تحيي الجزائر اليوم الأربعاء الذكرى المزدوجة المتعلقة بالذكرى 54 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين و الثانية الذكرى 39 لتأميم المحروقات.
ففي مثل هذا اليوم قررت جبهة التحرير الوطني إنشاء هيكل نقابي يجمع شمل العمال الجزائريين و يحمي حقوقهم المادية و المعنوية،و لأن حقوق الطبقة الشغيلة في الجزائر آنذاك لا تضمن إلاّ في جزائر مستقلة حرة تخلصت من استعمار هدر كل الحقوق، فإن الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي تأسس في يوم 24 فيفري 1956، جاء ليعطي نفسا جديدا للثورة التحريرية، من خلال تدويل المشكلة النقابية الجزائرية والتجنيد الفعال لكل عمال العالم من أجل تأييد قضية العمال الجزائريين المكافحين. و كان الشهيد عيسات إيدير أول أمين عام لاتحاد العام للعمال الجزائريين.
و في مثل هذا اليوم أيضا من سنة 1971 نطق الرئيس الراحل هواري بومدين كلمته المشهورة ” قررنا” التي كان بموجبها تأميم قطاع المحروقات و جعله خاضعا لتسيير الدولة الجزائرية المستقلة بعدما كانت فرنسا تحتكر إنتاج النفط و تسويقه.
و تحل هذه الذكرى المزدوجة في وقت انتهجت الجزائر فيه طريق حماية الاقتصاد الوطني و تعزيز الاستقرار الاجتماعي. فاستصدرت جملة من القوانين أهمها ما جاء في قانون المالية التكميلي و التي منحت الأغلبية في المشاريع الاستثمارية المشتركة للطرف الجزائري و إجبار المؤسسات الأجنبية استثمار نسبة معينة من الأرباح في السوق الجزائرية بالإضافة إلى فرض القرض السندي في قانون المالية 2010 لمراقبة التعاملات المالية مع الخارج.
كما أن الثلاثية الأخيرة أقرت زيادات في الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون و الذي وصل إلى 15000 دينار، ناهيك عن الزيادات في الأجور لأساتذة التربية الوطنية مؤخرا التي باركها جميع الفاعلين في القطاع. كل هذا عزز في الاستقرار الاجتماعي.
و إن كان تعزيز الاستقرار الاجتماعي و حماية الاقتصاد الوطني يستدعي محاربة الرشوة أيضا، فإن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، عبر في رسالته أمس للعمال الجزائريين، بمناسبة هذه الذكرى، عن عزم الدولة على مواصلة حماية الاقتصاد الوطني لجعله في “مأمن من الممارسات الطفيلية والغش”. و أعلن صراحة عن قرار الدولة محاربة جميع أشكال الرشوة و الغش في إطار القانون المستمد من وحي المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة قائلا
” إن الدولة عازمة على مواصلة حماية الاقتصاد الوطني وقد وضعت لذلك الأطر القانونية والآليات اللازمة لجعله في مأمن من الممارسات الطفيلية والغش وستتواصل محاربة كل أشكال الفساد في إطار القانون المستمد من وحي المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة والتي كانت الجزائر من أوائل الدول المصادقة عليها.”
و أكد رئيس الجمهورية جميع الوسائل وفرت للقضاء على هذه الظاهرة إذ أوضح “أن محاربة الفساد التي هي من صميم عمل الدولة يبدأ بدعم هيئات الرقابة على مختلف المستويات وفي مختلف الميادين وقد سخرت وسائل مادية وبشرية هامة لتعزيز هيئات الرقابة وتحديث وسائل تدخلها وإن الأمر يستدعي التزاما صريحا وقويا من كافة العاملين في الحقل الاقتصادي “.
و هذه السياسة التي أعلنت من قبل رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات، جاءت بالعديد من النتائج من خلال الأحكام القضائية التي أصدرت في حق المتورطين في عمليات الفساد مثل قضية اختلاس أموال عمومية من البنك الوطني الجزائري تزيد عن 15 مليار دج و قضية تورط فيها مسؤولون في بشار بقطاع الري والموارد المائي و كذا قضية الألياف البصرية
بسطيف، كما أن قضايا فساد هي قيد التحقيق أبرزها قضية سونطراك التي أودع إطارات سامين بالشركة رهن الجبس الاحتياطي.
كما تأتي كل من ذكرى تأميم المحروقات و ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين اللتين تأتيان في الوقت الذي يدلي به مسؤولون سامون في الحكومة الفرنسية، الذين يحنون إلى الماضي الاستعماري، والذين يحاولون دائما و هباء الضغط على الجزائر كلما قامت الدولة الجزائرية باتخاذ مواقف أو إصدار قوانين ذات سيادة و خدمة للوطن. و كان آخر التصريحات تلك التي أدلى بها وزير الخارجية الفرنسية، بارنار كوشنير، و التي قال إن العلاقات بين فرنسا و الجزائر لن تتحسن إلا بمغادرة جيل الثورة، و كان آخر الرد لهذه الاستفزازات أن ” جيل الاستقلال سيبقى وفيا لجيل الثورة”.