منهجية كتابة المقالة الجدلية في الفلسفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
ان شاء الله ساحاول توضيح بعض جوانب منهجية كتابة المقال الفلسي:
اولا : الطريقة الجدلية :
وتكون حول موضوع يقتضي مناقشة حيث تكون الاجابة عنه غير محددة بل متعددة اي اكثر من موقف او اطروحة :
مثلا: اذا كان الادراك مرتبط بالاحساس فهل مصدره الاحساس بالجزء او بالكل ؟
الاجابة تقتضي اكطروحتين :
الاطروحة الاولى للنظرية الحسية
نقيض الاطروحة للنظرية الجشطالتية
***
كيف نصمم المقدمة في الطريقة الجدلية :
تمر المقدمة عموما بثلاث مراحل
1/ التاطير للموضوع من خلال تمهيد يمكن ان يكون مقابلة بين مفهمومين قد وردافي الموضوع
او من خلال فكرة مسلم بها في الموضوع
او من خلال اطروحة مستبعدة ...........
2/ ابرازالتناقض او العناد الفلسفي من خلال الاشارة لوجود اختلاف وجدل حول قضية او مشكلة معينة ............
3/ طرح المشكل في صيغة تساؤل جدلي يراعي التسلسل المنطقي والمنهجي للتحليل
ثانيا : ماهي مراحل التحليل :
1/ عرض منطق الاطروحة اي الموقف الاول :من خلال :
*ابراز الموقف
*بيان الحجج
*نقد الحجة
2/ عرض النقيض اي الموقف الثاني من خلال :
*ابرازالموقف النقيض
*بيان الحجة
*النقد
3/ التركيب : هو موقف مبرر وله ثلاث احتمالات حسب نوع الموضوع :
اما ان يكون التركيب جمعا بين الموقفين مع التبرير " اي تبرير الجمع "
اما ان يكون التركيب تفضيل موقف عن الاخر مع التبرير " اي تبرير التفضيل "
اما ان يكون تجاوزا للموقفين الى موقف جديد مع تبرير التجاوز "
ثالثا : الخاتمة : وهي الاجابة المباشرة على الموضوع المترتبة عن التحلي ل السابق
نموذج تطبيقي للمقالة الجدلية :
اذا كان الإدراك عملية تفسير للانطباعات الخارجية فهل هو محصلة لنشاط العقل ام هو تصور لنظام الأشياء؟
الطريقة : جدلية
لمقدمة وطرح المشكلة :يعتبر الادراك من العمليات النفسية التي يقوم بها الانسان لفهم وتفسير وتأويل الاحساسات بإعطائها معنى مستمد من تجاربنا وخبراتنا السابقة .
** وقد وقع اختلاف حول طبيعة الادراك ؛ بين النزعة العقلية الكلاسيكية التي تزعم ان عملية الادراك مجرد نشاط ذاتي ، والنظرية الجشطالتية التي تؤكد على صورة او بنية الموضوع المدرك في هذه العملية ،
**الامر الذي يدفعنا الى طرح التساؤل التالي : هل يعود الادراك الى فاعلية الذات العاقلة أم الى طبيعة الموضوع المدرَك ؟
محاولة حل المشكلة
أ – عرض الاطروحة : ، ان الادراك عملية عقلية ذاتية لا دخل للموضوع المدرك فيها
، ب – الحجة : حيث ان ادراك الشيئ يتم بواسطة احكام عقلية نصدرها عند تفسير المعطيات الحسية * فالادراك نشاط عقلي تساهم فيه عمليات ووظائق عقلية عليا من تذكر وتخيل وذكاء وذاكرة وكذا دور الخبرة السابقة ... فهو لا يخضع لمعطيات الحواس ، بل لنشاط الذهن واحكامه ، ولولا هذا الحكم العقلي لا يمكننا الوصول الى معرفة المكعب من مجرد الاحساس
ويؤكد ذلك ، ما ذهب اليه ( آلان ) في ادراك المكعب ،
ويؤكد ( باركلي ) ، أن الاكمه ( الاعمى ) اذا استعاد بصره بعد عملية جراحية فستبدو له الاشياء لاصقة بعينيه ويخطئ في تقدير المسافات والابعاد ، لأنه ليس لديه فكرة ذهنية او خبرة مسبقة بالمسافات والابعاد .
*حالة الصبي في مرحلة اللاتمايز ، فلا يميز بين يديه والعالم الخارجي ، ويمد يديه لتناول الاشياء البعيدة ، لأنه يخطئ – ايضا – في تقدير المسافات لانعدام الخبرة السابقة لديه
*وتؤكد الملاحظة البسيطة والتجربة الخاصة ، اننا نحكم على الاشياء على حقيقتها وليس حسب ما تنقله لنا الحواس ، فندرك مثلا العصا في بركة ماء مستقيمة رغم ان الاحساس البصري ينقلها لنا منكسرة ، و يٌبدي لنا الاحساس الشمس وكانها كرة صغيرة و نحكم عليها – برغم ذلك – انها اكبر من الارض
جـ - النقد :. دور الذات العاقلة في عملية الادراك لايعنني ان نتجاهل تجاهلا كليا اهمية العوامل الموضوعية ، وكأن العالم الخارجي فوضى والذات العاقلة هي التي تقوم بتنظيمه
أ – عرض نقيض الاطروحة :وخلافا لما سبق ، يرى انصار علم النفس الجشطالتي من بينهم الالمانيان كوفكا وكوهلر والفرنسي بول غيوم ، أن أن ادراك الاشياء عملية موضوعية وليس وليد احكام عقلية تصدرها الذات ، الحجة: ، فالعالم الخارجي منظم وفق عوامل موضوعية وقوانين معينة هي " قوانين الانتظام " . ومعنى ذلك ان :وما يثبت ذلك ، ان الادراك عند الجميع يمر بمراحل ثلاث : ادراك اجمالي ، ادراك تحليلي للعناصر الجزئية وادراك تركيبي حيث يتم تجميع الاجزاء في وحدة منتظمة وفي هذه العملية ، ندرك الشكل بأكمله ولا ندرك عناصره الجزئية
** فاذا شاهدنا مثلا الامطار تسقط ، فنحن في هذه المشاهدة لا نجمع بذهننا الحركات الجزئية للقطرات الصغيرة التي تتألف منها الحركة الكلية ، بل ان الحركة الكلية هي التي تفرض نفسها علينا
**كما ان كل صيغة مدركة تمثل شكلا على ارضية ، فالنجوم مثلا تدرك على ارضية هي السماء ، و يتميز الشكل في الغالب بانه اكثر بروزا ويجذب اليه الانتباه ، أما الارضية فهي اقل ظهورا منه ، واحيانا تتساوى قوة الشكل مع قوة الارضية دون تدخل الذات التي تبقى تتأرجح بين الصورتين
**ثم إن الادراك تتحكم فيه جملة من العوامل الموضوعية التي لا علاقة للذات بها ، حيث اننا ندرك الموضوعات المتشابهة في اللون او الشكل او الحجم ، لانها تشكل في مجموعها " كلا " موحدا ، من ذلك مثلا انه يسهل علينا ادراك مجموعة من الجنود او رجال الشرطة لتشابه الـزي ، اكثر من مجموعة من الرجال في السوق او الملعب
وايضا يسهل علينا ادراك الموضوعات المتقارية في الزمان والمكان اكثر من الموضوعات المتباعدة ، حيث ان الموضوعات المتقاربة تميل الى تجمع بأذهاننا ، فالتلميذ مثلا يسهل عليه فهم وادراك درس ما اذا كانت عناصره متقاربة في الزمان ، ويحدث العكس اذا ما تباعدت
و اخيرا ، ندرك الموضوعات وفق صيغتها الفضلى ، فندرك الموضوعات الناقصة كاملة مع نها ناقصة ، فندرك مثلا الخط المنحني غير المغلق دائرة ، وندرك الشكل الذي لا يتقاطع فيه ضلعان مثلثا بالرغم انهما ناقصان . ويتساوى في ذلك الجميع ، مما يعني ان الموضوعات المدرَكة هي التي تفرض نفسها على الذات المٌدرِكة
جـ - النقد : ولكن الالحاح على اهمية العوامل الموضوعية في الادراك واهمال العوامل الذاتية لاسيما دور العقل ، يجعل من الشخص المدرك آلة تصوير او مجرد جهاز استقبال فقط مادامت الموضوعات هي التي تفرض نفسها عليه سواء اراد ذلك او لم يرد ، مما يجعل منه في النهاية مجرد متلقي سلبي منفعل لا فاعل
التركيب : ان الادراك من الوظائف الشديدة التعقيد ، وهو العملية التي تساهم فيها جملة من العوامل بعضها يعود الى نشاط الذات وبعضها الآخر الى بنية الموضوع ، على اعتبار ان هناك تفاعل حيوي بين الذات والموضوع ، فكل ادراك هو ادراك لموضوع ، على ان يكون لهذا الموضوع خصائص تساعد على ادراكه
الخاتمة والفصل في المشكلة :وهكذا يتضح ان الادراك لا يعود الى فاعلية الذات العاقلةفقط او الى بنية الموضوع فحسب ، من حيث انه لا وجود لادراك بدون موضوع ندركه ، على يكون هذا الموضوع منظم وفق عوامل معينة تسهل من عملية ادراكه وفهمه . لذلك يمكننا القول ان الادراك يعود الى تظافر جملة من العوامل سواء صدرت هذه العوامل عن الذات او عن الموضوع