في التاسع أفريل من السنة الجارية، فاز رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رئاسية ثالثة بنسبة 90.24٪ من الأصوات ما يعادل 12.91 مليون صوت من مجموع 15.3 مليون ناخب جزائري.
و لم يسبق لرئيس جزائري من قبل تحقيق نسبة بهذا الحجم منذ بداية إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل التعددية.
و كان رئيس الجمهورية خاض معركة الانتخابات رفقة خمس مترشحين آخرين.
وحصلت المرأة الوحيدة المشاركة في هذه الانتخابات رئيسة حزب العمال لويزة حنون على نسبة 4.22%، فيما كانت حصلت على نسبة 1% فقط في انتخابات 2004.
وحصل المرشح موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية على 2.31% من الأصوات، فيما حصل المرشح الإسلامي الوحيد محمد جهيد يونسي من حركة الاصلاح على نسبة 1.37%، والمرشح فوزي رباعين، رئيس “عهد 54″ على نسبة 0.93%، فيما نال المرشح بلعيد محمد أوسعيد على نسبة 0.92%.
و حظي المترشح بوتفليقة بدعم واسع من قبل أحزاب التحالف و كذا أحزاب سياسية أخرى و منظمات وطنية و جمعيات متعددة.
أجواء الحملة الانتخابية
و جاءت الانتخابات الرئاسية بعد حملة انتخابية استغرقت ثلاثة أسابيع اتسمت بتنافس برامج المترشحين و محاولة إقناع الناخب الجزائري بضرورة المشاركة القوية في الانتخابات. و هذا ما تجلى في المشاركة القوية التي شهدتها منطقة القبائل المعروفة بقلة مشاركتها في الاستحقاقات السابقة مقارنة بباقي ولايات الوطن. وبحسب أرقام الداخلية، سجلت ولاية تيزي وزو 21.69 % فيما سجلت بجاية 21.30 % و البويرة نسبة 38.69 % و هي نسب تتجاوز بكثير تلك المسجلة العام 2004 و التي لم تتعد نسبة 5 % في كامل المنطقة.
التزامات و وعود الرئيس
و كان رئيس الجمهورية أعلن عن برنامج طموح يرتكز على التنمية الشاملة للبلاد من خلال رصد حوالي 150 مليار دولار في برنامج خماسي يمتد من 2009 إلى غاية 2014 و المواصلة في تجسيد ميثاق السلم و المصالحة الوطنية التي كانت قد حققت نتائج عظيمة من حيت إعادة لم شمل المواطنين و تحقيق السلم و القضاء على الإرهاب و وضع حد لعشرية تعددت ألوانها.
و ذكر آنذاك وزير الموارد المائية و رئيس الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة أن التصور الاقتصادي و الإستراتيجية لرئيس بوتفليقة يدلان على أنه يمكننا بسهولة تطبيق البرنامج الذي التزم به المرشح بوتفليقة من أجل جزائر قوية مشيرا إلى أن السنوات الخمس المقبلة ستسمح بإعطاء للبلاد قاعدة اجتماعية و اقتصادية من شأنها أن “تجعل من الجزائر بلدا من ضمن البلدان الناشئة”.
وأشار يقول أن تطبيق برنامج تنمية البلاد قد بلغ وتيرة سريعة لا يمكن على أساسها الرجوع إلى الوراء موضحا في الوقت ذاته إلى أن الجهود ستتواصل و ستحسن بشكل واضح في مجال التنمية.
في هذا الاتجاه أبرز سلال ذكاء و بصيرة و سداد رأي رئيس الجمهورية الذي جعلت إجراءاته البلد في منأى عن المشاكل الكبيرة مذكرا كدليل على ذلك تسديد حوالي مجموع الديون مما سمح للجزائر بمواجهة بارتياح كل التزاماتها.
و كان رئيس الجمهورية التزم أيضا برد الاعتبار للمرأة الجزائرية و إعادة ترتيب الحقوق الأساسية لها.
كما التزم أيضا بتعزيز مكانه الجزائر في المحافل الدولية بعدما نجح في العهدتين السابقتين في إعادة الدور المنوط بالجزائر في العالم.
الأوراق الرابحة
من أوراق الرئيس الرابحة التي بفضلها انتزع أغلبية الأصوات في الانتخابات الرئاسية هي بدون شك حصيلة عشر سنوات من الحكم، أي منذ توليه رئاسة البلاد في 2009، و التي بدأها بسياسة الوئام المدني التي سمحت لبداية نهاية التهديد الإرهابي بالجزائر بعد عشرية سوداء ذهب ضحيتها حوالي مائتي ألف ضحية إرهاب أعمى.
و كانت هذه السياسة التي وضعت البوادر الأولى لميثاق السلم و المصالحة الوطنية سمحت بتقليص عدد الإرهابيين و استرجاع كمية كبيرة من الأسلحة. و في نفس السياق جاءت من بعد ذلك المصالحة الوطنية التي زكاها الشعب الجزائري بأغلبيته العظمى و سمحت بالقضاء النهائي على الإرهاب ما عدا بعض المجموعات التي حوصرت في العدد و في الفضاء وسمحت على الخصوص بلم شمل جميع الجزائريين و استرجاع السلم و الأمن و الأمان.
و سياسة المصالحة الوطنية إن تجلت و توجت العهدتين الأوليتين للرئيس بوتفليقة فإن الشق الاقتصادي له مكانة هامة في حصد أصوات الجزائريين خصوصا ما تعلق بالمشاريع الضخمة و على رأسها الطريق السيار شرق غرب و الذي وصف بمشروع القرن و فاقت ميزانيته 11 مليار دولار بالإضافة إلى إنجاز مليون وحدة سكنية و إطلاق مشاريع أخرى ضخمة في ميادين الري و الفلاحة و الأشغال العمومية.
كما أن سياسة الإصلاحات الشجاعة التي انتهجها رئيس الجمهورية في قطاعات التعليم و الصحة و البنوك و المؤسسات المالية و غيرها من القطاعات الحيوية لا يمكن تجاهلها أو نفيها و تكون هي أيضا من ضمن الأوراق الرابحة للرئيس خلال الرئاسيات الأخيرة.
الورقة الحاسمة:
و هي مواصلة هذه الديناميكية من الإصلاحات و تجسيد المشاريع الضخمة نهائيا و ترقية المصالحة الوطنية.
و ما يمكن القول على سيرورة الانتخابات الرئاسية في أفريل 2009، هو النجاح في تحقيق انتخابات حرة و ديمقراطية و شفافة ما سمح للجزائر باكتساب خبرة و تجربة رائدة في العالم العربي و العالم الثالث. و تعد رئاسيات أفريل 2009، رابع انتخابات تعددية في تاريخ الجزائر و التي حضرها مراقبون دوليون أجمعوا على حسن سيرها و على شفافيتها و أكدوا على أن الديمقراطية في الجزائر أضحت مبدءا لا رجعة فيه.
و الشعب الجزائري برهن بمشاركته القوية على إيمانه بهذا المبدأ و على ثقته العظيمة في شخص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.