إستراتيجية أمنية موحدة ضرورية بين ضفتي المتوسط

دعا الدكتور “لويس مارتيناز” الأستاذ بمعهد الدراسات السياسية بباريس، إلى ضرورة انتهاج سياسة أمنية موحدة بين دول ضفتي البحر المتوسط مبنية على أساس الحوار الفعال لخلق
فضاء من الثقة، نظرا لما يجمعها من تهديدات ومخاطر أمنية مشتركة.
وخلال ندوة صحفية نظمها مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية أمس الأربعاء حول “الإشكاليات الأمنية في دول البحر المتوسط”، أبرز مارتيناز أهم المخاطر والتهديدات المشتركة التي يواجهها دول البحر المتوسط كالإرهاب والأمن الطاقوي والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى انعدام الحوار بين ضفتي المتوسط.
ورغم التقارب الثقافي والإعلامي بين ضفتي المتوسط، إلاّ أنّ المشكل الأمني حسب مارتيناز، أصبح بمنظار مارتيناز، المتغير الأساسي في حوار دول ضفتي البحر المتوسط، متصورا أنّ حل المشاكل الأمنية يجب أن يتم وفق إستراتيجية جماعية لا فردية عن طريق البحث عن آليات لتبادل الحوار.
وأثار مارتيناز مسألة السياسات الثنائية البراغماتية بين دول الشمال والجنوب التي طغت حسبه على المقاربات الجماعية، مبرزا نماذج ليبيا، ايطاليا وفرنسا والجزائر واسبانيا والمغرب، فبعد تفجيرات مدريد في سنة 2005 أصبحت اسبانيا تهتم بأمن المغرب لأنها تربط أمنها بأمن المغرب.
وبخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية، أشار مارتيناز إلى إبرام 40 اتفاقية في هذا المجال لطرد المهاجرين غير الشرعيين خاصة وأن عدد ضحايا الظاهرة أكثر من ضحايا الإرهاب، إذ لقي 10 آلاف إلى 30 ألف حتفهم أثناء محاولتهم العبور إلى أوروبا، استنادا إلى إحصائيات المنظمات غير الحكومية.
وركز مارتيناز على طريقة التفاوض الثنائية التي اعتمدتها بعض دول شمال إفريقيا، لاحتضان وتسيير مراكز العبور بغرض إيواء المهاجرين غير الشرعيين وذلك بغية الحصول على امتيازات ومحفزات اقتصادية مثل المغرب وليبيا، حيث طلب كل منهما الحصول على عشرة مليارات دولار لتسيير مراكز العبور، كما استغلت الرباط هجرة 4 ملايين شخص إلى إسبانيا واستخدمتها كورقة ضغط مقابل محفزات اقتصادية، في حين دعا مارتيناز لاعتماد إستراتيجية موحدة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.
أما فيما يتعلق بمحاربة الجريمة المنظمة، ذكر الخبير السياسي مشكلة تهريب المخدرات إلى أوروبا عبر إفريقيا، حيث أغرقت القارة العجوز بالمخدرات الصلبة وتقدر عائداتها بين 50 إلى 60 مليار دولار سنويا.
ويرى مارتيناز أن الجانب الأمني لضفة المتوسط يرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد، مشيرا إلى تمويل الجزائر للإتحاد الأوروبي بالغاز بنسبة 15 بالمائة، لهذا تهتم دول الإتحاد الأوروبي بأمن الجزائر لخوفها على مصالحها الاقتصادية.
كما تطرق الخبير إلى مسار برشلونة الذي توقف حسبه نتيجة عدم اهتمام دول شرق أوروبا بشمال إفريقيا، غير أنّه تم تفعيل هذا المسار من خلال إنشاء الإتحاد من أجل المتوسط لكن لم يتم تحديد محاوره بعد، ولاحظ مارتيناز أنّ دول جنوب أوروبا مثل فرنسا وايطاليا تهتم بأمن شمال إفريقيا، نظرا لارتباط أمنها بأمن هذه الدول، ووجود مصالح اقتصادية مشتركة بينهما على خلاف شرق أوروبا التي تعارض إقامة شراكة فعلية، أو فضاء موحد بين الإتحاد الأوروبي وبلدان الضفة الجنوبية لاعتبارات دينية وعرقية، وكذا لأن هذه الدول ليست لها مصالح مشتركة مع دول جنوب إفريقيا.
وانتهى مارتيناز إلى حتمية اعتماد اقتصاد موحد نظرا لارتباط مشكل الأمن بالمصالح الاقتصادية، خاصة أمام عجز السياسيين والمؤسسات الرسمية لتفعيل دور الأمن والوصول إلى تحقيق اتفاقية وشراكة أمنية في الفضاء المتوسطي، مرجعا ذلك إلى غياب سياسة أمنية مشتركة في ضفتي المتوسط، ويبقى الحل حسبه، تفعيل دور المجتمع المدني الذي بإمكانه خلق تواصل بين دول شمال وجنوب المتوسط.