تعجبني في المنتخب الحالي روحه القتالية
إشاعة زيدان تطاردني في كل مكان
في كل المناسبات الهامة يصبح التقرب من شخصية بوزن عبد الحميد كرمالي مفيدا لمعرفة رأيه، كيف لا وهو الذي يملك في رصيده سنوات طويلة من الخبرة سواء كلاعب أو مدرب، ويكفيه فخرا أنه مايزال المدرب الوحيد الذي أهدى الجزائر التاج القاري في 1990.
لكل هذه الأسباب، اقتربت الشروق منه وطلبت منه التعليق على آخر مستجدات "الخضر" قبل أقل من أسبوعين عن انطلاق العرس الإفريقي الكبير بأنغولا، فكان هذا الحوار...
قيل الكثير في الآونة الأخيرة عن اللاعب لحسن وتحول الأمر إلى قضية كادت أن تعصف باستقرار المنتخب الوطني، كيف تابعت هذا الموضوع؟
تأسفت كثيرا لكل ما حدث، سيما وأن الأمر لم يكن يستدعي كل تلك الضجة في وقت بدأ فيه المنتخب الوطني يستعيد بريقه، كان حريّا بالجميع أن يصمت، لأن القرار الأول والأخير بخصوص استدعاء أي لاعب، مهما كان إسمه من عدمه، بيد المدرب الوطني.
لكن سعدان تعرض للكثير من الانتقادات بمجرد أنه فكر في استدعاء لحسن سواء من اللاعبين أو الصحافة...
على الكل أن يفهم بأن اختيارات المدرب في الوقت الحالي هي غير قابلة للنقاش، فهو نجح في تأهيل الخضر الى المونديال وتمكن من تكوين مجموعة قوية وإذا وجد نقصا فمن حقه أن يبحث عن الحلول دون أن يأخذ بعين الاعتبار رد فعل هذا أو ذاك.
وماذا لو طلبنا منك رأيك الشخصي في لحسن بحكم تجربتك الطويلة؟
في الحقيقة لم يسبق لي وأن تابعته وكل ما أعرفه، هو أنه يلعب في أقوى البطولات في العالم، فالدوري الإسباني يتصدر الدوريات في العالم ويكتظ بالنجوم وبما أن لحسن ظفر بمكانة أساسية ضمن تشكيلته فريقه فهذا يعني أنه لاعب ممتاز.
تدعم الخضر كذلك بالمهاجم عبد المالك زياية، لاعب تعرفه جيدا بما أنه يلعب لفريق مدينتك..
أذكر الكثير أن زياية كان محل انتقاد الكثير في سطيف سواء من الأنصار أو المسيرين، لكن أنا شخصيا تحدثت عنه وقلت بأنه لاعب موهوب وهداف من الطراز العالي تعلم كثيرا مع وفاق سطيف، يتمتع بإرادة صلبة سمحت له بتطوير إمكاناته وعليه يستحق أن يكون في المنتخب الوطني، فلديه القوة البدنية، القامة الطويلة، والقدرة على الارتقاء التي تجعله يتفوق على المدافعين في الكرات العالية.
يعسكر المنتخب الوطني بفرنسا لمدة أسبوعين. هل تجد بأن هذه الفترة كافية للتحضير إلى الكان؟
حسب اعتقادي أن مثل هذه البطولات يجب التحضير لها بشكل جدي وتسخير الوقت الكافي ومدة أسبوعين كافية نسبيا ولو أنني تمنيت لو أن الخضر لعبوا مباراتين وديتين قبل التوجه إلى لواندا.
ألا تعتقد بأن العناصر الحالية قادرة على تكرار سيناريو 1990 وإضافة كأس افريقية ثانية للجزائر؟
أعترف أن المهمة ستكون صعبة، لأن المنتخبات الـ16 المشاركة ستدخل المنافسة بنفس الطموح.
أريد أن أعود بذاكرتك إلى كأس أمم افريقيا 1990 أين تمكنت من تحقيق أول تاج إفريقي للجزائر والوحيد إلى حد الآن. ما هو سر هذا النجاح؟
قمت باختيار اللاعبين المناسبين والذين يتمتعون بحب الوطن وهو أهم مقياس اعتمدته في اختياري لهم، كما حضرنا جيدا للبطولة ولعبنا عددا معتبرا من المقابلات الودية وكان إصرارنا كبيرا على إبقاء التاج في الجزائر، هذه هي المفاتيح التي توجتنا بكأس إفريقيا الوحيدة في سجل الجزائر.
كيف ترى المجموعة التي وقع فيها الخضر في كأس العالم؟
مجموعة الجزائر في كأس العالم قوية، وأخص بالذكر انجلترا، كما لا يجب الاستهانة بالولايات المتحدة الأمريكية وسلوفينيا.
وماذا عن حظوظ منتخبنا من بين هذه المنتخبات؟
يمكن للمنتخب الوطني أن يتأهل إلى الدور الثاني لو تحلى بنفس الروح القتالية التي عودنا عليها اللاعبون خلال التصفيات حيث بإمكانهم تكرار إنجاز الكامرون في مونديال إيطاليا، حينها كنت في الملعب وأبهرني الكاميرون خاصة في مباراة ربع النهائي التي جمعته بانجلترا وفازت هذه الأخيرة بهدف غريب بعدما كاد ممثل إفريقيا أن يحدث المفاجأة. على لاعبينا فقط أن يلعبوا بدون أي عقدة ويتيقنوا بأن كرة القدم لا يوجد فيها كبير وليست بالعلم الدقيق.
الجيل الجديد لا يعرف بأنه كانت لديك تجربة مع المونديال عندما قدت أواسط الخضر في طوكيو 1979. ماذا تحتفظ من هذه التجربة بعد ثلاثة عقود؟
منذ مدة لم يحدثني أحد عن هذه المرحلة من حياتي والتي اعتبرها من الذكريات الجميلة، حيث فزت مع ذلك الجيل بكأس الأمم الإفريقية التي سمحت لنا المشاركة في كأس العالم في طوكيو والتي بلغنا فيها الدور ربع النهائي، ولولا سوء الحظ الذي أوقعنا أمام الأرجنتين التي توجت بكأس العالم وكان يلعب لها الأسطورة دييغو مارادونا لعبرنا إلى المربع الأخير. كانت لدينا مجموعة من الشباب صنع أفراح الكرة الجزائرية في عدة محافل على غرار ياحي، بن جاب الله، جمال مناد وكويسي... والقائمة طويلة.
لكن استقالتك مباشرة بعد عودتك إلى الجزائر ظلت لغزا محيّرا...
في الحقيقة المسؤولية يتحملها الوزير في تلك الفترة، حيث وعدنا قبل المونديال بمساعدة اللاعبين الذين ضحوا بالبكالوريا، لكن الوزير لم يف بوعده ما أثار سخط الأولياء وقاموا بتحميلي وزر ذلك، لم أتحمل ذلك وقمت ورشيد مخلوفي وسوكان بتقديم الاستقالة.
إذا طلبت منك أن تقارن بين منتخب الثمانينيات والمنتخب الحالي فماذا تقول؟
لا مجال للمقارنة، فمنتخب الثمانينيات هو أكثر تميّزا وأقوى وذلك لنوعية اللاعبين الذين كان يضمهم على غرار ماجر، عصاد، بلومي... وكان الانسجام بينهم كبيرا، لأنهم تكوّنوا جنبا إلى جنب منذ الأصناف الصغرى، كما أنهم نتاج نجوم فريق جبهة التحرير الذين أطّروهم لسنوات طويلة. أما المنتخب الحالي فينقصه المزيد من العمل والاجتهاد، فمثلا على مستوى وسط الميدان الدفاعي، هنالك نقائص واضحة، مثلما هو الشأن بالنسبة للانسجام. لكن لا يجب أن أنكر قوة هذا المنتخب الذي نجح لاعبوه بفضل حبهم الكبير للوطن ورغبتهم في إسعاد الشعب الجزائري.
كيف تجد العمل الذي يقوم به سعدان؟
سعدان قبل أن يكون تلميذي فهو صديق عزيز عليّ كثيرا وأحترمه، كما أقدر العمل الجبار الذي يقوم به مع المنتخب الحالي ومنتخب 1986 قبل ذلك، لديه خبرة كبيرة وكافية تجعل منه أنسب مدرب للمنتخب الوطني، تعلم الكثير من تجاربه السابقة وهو ما ساعده على تحقيق التأهل للجزائر، فهو مجتهد وجدي في عمله حتى أنني أذكر بداياته مع المنتخب في 1979 حينها كان يطلب النصائح مني وسوكان ومخلوفي.
قبل أن ننهي هذا الحوار الشيق، يعود السؤال دائما حول الرواية التي تقول إن زين الدين زيدان عرض نفسه على المنتخب في 1990 وأنت رفضته بداعي ثقله، ماذا تقول في ذلك؟
هي إشاعة اختلقها البعض. وللأسف، ما تزال تطاردني في كل مكان، فأنا لم أكن أعرف زيدان، حيث كان في تلك الفترة يلعب في صنف الشبان ولم ألتق به إلا مرة واحدة وبالضبط عند قدومه إلى الجزائر في 2006 بعد اعتزاله.