يشهد موسم 2010 من بطولة العالم لسباقات سيارات الـ فورمولا وان، والذي ينطلق في 12 آذار/مارس من حلبة صخير في البحرين، عودة ثنائي الأمجاد والألقاب والذي يعتبر أحد أفضل ثنائيات السباقات في العالم إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، الثنائي الأنجح في عالم الـ فورمولا وان "روس براون ومايكل شوماخر".
فبعد محطتي بينيتون وفيراري ها هما يحطان الرحال مجدداً سوياً في فريق مرسيدس الألماني، الوافد الجديد إلى عالم السرعة، فهل يعيد هذا الثنائي الزمن بنا إلى أمجاد الماضي ليذكرنا بالأيام الغابرة من جديد؟
من هو روس براون
هو مهندس ميكانيكي إنكليزي يبلغ 56 عاماً من العمر من مواليد مدينة مانشستر، عمل خلال مسيرته الممتدة حتى اليوم مع العديد من فرق الـ فورمولا وان منذ انطلاقته كمدير تقني مع فريق بينيتون من عام 1991 حتى 1995، مروراً بالحقبة الأهم في تاريخه مع فريق فيراري الإيطالي من 1996 حتى 2006، وصولاً إلى فريق هوندا 2007-2008 ثم شرائه للفريق المنسحب من البطولة وتحويله إلى فريق براون جي بي في 2009 ومن ثم شراء هذا الفريق من قبل شركة مرسيدس ليصبح براون مدير وشريك في الفريق الألماني الجديد مرسيدس جي بي الذي سيشارك في موسم الـ فورمولا وان لهذا العام 2010.
علاقته بالـ فورمولا وان وأهم انجازاته
بدأ براون مسيرته مع عالم الـ فورمولا وان عام 1991 عندما عُيّن كمدير تقني لفريق بينيتون آنذاك وأهداه لقب السائقين عامي 1994 و1995 مع السائق الأسطورة مايكل شوماخر، ثم لقب الصانعين (أي الفرق) عام 1995، وعندها وُصف براون على أنه من أهم أسباب حصول بينيتون على كل هذه الألقاب خاصة أنه كان يُعرف بخططه واستراتيجياته المؤثرة في السباقات وبحنكة لا مثيل لها.
محطة فيراري
بعد البداية الرائعة التي عرفها براون مع بينيتون، حط براون رحاله في فريق فيراري عام 1996 متتبّعاً خطى مايكل شوماخر الذي كان سبقه إلى فيراري قبل عام، واستلم براون زمام الأمور في فريق الحصان الجامح كمدير تقني ومخطط للسباقات، وبعد مضي ثلاث سنوات في بناء فريق لا يقهر صنع براون رفقة شوماخر في فيراري الفارق عام 1999 عندما فاز الفريق الإيطالي بلقب الصانعين وهو اللقب الأول من سلسلة ست ألقاب متتالية للصانعين.
لكن إنجاز المهندس الناجح براون لم يقف عند ذلك بل تعداه ليساهم في حصول السائق الأسطورة مايكل شوماخر على خمس ألقاب متتالية مع فيراري وكانت أعوام 2000, 2001, 2002, 2003 و2004.
بعد ذلك مر الفريق الإيطالي ببعض المتاعب وقرر على إثرها في 2006 التخلي عن روس براون.
حقبة هوندا وبراون جي بي
في موسم 2007 انتقل براون إلى هوندا كمدير للفريق وعمل معه في موسم 2008، لكن مع انسحاب هوندا من الـ فورمولا وان في نهاية الموسم بسبب الأزمة المالية قرر براون شراء الفريق من شركة هوندا لأنه كان يثق بأن عمله مع الفريق لن يذهب سدى، وأنه صمم سيارة تستطيع المنافسة بقوة في الموسم الجديد (2009)، وهذا بالفعل ما جرى عندما اشترى الفريق بسعر رمزي وأسماه براون جي بي وكان يضم السائقَين: البريطاني جنسون باتون والبرازيلي روبنز باريكيللو.
ومرة أخرى نجح براون بفضل نظرته الثاقبة للأمور في تصميم سيارة خارقة وتعامل مع شركة مرسيدس الرائدة لتزويده بالمحركات وكان نتاج كل هذا العمل والاستراتيجيات الناجحة حصول الفريق على الثنائية ذلك الموسم أي على لقب السائقين مع جنسون باتون بطل العالم 2009 إضافة إلى لقب الصانعين الذي ساهم فيه البرازيلي باريكيللو وهذا ما يمكن تسميته نجاح آخر باهر لبراون في عالم الـ فورمولا وان.
وفي نهاية الموسم المنصرم والناجح بكل المقاييس، اشترت شركة مرسيدس بنز فريق براون جي بي وأبقت على روس براون مديراً له وشريكاً فيه، وبوجوده مع مرسيدس ساهم براون بإقناع السائق الألماني الأسطورة المعتزل مايكل شوماخر بالعودة عن اعتزاله وشجعه على الانضمام إليه في مرسيدس كسائق أول للفريق، وهذا ما حصل عندما عاد شوماخر عن اعتزال دام 3 سنوات وقبل بعرض براون الذي ربما يذكره بألقابه السبعة كبطل للعالم والتي أحرزها تحت إشرافه، فهل تعود أيام المجد والعز لهذا الثنائي الحلم؟
الأسطورة مايكل شوماخر
أما مايكل شوماخر فهو سائق الـ فورمولا وان الألماني الشهير مواليد 3 كانون الثاني/يناير 1969، وهو صاحب الرقم القياسي بعدد ألقاب بطولة العالم للـ فورمولا وان مع 7 ألقاب اثنان مع بينيتون وخمسة مع فيراري مابين أعوام 1991 و2006.
وكان شوماخر قد اعتزل عالم السرعة في 2006 لكنه أعلن العودة عن اعتزاله بداية هذا العام للمشاركة مع فريق مرسيدس خلال موسم 2010.
ووفقاً للتصنيف الذي اعتمده الموقع الإلكتروني الرسمي للـ فورمولا وان فإن شوماخر هو أعظم سائق في تاريخ هذه الرياضة نظراً لما قدمه من أداء ونتائج فرض بها سيطرته على عالم الفئة الأولى لسنوات عديدة، محطماً كل الأرقام القياسية التي سبق لغيره تحقيقها من خلال الألقاب العديدة التي أحرزها.
كما أنه السائق الوحيد الذي حقق إنجاز الصعود على منصة التتويج في كل سباقات الموسم الواحد وكان ذلك موسم 2002.
حيثيات العودة عن الاعتزال
على مشارف نهاية الموسم الماضي من بطولة العالم لسباقات الـ فورمولا وان، اختير شوماخر من قبل فيراري ليعود عن اعتزاله ويشارك بدلاً من السائق البرازيلي فيليبي ماسا الذي أصيب وقتها، لكن شوماخر وبعد إجرائه لبعض التدريبات قرر عدم خوض هذه المغامرة لأنه كان ما يزال حينها يشعر ببعض الألم في عنقه إثر إصابة حدثت له في حادث دراجة نارية.
لكن في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2009 تم الإعلان عن عودة شوماخر المرتقبة إلى حلبات السباق في موسم 2010 ليزامل مواطنه نيكو روزبرغ في فريق مرسيدس الجديد تحت إشراف وقيادة روس براون وهو العامل الأساسي الذي شجع شوماخر للعودة، ألا وهو شوقه للعمل من جديد مع مهندس سباقاته وإنجازاته وأمجاده السابق روس براون.
وعودة شوماخر المفاجئة هذه، قورنت بعودة السائق نيكي لاودا عام 1982 عن عمر 33 عام، وعودة نيغل مانسيل في 1994 عن عمر 41.
ويعود شوماخر محاولاً أن يحرز ألقاباً أخرى في الـ فورمولا وان ليعيد بذلك ما فعله البطل السابق خوان مانويل فانجيو عندما أحرز لقبه الخامس كبطل للعالم عن عمر 46 عاماً.
مختصر مفيد
بعد هذه الخطوة المفاجئة والجريئة لأسطورة الفئة الأولى المتعطش للقبض على لقب بطولة العالم من جديد، واجتماعه مرة أخرى في فريق وحلم واحد مع العقل المدبر السابق الذي كان وراء كل نجاحاته السابقة مع بينيتون وفيراري ونقصد هنا بالطبع أنجح عقل مدبر ومخطط واستراتيجي في عالم الـ فورمولا وان، روس براون.
بالتالي يصبح لدينا هنا تصور واضح وكافي عما سيكون عليه موسم 2010 في الـ فورمولا وان حيث ستشتعل المنافسة وتختلف المقاييس بعودة شوماخر وبراون جنباً إلى جنب في فريق واحد.
فهل ينجح الفريق الألماني مرسيدس مع السائق الأسطورة شوماخر والمدير البارع روس براون في إعادة أمجاد شوماخر وبراون الماضية والسيطرة على البطولات من جديد؟
كل هذا رهن بموسم 2010 والذي ينتظر أن يكون شيقاً وتنافسياً إلى أبعد الحدود، فلننتظر موسماً مميزاً لا مثيل له.