قال “عبد العزيز بلخادم” الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، هذا الثلاثاء، إنّ المؤتمر التاسع للأفالان نجح سياسيا وتنظيميا، معتبرا أنّ الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في افتتاح المؤتمر، كانت عاملا رئيسيا في نجاح الموعد الذي استمر ثلاثة أيام بالقاعة البيضاوية، وشهد حضور 4056 مندوب، إضافة إلى 647 مشاركا و723 مدعوا.
وفي ندوة صحفية نشطها بمقر الحزب بالعاصمة، ثمّن بلخادم انتخاب الرئيس بوتفليقة رئيسا لجبهة التحرير بالإجماع، وأشاد بالتزام المناضلين وجهودهم، بما مكّن من إخراج المؤتمر في صورة لائقة بالأفالان على الصعيدين السياسي والتنظيمي، وأضاف بلخادم أنّ المؤتمر مرّر رسالة قوية، حيث أبرز السمعة الكبيرة التي تتمتع بها جبهة التحرير دوليا، في صورة حضور عشرات الوفود إلى الجزائر على مستوى عال جدا، على حد قوله.
واستعرض بلخادم حصيلة مؤتمر الجبهة بالأرقام، حيث ذكر أنّ اللجنة المركزية التي ضمت 351 عضوا، استوعبت 45 امرأة بما يمثل 13 بالمائة من المجموع العام، مشيرا إلى كون 64 عضوا تقل أعمارهم عن 35 سنة، بينما غالبية أعضاء اللجنة المركزية يتراوح سنهم بين 35 و50 سنة، في حين أنّ 8 بالمائة فحسب تجاوزوا عتبة الـ50 عاما، علما أنّ بلخادم فاجأ الصحفيين بقوله أنّه لم يتم إلى حد الآن التدقيق في تواريخ ميلاد كل المندوبين.
وكشف الأمين العام للأفالان أنّ اللجنة المركزية بثوبها المستحدث وهي أعلى هيئة قيادية بين مؤتمرين، يتمتع 75.21 بالمائة من أعضائها بمستويات جامعية، ناهيك عن ضمها أيضا 60 مجاهدا و50 من أبناء الشهداء، مضيفا أنّ 181 عضوا في اللجنة إياها، جرى انتخباهم مباشرة على مستوى القواعد، بينما جرى انتخاب 170 عضوا بشكل غير مباشر.
وبشأن تزكيته كأمين عام لجبهة التحرير، أكّد بلخادم وجود فرضيتين خلال المؤتمر الأخير، تضمنت إحداها انتخاب المؤتمرين مباشرة للأمين العام، وذهبت الثانية إلى إسناد صلاحية ذلك إلى أعضاء اللجنة المركزية المنتخبة، وأبدى بلخادم ارتياحه البالغ لتجسّد كلا الفرضيتين، بما يمنحه الشرعية الكاملة كأمين عام خلال عهدته الثانية التي تستمر إلى سنة 2015.
لهذه الأسباب لم يتجسد رهان إشراك الشباب والنساء
اعترف بلخادم بعدم تحقيق الحزب العتيد لأهدافه بشأن إشراك أكبر للشباب والنساء في الهيئات القيادية، وقال بلخادم إنّ قيادة الجبهة تطلعت لمنح حصتين إلى العنصري الشبابي والنسوي بنسبة تصل إلى 20 بالمائة لكليهما.
وعزا بلخادم عدم ترجمة ذاك الرهان، إلى ما سماه “ثقل التقاليد” وهو عامل متكرّس حسبه داخل الهيئة الناخبة، حيث ذكر أنّ عموم المندوبين لم ينتخبوا على النساء تأخرا بتراكمات اجتماعية، وقدّر بلخادم أنّه كي يتّم تمكين الشباب والنساء من التواجد في هياكل الأفالان القيادية، ينبغي أن تكون أغلبية الهيئة الناخبة مشكّلة من شباب ونساء.
وردا على التمثيل الضعيف للعنصر النسوي داخل اللجنة المركزية، أوعز بلخادم أنّه لم يتحدث في السابق عن تواجد قوي للمرأة على مستوى أعلى هرم في الحزب العتيد، شارحا أنّه عبّر عن أمله في رؤية الشباب والنساء في اللجنة المركزية، لكن صناديق الانتخابات أرادت غير ذلك، مؤكدا أنّ عضوية المرأة في المكتب السياسي أمر سابق لأوانه.
وبشأن الإيديولوجية الحالية للأفالان، أصرّ بلخادم على كون جبهة التحرير حزب وطني وسطي يجمع كل الفئات، وليس حزبا محافظا أو يمينيا أو يساريا، ملاحظا أنّ العقيدة الاقتصادية لأقدم حزب في البلاد كانت اشتراكية قبل عشريات.
الاحتجاج ظاهرة صحية واللجنة المركزية تنتظر تأشيرة الداخلية
تحفظ الأمين العام المزكّى بالغالبية قبل 48 ساعة، بشأن ترسيم القائمة النهائية للجنة المركزية، موضحا أنّ تشكيلته ستنتظر تأشيرة وزارة الداخلية، إثر تأكّد مصالح الأخيرة من عدم مخالفة القائمة المعنية لما تنص عليه المادة الثالثة عشر من قانون الأحزاب.
وأقرّ بلخادم وجود خمسة طعون لم يتم الفصل فيها تبعا لعدم ورودها في القانون الأساسي للحزب، لذا سيتم اللجوء حسبه إلى مستشارين قانونيين للفصل في تلك الحالات.
وتعليقا على ما انتاب اليوم الأخير من المؤتمر، قال بلخادم إنّ الانتخابات كانت هي السيّدة، واعتبر ما جرى ترويجه “شائعات غير مؤسسة”، مستدلا بكون المحاضر موجودة، ونفى بلخادم وجود هيمنة للقدامى، قائلا إنّ “إرضاء الناس غاية لا تُدرك”، ودائما لما يكون العرض قليل والطلب كبير في إشارة إلى اختيار 351 عضوا من بين الآلاف، “يكثر القيل والقال”، على حد تعبيره .
وسجّل بلخادم أنّ جبهة التحرير ليست في أزمة، ملّحا على أنّه ليست هنا “حسابات” أو “أحقاد” مع أحد، واصفا “الاحتجاج” و”الحراك”بـ”الظاهرتين الصحيتين”، وأرجع مسؤول الأفالان الاحتجاجات إلى عدم فهم المناضلين لبعض التعليمات، بيد أنّه امتدح ما قال إنّه “نضج سياسي وفكري كبير” لدى عموم الجبهويين.
واعتبر بلخادم أنّ الفكر الجبهوي هو فكر الحوار، مركّزا على أنّه ليست هناك معارضة فكرية داخل الأفالان، بل هناك ما سماها “معارضة من أجل التموقع” ومعبّرة بمنظاره عن “أمزجة شخصية”، مشددا على أنّ جبهة التحرير ليست جمعية خيرية.
وتعقيبا على مطالبة “عبد الحميد مهري” الأمين العام الأسبق للحزب، بنقاش موسّع في المؤتمر الأخير، رأى بلخادم أنّ ذلك النقاش كان أمرا غير ممكن في مؤتمر عرف مشاركة ما يربو عن الخمسة آلاف مندوب.
نحو إنشاء جبهة عالمية لتجريم الاستعمار
جدّد بلخادم التأكيد على أنّ مشروع قانون تجريم الاستعمار يتبّع مساره الطبيعي، بجانب كشفه عن العمل لتجريم الاستعمار عالميا مهما كانت جنسيته، وألّح الأمين العام للأفالان على اعتزامه طرح فكرة على قيادة حزبه لإنشاء مجموعة عالمية تجرّم الاستعمار في نسق تتبناه الجمعية العامة للام المتحدة، بما يولّد جبهة عالمية مناهضة للاستعمار سواء كان فرنسيا أو بريطانيا أو غيره، ومن ثمّ التوصّل إلى تجريم الاستعمار بقرار أممي.
وفي الشق المتعلق بواجب الذاكرة ومطالبة الجزائر لفرنسا الرسمية بالاعتراف بجرائم فرنسا الكولونيالية، وكذا الاعتذار للشعب الجزائري عما اقترفته جيوشها على مدار 132 سنة، اقترح بلخادم إدراج واجب الذاكرة ضمن لوائح العلاقات الجزائرية الفرنسية.
تطلع لبلورة ترسانة قانونية خلال المرحلة القادمة
تعهّد بلخادم بسعي حزب جبهة التحرير للرفع من وتيرة نشاطاته خلال الفترة المقبلة، عبر إعطاء دفعة لترسانة من القوانين على غرار: قانون الولاية، قانون الانتخابات وقانون الإعلام، وأوعز وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية أنّ الأفالان سيعمل على بلورة القوانين المذكورة، عبر هياكله الحزبية، وكذا من خلال تجنيد حليفيه “التجمع الوطني الديمقراطي” و”حركة مجتمع السلم”.
ونادى بلخادم بتعزيز الرقابة في الجزائر، ومعالجة سائر المشكلات الاجتماعية في إطار حوار عام يكفل مقاربتها على نحو متكامل ومسؤول، في وقت أعرب الرجل عن اهتمام الأفالان بالتكوين السياسي للطلائع الشبابية عبر الاستمرار في تنظيم الورشات والمنتديات دوريا.