فتح نجم المنتخب الفرنسي السابق إيمانويل بيتي قلبه لـ"الشروق" في حوار شيق وصريح قال فيه إن المنتخب الجزائري قادر على إحداث المفاجأة في المونديال المقبل، شأنه شأن المنتخبات الإفريقية الأخرى التي تضم في صفوفها لاعبين من الطراز الرفيع ولو يتحلوا بالروح الوطنية اللازمة سيذهبون بعيدا في هذه المنافسة، كما أرجع غيابه عن المباراة الاستعراضية التي نشطها بالجزائر النجم زين الدين ومنتخب فرنسا لسنة 1998 قبل شهرين إلى خلافاته العميقة معه، بينما وبخصوص المباراة التاريخية بين الجزائر ومصر قال بيتي إن الفيفا تتعمد تعطيل إعلان العقوبات على مصر لأن القضية سياسية محظة، لهذا ترفض أن تحشر أنفها في القضايا ذات الطابع السياسي .
*أرشح الجزائر للذهاب بعيدا في المونديال، وإنجلترا لم تعد تخيف
*الفيفا لم تفصل في أحداث القاهرة لأن القضية سياسية
*منيت لو اختار بودبوز فرنسا لكنه فضل أصوله وأشكره على ذلك
-- صباح الخير إيمانويل، معك صحفي جريدة الشروق الجزائرية لمحاورتك بشأن عديد النقاط المتعلقة بكرة القدم؟
* مرحبا بالصحافة الجزائرية، إنها المرة الأولى التي سأتحدث فيها مع الجرائد الجزائرية، تفضل أطرح ما شئت من أسئلة، أنا تحت التصرف وسأجيب .
-- شكرا، أولا نريد معرفة ما تفعله الآن بعد نهاية مشوارك الكروي؟
* حاليا أشتغل كمحلل رياضي في التلفزيون الفرنسي، وكذا في قناة ليكيب تيفي، كما أجري حاليا مفاوضات مع جريدة مكسيكية كبيرة من أجل تحليل مباريات المونديال، وخارج كرة القدم أمتلك مؤسسة صغيرة للخدمات تحمل اسم "كانتاو" مقرها في إنجلترا وأنا أتحدث معكم الآن من مقر مؤسستي، أظن أنني وفقت على العموم في ضمان حياتي بعيدا عن كرة القدم بعد أن توقفت كلية عن اللعب .
-- زملاؤك السابقون في المنتخب فضلوا دخول عالم التدريب، وأنت رفضت ذلك، لماذا؟
* التدريب لا يهمني، لست من اللاعبين الذين يفضلون دخول هذا العالم، لأنني لو أفعل ذلك سأضيع كل انشغالاتي الأخرى خارج عالم الكرة، فلما تتحول إلى مدرب أعلم أنك ستقضي كل وقتك في الميادين وفي فريقك، تصور لو تغادر بيتك على الثامنة صباحا، أكيد لن تعود قبل الثامنة ليلا، وهذا يقضي على حياتك الخاصة، أنا واحد من الأشخاص الذين يقدسون الحياة العائلية والخرجات بمعية العائلة، لهذا أفضل عدم تدريب أي فريق حتى ولو أملك الشهادات، كما لا تنسى أن المدرب يعيش تحت رحمة اللاعبين، فلما يفوز الفضل يعود للاعبين، ولما ينهزم كل الناس تحمل المدرب كامل المسؤولية .
-- ربما تخشى الضغط وتخشى الهزائم؟
* لا، لا أخشى الضغط، لأنني أرفض التفرغ كلية لفريق كرة القدم على حساب التزاماتي الأخرى ولا علاقة للضغط باختياراتي .
-- وبما تفسر اختيار زميليك " بلان " و " ديشون " اللذين فضلا دخول عالم التدريب وهما الآن يسيران في الطريق الصحيح؟
* هذه خيارات شخصية، هما ربما يعشقان مهنة التدريب، لكن أنا العكس، لقد فضلت خيارات أخرى، لحد الساعة لست مهتما بفكرة دخول عالم التدريب، ومهنة التدريب لا تعني دائما النجاح، أنظر مثلا لوران بلان الموسم الماضي توج بالبطولة وترك بصماته في كل مكان، وهذا الموسم بدأ الموسم بقوة وكان بالنسبة للفرنسيين أحسن مدرب على الإطلاق، غير أن الوضع انقلب عليه كلية في الأسابيع الأخيرة، وبوردو ضيع كل شيء، وهاهو يأتي دور "ديشون" الذي وبفضل حنكته وتجربته في التدريب أعاد قطار مرسيليا إلى السكة، فاستطاع أن يفوز بكأس الرابطة وهاهو يسير في الطريق الصحيح للتتويج باللقب، ولا تنسى أن المدرب السابق للفريق البلجيكي إيريك غيريتس يعود له هو أيضا الفضل فيما وصل إليه فريق مرسيليا حاليا .
-- تعني أن الحظ يلعب دورا بارزا في مشوار المدربين؟
* بطبيعة الحال، لكن الخطأ الذي ارتكبه فريق بوردو هذا الموسم أنه فضل اللعب على كافة الجبهات، البطولة، رابطة الأبطال وكأس الرابطة، وفي آخر المطاف خرج صفر اليدين، ورغم ذلك اعتبره الأحسن في فرنسا حاليا و"بلان" أحد أحسن المدربين في أوروبا والعالم.
-- وما رأيك في المنتخب الفرنسي الحالي؟
* شخصيا لست مقتنعا تماما بهذا المنتخب، لأن اللاعبين أنانيون، ويفكرون في مصالحهم قبل مصلحة المنتخب. فقبل المونديال لا زالت معالم التشكيلة التي ستتنقل إلى جنوب إفريقيا لم تتضح بعد، لأن هناك أكثر من ستة مناصب غير واضحة، وثلاثة أو أربعة لاعبين يتنافسون على منصب واحد، وهو دليل على عدم وجود استقرار في التعداد، إضافة إلى المشاكل الأخرى التي يعاني منها المنتخب .
-- ماذا تقصد بالمشاكل الكثيرة؟
* ثمة عدد كبير من اللاعبين الدوليين لا يلعبون حاليا مع فرقهم أمثال تيري هنري الذي لم يعد مدرب البارصا يمنحه ثقته، هناك أيضا ديارا وبن زيمة، وقوركوف، وقد أحصيت ستة لاعبين لا يلعبون في البطولة وسيكونون حاضرين في كأس العالم.
-- إضافة إلى قضية ريبيري الذي جاءت لتزيد الوضع تعقيدا؟
* نعم، لكن ليس بالدرجة التي يحاول البعض أن يوهمونا بها، صحيح تؤثر على اللاعبين المعنيين، لكن مع اقتراب المونديال الأمور تكون قد سويت .
-- وما رأيك شخصيا في القضية؟
* القضية تتعلق بحياة اللاعبين الخاصة، لا يجب أن نوبخ اللاعبين أو أن نجعل منها قضية كبيرة ونربطها بأمور أخرى، والأفضل عدم الخوض في حياة الناس الخاصة .
-- تبدو متشائما بخصوص ظهور المنتخب الفرنسي في المونديال؟
* لست متشائما، لكني قلق، لأن القائمة لا زالت غامضة واللاعبون يفضلون الدفاع عن أسمائهم قبل مصلحة المنتخب، فلو يتحلوا بالمسؤولية ويلعبون من أجل الألوان الوطنية في جنوب إفريقيا، أكيد أنهم سيذهبون بعيدا، ولو يلعبون بأنانيتهم المعهودة فلن يحققوا شيئا.
-- بعد منتخب فرنسا، نتحدث الآن لو سمحت عن المنتخب الجزائري، هل لديك فكرة عنه؟
* أكيد، أعرف المنتخب الجزائري، آخر مرة شاهدته كانت في المباراة البطولية التي خاضها أمام منتخب مصر في السودان، صدقني، لقد أعجبت كثيرا بمستواه وخاصة الإرادة الكبيرة التي خاض بها اللقاء .
وسمعت أيضا من خلال القنوات التلفزيونية الفرنسية والصحف عن الأحداث والاعتداءات التي تعرض لها الفريق في القاهرة، إنه أمر مخز حقا، نحن في 2010 وما زالت تلك المشاهد تحدث في بعض البلدان .
-- وبماذا تتنبأ لمنتخبنا في المونديال؟
* أنا متأكد أنكم قادرون على الذهاب بعيدا، وإحداث أكثر من مفاجأة، وأدرك جيدا ما أقوله، المنتخبات الإفريقية لما تلعب بقوة وإرادة، وخاصة بالروح الوطنية، فهي قادرة على صناعة المعجزات. فمن كان يتصور أن يشاهد الجزائر تهزم منتخب كوت ديفوار في كأس أمم إفريقيا. يومها اللاعبون تحلوا بالإرادة ولعبوا بكامل إمكاناتهم، وكانوا قد انهزموا أمام منتخب بسيط نسيت اسمه .
-- منتخب مالاوي ....
* نعم مالاوي، أنتم الأفارقة قادرون على هزم الكبار لما تريدون ذلك، ومعرضون للهزيمة أمام أضعف منتخب لو تلعبون بأنانية وتبحثون عن تحقيق مصالح شخصية أولا، وفي المونديال المقبل سيكون حضور "المناجرة" وممثلي الفرق الكبيرة مكثفا، لهذا فالخوف كل الخوف على اللاعبين الذين يلعبون من أجل الظفر بعقود كبيرة، فكل شيء يتوقف على اللاعبين أنفسهم .
- - وعلى ذكر أحداث مباراة مصر - الجزائر بالقاهرة، ما رأيك كلاعب وكمحلل في تماطل الفيفا منذ شهر نوفمبر الماضي في الإعلان عن عقوباتها ضد المصريين؟
* واضح جدا أن الفيفا لم تعلن لحد الآن عن أي شيء بشأن تلك الأحداث، لأن القضية سياسية محضة، والفيفا ترفض أن تزج بنفسها في مثل هذه القضايا الشائكة والمتعلقة بعلاقات بلدين مثل الجزائر ومصر. وأعتقد أن الفيفا لن تصدر أي قرار قبل أن يحل البلدان المشكل بينهما، فالمشكل الأمني في كأس العالم أصبح مطروحا بحدة في المدة الأخيرة لا سيما وأن المنافسة تجري ببلد إفريقي عانى ولا زال يعاني من مشاكل أمنية، ولا زلت أتذكر ما حدث لمنتخب الطوغو في كأس أمم إفريقيا الأخيرة في أنغولا.
-- لكن بلاتير قدم كل التطمينات اللازمة في هذا الإطار؟
* أتريده أن يقول العكس؟لقد وصل إلى مرحلة لا يمكنه العودة فيها إلى الوراء، أتريده أن يفسد العرس؟ صدقني أحداث الولايات المتحدة الأخيرة كشفت أن لا شيء يبعث على الارتياح من الجانب الأمني وكل شيء ممكن في جنوب إفريقيا.
-- والجزائر في نظرك قادرة على مباغثة إنجلترا والولايات المتحدة؟
* ربما، كل شيء ممكن، منتخب إنجلترا يعيش نفس مشاكل المنتخب الفرنسي، إصابات ولاعبون لا يشاركون مع فرقهم، ومشاكل أخرى، بينما بالنسبة للولايات المتحدة فالأمر يبدو صعبا لأن هذا المنتخب تطور بسرعة جنونية في السنوات الأخيرة وأنا شخصيا أضعه في خانة المنتخبات القادرة على التتويج بالكأس، ولو تحقق الجزائر التعادل معه فذاك مكسب كبير جدا .
-- هل تعرف اللاعبين الجزائريين؟
* أعرف بعضهم من الذين ينشطون خاصة في أندية البطولة الفرنسية، صراحة هم ممتازون لا سيما من الجانب الفني، والشرط الوحيد لنجاحهم أن يلعبوا من أجل مصلحة البلد ومن أجل الألوان لا خدمة لمصلحتهم الفردية.
--