عاش ملعب 5 جويلية طيلة أمس ومنذ مساء يوم الثلاثاء أجواء استثنائية مع اقتراب موعد انطلاق مباراة الجزائر - صربيا، حيث شهد تدفقا كبيرا وغير مسبوق للأنصار على الأبواب، عشرات الآلاف جاءوا من كل حدب وصوب قضوا الليلة أمام الأبواب وبموقف السيارات، جاءوا من الشرق والغرب والجنوب، ومن كل مكان ليشاهدوا خرجة الخضر التي تعني في الواقع بداية العد العكسي لنهائيات كأس العالم التي لم تعد تفصلنا عنها إلا ثلاثة أشهر، جاءوا على متن السيارات والحافلات وحتى مشيا على الأقدام، اصطفوا أمام الملعب وفي الشوارع ينتظرون الدخول... كانت الساعة السادسة صباحا والشمس لم تشرق بعد
"الشروق" كانت حاضرة باكرا بعين المكان من أجل رصد الأجواء السائدة والتحدث لبعض الأنصار حول الدافع الذي جعلهم يسارعون للحضور مبكرا إلى الملعب سيما وأن الأمر يتعلق بمباراة ودية لا أكثر و لا أقل.
أحد الشبان القادم من عين الدفلى، قال بأن مشاهدة الخضر مكسب كبير وليس بمقدور أي كان من الجزائريين أن يأخذ مكانا بملعب 5 جويلية سيما ـ كما قال ـ عملية بيع التذاكر تنتهي في ظرف قياسي جدا والأغلبية لا يقدرون على شرائها وأكثر من ذلك ذكر محدثنا أن السوق السوداء أصبحت تفعل فعلتها والدليل حسب محدثنا أنها وصات إلى الـ5 آلاف دينار أو أكثر في العاصمة وضواحيها، ناهيك عن الولايات الداخلية التي قد يصل سعر التذكرة فيها إلى الـ10 آلاف دينار طالما أن مروجيها وبائعيها كانوا قد اقتنوها من العاصمة وأخذوها للولايات الداخلية من أجل بيعها. وقال لنا آخرون جاءوا من قسنطينة أنهم فضلوا تفادي أي طارئ قد يفوت عليهم فرصة مشاهدة المنتخب الوطني، لأن ما حدث في عملية بيع التذاكر الأسبوع الماضي جعلهم يأخذون كل احتياطاتهم للمجيء مبكرا وعدم المغامرة، بينما ذكر مناصرون آخرون جاءوا من باتنة أنهم استغلوا فرصة تراجع حركة المرور ليلا ليقطعوا المسافة في حوالي ست ساعات عوض عشرة أو أكثر في حال التنقل صباحا.
المئات بدون تذاكر
من جهة ثانية وقفت "الشروق" على تواجد العشرات من الأنصار إلى الملعب بدون تذاكر وهم ينتظرون أي حل من الحلول الاستثنائية للدخول سواء شراء تذكرة في السوق السوداء أو حتى الدخول بواسطة التذاكر المغشوشة، المهم كما قالت لنا مجموعة من المناصرين جاءت من قسنطينة الدخول ومشاهدة المنتخب الوطني.
ونحن بعين المكان نحاور الأنصار ونتابع عن قرب ما يدور بموقف السيارات لملعب 5 جويلية فإذا بحركة المرور تختنق والمئات من الأنصار يلتحقون والأعلام الوطنية تزين السيارات والحافلات الصغيرة التي منعت في البداية من اقتحام موقف السيارات، لكن مع استفحال الوضع واستحالة التحكم في حالة الاختناق التي سادت المكان، اضطر أعوان الأمن الذين كانوا يحرصون الموقف لفتح الأبواب وهو ما لم يغير شيئا طالما أن سيل الأنصار ظل كبيرا وأبواب الملعب لم تفتح بعد.
اختناق وشلل في حركة المرور بعد الثامنة
ومع حلول الساعة الثامنة صباحا شهدت أجواء أمام الملعب ومن حوله تغيرا كبيرا، فحركة المرور شلت تقريبا نهائيا، حيث وجد أعوان الأمن المتواجدون بصفة دائمة هناك صعوبات كبيرة في تنظيم السير ومرور السيارات. خاصة في هذا التوقيت الذي عادة ما يشهد تنقل المواطنين نحو مواقع عملهم والتوجه لقضاء انشغالاتهم اليومية، ولحسن الحظ جاءت التدابير الثانية القاضية بفتح موقفي السيارات، حينها سهلت نوعا ما الحركة، وسط إقبال جماهيري كبير من لدن الأنصار وشروع وصول الوافدين سيرا على الأقدام الذين توجهوا مباشرة للاصطفاف بجانب البقية يترقبون بأعين يقظة التفاتة إدارة الملعب بفتح الأبواب مبكرا، وهي التي كانت قد قررت منذ البداية أن فتح الأبواب لن يكون قبل الرابعة مساء، لكن استجابة للأمر الواقع وتفاديا لحالة اختناق أكبر قررت الإدارة فتحها في حدود منتصف النهار والنصف.
منتصف النهار.. الإنفجار
وكم كانت مشاهد الآلاف من الجزائريين بملعب 5 جويلية مؤثرة، ليس بالنظر للعدد الكبير من الحشود التي حضرت إلى هناك فحسب، بل للروح التي تحلوا بها وهم الذين قطعوا المسافات والمسافات وتحدوا الصعاب والمشقة من أجل المبيت أمام أبواب الملعب والصبر وانتظار أكثر من عشر ساعات كاملة وربما أكثر بالمدرجات وخارجها من أجل مشاهدة المنتخب الوطني الذي ازداد تعلق الجزائريين به منذ معركة أم درمان وبعدها، فالعاصمة بأكملها انفجرت وضاقت لاستيعاب كل زوارها من أجل هذا الحدث الذي احتكر كل الاهتمامات في انتظار حفل المونديال الذي سيشل بدون شك كل القطاعات الحيوية للبلاد.