صور لا يُشكلها إلا الجزائريون
فجّر، ليلة الأحد إلى الاثنين ، آلاف الأنصار من مختلف ولايات الوطن الشوارع والطرقات، في احتفالات صاخبة بعد فوز محاربي الصحراء على الفيلة بكابيندا والتأهل إلى الدور نصف النهائي. ولم تقف برودة الطقس في وجه المناصرين للخروج إلى الشارع والتعبير عن فرحتهم العارمة بفوز أشبال سعدان وإلهابه بحرارة الاحتفالات.
العاصمة تهتز وتهتف شكرا يا أشبال سعدان
شكرا شكرا شكرا يا أشبال سعدان... مباراة مجنونة وفرحة مجنونة هستيرية.. نشوة انتصار فاقت بكثير تلك التي عشناها بعد ملحمة أم درمان، ما فعله الخضر أمام الفيلة ترجمه الأنصار في مشاهد وطنية نادرة لا يصنعها إلا الجزائريون تماما، كالشيخ الذي فاق سنه 70 سنة وراح يطلق العنان من شرفة منزله دون أن ينتبه بأنه نسي طقم أسنانه.
الفرحة أنست الجزائريين أن عقارب الساعة قد تجاوزت منتصف الليل ومع ذلك خرج الجزائريون بقوة، كيف لا ومحاربو الصحراء اصطادوا الفيلة في أدغال كابيندا، نعم، شكرا أيها الخضر، تشكرات أطلقها شبان جزائريون احتشدوا في شوارع العاصمة الجزائرية في كل مكان حتى في تلك الشوارع المنسية والأزقة الضيقة التي صنع فيها الجزائريون مشاهد لا تنسى.
بداية جولتنا كانت في شوارع المدنية، التي تجمهر فيها الشبان وفي مشهد مثير اصطف كثيرون منهم وراحوا ينشدون "قسما".
انطلقت الاحتفالات بعد 120 دقيقة مجنونة حبست أنفاس وأعصاب الجزائريين، ونزل الشعب الجزائري كبارا وصغارا نساءا ورجالا إلى الشوارع مطلقين العنان لمنبهات سياراتهم التي زينت بالأعلام الوطنية وحناجرهم التي هتفت "وان تو ثري فيفا لا لجيري".
حتى رجال الشرطة أيضا أطلقوا العنان لأبواق سياراتهم .. فجأة توقف قانون المرور، كل شيء مباح "شكرا للخضر"، "وان، تو، ثري، تحيا الجزائر"، جبناها يا سعدان.. مازال ما زال وهادي البداية (آديو دروغبا) "نحن ذاهبون إلى الكأس"، تلك هي العبارات التي أطلقها أنصار المنتخب الجزائري وهم يحتفلون بشكل هستيري، فساحة الشهداء لم تستوعب الحدث، من القبة إلى حسين داي مرورا بالمدنية والأبيار...
الجزائريون خرجوا إلى الشوارع بعد الشوط الأول
فرحة الجزائريين بدأت مبكرا عندما سجل مطمور هدف المنتخب الوطني، بعض الجزائريين أطلق مبكرا العنان لمنبهات السيارات وحتى لصوت الرصاص وزغاريد النسوة. الفرحة كانت أكبر بكثير من فرحة تأهل منتخب الخضر للمونديال، وبالرغم من أن عقارب الساعة كانت قد تجاوزت الحادية عشر وبالرغم من أن الجو كان باردا مع تساقط زخات من المطر إلا أن الجزائريين خرجوا وبقوة لاجتياح الشوارع إلى غاية ساعات متأخرة من الليل.
ميزت أفراح الليلة طقوس جنونية في ليلة استعمل فيها الجزائريون كل شيء بما فيها "الفيميحان" التي كانت حاضرة وبقوة، حتى النساء والشيوخ خرجوا إلى الشوارع، شرفات المنازل كانت رائعة ولم تتوقف منبهات السيارات إلى غاية ساعات متأخرة من الليل.
الكل كان يهتف بحياة رفاق مطمور والشيخ سعدان، بعض الباعة فتحوا محلاتهم ومقاهيهم لتبادل تحليلات المباراة، من الجزائريين من قام بتسجيل المباراة وإعادة بثها على غرار إحدى المقاهي في القبة،
ونحن نتجول في المدنية استوقنا رجل في سيارته كان على متنها نسوة وهن يهتفن بصوت عالي (وان تو فري فيفا لا لجيري).
ودوت الأغاني الرياضية في الشوارع حيث نسي الجزائريون أنهم في الليل، وحسب أحد المناصرين قائلا: "كنت واثقا بأن الجزائريين سيعودون في النتيجة، كنت أدعو الله أن يوفق الجزائريين.. والنصر كان لنا".
وتأتي هذه الأفراح بعد تأهل صعب لم يكن مفروشا بالورود، إذ جاء بعد تسجيل هدف غير متوقع للمنتخب الإفواري في الدقائق الأخيرة من المباراة قبل أن يعدل بوغرة للخضر النتيجة.
البومرداسيون يتحدّون برودة الطقس ويلهبون الشارع بفرحة الانتصار
الشوارع التي بدت خالية على عروشها قبيل وأثناء المباراة سرعان ما عجّت بآلاف المشجعين الذين احتفلوا بنصر الخضر، حيث بدت جلّ المدن في جوّ احتفالي، ملأتها السيارات والمشجعين الذين هفتوا باسم سعدان وأشباله، آملين بالظفر بكأس إفريقيا بعدما تجاوز المنتخب الوطني أصعب الإمتحانات في هذه التصفية.
ثقة أنصار المنتخب الوطني تبدو كبيرة من خلال التحضيرات التي سبقت المباراة، وكأن النصر كان مؤكدا، وهو ما يعكس أمل وثقة الجزائريين بفريقهم، الذي أبى إلا أن يصنع المعجزات. عائلات بأكملها شاركت الفرحة في الشارع وبعضها من على الشرفات، أعادت الأذهان إلى احتفالات المقابلة الفاصلة للمنتخب الوطني بالمريخ السوداني.
الحياة عادت مباشرة إلى شوارع الولاية، بعد سبات دام 90 دقيقة كتمت فيه الأنفاس، حيث تعالت أصوات الأغاني التشجيعية التي تناغمت مع أبواق السيارات صانعة جوا بهيجا سهر على وقعه الكبير والصغير.
مصالح الأمن والحماية المدنية كانت متأهبة قبل المباراة، حيث استقبلت المصالح الإستشفائية بدورها العديد من حالات الإغماء جراء الضغط والأزمات القلبية التي أسفرتها 90 دقيقة من المقابلة، العديد منها كانت بعد إعلان النتيجة النهائية التي أثلجت صدور الشعب، وفتحت الباب لنيل كأس إفريقيا الذي أصبح على مرمى حجر من الجزائر الممثل الوحيد للعرب في كأس العالم.
الشارع البويري يستعيد أفراحه وحديث عن الحج الى أنغولا
استعاد الشارع البويري أفراحه التي ألفها نهاية كل لقاء كان قد أجراه الفريق الوطني طيلة مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيي كأس إفريقيا وكأس العالم، حيث لم ينتظر الآلاف من المناصرين والعائلات سماع صافرة نهاية المقابلة وفضلوا الالتحاق بالشوارع من أجل التعبير عن فرحة التأهل الذي حققه رفاق زياني، ليشهد الشارع تدفقا هائلا للشباب الذين تفننوا مرة أخرى في صنع لوحات فنية رائعة ميزها تنظيم مواكب من السيارات مصحوبة بمنبهات السيارات وزغاريد النساء التي كانت تنطلق كالمعتاد من الشرفات، مما زاد الأجواء بهجة، ويبدو من خلال ذلك أن فرحة التأهل إلى الدور النصف النهائي كانت ذات طعم خاص بالنظر الى جملة من المعطيات أهمها الخرجة غير الموفقة للخضر خلال اللقاء الأول الذي أجل أجواء الفرحة التي ألفتها مختلف المدن. وكانت الشروق وكعادتها قد ارتأت متابعة اللقاء مع المناصرين الذين أضحوا يفضلون مشاهدة مباريات الخضر جماعيا رغبة منهم في محاكاة أجواء الملعب ورسالة منهم الى محاربي الصحراء فحواها المساندة المطلقة لهم. وفي الحقيقة فإن ذلك ما لمسناه قبل انطلاق اللقاء بدقائق من خلال الأحاديث التي كانت تدور بين المناصرين والتي وبرغم اختلاف المستويات إلا أنها أظهرت ثروة معلوماتية لدى الجميع الذين راحوا يتحدثون عن كل التفاصيل حتى التقنية والفنية والخطط التكتيكية الممكن أن ينتهجها الطاقم الفني، وماهي إلا دقائق حتى التزم الجميع الهدوء لتعطى إشارة انطلاق المقابلة، حيث لاحظنا حيرة كبيرة لدى الجميع خاصة خلال الدقائق الأولى لكنها عرفت تلاشيا تدريجيا بعدما أظهرت عناصر النخبة الوطنية تحكما كبيرا في الكرة وغلق للعب وتوزيعهم الجيد على مختلف مساحات الملعب، وبالرغم من تلقي الخضر الهدف الأول إلا أن الجميع كان يحذوه أمل كبير بأن أحفاد الشهداء سيفعلونها، وكان لهم ما أرادوا، بعد تعديل النتيجة الذي جاء في وقت مناسب.
لينتهي الشوط الأول بالتعادل الذي طمأن الجميع. وفي الحقيقة فإن فترة الاستراحة كانت متنفسا للجميع من أجل الاسترخاء بعد الضغط الكبير الذي خلفته المقابلة على كل الجزائريين، ليبقى الجميع يتابع اللقاء بكل تركيز الى أن جاء الهدف الذي كان يبدو قاتلا من الوهلة الاولى لصالح الفيلة الذين ظنوا أنهم حسموا الأمر لكن دعاء المناصرين بتعديل النتيجة لقي استجابة بعد تمكن بوغرة من إعادة الخضر من جديد لتتعالى صيحات "وان تو ثري فيفا لالجيري" الممزوجة بزغاريد النسوة التي كانت تنبعث من الشرفات ومن خلال الاحاديث التي كانت تدور بين المناصرين مباشرة بعد انطلاق أطوار الشوط الأول من الوقت الاضافي كانت تؤكد وللمرة الألف ايمان الجزائريين بقدرة محاربي الصحراء التغلب على الفيلة خاصة بعد تمكنهم من السيطرة على مجريات اللقاء، وفعلا تأكد ذلك بعد تسجيل هدف الفوز الذي كان إعلانا ببدء الاحتفالات رغم الاوقات الحرجة التي عاشها الجميع، فيما تبقى من الشوط الثاني ولم ينتظر الشباب نهاية المقابلة بل ارتأوا الالتحاق مباشرة بالساحات العمومية والشوارع للاحتفال بالتأهل التاريخي للخضر لتشهد مختلف المدن والشوارع تدفقا منقطع النظير للآلاف من الشباب والعائلات رغم تأخر الوقت وبرودة الطقس، ليتأكد مرة أخرى تعلق الجزائريين بفريقهم الوطني قائلين لكل عناصره "هكذا عهدناكم يا احفاد الشهداء".
للاشارة فإن الشاب يوسف وهو مهندس دولة في الالكترونيك ويدير مقهى انترنات كان قد مكننا من نقل أجواء الاحتفالات في وقت متأخر من ليلة أمس. فتحية ليوسف ومن خلاله الى كل جزائري.
المدية تخرج عن بكرة أبيها وتبايع الخضر وتعطيهم الولاء
"أشفيتم غليلنا وأسكتم أبواق الفتنة وأفرحتمونا ربي يفرحكم يا أبطال ونحن قادمون الى أنغولا"
خرج سكان المدية ببلدياتها 64 عن بكرة أبيهم فور انتهاء مقابلة الجزائر - كوت ديفوار ولم يستثن شارع من شوارع المدن الكبرى بالولاية إلا واكتظ عن آخره وتعذرت به حركة السير بعد أن ملأته جموع المبتهجين الذين كسروا هدوء الليل بأبواق السيارات وأصوات مكبرات الصوت التي انطلقت منها الاغاني الرياضية ورقص عليها الجميع الى الصباح، الغريب ان سيدات البيوت والعجائز نزلن الى الشوارع ابتهاجا بانتصار الخضر، وقد فضلت بعض بلديات الولاية ان تقيم أفراحا جماعية منظمة رقص الجميع فيها وغنى الى غاية الصبح بعد أن نفس عنهم هدف مجيد بوغرة في الدقائق الاخيرة من المقابلة، وكانت المراكز الصحية والمستشفيات قد استقبلت عدة حالات اضطراب صحي لأشخاص أصيبوا بارتفاع الضغط وانخفاض معدل السكري بالدم بالاضافة الى أولائك الذين يعانون من اضطراب في دقات القلب وذلك عقب هدف "الماجيك" بوغرة، والأغرب من كل ذلك أن واحدا من هؤلاء قد نقل الى أحد المراكز الصحية الواقعة في غرب الولاية بعد أن أحس بآلام حادة انتابته على مستوى القلب، وقد ذكر لي شقيقه أنه قضى بقية الشوط الاضافي من المقابلة على سرير المستشفى يتابع المقابلة بالهاتف على الرغم من الآلام الحادة التي كانت تنال منه الى نهاية المقابلة بتأهل الجزائر، فرفض إلا أن يصرخ بأعلى صوته وهو على السرير فرحا بتأهل المنتخب الوطني مضاعفا بذلك من آلامه. ومن جهة أخرى فقد توجهت جموع غفيرة الى بعض مقار الدوائر مطالبين بتسفيرهم الى أنغولا لمناصرة الخضر هناك وإعادة أفراح وتلاحم أم درمان، وأكيد أن أفراح "اللمدانيين" ستستمر الى أيام في ظل ما يشاع عن إقامة حفل ضخم على شرف المناصرين إذا تأهل الخضر الى النهائي وحازوا الكأس الافريقية .
مدينة تيزي وزو تهتز بمرور محاربي الصحراء للدور النصف النهائي بعد ترويض الفيلة بثلاثة أهداف لهدفين
اهتزت، ليلة أمس، مدينة تيزي وزو على وقع هتافات الآلاف من مناصري الخضر الذين غزوا مختلف شوارعها وأزقتها مباشرة بعد إعلان الحكم على نهاية المباراة المضنية التي قادها محاربو الصحراء بكل جدارة واستحقاق، ضد فريق فيلة كوت ديفوار والتي خرج منها الفريق الوطني الجزائري متأهلا إلى الدور النصف النهائي بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين المناصرون الذين تابع أغلبهم المباراة على أعصابهم على الشاشات العملاقة التي نصبت على مستوى مختلف أركان المدينة بواسطة تقنية "الداتاشو"، رددوا طيلة ليلة أمس وإلى غاية ساعة متأخرة من الليل العديد من الهتافات الممجدة لفريق الخضر وللناخب الوطني رابح سعدان، وقد عرفت مختلف أرجاء وشوارع المدينة احتفالات عارمة وأجواء فرحة تعجز الكلمات التعبير عنها، فقد خرج الصغار والكبار للتعبير عن فرحتهم بتأهل المنتخب الجزائري، وقد أعطت زغاريد المئات من النساء والشابات والعجائز اللواتي خرجن برفقة أهاليهم وإخوتهم للشارع، رونقا جماليا رائعا زاد من نكهة التأهل إلى الدور النصف النهائي من كأس غاب عنها منتخبنا الوطني منذ 20 سنة، ولم تمض إلا خمس دقائق من إعلان الحكم على نهاية المباراة فتحولت الساحة المركزية لمدينة تيزي وزو إلى مسرح لحفل كبير ومهرجان فني، أشرفت على تقديمه فرقة من الشباب بواسطة بعض الآلات التقليدية كالبندير والمزمار وآلة الترومبيت أدوا مجموعة من الأغاني الخاصة بالفريق الوطني ورقص لها الصغار والكبار، هذا وقد استمرت هذه الأجواء بتوافد أعداد إضافية من المواطنين ومناصري الخضر بلمسة جمالية أنار بها المناصرون سماء مدينة تيزي وزو بالألعاب النارية والمفرقعات وبعض الشماريخ.
ليلة بيضاء بولاية تيبازة احتفالا بتأهل الخضر
بمجرد أن أعلن الحكم عن نهاية المباراة اكتظت شوارع مدن ولاية تيبازة احتفالا بتأهل الخضر الى الدور النصف النهائي لكأس افريقيا للأمم بعد ضغط نفسي رهيب فرضته أطوار مباراة مجنونة أداها محاربو الصحراء.
وكانت شوارع مدن ولاية تيبازة قبل انطلاق المقابلة بحوالي نصف ساعة قد شهدت انعداما كليا لحركة المرور، حيث استعد المواطنون رجالا ونساء لمتابعة المقابلة الواعدة التي جمعت الخضر والفيلة لحساب الدور الثمن النهائي لكأس افريقيا للامم الجارية أطوارها بأنغولا، غير أن ضغط المباراة دفع بذوي الاحساس الرهيف والمصابين بمرض ضغط الدم والسكري الى الخروج الى الشوارع تارة والعودة لمتابعة المباراة القوية التي خاضها رجال سعدان، وكانت الصيحات تتعالى من المنازل كلما دك مطمور ورفاقه مرمى الفيلة بالاهداف الثلاثة التي أهلت الخضر الى الدور النصف النهائي للكان، وبمجرد إعلان الحكم عن نهاية المباراة حتى غصت شوارع المدن بالشباب وهم يهتفون والاعلام ترفرف على السيارات حتى ساعات متأخرة من الليل
"مازال مازال مازال المصاروة"
هي العبارة التي لم ينقطع أنصار المنتخب الوطني ببوسعادة عن ترديدها بعد إعلان الحكم السيشيلي إيدي مايي نهاية المباراة بتأهل أكثر من مستحق لرفقاء زياني الى الدور النصف النهائي، الذي قد يواجهون فيه الفراعنة.
خرج إذن جميعهم حتى النسوة والعجائز والشيوخ واحتفلوا رغم أن الوقت كان متأخرا، وهم يفاخرون بعناصر الفريق الوطني والطاقم الفني ورئيس الاتحادية ورئيس الجمهورية، وطالب أنصار المنتخب الوطني ببوسعادة بحصتهم من تذاكر التنقل الى كابيندا لمؤازرة الخضر مثلما فعلوه من قبل في أم درمان، وخاصة المناصر الوفي عبد القادر بنانة الذي قال إنه سيتنقل الى كابيندا ولو على الأقدام.
الخضر كسروا عادات وأعراف الجنوب
نساء الجنوب في الشارع بدون "حايك"
على غير العادة خرجت المئات من نساء الجنوب الكبير إلى الشارع للتعبير عن فرحتهن بفوز الخضر بثلاثية نظيفة، وهي المشاهد الرائعة التي رصدت في غرداية، الوادي، ورڤلة، إليزي، تمنراست، أدرار وغيرها من ولايات الصحراء الشاسعة، وصولا إلى حدود مدينة جانت الساحلية، حيث لم تجد المرأة الصحراوية من وسيلة للفرحة سوى الانتفاض إلى خارج البيت في صور نادرة لم نشهدها سوى بعد الاستقلال، كما أنست الفرحة العارمة التي ملأت شوارع الجنوب النساء والشابات الأعراف بعد أن تجردن من "الحايك" و"الغنبوز" وخرجن بملابس المنزل مع تغطية الرأس، وعبرت العديد منهن للشروق اليومي عن نسيان كل شيء من أجل الخضر والترويح عن النفس بعد سنوات من الدماء والدموع، فيما عبرت أخريات بالقول »والله لم نشعر بما صنعنا في أنفسنا والحمد لله المرأة الجنوبية محتشمة حتى في بيتها حيث لم نفكر في الخروج دفعة واحدة للشارع وتغطية "الرأس تكفي"« في إشارة واضحة للبهجة التي صنعت ألوان يعجز اللسان عن وصفها.
في وقت تعالت الزغاريد مباشرة بعد المواجهة التاريخية للفريق الوطني مع نظيره الإيفواري، والتي أسفرت بتأهل المنتخب الجزائري إلى المربع الذهبي لكأس أمم إفريقيا الجارية بأنغولا، وغصت المسالك الرئيسية والساحات العامة بالعديد من الشباب والمراهقين وحتى الكهول والشيوخ، تطغى عليهم الألوان الثلاثة للراية الوطنية، منها ما حملته الأيادي، ومنها ما تم تثبيته على السيارات والدراجات، ومنها ما علّق في الأعمدة والمنازل..، تهتف حناجرهم باسم الوطن والفريق ونجومه، رغم برد ليالي الشتاء. منظر لا يضاهيه إلا احتفال يوم النصر على فرنسا يقول أكثر من مناصر.
وجاءت فرحة سكان الجنوب بعد أن خيّم على المدينة هدوء مخيفا، في أجواء رهيبة شبيهة بوقت الإفطار في شهر رمضان الفضيل، أثناء سير المقابلة التاريخية حيث توقفت الحركة في الشوارع، وشدت أنفاس الجميع
ولا تزال الأفراح مستمرة، وهو ما يصر عليه الجمهور هنا، لمؤازرة فريقهم لما تبقى له من مواعيد، للظفر بالسيدة الكأس، طالما أنه هزم الفيلة بنتيجة مستحقة وعن جدارة. وفي عاصمة وادي ميزاب خرجت آلاف من الجماهير يتقدمهم مشايخ غرداية بساحة مراكشي وهم يرددون الله أكبر الله أكبر النصر للوطن، بينما غطت البنايات الرسمية بالأعلام الوطنية التي وصلت أسعارها إلى مستويات جد قياسية، إذ تم بيع الراية الوطنية من الحجم المتوسط بحوالي 2000 دج في سوق الوادي، اذ حمل الشباب صور الفريق الوطني في سياراتهم ونادوا بحياة مطمور وبوغرة وبوعزة دون أن ينسوا الشيخ سعدان وامتدت الاحتفالات لتشمل عديد سكان قرية حزوة التونسية المجاورة لبلدية الطالب العربي الجزائرية ونادى التوانسة بحياة الجزائر وتونس والمغرب العربي، أما العمال الصينيون في قاعدتي الحياة لشركة "صينو هيدو" فقد انضموا للركب في صور مثالية لا تتكرر بمناطق الجنوب العميقة .