إن التطورات السريعة التي تعرفها كرة القدم حاليا قد أدخلت عالم التحكيم دائرة تنافسية مفتوحة على جميع الأصعدة لضمان الاستمرارية ومواكبة التقدم العلمي في مجال تكوين اللاعبين والمدربين، ما وضع الحكام أمام تحديات تفوق أحيانا كل التصورات والتوقعات في وقت لا يؤمن فيه المجال الرياضي إلا بتجديد الرصيد المعرفي والمعلوماتي وتواصل الكفاءات لضمان البقاء، حتى أن بعض لجانهم وجدت نفسها في سباق مع تراكم الانتقادات والاحتجاجات على مستوى أداء الحكام .
إن هذا الواقع دفع بالعديد من الاتحادات المحلية إلى إعادة النظر في سياستها التكوينية والتأطيرية وضبط خططها المستقبلية، حيث لجأت لجان حكام كرة القدم إلى الانكباب الكلي على إعداد تخطيط للبرامج التكوينية والتأهيلية المستقبلية لتحقيق الرقي بالحكام إلى مصاف التنافسية الدولية، مستندة على تحسين مؤشرات نتائج وإحصاءات البرامج التكوينية منها البدنية، النظرية، النفسية والعملية، المستقاة من مختلف الاختبارات، لتزويد الملاعب الرياضية بعدد من الحكام من ذوي الكفاءة .
هذا، وتحولت الاتحادات الكروية الدولية والقارية والمحلية منها في السنين الأخيرة إلى عقلية العمل الاستثماري التسويقي لمنتوج اللعبة المعتمد على الإحصاءات وجمع المعطيات لإغناء الرصيد المعلوماتي، مراهنة في ذلك على الناشئة التي تملك ملكة الاستيعاب، من أجل ضمان جيل جديد موجه للغد التحكيمي الكروي على مستوى عال من الجودة ليشمل مفهوم العالمية ويرفع من قيمة التحكيم، ويكون بديلا واعدا لجيل المتألقين الحاليين .
هذا، وإن التوجيه والإرشاد يلعبان دورا رئيسيا في توجيه الحكام المبتدئين لمعانقة النجاح والتفوق في مهمتهم، من خلال تفجير ملكاتهم الفنية والمعرفية واستثمار مستوى ذكائهم لتحقيق أهدافهم ورؤيتهم المستقبلية وسط بيئة مناسبة ومناخ عمل متميز، ساهرة بذلك على التوفيق العقلاني بين الدراية والرياضة حتى لا يتم إنجاز واحدة على حساب الأخرى، مكرسة بذلك لديه ثقافة حسن التصرف وبأساليب مختلفة .