أبو عيشة:العـ2009ـام الأسوأ في التاريخ الفلسطيني

مع بداية العد التنازلي للعام 2009، يتوجه الجميع للتحضير لما يليق باستقبال العام القادم، وكلهم أمل في أن يكون العام الجديد أفضل بكثير من هذا المنقضي، ينزوي الفلسطينيون ليضعوا الروتوشات الأخيرة على سجل الأحداث التي دارت رحاها في المناطق المحتلة – خصوصا غزة – التي يبدو هذه المرة أنها ستدخل قاموس غنيس لتبصم على أعلى مستوى مأساتي شهده الإنسان ويجسده الواقع الفلسطيني خلال مرحلة امتدت تفاصيلها عبر أشهر السنة المودعة.
ففي هذا الصدد يؤكد الأستاذ أنور أبوعيشة، أستاذ القانون في جامعة القدس في حوار له مع موقع الإذاعة الجزائرية أن العام 2009 يعد الأسوأ في التاريخ الفلسطيني، بالنظر إلى طبيعة الأحداث التي ميزته، والتي سجلت بداياتها الأولى بالهجوم الوحشي الضاري على غزة الذي خلف عشرات الآلاف من الضحايا، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية..ولا خيار أبلغ من الصمود الذي ظل السلاح الوحيد في يد الشعب الغزاوي الأعزل وسيظل كذلك، بالإضافة إلى عنصر المصالحة الذي هو سلاح لا يمكن لاستهانة به في تفعيل استمرارية المواطن الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.
بداية الأستاذ أنور أبو عيشة، ماذا تعني سنة 2009 للفلسطينيين؟
حقيقة عام 2009 أسوأ من الأعوام التي سبقته وفي العديد من المواضيع أولها الحرب على غزة وشراستها وتهديم غزة وقتل الأبرياء والتي تلاها تقرير غولدستون وما أثارته من عواصف وتأجيله … ثم إعادة تقديمه وهذا كان له تأثير على المعنويات الفلسطينية وللأسف أعتقد أنه لم يعتد به ولكن على كل حال نعمل على أن يؤخذ به.
الحدث الثاني المهم والذي أعتقد أنه عكر حياة كل الفلسطينيين ويجب أن يعكر حياة كل المسلمين في العالم هو ما يجري في القدس لأن الهجمة الإسرائيلية على المؤسسات الفلسطينية وعلى سكان بيت المقدس غير مسبوقة منذ الاحتلال عام 1987 والسلطات الإسرائيلية تهدم منازل فلسطينية وتصادر وتغلق المؤسسات ولكن عام 2009 هدمت منازل وأغلقت مؤسسات وجردت العديد من الفلسطينيين من حق الإقامة في القدس ويبلغ عددهم 7 آلاف وهذا يساوي كل ما فعلته في الأعوام التي سبقتها وهذا خطر عظيم على الأقصى وعلى القدس وعلى عملية السلام.
والحقيقة أن كل الفلسطينيين متأثرين جدا بما يحدث في القدس وخاصة أن عملية تهويده من قبل الإسرائيليين تسارعت بشكل غير مسبوق، ومن الأحداث التي أثرت في الفلسطينيين أيضا هو توقف عملية المفاوضات السلمية والتي كادت أن تؤدي إلى اتفاقية وذلك بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية الحالية وبسبب مواصلة الاستيطان.
وأحب أن أوضح في هذا المجال معنى الاستيطان والذي يعني مصادرة الأراضي الفلسطينية، ولم يبق للفلسطينيين مجال، فضاء، أراضي لكي يقيموا دولة عليها وأثبتت إسرائيل سوء نيتها بإصرارها على مواصلة عملية الاستيطان وخاصة في القدس الشرقية والتي تحاول إفراغها من أهلها بشكل دائم وفي هذا العام فعلت أكثر من الأعوام السابقة وكان رد فعلها على نشاطاتنا كفلسطينيين تحت عنوان القدس عاصمة الثقافة العربية لهذا العام كان سلبيا جدا ومضادا للسلام ومدمرا للمجتمع الفلسطيني في القدس الشرقية ومؤسساتها.
لكن ما هو أبرز حدث من بين هذه الأحداث تراه أثر بشكل كبير على القضية الفلسطينية سواء بالإيجاب أو بالسلب؟
أبرز حدث أثر بالسلب هو أكيد الهجوم على غزة وأكاد أقول وبنفس المستوى تدمير المؤسسات والمنازل في القدس وأعتقد أنه لا يقل أي منها سلبا عن الآخر في المستوى.
وبالنسبة للأحداث الإيجابية لا أرى أي شيء إيجابي حصل سنة 2009، لأن الاحتلال يزداد شراسة والاستيطان يتواصل والوضع الاقتصادي يسوء وعدد الأسرى الفلسطينيين يرتفع كل يوم، حيث أن هناك من 10 إلى 20 أسير فلسطيني جديد كل يوم، فلا أرى أحداثا إيجابية للأسف.
وفي رأيكم كيف سيستقبل الفلسطينيون سنة 2010، وهل ستكون هناك أفاق مصالحة فلسطينية فلسطينية؟
أعتقد أن كل فلسطيني يطمح إلى أن تكون هناك مصالحة فلسطينية – فلسطينية وأعتقد أن هناك جهودا هائلة من قبل رجال السياسة الفلسطينيين وأيضا المدن المجاورة الشقيقة مثل مصر.
الجميع يحلم ويطمح إلى هذه المصالحة، وكل الناس يتساءلون لماذا لم تتم هذه المصالحة؟، ربما لعوامل خارجية والتي نأمل أن نتجنبها و أن تزول حتى نتصالح.
كيف سنستقبل عام 2010 ؟ يإرادة قوية على الصمود كشجر الزيتون وأعتقد أنه رغم أنفنا الخيار الوحيد أمامنا هو الصمود في مواجهة الاحتلال وإلا سنزول وننتهي ولذلك عام 2010 سيكون عام الصمود.
وكيف ترون وضع قطاع غزة سنة 2010، والذي لم تتم إعادة إعماره بعد؟
أنا أعتقد أنه من الصعب جدا الاستقراء في المستقبل، لا أدري كيف ستتم الأمور وأعتقد أنه يجب أن تتم المصالحة وكل فلسطيني يريد أن تتم المصالحة، وأعتقد أنه بمجرد أن تتم المصالحة أو بمجرد انصياع أو موافقة الحكومة المقالة في غزة وحركة حماس للقانون الفلسطيني ولإرادة الشعب الفلسطيني وإذا كان لديها نية بالتوجه إلى الوحدة الفلسطينية، أعتقد أنه سيكون بإمكان السلطة الفلسطينية التقليل من معاناة أهلنا في غزة الذين يعانون في كافة المواضيع سواء كانت في السكن أو في الشؤون الحياتية اليومية أو الصحة أو التعليم، كل الفلسطينيين يأملون أن تتم المصالحة لكي نتمكن من التقليل من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
حقيقة أعتقد أنه لا يوجد حتى محلل سياسي يستطيع التنبؤ بما سيحصل في المستقبل القريب في موضوع المصالحة لأن هذه العوامل الخارجية خارجة عن إرادة الفلسطينيين.