عيون بين الخبايا ..!
بين مدلهمات الحياة ..
بين أنقاضها المتقلبة ..
بين خباياها التي سترت العيون الحقيقية التي لابد لنا من أن نرعاها..
عيون قل من رأى بها في دنياه ..
وأشعل فتيل الرضا والتسامح ..
1
.. عين إحسان الظن ..
هذه العين التي يفقدها الأغلبية في هذا العصر ..
وكاتب هذه الحروف هو أولهم ..
تجد التفسيرات الشيطانية تعمل عندما يكون موقف مباغت للنفس ..
إما استنقاص للذات أو سلب منفعة ..
فحينها ..!
تشوط من الغضب ..
وتاخذك رياح سوء الظن في هوة الغواية ..
وتردي بك دون أن تشعر بها ..
وتغضب على الطرف الآخر ..
وهو في بعض الأحيان لا يعلم ما يجري في داخلك ..!
فلو أسقيت الروح منذ بداية المراد من نهر حسن الظن ..
وتركتها تغوص في أعماقه ..
لبرئ الغليل ..
وطابت النفس من مصابها ..
وجالت في ميادين الرحابة ..
وتصبح أنت حينها سيد نفسك ..
لأنك كبحت جماحها وقيدتها بحسن الظن ..!
2
الحب الحقيقي ..!
ما أجمل الحب إذا أطر بالحب في الله ..
وما أنداه إذا تشعب بالنفس ..
وغرس جذوره بك ..
فتصبح أنت وصاحبك تتنفسان من جسد واحد ..
تعيشان في كنف المعبود جل في علاه ..
تتآنسان بذكر رب البرية ..
يذكر كل منكم صاحبه ..
يبصره إن أخطأ ..
وينصحه إذا أذنب ..
ويقويه إذا فتر ..
ويشجعه على أداء مقصوده ..
يصبحان كقول الشاعر :
إنما أنت أنا لكنما ..
وضعت أرواحنا في جسدين ..
أنت مني عضدي بل ربما ..
في مقام الرأس مني واليدين ..
ولكن البعض فهم من هذا الحب معناً آخر ..
سخره من أجل ملذات شهوانية ..
يصبح كالحيوان طبعا لا خلقا ..!
لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ..
دميم الخَلْقِ والخُلُق ..
متهجم على ملذ وطاب لنفسه ..
فقط من أجل أن يفعل ما يريد ..!
يجعل نفسه تسير في غبار منتشر ..
يؤذي الصدر أولا ..!
ومن ثـَمَّ يؤذي النفس ..
فإن كنت من أصحابه يا حبيب ..
فاحذر ..!
فقد تجرفك سيوله المميته .....!
3
الحلم والصبر ..
خلقان جل أن تلقاهما في الرجال ..
فهما كظل شجرة وارفه ..
تسترك عن لهيب الشمس ..
وتسقط عليك من ثمارها ما الله به عليم ..
خلقان عظيمان ..
كانت من أبرز أخلاق الأنبيء والأصفياء ..
دون لهما الحكماء حروف شتى متناثرة ..
قد ظيعتها بعض الأنفس ..
وتركتها تسري مع مجالات الحياة ..
فقصص أصحابها تترى ..
ومنها :
كان ذات مرة شخص يعرف برحابة الصدر والحلم والصبر ..
قعد ذات مرة في مجلس ..
وكان في هذا المجلس بعضا ممن غشي على عقولهم ..
وفي المقابل ..
يوجد رجل شديد الغضب ..
فإن وقت ذبابة على أنفه ..
قتلها على حين لحظة ..
( فتساسر ) رجلان من الحمقى الذين غشي على عقولهم ..
فقال أحدهم لصاحبه ..:
يا فلان ..!
إني أريدك أن تصفع فلان ( صاحب الحلم والصبر ) صفعة تدلي بها رأسه ..!
فقال له الصاحب : وإن فعلت ماذا لي ..؟
قال : لك كذا من الدراهم ..
فذهب هذا الأبله لصاحبنا صاحب الأخلاق الحميدة وصفعه على وجهه ..
فنظر صاحبنا في هذا الأبله وقال له : ما تريد ..؟
قال : ألست أنت صاحب الصبر والحلم الذي يتحدث عنك الناس ..؟
قال : لا ..
فتفاجأ الأبله وقال : أينه إذاً ..؟
قال : ذاك هو ..
وأشار إلى الرجل السريع الغضب ..
فذهب هذا الأبله إلى الرجل السريع الغضب وصفعه على وجهه ..
ففي لحظتها قام الرجل الغضوب واستل سيفه وقتل الرجل المسكين الأبله ..!
فالحلم والصبر دواءان لأصحاب القلوب الغضوبة ..
واسألوا من جرب هذان الدواءان وما حصل لهما من تغير ..!
ولنا في رسول الله إسوة حسنة ..
آذوه المشركون ولم يأبه بهم ..
وكان يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ..!
ـ صلى الله عليك يا رسول الله ـ
فإن أردت الحلم فاصبر على الغضب ..
وياتيك الحلم ويقرع باب أخلاقك ..
ويدخل ويعيش معك دون مقابل ..
فاللهم أرزقنا هاتين الصفتين ..
أخيرا ..!
هناك عيون شتى جميلة في حياتنا ..
ولكن لا نراها ..!
لأن الزمان قد دفنها في ثرى الأيام ..
فانبشها بالعزم ..
ولا تقنط ..
لأنك لا محاله سوف تصل إلى مرادك ..
.. إنتهى ..