رغم مرور ثلاثة أسابيع عن خسارة منتخب كوت ديفوار أمام الجزائر، إلا أن مدربه البوسني فاليد حليلوزيتش لا يزال متأثرا من ذلك الإقصاء، كيف لا وهو الذي قد يكلفه منصبه على رأس العارضة الفنية للأفيال العاجية..في هذا الحوار، يعود بنا الرجل إلى تلك المقابلة ويتحدث عن أمور كثيرة تخص المنتخبين الجزائري والإيفواري المقبلين على الاشتراك في المونديال، وأمور أخرى.
مساء الخير السيد حليلوزيتش..
مساء الخير..أهلا..من معي.
معكم صحفي من الجزائر.
مرحبا..أظن أنكم ستسألونني عن الأخبار التي تقول أنني لم أعد مدربا لمنتخب كوت ديفوار.
ليس بالضبط ولكن هذا السؤال من بين أسئلة أخرى نود طرحها عليك .
تفضلوا، أنا في الخدمة.
شكرا جزيلا، وما دمت قد أثرت قضية وضعيتك مع المنتخب الإيفواري، فلنبدأ من هذه النقطة. ما حقيقة ما يدور حول تخلي الاتحادية الإيفوارية عنك؟
أنا مثلكم أتابع عبر وسائل الإعلام هذه الأخبار..حاليا أنا متواجد بفرنسا لفترة من الراحة بعد كأس إفريقيا المضنية التي لعبناها في أنغولا..في الحقيقة لم يصلني أي شيء رسمي بخصوص ما يثار حول استغناء الإتحاد الإيفواري عني.
وحتى أكون صريحا أكثر معكم، دعوني أخبركم أنني بدأت التفكير في المقابلة الودية القادمة التي ستجمعنا ضد منتخب كوريا الجنوبية يوم 3 مارس القادم بلندن وستكون المحطة الأولى للإعداد لكأس العالم.
تتحدث وكأنك واثق من أنك ستواصل تدريب الأفيال العاجية، ما مصدر كل هذه الثقة رغم الضجة الكبيرة المثارة حاليا حول مستقبلك على رأس المنتخب الإيفواري؟
قلت لكم منذ قليل أنني لا أعير اهتماما لما تكتبه الصحافة، لأنه وإلى غاية أن يثبت العكس، أظل المسؤول التقني الأول عن المنتخب الإيفواري، مع كل احتراماتي لرجال الإعلام الذين يتحلون الاحترافية والموضوعية في كتاباتهم ونقل أخبارهم.
يظهر التأثر كبيرا عليك بعد كل الذي عشته في النهائيات الإفريقية؟
كيف لا وأن الكثير في كوت ديفوار يترك الانطباع اليوم بأنهم كانوا ينتظرونني في المنعرج، وإلا كيف نفسر كل هذه الضجة التي تثار اليوم حول مستقبلي مع المنتخب الإيفواري.
وماهي أهدافهم في نظرك؟
الأمور واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، حيث أن الكثير في كوت ديفوار يبحث عن مشجب يعلق عليه إخفاقنا في "الكان"، ولامتصاص غضب الشارع، لم يجد هؤلاء من وسيلة أخرى غير التضحية بي.
وهل تشعر بأن الشارع الإيفواري قد انقلب عليك هو الآخر؟
في الحقيقة، علاقتي مع الجمهور الإيفواري كانت دائما جدية، فهو على الأقل يعترف بأن ما قدمته لفريق بلاده لا يمكن محوه بسرعة كبيرة، ولكن بعض الأطراف تسعى إلى أن تشوه صورتي عنده، حتى أظهر بمظهر المسؤول الوحيد عن الاخفاق، وبالتالي امتصاص غضبه، وهذا ما أرفضه طبعا.
*لكن قد نفهم درجة التأثر الكبيرة التي تسود الإيفواريين، سيما وأن الجميع كان يرشحكم للظفر بكأس إفريقيا للأمم بالنظر إلى الترسانة الهائلة من النجوم الذين يضمهم تعدادكم، وبالنظر أيضا إلى أنكم لم تنهزمون في أي مرة طيلة عامين، كما تفضلت بالتذكير به منذ قليل؟
أعرف أن الكل كان يرشحنا للظفر بالتاج الإفريقي، وهذه حقيقة لا أنكرها..أنا شخصيا كنت أعرف أننا سنكون الفريق الذي سيحسب له الجميع ألف حساب في النهائيات الإفريقية، ولكن ثمة عدة عوامل ساهمت في انسحابنا من الدور ربع النهائي، من بينها التحكيم الذي حرمنا من هدف التعادل في الوقت بدل الضائع..عاودت مشاهدة لقطة ذلك الهدف عدة مرات، وتكدت بأن الحكم أخطأ في حقنا، ولو احتسب ذلك الهدف لعرفت.
هل نفهم من كلامك أن تأهل المنتخب الجزائري لم يكن مستحقا؟
أنا لم أقل هذا أبدا، ولكنني ذكرت حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، وهي أن الحكم حرمنا فعلا من هدف شرعي لا غبار عليه، ومع ذلك أظل رياضيا كما كنت دائما، وأعترف أن تأهل المنتخب الجزائري كان مستحقا لأن لاعبيه ببساطة كانوا أكثر إرادة منا، لقد أدوا في ذلك اليوم مقابلة كبيرة أعطوا من خلالها درسا في الكفاح فوق الميدان، وهو ما صنع الفارق بيننا وبينكم.
الكثير من المراقبين صنف مقابلة الجزائر وكوت ديفوار الأفضل في دورة أنغولا..هل تشاطر هذا الرأي؟
لا أعرف بالضبط إن كانت هي الأفضل أم لا، ولكن الوتيرة التي سارت عليها كانت قوية جدا..لقد أدهشني المنتخب الجزائري بمقاومته الكبيرة، وبروح التضامن القوية التي يتحلى بها لاعبوه فوق الميدان..صحيح أنه لا يضم في صفوفه فرديات كبيرة مثل ما هو الحال مع المنتخب الإيفواري، ولكن روح المجموعة هي التي شكلت قوته الرئيسية ضدنا..أظن أن لاعبينا قد استخلصوا درسا جيدا من سلوك لاعبيكم، ما يجعلهم يتيقنون اليوم بأن كرة القدم رياضة جماعية، وبأن الفرديات وحدها لا تكفي مهما كان وزنها.
تبدو ساخطا كثيرا على لاعبيك، ما الذي تؤاخذه عليهم بالضبط؟
قلت منذ قليل أن مسؤولية الإخفاق لا أتحملها لوحدي، ولو أن القاعدة التي أصبحت تحكم كرة القدم هي أن المدرب هو الذي يدفع دائما ثمن أي إخفاق..ومع ذلك، أظل مقتنعا أن عناصري أذنبت كثيرا في مباراة ربع النهائي..صدقوني أنه إلى حد اليوم لم أفهم كيف أن لاعبين محترفين ينشطون في أكبر الأندية الأوروبية يفشلون في الحفاظ على تقدمهم في النتيجة قبل دقيقة واحدة عن نهاية المقابلة.
يتهم الكثير لاعبيك النجوم بأنهم لا يبذلون المجهود الكافي لما يتعلق الأمر باللعب لصالح المنتخب خلافا لما هو الحال عليه مع أنديتهم، وتتوجه أصابع الاتهام بصفة خاصة نحو دروغبا. ما هو تعليقك؟
لست من المدربين الذين ينشرون غسيل بيتهم على أعمدة الصحافة..ورغم أنه لدي الكثير لأقوله في هذا الموضوع، إلا أنني أفضل الاحتفاظ بذلك لنفسي، وربما قد يأتي اليوم الذي سأقول فيه كل الحقيقة.
لنتحدث قليلا عن المستوى العام الذي عرفته دورة أنغولا، الكثير يعتبر أنها كانت من بين الأسوء في السنوات الأخيرة..
اعترف بأن مستوى دورة أنغولا لم يرق إلى المطلوب، وذلك لعوامل موضوعية في رأيي، حيث أن الظروف المناخية التي جرت فيها كانت صعبة جدا، إضافة إلى سوء أرضية الملاعب حيث كانت معظمها رملية ما أعاق كثيرا اللاعبين ومنعهم من الظهور بإمكانياتهم الحقيقية..ثم أن هناك عامل آخر أهم أثّر كثيرا على المستوى العام للدورة.
ماذا تقصد؟
الحادث الخطير الذي لحق بالمنتخب الطوغولي قبل انطلاق البطولة أثر كثيرا على معنويات اللاعبين..عندما نعلم بأن جل المنتخبات الإفريقية تتكون من لاعبين محترفين، ندرك بأن الضغوط كانت كبيرة عليهم، سيما بعد أن سكن القلق معظم الأندية التي يلعبون لها إلى درجة أن هذه الأخيرة بدأت تضغط عليهم لتطالبهم بالعودة.
ما دمت تتحدث عن المنتخب المصري، كيف استقبلت خسارة المنتخب الجزائري الثقيلة ضده، سيما بعد المقابلة الكبيرة التي لعبها ضدكم؟
صراحة، لم أشاهد اللقاء، ولكن ما بلغني من أخبار أن الحكم كان السبب في تلك الهزيمة الثقيلة، إذ لا يعقل أن يقدم الجزائريون مباراة كبيرة ضدنا ليخسروا بتلك الطريقة في اللقاء الموالي. عندما يشهر الحكم ثلاث بطاقات حمراء كاملة في حق فريق واحد يصبح من المستحيل عليه طبعا أن يقف الند للند أمام خصمه.
كيف ترى مشوار المنتخب الجزائري في المونديال؟
أنا متأكد من أنه لو ظهر بنفس الوجه الذي ظهر به ضدنا في أنغولا، سيكون بمقدوره الوقوف في وجه أقوى المنتخبات، بما في ذلك أنجلترا..أعود وأكرر أن ما يعجبني في منتخبكم روح المقاومة والتضامن التي تسود المجموعة، فعليكم إذن الاستثمار في هذا السلاح الهام.
وماذا سيفعل الإيفواريون في جنوب إفريقيا، حسب تكهنك؟
ليس لدينا من خيار آخر الآن سوى أن نثأر لأنفسنا بعد أن فشلنا في الفوز بالتاج الإفريقي، أظن بأن جميع اللاعبين قد حفظوا درس كأس إفريقيا جيدا، وهم يتوقون شغفا لرد الاعتبار لأنفسهم في المونديال.
هل فكرت يوما في العمل بالجزائر؟
كان لدي اتصال منذ بضعة سنوات من الجزائر ولكن الأمور لم تسر وفق الوجهة التي كنت أرغب فيها، ومع ذلك فسأكون سعيدا إذا اشتغلت ببلدكم مستقبلا، ولعلمكم لدي أصدقاء جزائريون كثيرون أغتنم هذه الفرصة لتوجيه التحية إليهم.