أعلنت جماعة “جند الله” السُنية الإيرانية الجمعة، مسؤوليتها عن الهجوم المزدوج الذي استهدف أحد أكبر مساجد الغالبية الشيعية بمدينة “زاهدان” في وقت سابق من مساء الخميس، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الإيرانية ارتفاع عدد ضحايا التفجيرين إلى 27 قتيلاً على الأقل، ونحو 270 جريحاً.
وقالت الجماعة، المعروفة أيضاً باسم “حركة المقاومة الشعبية”، في بيان على موقعها الإلكتروني، إن اثنين ممن وصفتهم بـ”أبناء الإيمان والحماسة والإيثار، قاموا بعملية بطولية قل نظيرها في قلب تجمع لقوات الحرس (الثوري) في حسينية زاهدان، أثناء اجتماع لهم بمناسبة يوم الحرس، مما أدى إلى مقتل أكثر من مئة عنصر من الحرس وجنود حزب الشيطان.”
وكشف البيان ، عن هوية منفذي الهجوم، وهما محمد ريغي، ومجاهد عبد الباسط ريغي، وذكر أن المرحلة الأولى نفذها مجاهد الذي تمكن من النفوذ إلى الاجتماع، وتفجير نفسه وسط تجمع للحرس، وبعد أن قامت العناصر الأمنية بمحاصرة موقع الانفجار، تقدم محمد وفجر نفسه وسط تلك القوات، مما أدى إلى مقتل عشرات آخرين.
وتابع البيان ، أن “هذه العمليات تأتي رداً على الجنايات المستمرة للنظام الإيراني في بلوشستان، والذي كان يعتقد أن باستشهاد الزعيم الأمير عبد المالك ريغي، سوف يتمكن من القضاء على كفاح شعبنا، ولكن هؤلاء الشبان ومن خلال التضحية بأنفسهم، تمكنوا من مواجهة قوات هذا النظام وتمريغ أنوفهم بالوحل.”
إلى ذلك، أعلنت وزيرة الصحة الإيرانية، مرضية وحيد دستجردي، ارتفاع ضحاي الانفجارين إلى 27 قتيلاً على الأقل، بالإضافة إلى نحو 270 جريحا، وقالت إن 11 مصاباً حالتهم حرجة، مشيرةً إلى أنه تم إجراء عمليات جراحية لما يزيد على 170 جريحاً.
وذكرت وزيرة الصحة ، أنه تم إرسال طائرة تنقل فريقاً طبياً من العاصمة طهران إلى زاهدان، في أعقاب التفجيرات التي وقعت أمام “المسجد الجامع” أكبر مساجد المدينة، وفقاً لما ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا.”
كما أعلن محافظ “سيستان وبلوشستان”، علي محمد آزاد، حداداً رسمياً لمدة ثلاثة ابتداءً من الجمعة ، “تكريماً لأرواح عدد من المواطنين الأبرياء، الذين استشهدوا في التفجيرين الإرهابيين، استهدفا مساء الخميس المسجد الجامع في مدينة زاهدان عاصمة الإقليم.”
وهز انفجاران قويان المدينة الواقعة ضمن محافظة “سيستان بلوشستان”، القريبة من الحدود مع باكستان، حيث ذكرت مصادر أمنية أن الانفجار الأول وقع في حوالي الساعة 9:20 مساء الخميس بالتوقيت المحلي، أمام “المسجد الجامع”، تبعه بعدة دقائق انفجار آخر في نفس الموقع.
ووصف نائب وزير الداخلية، علي عبد اللهي، التفجيرين بأنهما “هجوم إرهابي”، حيث نقلت وكالة “فارس” عنه قوله إن “العملية الإرهابية في زاهدان خلفت العديد من القتلى والجرحى”، مشيراً إلى أنه سيتم الإعلان عن مزيد من المعلومات بعد انتهاء التحقيقات.
وقال مسؤول أمني محلي “إنه ليس من الممكن حتى اللحظة، الإعلان عن العدد الحقيقي للقتلى والجرحى في الانفجارين”، وتابع نائب قائد قوات الشرطة في محافظة “سيستان وبلوشستان”، جلال سياح، أن قوات الطوارئ وصلت إلى الموقع، وبدأت التحقيق لمعرفة أسباب الانفجارين.
وشهدت مدينة زاهدان، التي تبعد حوالي 1100 كيلومتر (حوالي 700 ميل) إلى الجنوب الشرقي من العاصمة طهران، العديد من أعمال العنف مؤخراً، كما شهدت العام الماضي مصادمات دامية بين قوات حرس الثورة الإيرانية وعناصر مسلحة.
ففي أواخر ماي من العام الماضي، لقي 15 شخصاً مصرعهم وأُصيب أكثر من 50 آخرين، نتيجة انفجار وقع في مسجد “أمير المؤمنين” علي بن أبي طالب، في زاهدان، ولم تعلن أي جهة، على الفور، مسؤوليتها عن الهجوم.
وفي أكتوبر الماضي، أودى تفجير انتحاري شهدته مدينة “سرباز”، بنفس المحافظة، بحياة 29 شخصاً على الأقل، بينهم مساعد قائد سلاح البر بقوات الحرس الثوري، وهو الهجوم الذي زعم مسؤولون إيرانيون إن للولايات المتحدة دور فيه، في الوقت الذي عبرت فيه واشنطن عن إدانتها للهجوم.
وأشارت طهران بأصابع الاتهام إلى الإدارة الأمريكية، دون أن تكشف عن مبرراتها لهذا الاتهام، حيث قال رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني: “نعتبر أن الهجوم الإرهابي الأخير هو نتيجة لأعمال الولايات المتحدة، وهو دليل على العداء الأمريكي لنا.”
إلا أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، إيان كيلي، قال آنذاك، رداً على الاتهامات الإيرانية، إن “هذه المزاعم عارية تماماً من الصحة”، مضيفاً قوله: “ندين هذا العمل الإرهابي، ونتقدم بمواساتنا للضحايا الأبرياء، والتقارير التي تشير إلى دور أمريكي لا أساس لها.”
وفي أفريل 2008، استهدف انفجار مماثل مسجداً في مدينة “شيراز” الجنوبية، أدى إلى سقوط 13 قتيلاً وأكثر من مائتي جريح، في هجوم قالت الحكومة الإيرانية إنه وقع بعبوة ناسفة تم تصنيعها يدوياً، إلا أنها عادت لتشير إلى أن العبوة تمت سرقتها من معرض لمخلفات الحرب العراقية الإيرانية، في ثمانينات القرن الماضي، كما ألمحت إلى تورط “دول غربية” في الهجوم.