تضمن المشروع التمهيدي للائحة جبهة التحرير الوطني المُرتقب رفعها إلى المؤتمر التاسع للحزب الشهر القادم، مرافعة لتأسيس مرحلة جديدة في مسار الأفالان عنوانها الأكبر تحقيق “الوطنية المحرّرة” في جميع المجالات.
وجاء في ديباجة الوثيقة – حصل “موقع الإذاعة الجزائرية” على نسخة منها -، إنّ استقراء قيادات ومناضلي جبهة التحرير لتاريخ الأفالان وفكره السياسي عبر الأشواط الخمسة الماضية، يقتضي الذهاب رأسا إلى مرحلة جديدة، وانطلق معدّوا اللائحة من كون الوطنية المحرّرة ببعديها الشعبي والديمقراطي، وبمحتواها الإسلامي والعربي والأمازيغي هي الأساس المكوّن لإديولوجية جبهة التحرير، لذا ينبغي ترسيخ دعائم هذه الوطنية المحرّرة كقوة دفع لترقية الإنسان الجزائري ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
وإذ ركّزت اللائحة على كون بيان الفاتح نوفمبر يبقى مرجعا رئيسا للأفالان، فإنّ معديها الّحوا على حتمية إعداد وترسيخ عقيدة وطنية حقيقية تكفل استمرار هذه الروح وتضمن تحصين أجيال المستقبل في إطار دولة ديمقراطية اجتماعية يتم فيها احترام الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.
وفيما حُظي المشروع التمهيدي للائحة بتأييد الهيئات القيادية في جبهة التحرير، تركّزت مساهمات القواعد على التفكير مستقبلا في استكمال المصالحة الوطنية، وتطوير الديمقراطية النقدية، بجانب العمل على تحديث الأفالان.
وكان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم دعا هذا الخميس، لجعل المؤتمر التاسع للأفالان محطة كبرى للتحوّل السياسي. كما شدّد على حتمية الانضباط الحزبي والانفتاح على سائر القوى والتيارات.
وفي كلمته الافتتاحية لأشغال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للأفالان بزرالدة، سجّل بلخادم أنّ الساحة السياسية اليوم ليست كنظيرتها بالأمس، لذا أهاب الأمين العام للجبهة بمناضليه لتجذير التحوّل عبر التمسك بالثوابت والمرجعيات، واكتساب مزايا تضيف قيما وتؤسس لمنهجية مغايرة تمنح مزيدا من القوة للمنظومة السياسية في الجزائر وتفتح لها آفاقا جديدة.
وبجانب إعلانه تمسك حزبه بالتحالف الرئاسي حفاظا على مصلحة البلاد، حثّ بلخادم الجبهويين على التكيّف بما يُرسّخ الممارسة الديمقراطية، مناديا بفتح باب الحوار مع القوى الشبانية ومختلف الفعاليات السياسية حتى تلك التي تمتلك رؤى مغايرة لمشروع المجتمع الذي يصبو إليه الأفالان، مضيفا “أنّ الأخير مُلزم بتقديم إضافات في المؤتمر القادم وما بعده من خلال إشراك أوسع لشريحتي الشباب والنساء”.
كما شدّد بلخادم على انضباط مناضليه، وأوعز أنّ قيادة تشكيلته عازمة على إنهاء الممارسات الدخيلة والسلوكيات المرفوضة، منبّها إلى أنّ جبهة التحرير لن تكون تجمعا فئويا خاصا بكتل وقوى وزعامات، أو منبرا للتموقع الضيّق والتعبير عن توجهات مصلحية أو جهوية، بل ستقوم حسبه على مجموعة قيم ومبادئ ومثل تسمو بها وتجعلها ملتصقة بمرجعية نوفمبر والمصلحة العليا للبلاد.
وركّز بلخادم على ممارسة النقد والتشريح الذاتي والصراحة، معترفا بأنّ نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المُقامة الشهر قبل الماضي، لم تكن في مستوى آمال الأفالان، وهو ما دفعه للكشف عن مزيد من الضوابط داخل بيت الجبهة بغرض إنهاء ما قال إنّها “سلوكيات” لا تعكس قيم الحزب، حيث أشار الأمين العام للأفالان إلى أنّ تشكيلته لا يمكن لها أن تسمح بالأنانية والاحتكار المطامح الفردية على حساب المصلحة الحزبية والوطنية.
وقبيل شهر وربع عن عقد المؤتمر التاسع لجبهة التحرير، ألّح بلخادم على استمرارية التجذر وتجسيد تطلعات وطموحات الأمة من خلال جعل المؤتمر المقبل منبرا حقيقيا يكرّس رؤية موحّدة تتجاوب مع رهان التحوّل الحقيقي تحسبا لتحديات المرحلة القادمة.
وساطة جبهوية بين الفلسطينيين الأسبوع القادم
كشف عبد العزيز بلخادم عن قدوم وفد عن حركة فتح الفلسطينية إلى الجزائر الأسبوع القادم، وذلك بدعوة من جبهة التحرير التي تعتزم القيام بمبادرة وساطة بين الفرقاء الفلسطينيين.
وأبدى بلخادم نية “الأفالان” لتضييق الهوة بين حركتي فتح وحماس وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المزمن. علما أنّ قيادة جبهة التحرير سبق لها وأن استضافت وفدا عن حركة حماس الفلسطينية قبل أشهر.
واعتبر بلخادم أنّ فشل مبادرات المصالحة بين الفتحاويين والحمساويين في فترات سابقة، راجع إلى كونها لم تكن بين فريقي الصراع، بل كانت ناجمة عن صراع عربي عربي والقوة التي تحرّك هذا الصراع، مستنكرا استمرار بناء الجدار الفولاذي وتكريس الحصار الصهيوني بسواعد عربية.
ولاحظ الأمين العام لجبهة التحرير أنّ ما يحدث في فلسطين والعراق وسوريا وجنوب لبنان والصومال واليمن ودارفور، يعكس رغبة في الاستقواء على الشعوب المسلمة بالحضور الأجنبي، ورغبة دفينة لإبقائها خاضعة للهيمنة الخارجية.
وأقحم بلخادم الإجراءات الأخيرة التي أقرتها كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضدّ رعايا عديد الدول بينها الجزائر، ضمن خلفية غربية تريد المساس بالكرامة والضغط المباشر وغير المباشر للسيطرة على ثروات الدول تحت غطاء مكافحة الإرهاب، وبمقابل عدم استبعاده فبركة سيناريو جديد، أيّد بلخادم مبدأ المعاملة بالمثل.
وانتهى بلخادم إلى تجديد الدعوة لتفعيل اتحاد المغرب العربي وتنشيط هياكله، واغتنم فرصة تنظيم اللقاء غير الرسمي بين المغرب وجبهة البوليساريو بنيويورك لينادي بالاحتكام إلى حل توافقي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
تفاصيل خارطة طريق المؤتمر التاسع للأفالان
تشير وثيقة رسمية لقيادة الأفالان – تلقى “موقع الإذاعة الجزائرية” نسخة منها -، إلى مجموعة نقاط رئيسة تشكّل معالم خارطة الطريق الخاصة بالمؤتمر التاسع الذي سيعقده حزب جبهة التحرير الوطني خلال النصف الثاني لشهر مارس القادم.
استنادا إلى التعليمة رقم 2 التي أصدرها “عبد العزيز بلخادم”، الأمين العام للأفالان ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع، هذا الخميس بعد تزكيتها من الهيئة التنفيذية والمجلس الوطني للحزب، فإنّ قواعد جبهة التحرير مُطالبة في غضون الأيام القليلة القادمة بضبط وتحيين قوائم المناضلين على مستوى القسمات، مع تسريع عمليات توزيع البطاقات وتبليغ الاستدعاءات لكافة المناضلين استعدادا لعقد المؤتمرات الجهوية.
وستجري هذه المؤتمرات الجهوية بين الثالث والسابع مارس القادم على مستوى المناطق الست التالية: الجزائر العاصمة، سطيف، قسنطينة، بسكرة، غليزان والأغواط، وتستغرق كلا منها يوما واحدا فحسب، كما تنص تعليمة اللجنة التحضيرية على إجراء هذه المؤتمرات الست تحت إشراف أعضاء من اللجان الولائية لتحضير المؤتمر التاسع، على أن تركّز المؤتمرات الجهوية المرتقبة على مناقشة مستفيضة لمشاريع النصوص واللوائح القانونية التي سُترفع إلى المؤتمر العام.
وحسب الوثيقة ذاتها، فإنّ انتخاب مندوبي المؤتمر التاسع سيكون مفتوحا لجميع المناضلين والمناضلات طبقا لأحكام المادة (14) من القانون الأساسي للحزب، علما أنّ الانتخابات ستتم عن طريق الاقتراع السري، وبالتزكية في حال تساوي مرشحين فأكثر في عدد الأصوات.
بالنسبة للمشاركين في المؤتمر العام، سيتم انتقاء الثلثين عن طريق الانتخاب على مستوى القواعد: القسمات، المحافظات والجاليات الجزائرية في المهجر، فيما سيشارك مندوبون آخرون بحكم صفتهم القانونية، وذاك ينطبق على أعضاء المجلس الوطني للحزب، نواب البرلمان بغرفتيه، أمناء المحافظات، أعضاء الحكومة المنتمين للجبهة، إضافة إلى أعضاء القائمة الوطنية التي يتولى الأمين العام إعدادها.