أنهى المنتخب الوطني مشاركته في كأس أمم أفريقيا باحتلاله المرتبة الرابعة، وهو ما يمكن اعتباره نتيجة إيجابية ما دام الخضر قد عادوا إلى المنافسة بعدة غيابهم عن دورتين متتاليتين. وإذا كانت نهائيات كأس أمم أفريقيا قد أبانت التحسن الذي حققه "الخضر"، إلا أنها في ذات الوقت رفعت الغطاء عن جملة من النقائص من الواجب تجاوزها قبل المشاركة في المونديال القادم.
الهجوم عقيم.. وغزال وحده لن يحل المشكل
أكدت المباريات الست التي لعبها المنتخب الوطني في نهائيات كأس الأمم الإفريقية أن "الخضر" قد أبانوا عن ضعف صارخ في خطهم الأمامي، والدليل على ذلك بلوغهم شباك منافسيهم مرة واحدة في المباريات الثلاث الأولى. والغريب في الأمر أن الهدف الوحيد الذي أحرزه "الحضر" جاء من المدافع حليش وكان في مرمى مالي. وبلغة الأرقام، فشل قلب الهجوم غزال في هز الشباك ولو مرة واحدة رغم مشاركته في المباريات الست التي لعبها المنتخب. ولا بد من القول أن غزال ليس وحده المسؤول عن قلة الأهداف، لأن التنشيط الهجومي كان منعدما في غياب مهاجمين متمرسين. وقد بينت مباريات "الكان" أن الخضر لعبوا بمهاجم واحد عانى من العزلة وأجهد نفسه في استلام كرات لا تأتي في وضعيات مناسبة للتهديف.
هجوم صائم في أنغولا.. ومعدل تهديف مقلق
في دورة أنغولا، سجل المنتخب الوطني أربعة أهداف تقاسمها الدفاع والهجوم. فقد سجل حليش و بوڤرة ورد عنهما بوعزة ومطمور، وكانت الحصيلة كلها مصورة في مقابلتين مع مالي وكوت ديفوار، فيما أمسك الهجوم عن التهديف في أربع مباريات مع مالاوي، أنغولا، مصر ونيجيريا، وهو الأمر الذي جعل المدرب الوطني يتأكد من وجود مشكلة حقيقية قد تسبب له الأرق خلال الأشهر الأربعة التي تفصلنا عن كأس العالم.
ورغم أن المدرب الوطني كان يعرف قبل دورة أنغولا بأن الفريق يعاني من نقص في التوازن بين خطوطه الثلاثة، إلا أنه كان يعتقد بأن إعادة توزيع الأدوار على اللاعبين قد يحرك الآلة الهجومية، وهو الشيء الذي لم يحدث رغم المجهودات التي قام بها مطمور وبوعزة على وجه الخصوص.
غزال وجبور تقاسما أربعة أهداف.. وغيلاس متفرج
والواقع أن الخط الأمامي للمنتخب الوطني لم يكن في أفضل أحواله حتى خلال التصفيات. وحتى إذا سلمنا بالقول أن الخضر سجلوا عشرة أهداف في ثلاث عشرة مباراة لعبوها، وتمكنوا من هز شباك خصومهم في أغلب المباريات، إلا أن معدلهم التهديفي يبقى ضعيفا وبعيدا عن المستوى المقبول، لأنه يعادل أقل من هدف واحد في كل مقابلة. ولا بد من الاعتراف بأن المدرب سعدان حاول إيجاد بعض الحلول الظرفية، لكنه فشل لأن لا غزال ولا جبور ولا قبلهما غيلاس حل معضلة الهجوم، ومر الوقت بسرعة دون الاهتداء إلى الطريق السليم. ولما كانت لغة الأرقام صريحة دائما أكثر من غيرها على الإطلاق، فإنه من الصعب فهم ما يحدث في الخط الأمامي للمنتخب الوطني، إذا عرفنا بأن الثلاثي جبور وغزال وغيلاس الذين كلفهم سعدان بمهمة التهديف لم يسجلوا مجتمعين سوى أربعة أهداف )جبور أمام مصر و ليبيريا، وغزال أمام مصر ورواندا وغيلاس لم يسجل(، وهو ما يدل بأن المنتخب الوطني يعاني من مشكلة كبيرة كانت السبب الأول في خروجه من كأس الأمم فارغ اليدين، لأن الكرة أهداف والأهداف يحرزها الهدافون المتمرسون لا المهاجمون العاديون.
حنكة سعدان لن تكفي.. والحل في هداف كبير
ودون شك فإن المدرب الوطني أصبح يدرك أكثر من غيره أنه لن يذهب بعيدا بفريق يعاني من عقم هجومي فاضح، وهو يعرف أيضا بأن الحل لن يكون سوى عبر هداف ممتاز. وبلغة أخرى، لاعب يملك نسبة عالية من النجاعة في محيط المرمى وليس لاعبا يهدر الكرات القليلة التي تصله.
لقد قال سيزار مينوتي مدرب الأرجنتين السابق: "قلب الهجوم مطالب بلمس مائة كرة في المباراة الواحدة" وكان يعني بطبيعة الحال كثافة الكرات داخل منطقة المرمى التي تعد المؤشر الأول لمستوى التهديف لأي فريق. وقد لمح المدرب الوطني في أكثر من مناسبة من مشكلة الهجوم، لكنه لم يجد في الحقيقة اللاعبين الذين كان يبحث عنهم لا في السوق المحلية ولا لدى المحترفين، لأننا مع الأسف الشديد لا نملك لا إيتو ولا دروغبا ولا كانوتي.
العودة إلى الثنائي غزال و جبور لتفادي الكارثة
ويبدو أن المدرب الوطني لا يملك الوقت الكافي لحل مشكلة هجوم المنتخب في هذه المرحلة على الأقل، وربما سيكون من المستحيل إيجاد الهداف الذي يبحث عنه. ومن المرجح أن سعدان سيتصرف في "الموجود"، وهو ما يعني العودة إلى الثنائي جبور وغزال باعتبار أن الأول قلب هجوم صريح والثاني مهاجما محوريا وبمكنهما التعاون كما فعلا في مباريات التصفيات، حتى ولو أنهما لم يسجلا الكثير من الأهداف. ويبقى أمام الناخب الوطني هامش ضيق للتحرك وهو محاولة رفع مستوى التنشيط الهجومي وذلك بإظهار المهاجمين الجزائريين جرأة أكثر فوق الميدان، وهو ما يعني التحرك على الطرفين لخلق الفرص وتزويد قلب الهجوم بالكرات الجيدة. ولا يتردد بعض المتتبعين في القول أن غياب الأهداف كان أيضا بسبب غياب روح هجومية واضحة لدى المنتخب الوطني، وهو ما يخفف من تحميل غزال وقبله جبور مسؤولية عقم الهجوم.
المونديال ليس "الكان".. وإنجتلرا مستوى آخر
وتبدو مهمة المنتخب الوطني في غاية الصعوبة على أساس الوضع الحالي للمنتخب. فبعد أن تأهل الخضر إلى الدور الثاني من "الكان" بهدف يتيم سجلوه أمام مالي، فإنهم في المونديال مطالبون بتحريك خط النار إذا أرادوا البقاء في المنافسة. ولن نكشف سرا إذا قلنا بأن المنتخبات المنافسة للمنتخب الوطني في المونديال لا تمت بصلة لمالي ولا لأنغولا ولا لمالاوي. و هذا يعني أن "الخضر" يوجدون في وضعية حساسة للغاية تتطلب منهم إيجاد الحل المناسب في أقرب وقت ممكن، بمعنى تحضير المهاجمين الذين يملكون القوة والاندفاع اللذين يحتاجهما المهاجم لبلوغ الهدف. ومن دون شك أن المدرب سعدان ولاعبيه يدركون المهمة الصعبة التي تنتظرهم في جنوب إفريقيا، لأن مواجهة مدافعين من المستوى العالي عمليه قد ترهب كل المهاجمين ليصبح تسجيل الأهداف اختصاصا لا يتقنه إلا الكبار وهذا هو أساس المشكل.