تدور في القاهرة الآن مواجهة بين ثُلة من العلماء تتعلق
بضرورة أعادة النظر في كتاب صحيح البخاري أحد أهم المرجعيات الدينية لجانب
من المسلمين،
وقد وصلت تداعيات المواجهة الى أروقة وقاعات المحاكم حيث تنظر محكمة
القضاء الاداري التابعة لمجلس الدولة بمصر في دعوى قضائية أقامها المحامي
محمود رياض مفتاح، يطالب فيها الأزهر بتنقيح صحيح البخاري من الأحاديث التي
تطعن في القرآن، بينما طالب المستشار أحمد ماهر، - أحد القرآنيين - مجمع
البحوث الإسلامية بإعادة النظر فى صحيح البخاري، والذي يحتوي على تلك
الأحاديث غير الصحيحة، الأمر الذى فجر تلك المواجهة والنقاش حولها وحول مدى
صحة "البخاري" و"مسلم" من جديد.
• المؤيدون
وعندما تم سؤال المستشار أحمد ماهر، المحامى بالنقض، حول الوقائع التي
استند اليها في دعواه التي توجه بها الى مجمع البحوث الاسلامية التابع
للأزهر يطالبه فيها بإعادة النظر فى صحيح البخاري، قال الرجل أن صحيح
البخاري يحتوى على أحاديث تطعن فى كتاب الله، متسائلا: كيف يكون أصح كتاب
بعد كتاب الله؟ مشيرا ً الى أن الناس تقدس البخاري كأنهم يقدسون عجل بنى
إسرائيل.
وأكد أن هناك حديثاً فى البخاري يحمل رقم 4594 و4595 يقول إن سورتى
المعوذتين ليستا من القرآن الكريم، كما أن هناك حديثا آخر يحمل رقم 4563
يقول إن كلمة "خلق" فى آية "وما خلق الذكر والأنثى" فى سورة الليل زائدة.
وقال ماهر، إن البخاري يزعم ان هناك آية فى القرآن أكلتها المعزة، حسب
قوله، فى حديث حمل رقم 25112 فى مسند أحمد، عن عائشة زوج الرسول الحبيب
محمد ابن عبدالله ـ عليه الصلاة والسَّلام وعلى آله الطيبيين الطاهرين ـ
قالت: "فقد أنزلت آية الرجم فكانت فى ورقة تحت سرير فى بيتى فلما اشتكى
رسول الله تشاغلنا بأمره ودخلت دويبة لنا فأكلتها".
وقال الدكتور أحمد راسم النفيس، المفكر الشيعي: "أن التسليم بدقة الصحيحين
"البخاري" و"مسلم" أسطورة ينبغى إعادة النظر فيها، فالكتابان يحتويان على
أحاديث ضعيفة إلى جانب الأحاديث القوية، كما أن "البخاري" بشر وليس معصوما
من الخطأ"
وأضاف: "المسلمين عاشوا أكثر من قرنين من دون "البخاري"، و"مسلم"، ورغم هذا
كان هناك فقه وفقهاء مما يعني أن القداسة الممنوحة لهذه الكتب ليست أصيلة
أصالة القرآن كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وأشار "النفيس" إلى أن ظهور الصحيحين "البخاري" و"مسلم" جاء بعد المذاهب
الفقهية الأربعة، مما يعنى أن هذين الكتابين لم يكونا يوما ما مصدرا من
مصادر التشريع الإسلامى.
وفي رسالة نشرتها دوريات وصحف مصرية أكد الدكتور أحمد صبحى منصور، زعيم
القرآنيين المقيم فى الولايات المتحدة أن كتاب "صحيح البخاري" يتناقض مع
الإسلام، ويمتلئ بالعداء لله تعالى ورسوله الكريم بل ويطعن فى رب العزَّة
وفى شخصية النبى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأضاف: "من يدافع عن البخاري بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير، لن يرضى أن
يقال عن أبيه ما يقوله البخاري عن محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولكنه يرضى
بطعن البخاري فى خاتم النبيين، بل ويدافع عن البخاري.
واستطرد "هناك ظالم ومظلوم: البخاري ظلم خاتم النبيين (عليه الصلاة
والسَّلام) وافترى عليه وطعن فى شخصيته وفى أخلاقياته وفى تبليغه للدعوة،
وهناك مظلوم وهو الحبيب المصطفى (عليه الصلاة والسَّلام).
وأوضح منصور، أن "البخاري" جمع كتابه بعد وفاة النبى (صلى الله عليه وآله
وسلم) بقرنين من الزمان، مشيرا إلى أنه اتبع منهجا فى بعثرة تلك الأحاديث
وتكرارها بصور مختلفة تدل على مكر هائل كمن يخلط السم بالعسل.
• المعارضون
و قال الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب المصري
وأستاذ علم الحديث "أن كتاب البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله وقد تلقته
الأمة سلفا وخلفا بالقبول". وأضاف "أن كتاب صحيح البخاري شُرح عدة شروح ولا
يوجد به حديث واحد ضعيف، وآخر كتاب شرح البخاري كان كتاب "فتح البارى".
أما الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر فقد
قال: "إن ما ذكره المستشار أحمد ماهر، قد اشترى وباع من اشترى منه، فلا علم
له إلا من المصادر الرئيسية التى ينتقدها الآن، وغفل عن أن الشريعة
الإسلامية وبالإجماع نزلت على مدار 23 سنة وكان فيها التدرج الذى يتناسب مع
الرحمة الإسلامية فى تشريعها".
وأضاف الهلالى: "أن القرآن عندما نزل كان يحفظ فى الصدور أكثر مما يحفظ فى
الجلود، وأن ما ذكره البخاري من أحاديث نعتقد صحتها ولكنها تحتاج فى فهمها
إلى فقيه يعرف مقاصد الشريعة ويدرك معنى الناسخ والمنسوخ وحقيقة تدرج
الأحكام، وأكد أن استقرار المرجعية الإسلامية أكثر من 12 قرناً بإجماع
العلماء دون أى نزاع أكبر دليل على صحة تلك المرجعية وقبولها للمسلمين".
وقال الدكتور محمد المختار المهدي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الهجمة
الشرسة التى يتعرض لها صحيح البخاري لن تؤثر على معتقدات الناس، وأن هذه
الحملة معلوم تماما الهدف منها، وهى تشكيك المسلمين فى معتقداتهم، وأكد
المهدي أنه لابد من التفرقة بين البخاري وصحيح البخاري، فصحيح البخاري هو
أصح الكتب بعد كتاب الله.
وقال مختار المهدي إن مجمع البحوث الإسلامية اتخذ قراراَ فى جلسته الشهرية
الأخيرة، بتفعيل إنشاء مركز متخصص للسنة والسيرة، كان قد صدر له قرار
جمهورى منذ 17 عاماً ولم يُفَعَلْ، على أن يكون الأزهر هو المسئول الأوحد
عن الحديث والسيرة النبوية.
• مواجهة مستمرة
ولاتزال المعركة تتواصل بين علماء الاسلام بالقاهرة وتتطاير شظاها على
صفحات الجرائد والمجلات والبرامج الفضائية وبينما يقدم المطالبين بإعادة
النظر في البخاري وقائع محددة لأحاديث لا تنسجم مع القرآن الكريم، وروحه،
وتنال منه، يقولون انها موجودة بصحيح البخاري، يصر العلماء المتمسكيين
بالبخاري على انه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه او خلفه وانه اصح كتاب
بعد القرآن بدون الرد على الوقائع التي يثيرها المطالبون بتنقية البخاري،
وأسهل شيء يرد على ألسِنَةُ اصحاب البخاري ان ما يثار يستهدف نشر الفتنة او
النيل من الاسلام وهو كلام مرسل يقولونه بدلا من تقديم حجة يواجهون بها
الطرف الآخر تحافظ على الاسلام وتحميه من كل البدع والضلالات القديمة
والحديثة.