المتعلق بتقييم الرقابة الداخلية و توسيع مجال تدخله فيما يخص رقابة الهيئات العمومية وكذا توضيح أكثر لظروف تدخل مجلس المحاسبة في مسار إعداد مشاريع قوانين ضبط الميزانية.
وتنطوي التغييرات أيضا على توسيع مجال تخصص غرفة الانضباط في تسيير الميزانية والمالية قصد استغلال ومعالجة الملفات ذات العلاقة بالفساد، التي يمكن أن تلحق ضررا بالأموال والممتلكات العمومية أو بقواعد التسيير الجيد للهيئات الخاضعة لمجال اختصاصها.
كما يوضح قانون المحاسبة بثوبه الجديد، الأحكام الخاصة بالانضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية لا سيما فيما يتعلق بالتحقيق والسماح للغرف الإقليمية بمساعدة الغرف الوطنية في رقابة الهيئات الخاضعة لمجال صلاحيتها والسماح لهيئات الرقابة والتفتيش كذلك بإرسال نسخ أو أجزاء من تقارير الرقابة إلى مجلس المحاسبة، بالإضافة إلى رفع قيمة الغرامات الخاصة بالتأخير في حال تقاعس المحاسبين والأعوان الآخرين.
وينطوي قانون قمع مخالفة التشريعات والتنظيمات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال من الخارج وصوبه، على عناصر إضافية تكفل توسيع مجال مخالفة قانون الصرف إلى استيراد وتصدير خارج الإطار القانوني قيم منقولة أو سندات مالية صادرة بالعملة الوطنية أو الأجنبية وسبائك الذهب والقطع الذهبية وإلى الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة
وتبعا لنص القانون، سيجري تقليص مجال إجراءات المعاملات المالية المنصوص عليها في القانون بتحديد محل الجنحة من الآن فصاعدا بمبلغ 20 مليون دج كأقصى حد (عوضا عن 50 مليون دج حاليا) وفي الآن ذاته حظر القانون للصفقة عندما تكون الجنحة مرتبطة بالفساد أو تبييض الأموال أو تهريب المخدرات أو الجريمة المنظمة .
ويشدّد قانون تحويل رؤوس الأموال العقوبات بإضافة مصادرة الوسائل المستعملة في ارتكاب الغش إلى حجز محل الجريمة والغرامات دون الإخلال بالعقوبات الجزائية التي تقررها المحاكم.
وقيام وزارة المالية وبنك الجزائر بالتزامن بإحداث بطاقية وطنية لمخالفي تشريع الصرف بما يتيح تطبيق عقوبات ملحقة أخرى نص القانون عليها في حقهم مثل الحرمان من المعاملات المالية مع الخارج بما فيها نشاطات التجارة الخارجية.
ويتوخى قانون النقد والقرض ضمان الشفافية في النشاطات البنكية، مع تحيين مهام بنك الجزائر بالنظر إلى التقدم المترتب عن تحيين المنظومة المالية بتكليفه بالسهر على فعالية أنظمة الدفع وتحديد القواعد التي تسيرها وبتوكيله بضمان أمن وسائل الدفع من غير الأوراق النقدية .
ويروم القانون نفسه تعزيز أمن ومتانة المنظومة البنكية بفضل متابعة البنوك بما فيها البنوك الخاصة عن قرب للتأكد من صون مصالح زبائنها والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي للبلاد.