المتجوّل في شوارع العاصمة، وبالتأكيد في كل المناطق الأخرى من البلاد، يكون لاحظ الجو غير العادي الذي ساد بين الجزائريين في توقيت مباراة أمس الأول بين تونس والغابون لحساب مباريات كأس إفريقيا للأمم الجارية فعالياتها بأنغولا.
فقد حظي المنتخب التونسي باهتمام شديد من الجزائريين حتى أن غير المتابع للدورة، يخال له أن الأمر تعلق بخرجة أخرى من خرجات المنتخب الجزائري على الأراضي الأنغولية، بعد أن أضحى الخضر في الأشهر القليلة الماضية ظاهرة اجتماعية طالت كل الجزائريين باختلاف أعمارهم وطبقاتهم.
وبدت مظاهر الاهتمام بالمباراة للعيان في كل شارع وحي بطول الجزائر وعرضها، نظرا لحالة الحب الذي يكنه الجزائريون للتونسيين .
ولا يمكن لأي شخص يسير في الشوارع الجزائرية أن يخطئ أن حدثا كبيرا يجرى مساء الأحد، فالشوارع المزدحمة أضحت خالية، وكثيرون سارعوا للعودة إلى منازلهم، حتى أن ملايين الجزائريين استعدوا لمشاهدة المباراة عبر الحجز مسبقا في المقاهي التي امتلأت عن آخرها.
فمن تبسة وقسنطينة إلى عنابة وسطيف مرورا بالبرج والبويرة والعاصمة إلى البليدة، الشلف، وهران وتلمسان لم يكن أي مجال للتجوال لأن الأمر يتعلق بمباراة لمنتخب شقيق تجمعه روابط عميقة مع الجزائر وهو ما جعل الكل يتسمر أمام شاشات التلفزيون لمناصرة أسود قرطاج.
وعرفت أجواء المباراة حماسا كبيرا من الجزائريين الذين هتفوا بروح المثلوثي ورفاقه آملين في تحقيق فوز يمنح الثقة ويسمح للأشقاء بتحقيق قفزة للتأهل للدور ربع النهائي، ولم تكن تمر فرصة لمنتخب تونس حتى تجد الكل ينهض ويصرخ تماما مثلما يكون الأمر عندما يتعلق بمقابلات المنتخب الجزائري .
وعقب نهاية المباراة بالتعادل السلبي خيّم صمت مطبق في كامل الشوارع، وسادت حالة من التوتر على الجزائريين الذين لم يتقبلوا النتيجة النهائية، حيث تمنوا لو فاز أشبال البنزرتي بنقاط المباراة حتى تكون الفرحة كاملة في كامل ربوع بلدان المغرب العربي الذي تربط شعوبه علاقات أخوية جذورها راسخة في التاريخ .
ويمني الجزائريون أنفسهم أن يتمكن نسور قرطاج من الفوز بالمباراة الثالثة التي تجمعهم أمام منتخب الكاميرون حتى تكون تأشيرة التأهل للدور المقبل وسيسندونهم بالتأكيد في المباراة الأخيرة ضد الأسود غير المروّضة.
وتكرّرت المشاهد ذاتها أمس بمناسبة لقاء الخضر وأنغولا والأكيد أن نفس الأجواء سادت تونس وذات المشاعر تقاسمها التونسيون مع أشقاءهم الجزائريين، مثلما نحن متأكدين أن الأمر تعدى إلى بقية بلدان المغرب العربي، لتؤكد كأس الأمم الإفريقية مرة أخرى أن كرة القدم قد نجحت في توحيد مغرب الشعوب بعد أن ظل اتحاد السياسيين مجرد مؤسسات وبنايات بدون روح .