مُرة بحق كانت الهزيمة التي مني بها المنتخب الوطني أول أمس ببانغي أمام منتخب جمهورية وسط إفريقيا في مباراة كان يبدو فيها المنافس جد متواضع على الورق نظرا للفارق الشاسع في المستوى والإمكانات البشرية والمادية بين لتشكيلتين، غير أن منطق الميدان والكرة أراد أن يعود رفاق القائد عنتر يحيي بخفي حنين، راهنين حظوظهم في الذهاب الى الدورة المقبلة من نهائيات كأس، لأن المأمورية لن تكون سهلة من الآن فصاعدا، بالرغم من تطمينات الرئيس محمد روراوة والناخب الوطني عبد الحق بن شيخة بأن الحظوظ لازالت قائمة والظفر بـ12نقطة كفيل بوضع الخضر في السكة الصحيحة وتحقيق حلم التأهل .
والحقيقة التي لا يمكن أن ننكرها أن المنتخب الوطني مطالب بالفوز في كل اللقاءات المتبقية وعددها أربعة، أي هزم المغرب ذهابا وإيابا والفوز في دار السلام أمام تنزانيا أمام منافس عجز المنتخب الوطني على هزمه بالبليدة بالرغم من أن كل الإمكانات والظروف كانت في صالحه، بل وأكثر من ذلك الحكم قدم خدمات جليلة للمنتخب الوطني، لكن قلة تركيز هؤلاء وقوة المنافس حالت دون التوصل للظفر بنقاط المباراة .
وقبل الخوض في منطق الحسابات الذي سيشد اهتمام الجزائريين من الآن وإلى غاية نهاية مرحلة التصفيات حري بنا التوقف ولو قليلا عند مباراة يوم الأحد والبحث عن الأسباب والدواعي التي مهدت الطريق لمنتخب مغمور بحجم وسط إفريقيا من الفوز علينا نحن الذين اكتسبنا سمعة دولية مرموقة بعد المشاركة في الموندييال والنتائج الجيدة المسجلة في السنوات الأخيرة .
جنون العظمة والتفكير في النوادي
ومن بين أهم الأسباب التي أخلطت حسابات الناخب الوطني في مباراة بانغي جنون العظمة او الإحساس المفرط بالتفوق لدى بعض اللاعبين في المنتخب والذين بمجرد أن ذاقوا طعم المونديال والتألق على الصعيد القاري اعتقدوا أن المأمورية أمام إفريقيا الوسطى ستكون أكثر من سهلة، بل شكلية، فتركوا المبادرة للمنافس وكأنهم وضعوا في قاموسهم أن الفوز آت لا محالة والمسألة مسألة وقت فقط، لكن مع مرور الدقائق تبين أن الكرة لا تعترف لا بالصغير ولا بالكبير، فجاء الهدفان وتحطم كل البناء الذي أنجز في أكثر من ثلاث سنوات.
وأكثر من كل ذلك، أحس كل من كان يشاهد المباراة سواء بالملعب أو أمام الشاشة الصغيرة أن اللاعبين دخلوا أرضية الميدان بنية تفادي الإصابة التي تعني الإبتعاد عن الميادين لمدة معينة طالما أن احتمال التعرض لأي أذى وارد جدا فوق الميادين الإفريقية، فشاهدنا البعض منهم وكأنهم في مباراة استعراضية وآخرين لم يكلفوا أنفسهم عناء الجري وراء الكرة وتفادي التدخلات طالما أن مباريات فرقهم ومصيرهم في أنديتهم هما الأهم والإصابة تعني المتاعب في الفرق، وذاك أمر منطقي جدا، لأن جل اللاعبين تعبوا كثيرا في إيجاد فريق يلعبون له على شاكلة حسان يبدة والكثير من الأسماء، فليس من أجل الألوان الوطنية يضيع مكانه في ناديه ويا ليته يلعب أساسيا .
حرارة ورطوبة كبيرتان ودرس مالاوي في الأذهان
من جهة ثانية والحق يقال أن الحرارة والرطوبة العاليتين ساهمتا بشكل كبير في الهزيمة، فجل اللاعبين عانوا طيلة الشوط الأول ولم يقدروا على مواكبة نسق المباراة بسبب العاملين المذكورين، وفي الوقت الذي بدأ فيه الفريق يسترجع توازنه مع مطلع الشوط الثاني، حدث ما حدث، فجاءت الطامة الكبرى بفعل تلاشي خط الدفاع، إذ وباستثناء مجاني الذي قدم مباراة مقبولة، فالبقية كانوا خارج الإطار تماما .
غياب ستة أساسيين كان واضحا
ولا شك أن غياب بعض الأسماء ذات الثقل الكبير في التشكيلة كان واضحا من أمثال زياني، مطمور، بودبوز، خدير، قديورة كان له الأثر السلبي على مردود الفريق الذي لم يجد ضالته أمام فريق قوي ومتكامل في كل الخطوط ولعب بإرادة كبيرة من أجل الفوز واعتلاء مقدمة المجموعة، وهذا باعتراف الناخب الوطني نفسه الذي صرح لنا أن الخضر لم يلعبوا أمام منافس سهل، بالعكس منتخب جمهورية وسط إفريقيا جيد جدا ويجب أن يحسب له ألف حساب مستقبلا .