منتديات بعزيز التعليمية

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتديات بعزيز منكم واليكم

اذا كنت غير مسجل يشرفنا ان تقوم بالتسجيل وذلك بالضغط على زر "التسجيل"

واذا كنت مسجل قم بالدخول الان وذلك بالضغط على زر"الدخول"


مع تحيات ،، اداره منتديات بعزيز منكم واليكم

منتديات بعزيز التعليمية

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتديات بعزيز منكم واليكم

اذا كنت غير مسجل يشرفنا ان تقوم بالتسجيل وذلك بالضغط على زر "التسجيل"

واذا كنت مسجل قم بالدخول الان وذلك بالضغط على زر"الدخول"


مع تحيات ،، اداره منتديات بعزيز منكم واليكم

منتديات بعزيز التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


طريق الى الباكالوريا دروس | ملخصات | فلاشات | مذكرات | تمارين | مجلات | حوليات | امتحانات | نماذج | نتائج |حلول |
 
الجريمة والعقاب CuOT  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الجريمة والعقاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kaiser
عضو ملكي
عضو ملكي
kaiser


الجنس : ذكر

نقاط التميز : 1185

عدد المساهمات : 1013
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
الأوسمة : الجريمة والعقاب 12210
الجريمة والعقاب 510


الجريمة والعقاب Empty
مُساهمةموضوع: الجريمة والعقاب   الجريمة والعقاب Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:21 pm

مقـــدمــة:

إن ظاهرة الإجرام لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات قديما و حديثا، حيث قيل أن الجريمة حتمية بالنسبة للمجتمع و احتمالية بالنسبة للفرد، و لما كانت ظاهرة اجتماعية فهي تتطور من حيث طبيعتها و أشكالها بتطور المجتمعات البشرية، و السباق قائم على أشده بين محترفي الإجرام والعدالة حيث أن من تكنولوجيات الاتصال الحديثة التبادل السريع و الآلي للمعلومات و أصبح في متناول أي شخص الاتصال بمن يريد و في أي نقطة من كوكب الأرض مما سهل تعاون المجرمين و مكنهم من تكوين شبكات تنشط في كل أرجاء المعمورة.

كما أن التطور الهائل الذي عرفته وسائل النقل و التجهيزات الخاصة بالتصوير و النسخ و الطباعة استخدم من طرف المجرمين في التزوير و التقليد بطرق غير مشروعة فالمجرمون لا يتورعون في استغلال ما تتيحه التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات لممارسة نشاطاتهم الإجرامية.

و لمواجهة هذا التطور المتسارع لظاهرة الإجرام و أشكاله كان لزاما من تعديل القوانين لمكافحته، كما أن التعاون بين الدول و المنظمات الدولية و الإقليمية ذات الصلة أصبح لا مناص منه للتصدي للإجرام و مواجهته.

و بالمقابل فان العقاب هو الآخر يخضع لمبدأ التطور كما تخضع له الجريمة، فقد كان الهدف من العقاب هو الانتقام فقط، ثم أخذ مفهوما أخر في العصر الحديث و أصبح هدفه هو تحقيق الإصلاح و التأهيل، و ذلك بتقسيم العقوبات و تصنيفها بما يتلاءم مع طبيعة كل مجرم وخطورة الفعل الذي اقترفه ،فوجدت العقوبات السالبة للحرية و العقوبات المالية و العقوبات التكميلية تكمل العقوبات الأصلية وادخلت اليات لتجسيد فعاليتها.

ومن هنا تتجلي أهمية هده الدراسة التي سوف نحاول من خلالها إبرازآلـيات مكافحة الجريمة و تصنيفاتها و مدي فعاليـة الـعقوبات المقررة لهـا وفقا للإشكالية الآتية:

كيف صنف المشرع الجريمة ؟ و كيف تصدى لها ؟ و ما هي أصناف العقوبات و آليات تجسيدها و مدي فعاليتها؟

و قد تناولنا في هذا البحث البسيط الإجابة عن هذه الإشكالية معتمدين في ذلك المنهج التحليلي ومبرزين الجانب القانوني دون الخوض في المسائل الفلسفية ، بالتركيز علي أهم التعديلات التي طرأت علي قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات والقوانين الخاصة وكذا قانون السجون .

و تحليلا لهده الدراسة عالجنا الموضوع في فصلين تطرقنا في الفصل الأول للجريمة مبينين في المبحث الأول ماهيتها وتصنيفاتها وفي المبحث الثاني الآليات المستحدثة لمكافحتها وفي الفصل الثاني فعالية العقوبة مبينين في المبحث الأول تقسيماتها و في المبحث الثاني آليات تجسيدها وفعاليتها.


خـطـة الـبـحـث



مقدمة

الفصل الأول: الجريمـة

المبحث الأول: ماهية الجريمة و تصنيفاتها

المطلب الأول: ماهية الجريمة

المطلب الثاني: تصنيفات الجريمة

المبحث الثاني: الآليات المستحدثة لمكافحة الجريمة

المطلب الأول: الآليات الإجرائية.

المطلب الثاني: الآليات الموضوعية



الفصل الثاني: فعاليـة العقــاب

المبحث الأول: تصنيف العقوبات و فعاليتها

المطلب الأول: العقوبات السالبة للحرية و فعاليتها

المطلب الثاني: العقوبات المالية و فعاليتها

المطلب الثالث: العقوبات التكميلية و تدابير الأمن و فعاليتها

المبحث الثاني: آليات تجسيد العقاب و فعاليتها

المطلب الأول: القاضي

المطلب الثاني: المؤسسات العقابية

الخاتمة






الفصـــل الأول: الجــــريمـــة


إن الدور الحاسم في مكافحة الجريمة علي مختلف أشكاله، و المرتبط بحكم الضرورة بالتطور الهائل في أنماط الإجرام و وسائل استعماله أدي إلي البحث علي استراتيجيات حديثة للتصدي له، بتبني مناهج علمية مدروسة في التعامل مع الظواهر الإجرامية في الإطار الدولي.

و ذلك عن طريق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالظاهرة الإجرامية كظاهرة دولية لم يعد يقتصر أثرها في حدود جغرافية معينة أو علي المستوي الداخلي للدول.

و المشرع الجزائري علي غرار معظم الدول، قد تبني هذه الاستراتيجيات سواء في إطار الوقاية، أو في إطار المكافحة تماشيا مع الاتجاهات الدولية المعاصرة لمحاربة الجريمة باعتبارها مفهوم غير محدد و إيجاد تصنيفات لها.


المبحث الأول: ماهية الجريمة وتصنيفاتها

اجتهد علماء الاجرام في تحديد مفهوم معين للجريمة ،الا انهم لم يتفقوا على تعريف موحد لها، اذ ان كل مذهب عرفها بحسب وجهة نظر المدرسة التى ينتمي اليها،وكذلك الحال بالنسبة لتصنيفات الجريمة فتعددت بتعدد معايير تصنيفها.

المطلب الأول: ماهية الجريمة

الجريمة بوجه عام هي كل عمل غير مشروع يقع على الإنسان في نفسه أو ماله أو عرضه أو على المجتمع ومؤسساته ونظمه السياسية والاقتصادية.

ولقد اهتم العلماء بتعريف الجريمة لتحديد ما ينطبق عليه وصف المجرم فانشغلوا في التعريف باختلاف تخصصهم.

وهكذا يرى علماء النفس بأن الجريمة هي تعارض سلوك الفرد مع سلوك الجماعة، ومن ثم يعتبر مجرما الشخص الذي يقدم على ارتكاب فعل مخالف للمبادئ السلوكية التي تسود في المجتمع الذي ينتمي إليه.

في حين يرى علماء الاجتماع بأن الجريمة هي التعدي أو الخروج على السلوك الاجتماعي ومن هنا تعتبر جريمة كل فعل من شأنه أن يصدم الضمير الجماعي السائد في المجتمع فيسبب ردة فعل اجتماعية.

ومن جهة أخرى يرى علماء الدين بأن الجريمة هي الخروج على طاعة الله ورسوله الكريم وعدم الالتزام بأوامره ونواهيه.

وما يحول سلوك الشخص الى فعل مرفوض اجتماعيا هو النص القانوني الذي يحدد عناصر الجريمة والعقوبة المقدرة لها ومنه نصل إلى تعريف الجريمة في القانون بأنها كل عمل أو امتناع يعاقب عليه القانون بعقوبة جزائية(1).

وتجدر الإشارة أن التشريع الجزائري لم يأت بتعريف للجريمة، وإذا كانت التعريفات السابقة تعبر عن موضوع الجريمة في الحياة الإنسانية والاجتماعية فإنه ينقصها عنصر حاسم يفصل بين الفعل المرفوض اجتماعيا الذي يسبب عقابا جزائيا.

و قد تلتبس بالجريمة الجزائية ببعض المفاهيم المشابهة لها كالخطأ المدني والخطأ المهني وهو ما سوف نبينه.

الفرع الأول: تمييز الجريمة عن الخطأ المدني

تنص المادة 124 من القانون المدنيالجزائري على أن كل عمل أيا كان يرتكبه المرء بخطئه ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض، ويطلق على الفعل الضار المنصوص عليه في المادة المشار إليها الخطأ المدني ويستوجب التعويض. وتختلف الجريمة عن الخطأ المدني فيما يلي:

أولا: تهدف العقوبة الجزائية إلى حماية مصالح اجتماعية عامة، وتتحقق نتيجتها سواء بوقوع ضرر بمصلحة عامة أو خطر يهدد هذه المصلحة، أما الخطأ المدني فيهدف إلى حماية مصلحة فردية، وتعنى بالضرر الشخصي الذي يصيب الفرد، فجريمة السرقة مثلا تهدف إلى حماية حق الملكية في المجتمع بصفة عامة وليس حماية مال المجني عليــه



ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) د،احسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام، دار هومة،الطبعة الثالثة ،الجزائر 2006 ص25.

بصفة خاصة، والضرر الناتج عن جريمة السرقة هو ضرر عام يصيب المجتمع في جملته، ولهذا يجرّم الشارع مجرد الشروع في السرقة رغم عدم تحقق الاعتداء على مال

المجني عليه.(1)



ثانيا: تخضع الجرائم والعقوبات لمبدأ شرعية ، فالتشريع هو الذي يبين أركان كل جريمة وعناصرها، ويحدد العقوبة لمرتكبها، بينما يكتفي القانون المدني بوضع قاعدة عامة لتحديد الخطأ المدني مؤداه أن كل فعل خاطئ يسبب ضررا للغير يترتب عليه مسؤولية مدنية.

ثالثا: الركن الأساسي في الخطأ المدني، هو الضرر الذي يصيب الغير نتيجة الفعل الخاطئ، فلا تقوم المسؤولية المدنية إلا اذا تحقق الضرر للغير، بينما لا يعد الضرر الشخصي ركنا في الجريمة مع تصور تحققه في بعض الجرائم كالسرقة والنصب والقتل، دون البعض الآخر كالشروع والاتفاق الجنائي وحمل سلاح بدون ترخيص.

رابعا: معظم الجرائم تتوافر على قصد جنائي، بينما يكفي الخطأ غير العمدي لقيام المسؤولية المدنية.

الفرع الثاني: تميز الجريمة عن الخطأ المهني

الخطأ المهني هو إخلال بواجبات المهنة أو الوظيفة التي ينتمي إليها ، ويقرر لها القانون جزاءات تدل على عدم ثقة الهيئة بالشخص الذي ارتكب الفعل كالتوبيخ والإنذار والخصم من المرتب والإيقاف عن العمل، بينما الجريمة الجزائية فهي تعني إخلال الفاعل بواجباته الاجتماعية و المساس بمصالح المجتمع، فهي أهم شأنا وأخطر في أثرها على بنيان المجتمع، ومن ثم كانت العقوبات الجزائية أشد من الجزاءات الإدارية.

ومن ناحية أخرى لا تخضع الجريمة الإدارية لمبدأ الشرعية فلم يحصر المشرع الأخطاء المهنية التي تستوجب المسؤولية الإدارية،بل تركها للسلطة التقديرية للإدارة بينما تخضع الجريمة الجزائية لمبدأ الشرعية بحيث لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص .

وقد يكون الفعل الواحد جريمة جزائية وجريمة إدارية في آن واحد كما إذا اختلس موظف مالا مسلما إليه بسبب وظيفته، أو أتلف مستندا أو قبل رشوة، ففي هذه الحالات تتحقق الجريمة الجزائية و الجريمة الإدارية. (2)

المطلب الثاني: تصنيفات الجريمة

يمكن تصنيف الجرائم حسب معايير عديدة، فتنقسم الجرائم من حيث خطورتها إلى جنايات وجنح ومخالفات، ومن حيث زمن ارتكابها إلى جرائم وقتية وجرائم مستمرة، ومن حيث طبيعتها إلى جرائم عادية وجرائم سياسية، ومن حيث موضوعها إلى جرائم ايجابية وجرائم سلبية، ولعل أهم تصنيف للجرائم في الحياة العملية هو التصنيف بحسب الخطورة والتصنيف من حيث زمن ارتكاب الجريمة.



ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) د.عادل قورة: محاضرات في قانون العقوبات(القسم العام- الجريمة)،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،ص،22.

(2) نفس المرجع ص25.

الفرع الأول: تصنيف الجرائم من حيث خطورتها

تختلف أهمية الجريمة بصفتها اعتداء على الفرد والمجتمع بقدر الضرر الذي يلحق بهما أو بقدر الخطر الذي يشكله الفاعل على المجتمع والذي من شأنه تهديد كيانه ونظامه والأسس التي تقوم عليها مؤسساته، وبقدر أهمية الاعتداء بقدر شدة العقوبة.

واستنادا إلى ما سبق تعتبر الجرائم التي تقع على حياة الإنسان أخطر الجرائم وعلى رأسها جريمة القتل العمد وتأتي بعدها جرائم العرض ثم الجرائم ضد المال([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ومن ثم ظهرت الحاجة إلى اللجوء إلى معيار موضوعي يمكن اعتماده لتصنيف الجرائم حسب أهميتها فعمدت بعض التشريعات ومعها القانون الجزائري إلى اعتماد العقوبة كمعيار للتصنيف.

أولا: معيار التصنيف

صنف المشرع الجزائري في المادة 27 من قانون العقوبات الجرائم إلى ثلاثة أصناف: الجناية، الجنحة، المخالفة، معتمدا العقوبة المقررة لها قانونا كمعيار للتصنيف([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ومن ثم تعتبر جناية الأفعال المعاقب عليها بالعقوبات الجنائية وتعد جنحة تلك المعاقب عليها بعقوبات جنحية والمخالفة تلك المعاقب عليها بعقوبات المخالفات.

وقد حددت المادة 5 الفقرة الأولى ق ع العقوبات الأصلية في المواد الجنائية كالآتي: الإعدام، السجن المؤبد، السجن المؤقت لمدة تتراوح بين 5 و20 سنة.

وحددت الفقرة الثانية من ذات المادة العقوبات الأصلية في مواد الجنح كالآتي:الحبس مدة تتجاوز شهرين(2) إلى خمس(5) سنوات ما لم يقرر القانون حدودا أخرى، وغرامة تتجاوز20000 دج.

وحددت الفقرة الثالثة من ذات المادة العقوبات الأصلية في مواد المخالفات كالأتي: الحبس من يوم واحد إلى شهرين والغرامة من 2000 إلى 20000 دج.(2)



ثانيا: تقييم هذا التصنيف

لم يلق هذا التصنيف تأييدا كاملا من الفقه حيث انتقده بعض الفقهاء معتبرين انه تصنيفا اصطناعي لا يتفق مع الواقع ومع موضوع الجريمة، واقترحوا بدل التصنيف الثلاثي تصنيفا ثنائيا يميز بين الجرائم مهما بلغت عقوبتها وبين المخالفات وحجتهم أن الركن المعنوي يؤخذ بعين الاعتبار في الجرائم دون المخالفات.

لكن هذه الحجة غير مقبولة لأن المخالفات أيضا تشترط لقيامها توافر الركن المعنوي كما أن هناك جرائم لا تنطوي على قصد ومع ذلك تعد خطيرة كالقتل الخطأ.

ومع ذلك يجب أن نعترف بأن التقسيم الثلاثي للجرائم الذي اعتمده المشرع الجزائري لا يخلو من الصعوبة خاصة فيما يتعلق بمدة العقوبة التي تعتمد أساسا لإجراء التصنيف بين الجنايات والجنح، فقد يحصل أن يقرر القانون عقوبة تفوق 5 سنوات، ومع ذلك تبقى الجريمة جنحة، كما هو الحال بالنسبة لفعل الاختلاس.

وبوجه عام يتم التمييز بين الجناية والجنحة بحسب ما إذا كانت العقوبة المقررة لها قانونا هي السجن ﴿réclusion﴾ أو الحبس ﴿ emprisonnement﴾ بحيث تكون الجريمة جناية في الأولى وجنحة في الثانية.

كما انه من الجائز أن تكون العقوبة المحكوم بها في الجناية أقل من 5 سنوات حبسا في حالة إفادة المتهم بالظروف المخففة عملا بأحكام المادة 53 ق ع حيث بالإمكان النزول بالعقوبة إلى 3 سنوات حبسا إذا كانت العقوبة المقررة جزاء للجناية هي السجن المؤقت.

وهنا يثار التساؤل حول ما إذا كانت الجريمة في هذه الحالة تبقى جناية أم أنها تتحول إلى جنحة؟ أجابت المادة 28 ق ع على هذا التساؤل بنصها على أنه˝ لا يتغير نوع الجريمة إذا أصدر القاضي فيها حكما يطبق أصلا على نوع آخر منها نتيجة لظرف مخفف للعقوبة...˝.

وقد أيد القضاء الجزائري هذا الاتجاه في عدة مناسبات حيث قضى بان الجريمة تبقى جناية وأن تحولت عقوبتها بفعل الظروف المخففة إلى عقوبة جنحية([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وإذا نزلت محكمة الجنايات بالعقوبة السالبة للحرية إلى أقل من خمس سنوات بفعل الظروف المخففة تعين عليها الحكم بالحبس وليس بالسجن، وهكذا أصدرت المحكمة العليا قرارا نقضت فيه حكما صدر عن محكمة جنايات قضت على متهم بارتكاب جناية بأربع سنوات سجنا بعدما أفادته بظروف التخفيف.

ومما جاء في قرار المحكمة العليا أنه ˝ما دام أن محكمة الجنايات نزلت بالعقوبة ضمن نطاق العقوبة المقررة للجنحة كما هو منصوص عليه في المادة 5 ق عقوبات، كان عليها أن تنطق بعقوبة الحبس وليس السجن كما فعلت([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) .

ثالثا: الفائدة من التصنيف

لتقسيم الجرائم إلى جنح وجنايات ومخالفات فوائد من وجوه عديدة أهمها من حيث الاختصاص و من حيث الإجراءات و من حيث أصل الحق.

بالنسبة للاختصاص

تختص محكمة الجنايات دون سواها بالنظر في قضايا الجنايات، ويختص قسم الجنح بالمحكمة بالبت في قضايا الجنح، ويختص قسم المخالفات بالمحكمة بالفصل في قضايا المخالفات.

غير انه كثيرا ما تلجأ النيابة العامة إلى إعادة تكييف بعض الجنايات إلى جنح لاعتبارات عديدة أهمها التخفيف على محكمة الجنايات نظرا لتكدس الملفات الجنائية، وهذا ما اصطلح على تسمية سياسة التجنيح: Politique de correctionnalisation.

وإذا كانت هذه الممارسات القضائية تتم على هامش الشرعية فإن ما تعود به من فوائد عملية جمة يشفع لها عيوبها.

بالنسبة للإجراءات

فيما يتعلق بالتحقيق القضائي، يكون التحقيق القضائي إلزاميا في الجنايات وجوازيا واستثنائيا في المخالفات ( المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية).

بخصوص إجراء تكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة، يجيز القانون للمدعي المدني اللجوء إلى إجراء تكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة في الجنح فقط حسب المادة 337 مكرر قانون الإجراءات الجزائية، وفي البعض منها فحسب: ترك الأسرة، عدم تسليم الطفل، انتهاك حرمة منزل، القذف، إصدار شيك دون رصيد.

وفي الجنح الأخرى ينبغي الحصول على ترخيص من النيابة العامة للقيام بالتكليف المباشر.

أما فيما يخص إجراء التلبس، يجيز القانون للنيابة العامة متابعة المتهم المتلبس بالجريمة وإحالته إلى المحكمة حسب إجراء التلبس في الجـنح فقط طبقا للمادتيـن 59 و338 ق إ ج، وليس في كل الجنح، ذلك أن المادة 59 ق إ ج لا تسمح بتطبيق إجراء التلبس في جنح الصحافة والجنح ذات الصبغة السياسية والجرائم التي تخضع المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاصة والجرائم المرتكبة من قبل القصر الذين لم يكملوا الثامنة عشرة.

أما فيما يخص المحاكمة، تكون المحاكمة في مواد الجنايات والجنح، وجوبا، وفي جلسات علانية، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لأسباب تخص النظام العام أو الآداب العامة.

أما في المخالفات فان المادة 392 مكرر ق إ ج تنص على حالات يبت فيها القاضي بأمر جزائي يصدره دون مرافعة مسبقة.

فيما يخص حق الدفاع، يكون حضور محام في الجلسة للدفاع عن المتهم بجناية وجوبا، فإذا لم يختر المتهم محاميا عين له رئيس الجلسة من تلقاء نفسه محاميا حسب المادة 292 ق إ ج ، أما في الجنح والمخالفات فإن حضور المحامي غير إلزامي.

أما فيما يخص طرق الطعن، يكون الاستئناف جائزا في كل الجنح وغير جائز في الجنايات و أيضا في بعض المخالفات كالأوامر الجزائية المادة 392 مكرر- 3 ق إ ج والمخالفات التي لا تتجاوز العقوبة المقررة لها 5 أيام وكذا المخالفات التي تصدر فيها أحكام بغرامة لا تفوق 100 دج المادة416- 2 ق إ ج.

بالنسبة للموضوع

فيما يتعلق بتقادم العقوبة، تتقادم العقوبة الصادرة في مواد الجنايات بمضي عشرين سنة كاملة حسب المادة 613 ق إ ج، وبمضي خمس سنوات كاملة في الجنح المادة 614 ق إ ج، وبمضي سنتين كاملتين في مواد المخالفات المادة 615 ق إ ج.

يبدأ سريان هذه المدد ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو القرار القضائي نهائيا.

أما فيما يتعلق بالشروع، يعاقب القانون في كل الأحوال على الشروع في الجنايات المادة 30 ق ع، ولا يعاقب على الشروع في الجنح إلا بناء على نص صريح في القانون المادة 31-1 ق ع ولا يعاقب على الشروع في المخالفة إطلاقا المادة 31- 2 ق .

فيما يتعلق بالاشتراك، يعاقب القانون على الشريك في الجناية أو الجنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة المادة44 الفقرة الأولى ق ع ، ولا يعاقب على الاشتراك في المخالفة على الإطلاق (المادة44 الفقرة الأخيرة).

أما فيما يتعلق بوقف تنفيذ العقوبة، هو جائز في المخالفات بدون قيد ولا شرط، ويشترط في الجنايات والجنح لتطبيقه إن لم يكن المتهم قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام ( المادة592 ق إ ج).(1)

الفرع الثاني: تصنيف الجرائم من حيث زمن ارتكابها

وتصنف إلى جرائم وقتية وجرائم مستمرة.

أولا: الجرائم الوقتية

يتكون النشاط الإجرامي فيها من فعل يقع في وقت محدود وينتهي بوقوع تمام الجريمة، وسواء كان هذا الفعل ايجابيا أم سلبيا، ومثال ذلك جريمة القتل إذ يتم النشاط الإجرامي بتوجيه الفعل الذي يترتب عليه وفاة المجني عليه، والسرقة إذ تتحقق بفعل اختلاس المال المملوك للغير.

ثانيا:الجريمة المستمرة

يتكون ركنها المادي من نشاط يحتمل بطبيعته أن يستغرق وقوعه فترة غير محدودة من الزمن، مثل إخفاء شيء مسروق أو متحصل من جناية أو جنحة، ففعل الإخفاء يمتد بطبيعته خلال فترة زمنية غير قصيرة (المادة 378 عقوبات)، وأيضا جريمة استعمال وثائق مزورة (المادة 222 عقوبات) فالنشاط الإجرامي فيها يمتد طيلة مدة الاستعمال ويستمر كلما احتج المتهم بالمحرر المزور وهو فعل يمتد بطبيعته في مدة زمنية غير محدودة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ثالثا: التفرقة بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة

يرجع إلى النشاط الإجرامي فإن كان يحتمل بطبيعة الاستمرار والامتداد طالما أراد الجاني فالجريمة مستمرة، أما إذا لم يكن يحتمل بطبيعته هذا الامتداد لجريمة وقتية حتى ولو استمرت آثارها ونتيجتها فإقامة بناء مخالف للمواصفات جريمة وقتية تتم بمجرد تشييد البناء مهما طالت مدة إقامة البناء المخالف للمواصفات دون هدم، ويطلق على هذا النوع ˝الجرائم الوقتية ذات الأثر المستمر˝.

رابعا: أهمية التفرقة بين الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة

للتفرقة بين هذين النوعين من الجرائم أهمية كبيرة في تطبيق القانون الجنائي نوردها فيما يلي:

* تطبيق القانون الجزائي من حيث الزمان: تقضي القاعدة العامة بسريان نصوص قانون العقوبات من لحظة نفاذه ولا تسرى على الأفعال التي تقع قبل سريانه. ولهذا فإن النص الجزائي الجديد ينطبق على الجريمة المستمرة مادامت حالة الاستمرار قائمة، بعكس الجريمة الوقتية التي وقعت وتمت في ظل القانون القديم، فلا يسرى عليها القانون الجديد حتى ولو استمرت آثارها إلى وقت نفاذه.

* تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان: يحتمل أن تخضع الجريمة المستمرة لعدة قوانين إذا استمر الفعل في دول مختلفة، أما الجريمة الوقتية فيغلب أن تتحقق عناصرها في إقليم دولة واحدة.

*من حيث الاختصاص المكاني (الإقليمي): قد تدخل الجريمة المستمرة في اختصاص عدة محاكم إذا تحقق استمرار النشاط الإجرامي في اختصاص أكثر من محكمة، بعكس الجريمة الوقتية التي تتحقق عناصرها غالبا في دائرة اختصاص محكمة واحدة.

*من حيث التقادم المسقط للدعوى العمومية: تتقادم الدعوى الجنائية في الجنايات بانقضاء عشر سنوات كاملة من يوم اقتراف الجريمة إذا لم يتخذ خلال هذه المدة إجراء قاطع للتقادم، وتتقادم الدعوى العمومية في الجنح بمضي ثلاث سنوات وفي المخالفات بمضي سنتين كاملتين من وقوع الجريمة المواد 7 و 8 و 9 من الإجراءات الجزائية، فإذا كانت الجريمة مستمرة فلا يبدأ تقادم الدعوى العمومية إلا من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار، لأنه في هذا الوقت فقط يمكن القول بأن الجريمة قد انتهت، أي اقترفت بتعبير المشرع، أما الجريمة الوقتية فيبدأ تقادم الدعوى العمومية بمجرد الانتهاء من النشاط الإجرامي الذي لا يستغرق وقتا، فلا يكون هناك فاصل زمني بين بداية النشاط الإجرامي وبدء التقادم.

*من حيث قوة الشيء المقضي فيه: يقصد بقوة الشيء المقضي فيه صدور حكم بات غير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية (المعارضة والاستئناف) و غير العادية(النقض) وبه تنتهي الدعوى العمومية ، ولا يجوز تحريكها مرة أخرى من أجل نفس الواقعة ، فإذا كانت الجريمة مستمرة فان قوة الشيء المقضي فيه تنصرف الى النشاط الإجرامي المستمر قبل صدور الحكم البات ، فلا يجوز إعادة محاكمة الجاني عن فترة نشاطه الإجرامي السابق على صدور الحكم البات ، حتى ولو كانت سلطة الاتهام والمحاكمة قد جهلت بعضه . أما ما يتلو الحكم البات من هذا النشاط الإجرامي فانه يكون له استقلالية بحيث يكون جريمة جديدة لم يفصل فيها الحكم البات ومن ثم يجوز تحريك الدعوى العمومية بشأنها. ولا تثور هذه الصعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية التي تتحقق خلال وقت محدود.(1)



















ــــــــــــــــــــــــــــ





(1) د،عادل قورة ،المرجع السابق .



المبحث الثاني: الآليات المستحدثة لمكافحة الجريمة

بناءا على تطور ظاهرة الإجرام وأساليب ارتكابه و نظرا للنقص الملحوظ في توفر الوسائل الشرعية والمادية لمكافحته بصفة عامة، وقصور الوسائل الكلاسيكية للبحث والتحري في مواجهة ظاهرة الإجرام بصفة خاصة، تم إدراج قواعد إجرائية وموضوعية جديدة، وذلك بإجراء تعديل على قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات بوضع إطار إجرائي وموضوعي خاص(1)، وتكييف التشريع الوطني مع الالتزامات المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر(2).



المطلب الأول: الآليات الإجرائية

جاء القانون رقم 06/22 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية المؤرخ في 20/12/2006، بإجراءات جديدة تخص طائفة معينة من الجرائم محددة على سبيل الحصر، وهذه الإجراءات تتعلق خصوصا بتمديد الاختصاص، واستحداث وسائل جديدة للبحث والتحري، والمتمثلة في اعتراض المراسلات والتقاط الصور وتسجيل الأصوات، والتسرب.

وهذه الجرائم هي جرائم المخدرات، والجريمة المنظمة عبر الحدود، والجرائم الماسة بالمعالجة الآلية للمعطيات، وجرائم تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف، سواء من حيث الاختصاص أو من حيث الإجراءات المستحدثة لمكافحة هذا النوع من الجرائم.



الفرع الأول: من حيث الاختصاص

جاءت المادة 16 مكررمن نفس القانون بأحكام خاصة لمعاينة الجرائم السابق ذكرها، بأن مدد المشرع اختصاص ضباط الشرطة القضائية عبر كامل التراب الوطني، في عمليات مراقبة الأشخاص الذين يوجد ضدهم مبررا مقبولا يحمل على الاشتباه بارتكابهم الجرائم المبينة أعلاه، أو مراقبة وجهة أو نقل أشياء أو أموال أو متحصلات من ارتكاب هذه الجرائم، أو التي قد تستعمل في ارتكابها(3).

ولكون العملية تتطلب مدة طويلة في التحقيق، فان المشرع الجزائري لم يحدد المدة المرخص بها لإجراء هذه العملية على الأشخاص، والأموال، والأشياء، وأخضعها فقط لموافقة وكيل الجمهورية المختص إقليميا، بصفته مدير للضبطية القضائية.





الفرع الثاني: من حيث وسائل البحث و التحري

أدخل القانون 22/06 في الفصل الرابع والخامس، وسائل حديثة أمام قصور الوسائل التقليدية لمكافحة هذا النوع من الجرائم،ويتعلق الامرباعتراض الصور والتقاط الصور وتسجيل الأصوات والتسرب.

أولا : اعتراض المراسلات و التقاط الصور وتسجيل الأصوات

جاءت التعديلات الأخيرة بتغييرات جوهرية تعتبر بمثابة بداية المنعطف الجديد في ـــــــــــــــــــــ

(1) الرائد بن بوسعيد الياس، اسالييب البحث والتحري الخاصة وإجراءاتها،محاضرة بمجلس قضاء معسكر.

(2) د،احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي الخاص،الجزء الأول، دار هومة،طبعة 2006، ص449 .

(3) د،احسن بوسقيعة، قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية، طبعة 2007،المادة 16 مكرر.

تقنيات الكشف والتحري عن الجريمة وإستراتيجية للتكيف مع تجدد الجريمة كظاهرة اجتماعية واقتصادية، فكما نشهد عولمة اقتصادية نشهد بالموازاة عولمة قانونية في مواجهة عولمة إجرامية، ولعل كثرة المعاهدات الدولية المنظمة للتعاون والتنسيق الدوليين لمكافحة الجريمة خير شاهد على ذلك(1).

ونظم المشرع إجراءات اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات و التقاط الصور كونها مسألة تمس بحقوق وحريات الأفراد وذلك بنص المادة 65 مكرر 5 من قانون الإجراءات الجزائية، غير أنها لم تحدد بالتفصيل أنواع المراسلات، وإنما أوردت مفهوما عاما لها فقط، فورد في نص المادة عبارة المراسلات السلكية واللاسلكية.

ويبدو أن المشرع قصد عدم الخوض في مسائل وتفاصيل تقنية متغيرة وفضل ترك المجال للقضاء لمواكبة التطورات التكنولوجية.

ومع ذلك فانه يفهم من عبارة المراسلات السلكية واللاسلكية، جميع الاتصالات سواء تعلق الأمر بالهاتف الثابت أو المحمول، إضافة إلى كل مراسلة تستعمل وسائط أو دعامات الكترونية.

كما خولت المادة أعلاه لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق المختص سلطة اتخاذ قرار الاعتراض عن كل مراقبة، وحددت المادة 65 مكرر07 شكل وبيانات إذن الاعتراض وتتمثل في:

1) تحديد الجريمة التي تبرر اللجوء إلى إجراء الاعتراض (الجرائم المتلبس بها والجرائم المنصوص عليها بالمادة 16).

2) تحديد الاتصالات المراد اعتراضها (تحديد الرقم الهاتفي المراد التصنت عليه مثلا ).

3) مدة صلاحية إذن الاعتراض أربعة أشهر قابلة للتجديد بنفس الشروط الشكلية والزمنية.

كما نظمت المادة 65 مكرر05 إجراءات تسجيل الأصوات والتقاط الصور في الأماكن الخاصة، خلافا لما يعرف بالمراقبة السمعية البصرية، التي تتم بالأماكن المفتوحة للجمهور، كالكاميرات العامة مثلا، وذلك بوضع أي ترتيب تقني من أجل التقاط او تثبيت أو بث الكلام المتفوه به من طرف أي شخص ودون موافقة المعني، وبواسطة إذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة ويكون الإذن الخاص بوضع أي ترتيبات تقنية ( كاميرات ،مسجلات...الخ).

لكن في الواقع فان استظهار هذا الإذن للمعني بالأمر، يجعله عديم الفعالية، وذلك لان الشخص المراقب يصبح علي علم بالترتيبات التقنية المراد وضعها، هذا الأمر الذي جعل القضاة في الواقع يلجؤون إلي إذن التفتيش الصوري الذي يمكنهم من وضع أجهزة المراقبة دون علم المعني بالأمر.

خلافا للتشريعات المقارنة التي قسمت إجراءات تسجيل الأصوات والتقاط الصور إلى نوعين وهي إجراءات كبرى تتطلب وضع أجهزة و ترتيبات أمنية داخل الأماكن المقصودة للعمل (نزل، غرفة، أماكن الهاتف في مؤسسة عقابية...الخ) ـــــــــــــــــــــــــ

(1) ناصر جبار ، سلسلة المداخلات حول تعديل الإجراءات الجزائية، مجلس قضاء معسكر.

وإجراءات لا تتطلب دخول الأماكن المقصودة بالعملية بل يكفي وضع الأجهزة على الجدران الخارجية و تسمى بالإجراءات الصغرى التي نص عليها القانون الألماني(1).

إن العمليات التقنية لإجراءات اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور تتم بواسطة تقنيات وأجهزة إلكترونية تتطلب تدخل تقنيين مختصين، حيث نظم المشرع هذه المسألة بالمادة 65 مكرر08 وسماها بإجراءات تسخير أعوان مؤهلين للتكفل بالجوانب التقنية للعمليات المذكورة في المادة 65 مكرر05.

لكن هذه المادة على عموميتها قد تخلق بعض المشاكل العملية بالإطلاع على التجارب الأجنبية فأنها تكون أحيانا باهظة التكاليف خاصة وأنها تدوم لمدة أربعة أشهر قابلة للتجديد.

كما أشارت المادة 65 مكرر09 ومكرر10 على شكل محاضر العمليات التقنية، ذكر تاريخ وساعة بداية العمليات والانتهاء منها، ووضع نسخ عن العمليات التي قام بها ضباط الشرطة القضائية بالملف.

ثانيا: التسـرب

جاء التعديل الأخير بإجراء جديد سماه التسرب، حيث عرفه على أنه قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة، لإيهامهم انه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف، وذلك في الجرائم المذكورة في نص المادة 65 مكرر05، كما يقوم ضابط أو عون الشرطة القضائية وبطريقة قانونية بالمراقبة والتحريات عن الأشخاص المشتبه فيهم بترخيص من القاضي المختص.

وتجدر الاشارة الي ان المشرع الفرنسي قد اشار من قبل الي هداالاجراء في قانون الاجراءات الجزائية تحت عنوان التسرب و الترصد الالكتروني بنص المواد 01 و 706 الفقرة 81و 87 و التي عددت الجرائم المعنية بهدا الاجراء بنص الفقرة73 من نفس المادة (2)

وقد سبق قانون مكافحة الفساد قانون الإجراءات الجزائية بالنسبة لأساليب التحري الخاصة، حيث أجازت المادة 56 منه اللجوء إلى أساليب تحري خاصة تتمثل أساسا في التسليم المراقب والترصد الإلكتروني والاختراق، وعلق المشرع اللجوء إلى هذه الأساليب على علم السلطة القضائية المختصة وهي غالبا النيابة العامة.

والجدير بالذكر أن قانون مكافحة الفساد اكتفى بتعريف التسليم المراقب دون باقي الأساليب ولا يختلف هذا التعريف عن التعريف الذي جاءت به المادة 40 من الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب الذي أشترط إذن وكيل الجمهورية، في حالة اللجوء إلى هذا الإجراء.

وأورد المشرع من خلال قانون 06/22 الشروط الخاصة بعملية التسرب سواء من حيث الأشخاص أو من حيث الإذن، فحددت المادة 65 مكرر12 من القانون أعلاه ــــــــــــــــــــــ

(1) انترنيت ،kleiner louschan griff .grober loushan griff .

(2) code de procédure pénale français

الأشخاص الذين يمكن لهم القيام بعملية التسرب وهم ضباط و أعوان الشرطة القضائية وتتم العملية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية.

كما يمكن للعون المتسرب استعمال هوية مستعارة دون أن يكون مسؤولا جزائيا في ارتكابه عند الضرورة الأفعال المذكورة بالمادة 65 مكرر14.

كما حدد القانون الشروط الخاصة بالإذن بالمادتين65 مكرر11 ومكرر15 كالآتي: 1) أن يكون الإذن مكتوبا و مسببا من طرف القاضي المختص.

2) نوع الجريمة التي تبرر القيام بعملية التسرب.

3) هوية ضابط الشرطة القضائية المنسق الذي تتم العملية على مسؤوليته.

4) أن تكون الجريمة محل البحث ضمن الجرائم المذكورة بالمادة 65 مكرر05 من قانون الإجراءات الجزائية.

وحددت مدة عملية التسرب بأربعة أشهر قابلة للتجديد فيمكن تجديد هذه العملية حسب مقتضيات التحقيق وبإذن كتابي، كما يمكن إيقاف العملية قبل انقضاء مدتها بأمر من القاضي الآذن، وفي حالة صدور أمر الإيقاف أو عند انقضاء المدة المحددة وفي غياب تمديد المدة يستطيع العون المتسرب مواصلة نشاطه طيلة الوقت الضروري لإيقاف مراقبته في ظروف تضمن أمنه بد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
kaiser
عضو ملكي
عضو ملكي
kaiser


الجنس : ذكر

نقاط التميز : 1185

عدد المساهمات : 1013
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
الأوسمة : الجريمة والعقاب 12210
الجريمة والعقاب 510


الجريمة والعقاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجريمة والعقاب   الجريمة والعقاب Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:25 pm

نصت عليه المادة 08/2 انه أمر جوازي تأمر به الجهة القضائية المختصة ويستفيد منه المستهلك والحائز من اجل الاستعمال الشخصي بشروط محددة وهي:

* ان يثبت بخبرة طبية متخصصة ان حالته تستوجب علاجا طبيا.

* صدور أمر من قاضي التحقيق او قاضي الأحداث بإخضاعه لعلاج مزيل التسمم(1).



الفرع الثاني: في جرائم التهـريب



من خلال دراسة أحكام قانون الجمارك، يتضح أن المشرع الجزائري تبنى كذلك أحكام خاصة تتماشى والاتفاقيات الدولية في هذا المجال، وهي الاتفاقية الدولية للتعاون الإداري المتبادل، قصد تدارك المخالفات الجمركية والبحث عنها وقمعها المعدة بنيروبي في 09 يونيو في سنة 1977، المصادق عليها بموجب المرسوم رقم 88/86 المؤرخ في 19 أفريل سنة 1988.

وكذا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 15 نوفـمبر سنة 2000 المصادق عليها بتحفـظ

ـــــــــــــــــ

(1) د، احسن بوسقيعة المرجع السابق ص 366 و 367.

بموجب المرسوم الرئاسي رقم 02/55 المؤرخ في 05 فيفري 2002، وذلك على غرار باقي الدول العربية، من أجل تطوير القواعد والإجراءات الجمركية بما يكفل مسايرتها لخطة التنمية الاقتصادية التي تنتهجها لتحقيق المعادلة الاقتصادية، نحو تطور تلك التشريعات(1).

1/ من حيث التجريم: المشرع الجزائري منذ تعديل قانون الجمارك، بموجب قانون المالية التكميلي 2005، أصبحت أعمال التهريب برمتها جنحا، وأضاف إليها الأمر05/06 المتعلق بمكافحة التهريب، وصف الجناية، وبذلك أصبحت أعمال التهريب موزعة بين الجنح والجنايات(2).

وبدراسة هذا النص التشريعي الجديد، يتضح في أحكامه لاسيما المادة 42 منه والتي ألغيت بموجبها المواد 326 ،327 ،328 من القانون 79/07، كما ألغيت المادة 173 مكرر من قانون العقوبات، حيث أصبحت أحكام جريمة التهريب تحكمها نصوص خاصة مرتبطة إلى حد ما بأحكام قانون الجمارك، في حين كانت مدرجة فيه(3).

2/ من حيث التدابير الوقائية

إن التشريع الجديد المتمثل في الأمر05/06، جاء بأحكام غير مألوفة لم يكن المشرع يعيرها اهتماما فيما سبق، فقد جاءت المادة 03 من هذا الأمر لتبين أهمية الوقاية واتخاذ التدابير المسبقة قبل الحديث عن العقوبات الجزائية الردعية، وذلك بمراقبة تدفق البضائع التي تكون عرضة للتهريب، وحصر البضائع القابلة للتهريب ومراقبة استيرادها أو تصديرها إلى غاية استهلاكها، ووضع إحصائيات دقيقة تتولاها الوزارات المعنية. وكذا وضع نظام للكشف عن مواصفات البضائع ومصدرها.

كما ورد في باب التدابير الواجب اتخاذها والمتمثلة في:

* تعميم نشر القوانين المتعلقة بحماية الملكية الفكرية.

* تعميم وسائل الدفع الالكتروني ( البطاقات المغناطيسية،المقاصات ،...).

وعلاوة على التحقيقات الابتدائية تجيز المادة 258 من قانون الجمارك في مجال البحث والتحري عن الجرائم الجمركية، منها على وجه الخصوص المعلومات والشهادات والمحاضر، وغيرها من الوثائق التي تسلمها أو تضعها سلطات البلدان الأجنبية في إطار التعاون الدولي، التي لم تبرز سابقا إذ تعتبر هذه الوسيلة طريقا آخر من طرق البحث عن الجرائم الجمركية، وفي هذا الإطار أبرمت الجزائر عدة اتفاقيات للتعاون المتبادل في مجال محاولة البحث ومكافحة الغش والتهريب، منها اتفاقيات مع المنظمة العالمية للجمارك في 09/06/1977 و مع باقي دول المغرب العربي(4).

3/ من حيث إشراك المجتمع المدني

إن ما يميز الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب، هو تلك الالتفاتة الجدية التي أبرزها من خلال إشراك المجتمع المدنـي في مكافحة الجريمة والوقاية من التهـريب ـــــــــــــــــــ

(1)المستشار فايز سيد اللمساوي واشرف فايز اللمساوي، موسوعة التهريب الجمركي، المجلة الكبرى دار الكتب القانونية، مصر ط 04 ص8.

(2) د،احسن بوسقيعة، المنازعات الجمركية، صنف 117/05 الطبعة الثانية در هومة، ص 174.

(3) نفس المرجع، ص 145.

(4) نفس المرجع، ص 174.

وذلك عـن طريق تعميم ونشر برامج تعليمية، و تربوية، وتحسيسية، حول مخاطر التهريب على الاقتصاد، والصحة العمومية، بواسطة تجمعات و ندوات وبرامج تعليمية تعدها وتتولها الجهات المدنية من الأحزاب و الجمعيات.

كما أن إسهام المجتمع المدني في إبلاغ السلطات العمومية، سيسهم لا محال في فرض احترام أخلاقيات المعاملة التجارية، و سيرقى بالثقافة الاستهلاكية للفرد الجزائري، وإن كانت أحكام القانون قد أحالت على التنظيم، لتجسيدها ميدانيا، مما يجعلها وسيلة بلا روح في غياب التنظيم(1).

ولتحفيز الكشف عن أفعال التهريب، فإن المشرع لم يكتف بإشراك المجتمع المدني، بل قرر تحفيزات مالية وغيرها، للأشخاص الذين يقدمون للسلطات المختصة معلومات من شأنها أن تؤدي إلى القبض على المهربين، وهو ما نصت عليه المادة 05 من الأمر السالف الذكر.

إن هذا التحفيز لم يكن إجراء سابق قبل صدور الأمر 05/06 ،إذ يعتبر بمثابة آلية مستحدثة تمكن و تحفز المواطن على تقديم المسـاعدة للسلطات العمومية مـن جهـة والتصدي لجريمة التهريب من جهة أخرى .

4/ من حيث الهيئات المستحدثة و دورها في مكافحة الجريمة

لقد تولى التشريع الجديد، في المواد 06 وما يليها إلى إنشاء هيئات لمكافحة التهريب، كالديوان الوطني لمكافحة التهريب كهيئة مستقلة، تتمتع بالشخصية المعنوية وضعها القانون تحت سلطة رئيس الحكومة، و حددت المادة 07 من الأمر 05/06 صلاحيته المتمثلة فـي:

* إعداد برنامج وطني لمكافحة التهريب و الوقاية منه.

* تنظيم جمع ومركز المعلومات والمعطيات والدراسات ذات الصلة بظاهرة التهريب.

* اقتراح التدابير التي ترمي إلى ترقية وتطوير التعاون الدولي في مجال مكافحة التهريب.

* وضع نظام إعلامي مركزي آلي مؤمن بهدف تقييم الأخطار من أجل الوقاية و كذلك المساهمة في ضمان أمن الشبكة اللوجيستية الدولية.

* التقييم الدوري للأدوات و الآليات القانونية وكذا الإجراءات الإدارية المعمول بها في مجال مكافحة التهريب .

* تقديم أي توصيات من شأنها المساعدة في مكافحة التهريب.

بالإضافة إلى استحداث لجان محلية، لمكافحة هذه الجريمة تتمثل مهامها أساسا في تنسيق نشاطات مختلف المصالح المكلفة بمكافحة التهريب، وقد أحالت المادة 09 فيما يتعلق بجوانب عمل هذه اللجان على التنظيم.

والإشكال أن المشرع الجزائري فيما يخص هذه الهيئات أو وسائل المكافحة جعلها حكرا على السلطة التنفيذية فلم يشر أبدا إلى إشراك السلطات الأخرى كالسلطة القضائية إلا في مجال الأحكام الجزائية.

ــــــــــــــــــــ

(1) القاضي، عبدلي الهوا ري، التعليق علي الأمر 05/06 سنة 2006.

5/ التعاون الدولي لمكافحة التهريب: نص المشرع في المادة 35 من الأمر 05/06 ،على إمكانية تبادل التعاون الدولي لمكافحة جرائم التهريب، فنصت المادة على أشكال التعاون الممكنة وصورها و إمكانية إقامة علاقات تعاون قضائي على أوسع نطاق ممكن مع الدول، بهدف الوقاية والبحث ومحاربة جرائم التهريب ،وفي نفس الإطار نصت المادة 36على أن تكون الطلبات المساعدة في مجال محاربة التهريب الصادرة من السلطات الأجنبية كتابية أو بالطريق الإلكتروني، كما نصت على إقامة تعاون تلقائي في حالة التهريب الذي يشكل تهديد خطير على الاقتصاد، أو الصحة العمومية، أو أمن الشبكة اللوجيستية الدولية، أو أي مصلحة حيوية لدولة أجنبية، ورغم كل هذه التطلعات ربط المشرع الجزائري أشكال التعاون سالفة الذكر بمبدأ أساسي وهو المعاملة بالمثل.



الفرع الثالث : في جرائم تبييض الأموال

تعتبر ظاهرة تبييض الأموال من الظواهر العالمية و التي رافق ظهورها ظاهرتي التطور العلمي التقني والعولمة، والتي ترتب عليها عولمة النظم المصرفية، فقابل ذلك مظهر سلبي تمثل في زيادة الظواهر الإجرامية، كجريمة تبييض الأموال وجرائم الفساد وغيرها.

وجريمة تبييض الأموال بصفة بسيطة هي إضفاء الصفة الشرعية على الأموال المستمدة من مصدر غير مشروع(1)، والمشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى واجهته بعض الصعوبات للحد من هذه الجريمة مثل:

1- إشكالية مدى فعالية مظاهر التعاون الدولي في الحالات التي تتحقق عناصر الجريمة في أكثر من دولة المتعلقة بأساليب و وسائل تعاون الدولة.

2- إشكالية تحديد الجريمة الأولية مصدر الأموال غير المشروعة.

وقد أضاف القانون 04/15 المعدل لقانون العقوبات قسما سادسا مكررا بعنوان تبييض الأموال، حيث حدد في نص المادة 389 مكرر معنى تبييض الأموال(2)،كما صدر القانون 05/01 في 06 فيفري 2001 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحته.

وقد صدر هذين القانونين لمسايرة اتفاقيات الأمم المتحدة، لمكافحة الإرهاب، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان ونصت هذه الاتفاقيات على تجريمه وأساليب الوقاية منه والتعاون الدولي لمكافحته.

أولا : من حيث التجريم

جريمة تبييض الأموال عالجها المشرع الجزائري من خلال النصيين السابقين، حيث تطرق النص الأول 04/15 لهذه الجريمة بصفة عامة، في حين تطرق النص الثاني إلى التدابير الوقائية، فشمل التجريم أوسع نطاق ممكن لصور جريمة تبييض الأموال، مستفيدا من تطور النصوص الدولية و المقارنة حتى شمل مجرد التحريض أو التسهيل أو حتى إسداء المشورة بشأن هذه الجرائم طبقا لنص المادة 389 مكرر فقرة د.

ــــــــــــــــــــ

(1) ا.امجد سعود قطيفان الخريشة، جريمة غسيل الموال دراسة مقارنة، دار الثقافة طبعة ،2006 ، ص2006 .

(2) ا، مخلوفي بغداد،الوقاية من تبيض الموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها،محاضرات ألقيت بمجلس قضاء معسكر 2005.



وما يمكن ملاحظته في هذا النص هو عدم معالجة للمسائل الإجرائية والتي عالجها النص اللاحق 05/01 كالإجراءات التحفظية من حجز وحراسة قضائية على أموال المتهم.

ثانيا: من حيث التدابير الوقائية

لتفعيل الرقابة من تبييض الأموال نص المشرع على آليات خاصة، تلعب فيها جميع الأطراف المعنية دورا هاما في كشف كل ما من شأنه المساعدة على مكافحة هذه الجريمة، ولعل أهم الأطراف الفعالة في هذا المجال:

1) البنك الجزائري من خلال عمله القانوني والرقابي من جهة وعمل ترشيدي وتحسيسي من جهة أخرى:

ا) العمل الرقابي: حددت المادتين 11-12 من القانون 05/01 المهام الرقابية للبنك عن طريق اللجنة المصرفية والمعاينات لمراقبة الوثائق عن طريق مفتش بنك الجزائر وحددت المادة 12 الإجراءات التأديبية التي يمكن أن تتخذ في حق البنوك التي يتبين في شأنها عجزا في اتخاذ الإجراءات الداخلية(2)والمتمثلة في:

* يجب أن يتم كل دفع يفوق مبلغا ماليا محددا بواسطة وسائل الدفع بواسطة القنوات البنكية والمالية و التأكد من هوية و عنوان الزبائن قبل فتح أي حساب.

* التحقق من أي عملية بنكية مشبوهة وتحرير تقرير سري لها يحفظ بالبنك (الإخطار بالشبهة).

* إرسال مفتشو البنك المركزي تقريرا إلى الهيئة المختصة كلما اكتشفوا عملية مشبوهة.

* يتعرض البنك للمساءلة التأديبية إذا ثبت عجزه في اتخاذ إجراءا الرقابة أو في مجال الإخطار بالشبهة.

* إنشاء هيئة متخصصة كخلية معالجة الاستعمال المالي حدد تنظيمها وعملها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 02/27، وقد حدد المادة 4 مهمة الخلية في مكافحة الاشتباه المتعلقة بكل عملية تمويل الإرهاب وتبييض الأموال بمعالجتها بكافة الطرق المناسبة، كما ترسل عند الاقتضاء الملف إلى السيد وكيل الجمهورية المختص إقليميا.

* العمل التحسيسي وهو المجال الذي ينبغي لبنك الجزائر أن يضطلع فيه بالدور الأهم وذلك باعتماد إستراتيجية تحسيسية وإرشادية لتنوير المحيط العام للعمل المصرفي حول خطورة جريمة تبيض الأموال ومحاربتها باعتماد وسائل حديثة والاستفادة من التجارب الدولية بتنظيم ندوات وأيام دراسية لذلك.

ثالثا: التعاون الدولي

مكن المشرع في هذا القانون الهيئة المتخصصة من الاطلاع لدى الدول الأخرى المتعاملة بالمثل التي تتوفر لديها حول العمليات التي يبدو أنها تهدف إلى تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب، كما يمكن أن يتضمن التعاون القضائي في طلبات التحقيق والإنابات القضائية الدولية وتسليم الأشخاص المطلوبين وبحث وحجز العائدات المتحصلة لتبييض الأموال وتلك المواجهة إلى تمويل الإرهاب قصد مصادرتها دون الإخلال بحقوق الغير حسن النية المادة 25 من القانون.

الفرع الرابع: في جرائم الفساد والجرائم المعلوماتية

1) في جرائم الفساد:

لقد اعتمد المشرع في جرائم الفساد، نفس الآليات السابقة الذكر حيث خصها بنص خاص وهو قانون الصادر بتاريخ 20/02/2006، تماشيا مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد المؤرخة في 31/10/2003، والتي صادقت عليها الجزائر في 19/04/2004، بموجب المرسوم الرئاسي رقم 04/82،(1) أو من حيث التدابير الوقائية التي جاءت في الباب الثاني من هذا القانون، متمثلة في شروط التوظيف، والتصريح بالممتلكات، وتسيير الأموال العمومية بصفة عامة أو من حيث مشاركة المجتمع المدني حسب المادة 15 من نفس القانون، أما فيما يخص الهيئات المستحدثة، فقد أنشأ هذا القانون الهيئة الوطنية للوقاية من جرائم الفساد ومكافحته، وبين مهام هذه الهيئة في نص المادة 20 من قانون 06/01، كما صدر المرسوم التنفيذي رقم 06/348 المتعلق بتمديد الاختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق وانشأ أربعة أقطاب قضائية على مستوى الوطن وهي الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، ورقلة، متخصصة بالنظر في قضايا الفساد فقط ، كما ان التعاون الدولي بالنسبة لهذه الجرائم يخضع إلى مبدأ عام وهو المعاملة بالمثل، وما يلاحظ على هذا القانون انه:

أولا : من حيث ضرورة سن قانون خاص

هل أن قانون العقوبات وهو النص الطبيعي عاجز على استيعاب مجمل الأعمال المجرمة لقانون الفساد، كان على المشرع الجزائري المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لكن ليس بالضرورة سن قانون جديد بل يكفي تعديل بعض أحكام قانون العقوبات على غرار بعض الدول مثل المشرع الفرنسي.

ثانيا : من حيث إلغاء وصف الجناية عن جرائم الفساد وتوقيته

هل كان لنزع الوصف الجنائي عن بعض صور جرائم الفساد ما يبرره؟ هل كان الوقت مناسبا لذلك؟

لا نعتقد ذلك خاصة وأن نزع وصف الجناية عن جرائم الفساد حصل في الوقت الذي شهدت فيه البلاد أكبر الفضائح المالية وما ترتب عنها من خسارة للخزينة العامة تقدر بمئات الملايير من الدنانير كقضايا "الخليفة" و"البنك الوطني الجزائري"، و"بنك الفلاحة و التنمية الريفية"، و"صندوق الاستثمار الكويتي الجزائري "...

وإن كان البعض يعيب على قانون العقوبات ربط وصف الجريمة بجسامة الضرر، فهذا النقد مردود على أساس أو الوصف في جرائم العنف مثلا مربوط هو الآخر بنسبة العجز وجسامة الضرر...

رابعا: من حيث أساليب التحري الخاصة

تنص المادة 56 من القانون 06/01 على ما يلي: « من أجل تسهيل جمع الأدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع أساليب تحر خاصة كالترصد الإلكتروني والإختراق، على النحو المناسب وبإذن من السلطة القضائية المختصة.

تكون للأدلة المتوصل إليها بهذه الأساليب حجيتها وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما».

ولدينا بعض الملاحظات حول هذا النص، أتطرق لها باختصار قبل شرح هاته الأساليب الخاصة وهي كالتالي:

لقد ساير المشرع حين نص على أساليب التحري الخاصة نص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية، وذلك بالنص على الترصد الإلكتروني والإختراق كالأساليب على سبيل المثال و ليس الحصر مما يساير القاعدة التي جاءت بها المادة 212 ق إ ج التي تنص على " أنه يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ماعدا التي ينص فيها على خلاف ذلك ".

* المادة 56 من القانون 06/01 ذكرت أساليب التحري الخاصة فنصت على التسليم المراقب الذي عند رجوعنا للمادة 02 من نفس القانون في الفقرة ك نجد مفهومه أما الترصد الالكتروني والاختراق فلم يقدم المشروع تعريفا دقيقا لهما و إجراءاتهما.

* لقد نص المشرع في المادة 56 على أن استعمال أساليب التحري الخاصة يكون بإذن من السلطة القضائية المختصة دون تحديدها إلا انه يفهم أن المقصود هو النيابة العامة أو قاضي التحقيق.

وبعد هذه الملاحظات حول المادة 56 من القانون 06/01 سوف نتعرض لهذه الأساليب الخاصة.

1 التسليم المراقب:

وهو الأسلوب الوحيد الذي قام المشرع بتعريفه دون باقي الأساليب فنص في المادة 02 فقرة ك على ما يلي: " التسليم المراقب: هو الإجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من الإقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة و تحت مراقبتها بغية التحري عن جرم ما و كشف هوية الأشخاص الضالعين في ارتكابه ".

وحسب تعريف التسليم المراقب يفهم منه أنه يستعمل خاصة في الكشف عن جرائم الفساد والتحري عن عائدات الجريمة خاصة إذا كانت عابرة للإقليم وهذا يستساغ من النص على هذا الأسلوب كذلك في قانون مكافحة التهريب.

2/ الاختـراق

لم يقم قانون مكافحة الفساد بتعريف هذا الأسلوب أو كيف تكون إجراءاته أو تسمية الجهة القضائية المختصة التي تأذن به إلا أنه يمكن أن يعرف حسب ما جاء في تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 06/22 بما يلي " قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتنسيق للعملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإتهامهم أنه فاعل أو شريك أو خاف "من جريمة الإخفاء" و يسمح لضابط أو عون الشرطة القضائية استعمال هوية مستعارة لهذا الغرض وأن يرتكبوا عند الضرورة الجرائم المذكورة ولا يجوز تحت طائلة البطلان أن تشكل هذه الأفعال تحريضا على ارتكاب الجرائم و يكون الاختراق بإذن من النيابة أو قاضي التحقيق ".

و يلاحظ أن قانون الوقاية من الفساد استعمال مصطلح الاختراق دون تعريف أو توضيح إجراءاته بينما قانون الإجراءات الجزائية اللاحق له استعمال مصطلح التسرب وبين إجراءاته والسؤال المطروح لماذا هذا الاختلاف في المصطلحات ( رغم وحدة المصطلح باللغة الفرنسيةInfiltration ) خاصة انه تم إصدار قانون مكافحة الفساد بتاريخ 20/02/2006 وتعديل قانون الإجراءات الجزائية كان لاحقا له بتاريخ 20/12/2006 فهل مدة عشر أشهر غير كافية للحفاظ على نفس المصطلح رغم حداثته؟

3/الترصد الالكتروني

قانون مكافحة الفساد لم يعرف هذا الأسلوب الخاص و تعديل قانون الإجراءات لم يزل هذا اللبس، إلا أنه بالرجوع إلى القانون المقارن خاصة القانون الفرنسي، نجد أن المشرع الفرنسي قد أدرج هذا الأسلوب في قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون المؤرخ في 19/12/1997 حيث قرن تطبيقه باللجوء إلى جهاز للإرسال يكون غالبا سوارا إلكترونيا يسمح بترصد حركات المعني والأماكن التي يتردد عليها.

وهنا نطرح سؤالا، ماذا قصد المشرع الجزائري في تعديله لقانون الإجراءات باستحداث أسلوب جديد للتحري يتمثل في اعتراض المراسلات والتقاط الصور وتسجيل الكلام؟ وهل ينطبق على ذلك بالترصد الإلكتروني.

2) جرائم المعلوماتية

لما كانت الحاجة ملحة في حماية المال ألمعلوماتي فقد استقر الفكر القانوني عـلي ضرورة وجـود نصوص خـاصة لهـدا الغرض ، فـقد تـم إبـرام الاتفاقية الدولي للمجلس الأوربي بـبودابسـت في 8/ 11/ 2001 ،وعالجت هده الاتفاقية ما يسمـي
بالإجرام السيبيري ،ويسمي أيضا جرائم المعلوماتية باللغة المتداولة بين رجال القانـون


وتتضمن هده الجرائم أربعة طوائف رئيسية لجرائم الكومبيوتر و الانترنت وهـي:

* الجرائم التي تستهدف السرية و السلامة للمعطيات والنظم وتضم الدخـول الغير قانوني (الغير المصرح به) والاعتراض الغير قانونـي، تدمـير المعـطيات واعتراض النظم وإساءة استخدام الأجهزة.

* الجرائم المرتبطة بالكمبيوتر وتضم: التزوير المرتبط بالكمـبيوتر، الاحتيـال المرتبط بالكمبيوتر.

* الجـرائم المرتبطة بالمـحتوي وهي الجرائم المـتعلقة بالأفـعال الإباحية واللااخلاقية.

* الجـرائم الـمرتبطة بالإخلال بحـق المؤلف والحقوق المـجاورة، قرصنة البرمجيات(1).

ولقد تأثر المشرع الجزائري بما أفرزته التطورات المذهلة لانظمة المعلوماتية واعتبر المساس بها جرائم أدرجها في القسم السابع مكرر من قانون العقوبات بموجب تعديـل 06/22 سماها جرائم المساس بأنظمة المعالجة الإلية للمعطيات.

ومن حيث الصعوبات الإجرائية التي تطرحها جرائم الكمـبيوتر والانترنت ان البعد الإجرائي لجرائم الكمبيوتر والانترنت ينطوي على تحديات ومشكلات كثـيرة عناوينها الرئيسية، الحاجة إلى سرعة الكشف خشية ضياع الدليل، وخصوصية قواعد التفتيش والضبط الملائمة لهده الجرائم، وقانونية وحجية أدلة جرائم الكمبيوتـر ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاتفاقية الدولية للمجلس الاوربي ، بودابست، 2001.

والانترنت، ومشكلة الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق، والحاجة إلـى تعاون دولي في حقل امتداد إجراءات التحقيق، والمـلاحقة خارج الـحدود، وهـذه المشاكل محل اهتمام كبير وطنيا ودوليا(1).

ومن حيث القواعـد المتعلقة بالتحـري والتحـقيق فنظرا لصعوبة الكشف عـلي هذه الجرائم، فقد خصها المشرع الجزائري بأحكام مستحدثة في تعديل قانون الإجـراءات الجزائية 06/22 التي يمكن تلخيصها في جواز التفتيش والمعاينة والحـجز في كـل محل سكني أو غير سكني حسب المادة 47 قانون الإجراءات الجزائية وجواز ذلك في كل وقت ليلا ونهارا، وتمديد الوقف للنظر مرة واحدة ان اقتضت الـحاجة الى ذلـك ليصبح في مجموعه 96 ساعة حسب المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية.















































































ـــــــــــــــــــــــ

(1) ا، خبابة عبد الله،محاضرات، الأشكال الجديدة للتجريم على ضوء الاتفاقيات الدولية، مجلس قضاء برج بوعرريج.

الفصـل الثـاني: فعـاليـة العقـــاب



تعرف العقوبة بأنها الجزاء الذي يوقع على مرتكب الجريمة لمصلحة الهيئة الاجتماعية، وفي نفس الوقت هي ألم يصيب الجاني جزاءا له على مخالفة نهي القانون وأمره، وهذا الألم الذي يصيب الجاني يكون إما في جسمه أو ماله أو حقوقه أو شرفه(1)، والألم ليس هو الغرض الوحيد المقصود من العقوبة، فالغرض الحقيقي من العقاب هو حماية مصالح الجماعة بتوطيد النظام الاجتماعي وهذا بمنع كل من تسول له نفسه المساس بنظام المجتمع، وكذا منع الغير من الإقتداء به وهو ما يعرف بالحماية العامة، والغرض الثاني فيؤخذ من زاوية الجاني نفسه وهذا بردعه وفي نفس الوقت إصلاحه وتأهيله، وهذان الأثران يجب العمل على تحقيقهما والتوفيق بينهما ولتحقيق هذين الغرضين فلابد من وجود عقوبات تحدد مسبقا بموجب قانون سابق على وقوع الجريمة.

ويقسم المشرع العقوبات عادة إلى عقوبات أصلية وعقوبات مالية وأخرى تكميلية كما يضع المشرع بعض التدابير بهدف الوقاية مسبقا وهي ما تعرف بتدابير الأمن، ولتحقيق الغرض من العقوبة لابد من وجود آليات ووسائل لتجسيد وتنفيذ العقاب وهذه الآليات تبدأ من المشرع ثم القاضي وتنتهي بالمؤسسات العقابية وهذا ما ستتم معالجته في هذا الفصل تحت عنوان فاعلية العقاب بالتطرق في المبحث الأول إلى أنواع العقوبات بصفة عامة وفي المبحث الثاني إلى آليات تجسيد العقاب وفعاليته.









































ــــــــــــــــــــ

(1) أ. جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الخامس، الطبعة الثانية، دار العلم للجميع، بيروت بدون تاريخ، ص07.





المبحث الأول: تصنيف العقوبات وفعاليتها



لقد حدد قانون العقوبات الجزائري بموجب الأمر رقم 66/156 سلم العقوبات في المادة 05 منه بدءا من الإعدام وإنتهاءا إلى الغرامة وتطرق في المادة 9 والمادة 19 إلى العقوبات التكميلية وتدابير الأمن، وتصنف العقوبات تبعا لدرجة الجريمة المرتكبة إلى عقوبات سالبة الحرية وعقوبات مالية وعقوبات تكميلية، ولكل عقوبة من هذه العقوبات درجة من القوة و الفعالية وهو ما سوف نبينه في هذا المبحث.



المطلب الأول: العقوبات السالبة للحرية وفعاليتها



إن العقوبات السالبة للحرية متعددة الأشكال وإن كانت جميعها تشترك في خاصية واحدة هي حرمان المحكوم عليه من حق التنقل إذ تفرض عليه الإقامة في مكان محدد وحرمانه في نفس الوقت من ممارسة حريات شخصية عديدة كحق الاتصال بالغير(1).

فالعقوبات السالبة للحرية هي تلك العقوبات التي تهدف إلى حرمان الشخص من الحرية، ويعد هذا النوع من العقوبات هو أشد العقوبات في وقتنا الحالي حيث حلت هذه العقوبات محل العقوبات البدنية التي ترتكز على التعذيب البدني كالحرق بالنار والغلي بالزيت وغيرها، والعقوبات السالبة للحرية تتدرج بحسب خطورة الجريمة فنجد عقوبة الإعدام أشدها لأنها تؤدي إلى سلب الحياة ثم تليها عقوبة السجن المؤبد ثم عقوبة السجن المؤقت وآخرها الحبس.

ومدة العقوبات السالبة للحرية تخضع لتقدير القاضي في الحدود التي رسمها القانون، والعقوبات السالبة للحرية متعددة منها ماهو معمول به في الجزائر ومنها ماهو منصوص عليه قانونا لكن غير معمول به في أرض الواقع كالإعدام ومنها ماهو غير منصوص عليه أصلا كالأشغال الشاقة وهو ماسنبينه في الفرع الأول.



الفرع الأول: بيان العقوبات السالبة للحرية



أولا: الأشغـال الشـاقة

وتعتبر هذه العقوبة قديمة جدا إذ يرجع أصلها إلى القانون الروماني إذ كانت تتمثل في رفع الحجارة وبناء الحصون الرومانية ثم أخذ بها المشرع الفرنسي قبل الثورة تحت اسم Peine des galères، وكانت تنحصر في التجديف بسفن الملك وبعد ظهور السفن الشراعية انتقلت هذه العقوبة للعمل بالمناجم والموانئ(2)، ويقصد بهذه العقوبة هو تشغيل المحكوم عليهم بالأعمال البدنية الشاقة، ولا تزال بعض الدول إلى يومنا هذا تعمل بهذه العقوبة كمصر مثلا إذ تنص المادة 33 من قانون العقوبات المصري " العقوبة بالأشغال الشاقة هي تشغيل المحكوم عليه في أشق الأشغال ".

والأشغال الشاقة تتمثل عادة في كسر الحجارة ونقلها غير أن المشرع الجزائري لم ينص على هذه العقوبة ورأى أن هذه العقوبة قاسية بعض الشيء خاصة إذا كان هدف ــــــــــــــــــــ

(1) د. إسحاق إبراهيم منصور، علم الإجرام والعقاب، بلا طبعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1993، ص 144.

(2) جندي عبد الملك، المرجع السابق، ص 57.

المشرع الجزائري من العقوبة هو إعادة تربية المحبوس وإدماجه كما نص على ذلك بالمادة الأولى من قانون السجون(1)، وأحاط المشرع المحبوس بمعاملة تصون كرامته الإنسانية وهو الأمر الذي قد يتنافى مع هذا النوع من العقوبة.



ثانيـا: السجــن

السجن هو عقوبة أصلية نص عليها المشرع بالمادة 5 من قانون العقوبات وهو على هذا الاعتبار نوعان فقد يكون سجن مؤبد كما قد يكون سجن مؤقت.



1) السجـن المؤبـد

وهذه العقوبة ظهرت في القانون الفرنسي سنة 1960 حيث حلت محل عقوبة الأشغال الشاقة وقد نص المشرع الجزائري على عقوبة السجن المؤبد بالمادة 5/2 من قانون العقوبات كعقوبة أصلية في الجنايات، معتبرا أن هذه العقوبة تحقق مبدأ التناسب مع الجريمة التي يقترفها الجاني لتحقيق الدفاع الاجتماعي المتمثل في الردع الصارم، وسنها للجرائم التي رأى فيها خطورة كبيرة على المجتمع ومن بين هذه الجرائم التي قرر لها هذه العقوبة، جرائم الإضرار بمصالح الدفاع الوطني والاقتصاد الوطني المادة 65 من قانون العقوبات جرائم التمرد المواد 88 و89 من نفس القانون، كما تضمنت بعض القوانين الخاصة التنصيص على هذه العقوبة كالقانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية إذا تعلق الأمر بجناية، والقانون 97/10 المتعلق بالعتاد الحربي والأسلحة والذخيرة الذي يعاقب بالسجن المؤبد على صنع العتاد الحربي وإستراده في المادة 26.



2) السجـن المـؤقـت(2)

والواقع أن هذه العقوبة لها سلمين أساسيين وهما السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة والسجن المؤقت من 05 إلى 20 سنة.

أ) السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة: وأقره المشرع في العديد من الجرائم كالجنايات المتعلقة بأمن الدولة، كتسليم معلومات أو اختراع يهم الدفاع الوطني إلى شخص يعمل لحساب الدولة أجنبية أو مؤسسة أجنبية المادة 68، التحليق بطائرة أجنبية فوق التراب الجزائري بدون إذن المادة 70/3، إجراء مخابرات مع عملاء دولة أجنبية من شأنها الإضرار بالمركز العسكري أو الدبلوماسي للجزائر أو بمعالمها الاقتصادية الجوهرية المادة 71/3، النشاط أو الانخراط في الخارج في جمعية أو جماعة أو منظمة إرهابية المادة 87 مكرر6، حيازة أسلحة ممنوعة أو ذخائر أو حملها أو الاتجار بها أو إستيرادها أو تصديرها أو صنعها المادة 87 مكرر، الإخلال بالحياء وهتك العرض المرتكب على قاصر لم يكمل 16 سنة مع العنف المادة 335/2 و336/2، السرقة الموصوفة مع توافر ظرفين مشددين.

ب) السجن المؤقت من 05 إلى 20 سنة: قرره المشرع في العديد من الجنايات مثل الإشادة بالأعمال الإرهابية المادة 87 مكرر4 والإخلال بالحياء مع استعمال العنف المـادة

ــــــــــــــ

(1) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.

(2) د. أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، الطبعة الثالثة، دار هومة الجزائر2006، ص 238.



335/1 وهتك العرض المادة 336 /1، وجنايات تقليد أو تزوير طابع وطني أو دمغة مستعملة في دمغ الذهب أو الفضة المادة 206 كما نص على هذه العقوبة بالأمر رقم 97/10 المتعلق بالعتاد الحربي والأسلحة والذخيرة، وفي القانون الفرنسي قسم قانون العقوبات الجديد عقوبة السجن المؤقت إلى ثلاث درجات لمدة 30 سنة على الأكثر ولمدة 20 سنة على الأكثر ولمدة 15 سنة على الأكثر(1).



ثالثا: الحبـــس

والحبس عقوبة أصلية سواء في الجنح أو في المخالفات، وما هو إلا عقوبة مؤقتة ينتهي بانتهاء المدة المحددة له، وهو نوعان فقد يكون عقوبة جنحية وقد يكون عقوبة في مخالفات.

أ)الحـبس كعقوبة جنحية: وقد نص عليه المشرع في المادة 5/2 كالأتي" الحبس لمدة تتجاوز شهرين إلى 05 سنوات ماعدا الحالة التي يقرر فيها القانون حدود أخرى".

والأصل في العقوبات الجنحية ألا تقل عن شهرين ولا تفوق 05 سنوات، وهي القاعدة الأصلية في الجنح إلا أن المشرع خرج عن هذه القاعدة في الكثير من المواد سواء بالنزول عن الحد الأدنى لها كالسب العلني الموجه للأفراد المعاقب عليه بنص المادة 299 وعقوبته من 06 أيام إلى 03 أشهر، وجنحة التحريض على التجمهر غير المسلح المعاقب عليه بنص المادة 100 وعقوبته من شهر إلى 06 أشهر، كما تجاوز المشرع الحد الأٌقصى المقرر بخمس سنوات في القانون رقم 06 /01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، إذ أن معظم العقوبات المقررة فيه تتراوح بين سنتين و10 سنوات حبس.

ب) الحـبس في المخالفات: وردت المخالفات في الكتاب الرابع من قانون العقوبات بالمواد 440 إلى 466 والعقوبة المقررة للمخالفات بوجه عام هي الحبس من يوم واحد إلى شهرين.

رابعـا: عقــوبة الإعـــدام



مسألة إلغاء عقوبة الإعدام أو إبقاؤها أصبحت مثار جدل شديد، وازدادت شدة الجدل خاصة مع تقدم المدنية وتلطف الأخلاق، ونشوء المنظمات الإنسانية خاصة جمعيات حقوق الإنسان.

وقد ألغيت هذه العقوبة في الكثير من البلدان إما في الواقع أو في القانون، وفي الجزائر فلا زالت هذه العقوبة مكرسة في القانون وكذا في القضاء في العديد من الجرائم خاصة الجرائم التي تمس بأمن الدولة، كالخيانة المنصوص عليها بالمواد من 61 الى63 ق ع، والتجسس المادة 64 والقتل العمدي والإرهاب المواد وما يليها 87 مكرر إلا أن كثرة تنفيذ هذه الأحكام في فترة معينة أدى إلى وقف هذه العقوبة في سنة 1994 من قبل المجلس الأعلى للدولة ومنذ ذلك التاريخ لم تنفذ أي عقوبة إعدام كما أنه لم يتم إلغاؤها.



ـــــــــــــــــــ

(1) د.أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص240.



الفرع الثاني: نظام تنفيذ العقوبات السالبة للحرية



إن تنفيذ العقوبات الجزائية بصفة عامة تختص بها النيابة العامة دون سواها، وهذا مانصت عليه المادة 10 من قانون السجون.

والعقوبات السالبة للحرية تنفذ في مؤسسات البيئة المغلقة، ومؤسسات البيئة المفتوحة وتنفذ بمستخرج حكم أو قرار جزائي يعده النائب العام أو وكيل الجمهورية، يوضع بموجبه المحكوم عليه في المؤسسة العقابية.

ويبدأ حساب سريان مدة العقوبة السالبة للحرية من تسجيل مستند الإيداع، حيث يذكر فيه تاريخ و ساعة وصول المحكوم عليه إلى المؤسسة العقابية، وتحسب عقوبة يوم بأربع وعشرين (24) ساعة وعقوبة عدة أيام بعددها مضروبا في أربع وعشرين (24) ساعة، وعقوبة شهر واحد بثلاثين (30) يوما، وعقوبة سنة واحدة باثنتي عشر (12) شهرا ميلاديا، وتحسب من يوم إلى مثله من السنة، وعقوبة عدة أشهر من اليوم إلى مثله من الشهر، وهوما نصت عليه المادة 13 من قانون السجون.

وإذا كان المحكوم عليه لم يحبس حبسا مؤقتا، تبتدئ مدة حساب العقوبات السالبة للحرية من يوم أن يحبس المتهم بناءا على الحكم الواجب التطبيق، أما إذا كان المتهم محبوسا حبسا مؤقتا فتخصم مدة الحبس المؤقت بتمامها من مدة العقوبة المحكوم بها، وتحسب هذه المدة من يوم حبس المحكوم بسبب الجريمة التي أدت إلى الحكم عليه، ويحصل استنزال العقوبة بقوة القانون دون أن يكون القاضي ملزما بأن يأمر بذلك في حكمه، ولا يترتب أي بطلان في الحكم إذا لم ينص على ذلك(1) وفي حالة تعدد المتابعات المتعاقبة في الزمن دون انقطاع للحبس يكون بدأ حساب مدة العقوبة السالبة للحرية بتسجيل مستند الإيداع الأول حتى لوكان مآل المتابعات الأولى البراءة أو وقف التنفيذ، وعقوبة غير سالبة للحرية أو أمر أو قرار بألا وجه للمتابعة، وإذا صادف نهاية تنفيذ مدة العقوبة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
kaiser
عضو ملكي
عضو ملكي
kaiser


الجنس : ذكر

نقاط التميز : 1185

عدد المساهمات : 1013
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
الأوسمة : الجريمة والعقاب 12210
الجريمة والعقاب 510


الجريمة والعقاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجريمة والعقاب   الجريمة والعقاب Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:27 pm

المتعلقة بقانون العمل بالغرامة فقط دون الحبس وقد ينص عليها مدمجة مع عقوبة الحبس مثلما هو الحال في قانون العقوبات، وللغرامة مميزات وصفات تتميز بها عن العقوبات المالية الأخرى تتمثل في:

1) الغرامة عقوبة لأنها ترمي إلى إيقاع الألم بالمحكوم عليه.

2) لا يحكم بالغرامة إلا بموجب نص قانوني.

3) يجب أن يحكم بالغرامة من أجل جناية أو جنحة أو مخالفة.

4) يجب أن تكون الغرامة شخصية فلا يجوز الحكم بها إلا على الفاعلين أو الشركاء في الجريمة.

أولا: تميز الغرامة عن التعويضات: الغرامة هي الجزاء عن الخلل الاجتماعي الناشئ عن الجريمة، فهي بذلك تختلف عن التعويضات المدنية التي تقابل الضرر الفردي الذي أحدثه الجاني للمضرور من الجريمة والغرامة تطلبها النيابة العامة أما التعويضات المدنية فيطلبها الطرف المدني.

ثانيا: تمييز الغرامة الجزائية على الغرامة المدنية: الغرامة الجزائية يقررها القانون للمعاقبة على جريمة أما الغرامة المدنية فهي مقررة من أجل أفعال لا تعد جرائم جنائية كالغرامات التي يقضي بها قانون الإجراءات المدنية كمن يدعى التزوير المادة 161 منه وعقوبتها من 50 الى500 دج، والغرامات المدنية لا تخضع لقواعد القانون الجنائي فلا تقبل التخفيف بسبب وجود ظروف مخففة كما أنها لا تقبل الإعفاء أو ايقاف التنفيذ كما أنها لا تنفذ بالإكراه البدني ولا يسرى عليها التقادم.

ولقد رفع المشرع الجزائري من قيمة الغرامة في الجنح وكذا في المخالفات بموجب التعديل رقم 06/23 حيث جعل مقدار الغرامة المقررة في الجنح تصل الى200,000 دج كحد أقصى المادة 467 مكرر، وجعل الغرامة في المخالفات 20.000 دج كحد أقصى بعدما كانت 2000 دج، وهذا راجع ربما للتضخم الذي عرفه الدينار الجزائري، حيث أصبح مبلغ 2000 دج مبلغ زهيد لا يحقق الغرض المطلوب من العقوبة.

ــــــــــــــــــــ

(1) جندي عبد الملك، المرجع السابق، ص107.

الفرع الثاني: شـروط تحصيلها



نصت المادة 10 من قانون السجون على أنه تختص النيابة العامة دون سواها بمتابعة تنفيذ الأحكام الجزائية.

غير أنه تقوم مصالح الضرائب وإدارة الأملاك الوطنية بناءا على طلب النائب العام أو وكيل الجمهورية بتحصيل الغرامات ومصادرة الأموال وملاحقة المحكوم عليهم بها، وعمليا تقوم النيابة العامة بعد صدور الحكم بتحرير البطاقة رقم 01 للمتهم، وترسل إلى نيابة مقر مجلس ازدياد المدين بها، ويحرر مستخرج يسمى مستخرج المالية يرسل إلى مديرية الضرائب وتقوم هذه الأخيرة بتحصيل الغرامة المحكوم بها فهي التي تمثل الدولة في تحصيل الغرامات التي على عاتقها.

ولا يتم تحصيل الغرامة إلا بعد التبليغ بها وفي مادة المخالفات أوجد المشرع غرامة الصلح والتي عادة ما تكون في مخالفات المرور، حيث ترسل النيابة العامة للمخالف في ظرف خلال 15 يوم القرار بموجب خطاب موصى عليه بعلم الوصول، يحدد مقدار غرامة الصلح ويجب على المخالف خلال 30 يوم من استلامه الإخطار أن يدفع الغرامة بحوالة بريدية إلى محصل الضرائب مكان سكن المخالف أو المكان الذي ارتكبت فيه المخالفة المادة 383 إ.ج، ولا يكون القرار الصادر بغرامة الصلح قابلا لأي طعن ويقوم محصل الضرائب بتبليغ النيابة بدفع غرامة الصلح وذلك في أجل 10 أيام من تاريخ الدفع، كما يرسل كشف إجمالي من النيابة العامة إلى محصل المالية في الأسبوع الأول من كل شهر عن التبليغات المسلمة في الشهر السابق وفي هذه الحالة تنقضي الدعوى العمومية بدفع غرامة الصلح لكن إذا لم يقم المخالف بدفع الغرامة في المدة المحددة تقوم المحكمة بالفصل بموجب حكم أي بإجراءات الدعوى العمومية حسب المادة 390.

ولا يمكن تطبيق غرامة الصلح إذا تعرض فاعلها لجزاء بدني أو كتعويض للأضرار اللاحقة بالأشخاص أو الأشياء أو إذا كان ثمة تحقيق قضائي طبقا للمادة 391 ق إ ج، لكن عمليا هذه الغرامة غير معمول بها و يلجأ القضاة إلى الغرامة الجزافية.

وقد نص المشرع على الغرامة الجزافية في المادة 392 والتي يتم تسديدها في خلال30 يوما من ارتكاب المخالفة بواسطة طابع غرامة يعادل مبلغ الغرامة الواجبة الأداء وإذا لم يجر التسديد في هذه المهلة يحال محضر المخالفة على وكيل الجمهورية الذي يرفعه بدوره إلى القاضي مشفوعا بطلباته، ويبت القاضي في ظرف 10 أيام من رفع الدعوى دون مرافعة مسبقة بإصدار أمر جزائي يتضمن الحكم بغرامة لا تقل عن ضعف الحد الأدنى المقرر ولا يقبل هذا الأمر أي طعن سوى شكوى تودع لدى إدارة المالية، وتؤدي الشكوى إلى ايقاف تنفيذ سند الأداء، وتحال هذه الشكوى في 10 أيام للقاضي ولهذا الأخير رفض الشكوى وله أن يلغي أمره الأول، ولا يعمل بالغرامة الجزافية إذا كانت المخالفة تعرض مرتكبيها للقيام بإصلاح التعويضات للأشخاص أو الأموال وفي حالة ارتكاب مخالفات في أن واحد طبقا للمادة 393 ق إ ج.

و ما يميز الغرامة كعقوبة أنها عادة ما تكون فعالة مما دفع بالمشرعين إلى التقليل من النص على عقوبة الحبس مرة واحدة وتعويضها كلما كان ممكنا بالغرامة وحدها(1)، لأن المشرع ارتأى أن بعض الوقائع الإجرامية لا تستحق عقوبة سالبة للحرية ولأن متطلبات سياسة إعادة التأهيل ترفض العقوبة السالبة للحرية القصيرة المدة لعدم كفايتها لتحقيق إعادة التربية والتأهيل.

كما أن الغرامة تمتاز عن الحبس بأنها لا تفسد الأخلاق ولا توهن القوة كما أنها تمتاز بتحقيق الألم المادي والمعنوي فهي تحقق صفة الردع، ولا تكلف الدولة شيئا بل تعود عليها بالربح، عكس الحبس الذي يكلف الدولة الملايير وبعبارة موجزة فالغرامة عقوبة مناسبة للجريمة البسيطة ورادعة واقتصادية ومربحة، لكنها لا تخلو من عيوب إذ ينقصها بعض صفات العقوبة وهي الشخصية والمساواة واليقين.

فمن حيث الشخصية فلا مناص في معظم الأحيان من أن تلحق الغرامة أفراد أسرة المحكوم عليه، ومن حيث المساواة يخشى أن يكون فيها نوع من الظلم لأن شدة وقعها تختلف تبعا لثروة المحكوم عليه وموارده، ومن حيث اليقين يخشى أن لا يتحقق تحصيلها أو يصطدم تنفيذها في بعض الأحيان بعد المحكوم عليه أو امتناعه عن الدفع.



المطلب الثالث: العقـوبات التكميلية وتدابير الأمـن



والعقوبات التكميلية وتدابير الأمن هي عقوبات تكمل العقوبة الأصلية فقد قرر المشرع هذه العقوبات لعدم كفاية العقوبة الأصلية وحدها لتحقيق الغرض من العقاب، وقد نص المشرع على العقوبات التكميلية وتدابير الأمن في قانون العقوبات في الفصل الثالث من الباب الأول بالنسبة للعقوبات التكميلية والباب الثاني بالنسبة لتدابير الأمن واستغنى المشرع عن العقوبات التبعية وتم دمجها مع العقوبات التكميلية بموجب تعديل06/23



الفرع الأول:العقوبات التكميلية

أقرها المشرع بنص المادة 09 وهي عقوبات تكمل العقوبات الأصلية منها الإلزامية التي إذا توفرت وجب على القاضي الحكم بها، ومنها الجوازية التي بإمكان القاضي الحكم بها أو عدم الحكم بها المادة 04 من قانون العقوبات.

أ)العقوبات التكميلية الإلزامية(2): وتنحصر فيها المصادرة والحجر القانوني والحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية.

1) المصـادرة: عرفتها المادة 15 بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة أو ما يعادل قيمتها عند الاقتضاء، واستثنت بعض الأموال التي لا يمكن مصادرتها كالسكن اللازم لإيواء الأصول أو الفروع إلا إذا لم يكن مكتسبا بطريق غير مشروع، كما استثنت الأموال المشار لها بالمادة 378 من قانون إجراءات مدنية دون الفقرة الأولى، وتأمر المحكمة بالمصادرة الإلزامية في الجنايات إذا استعمل الشيء في تنفيذ الجريمة، أما في الجنحة والمخالفة فلا تكون إلزامية إلا إذا نص القانون على ذلك ــــــــــــــــــــ

(1) د.أحمد مجحودة، أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن، الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2004، ص 412.

(2) د.أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 254.

وأمثلة ذلك لعب القمار المنصوص عليه بالمادة 165 وما يليها بمصادرة الأموال والأشياء المعروضة للقمار والمادة32 و33 من قانون 04/18 المتعلق بالمخدرات، والمخالفات المتعلقة بالنظام العمومي المنصوص عليها بالمواد 451 والمادة 452 ق.ع.

2) نشـر الحكـم: عرفته المادة 18 ق ع بأنه يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تأمر في الحالات التي يحددها القانون بنشر الحكم في جريدة أو أكثر أو تعليقه في أماكن معينة دون أن يتجاوز التعليق شهرا واحدا، ومثال ذلك مانصت عليه المادة 174 من قانون العقوبات بنشر الحكم وجوبا عند الإدانة بجنحة المضاربة غير المشروعة.

3) الحجـر القـانوني: وقد كانت سابقا عقوبة تبعية وبعد التعديل أصبحت عقوبة تكميلية والحجر القانوني يحكم به وجوبا إذا تعلق الأمر بجناية بمنع المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية، وقد تناوله قانون الأسرة بالمادة 104 حيث يتولى إدارة أموال المحجور عليه وليه أو وصيه وإذا لم يكن له ولي ولا وصي تعين له المحكمة مقدما لرعاية أمواله(.1).

4) الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية: وقد حددتها المادة 9 مكرر1 ويتعلق الأمر بالعزل من الوظائف والحرمان من الحقوق السياسية وعدم الأهلية لتولي مهام محلف أو خبير أو شاهد إلا على سبيل الاستدلال أو حمل سلاح، ويجب أن يأمر القاضي بالحرمان من حق من هذه الحقوق في حالة الحكم بجناية لمدة أقصاها عشرة (10) سنوات تسري من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قبل تعديل 2006 لم يحدد أجلا لتطبيق الحرمان من الحقوق الوطنية.

ب) العقوبات التكميلية الجـوازية(.2): هنا يكون القاضي مخيرا بين الحكم بها من عدمه وتختلف العقوبات التكميلية من حيث نظامها القانوني كما يلي:

1) تحـديد الإقـامة: عرفته المادة 11 من قانون العقوبات بأنه إلزام المحكوم عليه بأن يقيم في نطاق إقليمي يعينه الحكم لمدة لا تتجاوز خمس 5 سنوات ويبدأ تنفيذ تحديد الإقامة من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه، وقد نصت المادة 12 من الأمر 75/80(.3) على تبليغ الحكم أو القرار القاضي بتحديد الإقامة إلى المحكوم عليه بموجب قرار يصدر عن وزير الداخلية يحدد فيه مكان الإقامة الجبرية، وتجدر الإشارة أنه رغم التعديل الجديد إلا أن قانون العقوبات لم يحدد طبيعة الجرائم التي يجوز فيها الحكم بتحديد الإقامة بل ولم يستثني منها حتى المخالفات مفسحا بذلك المجال لتطبيق هذه العقوبة ولم يتضمن قانون العقوبات في مجمل أحكامه ما يشير إلى هذه العقوبة مما يجعل الحكم بها أمرا مستعصيا.

2) المنـع من الإقـامة: عرفته المادة 12 بأنه حظر تواجد المحكوم عليه في بعض الأماكن ولا يجوز أن تفوق مدته خمس 5 سنوات في الجنح وعشر 10 سنوات في الجنايات ويطبق المنع من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه، وإذا ــــــــــــــــــــ

(1) القانون84 /11 المؤرخ في 09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة.

(2) د. أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص225.

(3) الأمر 75/80 المؤرخ في 15/12/1975 المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية.



كانت المادة 13 من قانون العقوبات قد أجازت الحكم بالمنع من الإقامة في حالة الحكم بجناية أو جنحة، فإن المتصفح لقانون العقوبات يجد أن المشرع نص على هذه العقوبة في بعض الجنح دون الجنايات كحمل سلاح أثناء تجمهر المادة 99 ق.ع والتمكين من الهروب المادة 194، كما تضمن القانون 04/18 المتعلق بالمخدرات في المادة 29 منه بجواز التصريح بالمنع من الإقامة عند الإدانة بجرائم المخدرات.

3) المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط: تناولته المادة 16 مكرر، فالشخص المدان لارتكابه جناية أو جنحة يمنع من ممارسة مهنة أو نشاط إذا ثبت للجهة القضائية أن للجريمة التي ارتكبها صلة مباشرة بمزاولته وأن ثمة خطر في استمرار ممارسته لأي منهما، ومدة المنع في الجنايات لا تتجاوز 10 سنوات و05 سنوات في الجنح ويجوز الأمر بالنفاذ المعجل للمنع.

4) إغـلاق المـؤسسة: يكون هذا الإجراء بمنع المحكوم عليه أن يمارس أي نشاط ارتكبت الجريمة بمناسبته ويمكن أن يحكم بهذه العقوبة إما بصفة نهائية أو مدة لا تزيد عن 10 سنوات في الجنايات و05 سنوات في الجنح ويمكن الأمر بالنفاذ المعجل لهذا الإجراء.

5) الإقصاء من الصفقات العمومية: ويقصد به منع المحكوم عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة في أي صفقة عمومية إما نهائيا أو لمدة 10 سنوات في الجناية و05 سنوات في الجنح ويجوز الأمر بالنفاذ المعجل.

6) الحظر من إصدار الشيكات استعمال بطاقات الدفع: يقصد به إلزام المحكوم عليه بإرجاع الدفاتر والبطاقات التي بحوزته أو التي عند وكلائه إلى المؤسسة المصرفية المصدرة لهما ولا يجوز تطبيق الحضر على الشيكات التي تسمح بسحب الأموال من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو تلك المضمنة، وهذا حتى تكون ضمانة بعدم سحب أموال المحكوم عليه أو التصرف في أمواله ولا تتجاوز مدة الحظر 10 سنوات في الجنايات و5 سنوات في الجنح.

7) تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة: وكانت هذه العقوبة قبل التعديل تعتبر تدبير أمن إلا أن المشرع ضمها في العقوبات التكميلية وتناولتها المواد 110،111،113 من قانون رقم 01/14 المتعلق بقانون المرور كالسياقة في حالة سكر أو الفرار بعد ارتكاب حادث مرور، ولا تزيد مدة التعليق أو السحب عن خمس 05 سنوات من تاريخ صدور حكم الإدانة مع تبليغ الحكم إلى السلطة الإدارية والمقصود بها الدائرة أو الولاية.

8) سحـب جـواز السفـر: كان تدبير أمن ثم تحول بعد تعديل 06/23 إلى عقوبة تكميلية ولا يجوز أن يكون السحب أكثر من 05 سنوات سواء في الجناية أو الجنحة مع تبليغ الحكم إلى وزرة الداخلية.

9) العقوبات المقررة للشخص المعنوي: ميز المشرع بين العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي في مواد الجنايات والجنح وبين تلك المقررة في المخالفات (1)

ــــــــــــــــــــ

(1) تعديل06*23 لقانون العقوبات.

أولا: العقوبات المقررة في الجنايات والجنح: تناولتها المادة 18 مكرر في تعديل06/23 بجعل العقوبة الأصلية محصورة في الغرامة فقط أما باقي العقوبات فهي تكميلية، فالعقوبة الأصلية تكون غرامة تساوي من مرة إلى خمس مرات الغرامة المقررة قانونا للشخص الطبيعي، أما العقوبات التكميلية فيمكن الحكم بواحدة أو أكثر من العقوبات الآتية:

۱) حل الشخص المعنوي: عرفته المادة 17 من قانون العقوبات ويتمثل في منع الشخص المعنوي من الاستمرار في ممارسة نشاطه، حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين، ويترتب على ذلك تصفية أمواله مع مراعاة حقوق الغير حسن النية، وتجدر الإشارة أن قانون العقوبات لا يتضمن في أحكامه هذه العقوبة مما يجعل تطبيقها على الشخص الطبيعي افتراضيا فقط.(1)

۲) غلـق المؤسسة: أو أحد فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.

۳) الإقصاء من الصفقات العمومية: لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.

٤) المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية: أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.

٥) المصادرة: وتشمل مصادرة الشيء الذي أستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها.

٦) النشــر: وهو نشر وتعليق حكم الإدانة.

٧) الوضع تحت الحراسة القضائية: لمدة لا تتجاوز خمس سنوات بشرط أن تنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته، والحراسة تناولها المشرع في الفصل الرابع من المواد 602 إلى 611 من القانون المدني حيث يعين القاضي حارس للحفاظ على أموال الشخص المعنوي وإدارتها ويحدد له في الحكم جميع الالتزامات التي يقوم بها، وفي جميع الأحوال لا يجب التصرف في الأموال الموضوعة تحت حراسته إلا بالرجوع إلى القاضي، وتنتهي الحراسة بصدور حكم يزيلها أو بقوة القانون بعد فوات مدة الحراسة المقررة قانونا بخمس سنوات، وعلى سبيل المثال تعاقب المادة 177 مكرر1 الشخص المعنوي عن تكوين جمعية الأشرار بغرامة تساوي 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، علما أن الغرامة المقررة جزاء للشخص الطبيعي في المادة 177 هي من 500,000 إلى 1,000,000 دج وبالتالي يكون جزاء شخص المعنوي غرامة تساوي5.000.000 دج.

ثانيا: العقوبات المقررة في المخالفات: نصت المادة 18 مكرر عل هذه العقوبة وهي كالأتي غرامة تساوي مرة إلى خمس مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة عندما يرتكبها الشخص الطبيعي مع إمكانية مصادرة الشيء الذي أستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها، وفي جميع الأحوال عندما لا ينص القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للأشخاص الطبيعية وقامت مسؤولية الشخص المعنوي فإن العقوبة تكون كالآتي:

* 2 مليون دينار جزائري عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو المؤبد.

* مليون دينار جزائري إذا كانت الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت و500 ألف دينار بالنسبة للجنحة.

ــــــــــــــــــــ



(1) د، إسحاق ابراهيم، المرجع السابق، ص162

الفـرع الثاني: تدابيـر الأمـن

يعد تدبير الأمن الصورة الثانية للجزاء الجنائي وهو جزاء حديث مقارنة بالعقوبة لم يعرف قانون العقوبات الجزائري تدابير الأمن غير أن علماء العقاب يتفقون على أنها مجموعة إجراءات التي يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها(1).

وأهم خاصية تتميز بها تدابير الأمن هو الهدف الوقائي فيها فالغرض منها لا يهدف إلى الإيلام بقدر ما يهدف للحد من خطورة الجاني وإصلاحه ومعالجته، كما أنها قابلة للمراجعة باستمرار، فإذا كانت العقوبة محددة بصفة نهائية ولها حجية الشيء المقضي فيه فإن ما يصدر عن القضاء من أحكام بشأن حالة الخطورة يكون قابلا للمراجعة، ذلك أن تدبير الأمن المحكوم به يأتي لمعالجة حالة الخطورة التي تم معاينتها، ومن ثم يتعين تعديل هذا التدبير أو رفعه حسب تطور حالة الخطورة ويترتب على سبق أن الجهة القضائية التي قررت تدبير الأمن لا تتنحى بمجرد أن تصدر الحكم فيه، وإنما تظل مختصة بمراقبة تنفيذ التدبير الذي قضت به، ويمكنها حسب نتائجه استبداله بتدبير آخر أو التخفيف منه وهو مانصت عليه المادة 22 من قانون العقوبات فقرة أخيرة، وقد قلص المشرع الجزائري من تدابير وحصرها في تدبيرين فقط اثر تعديل 06/23 وهما:

1) الحجز القضائي في مؤسسة إستشفائية للأمراض العقلية: هذا التدبير معناه وضع الشخص بناءا على حكم أو قرار أو أمر في مؤسسة مختصة لمعالجة الأمراض العقلية ويشترط لتنفيذ هذا التدبير أن يكون الجاني قد قام بالجريمة وهو في حالة مرضية عقلية أو بمعنى آخر مجنون، والأصل أنه لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة وهو ما نصت عليه المادة 47 ق ع، وقد يكون الجنون بعد ارتكاب الجريمة أو ما يسمى بالجنون المنقطع بمعنى أن الشخص ارتكب الجريمة وهو في حالة عقلية سليمة لكن بعد النطق بالعقوبة أصابه الجنون وهذه الحالة أيضا يمكن إصدار قرار أو حكم أو أمر بالوضع في المؤسسة الإستشفائية، وإثبات الخلل يكون عن طريق خبير مختص بذلك.

2) الوضع القضائي في مؤسسة علاجية: عرفت المادة 22 ق.ع هذا التدبير بأنه وضع شخص مصاب بإدمان اعتيادي ناتج عن تعاطي مواد كحولية أو مخدرات أو مؤثرات عقلية تحت الملاحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض، وذلك بناءا على أمر أو حكم أو قرار قضائي صادر عن الجهة المحال إليها الشخص، إذا بدا أن السلوك الإجرامي للمعني مرتبط بهذا الإدمان، ومن هذا القبيل مانصت عليه المادتان 07 و08 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية اللتان تجيزان لجهات التحقيق والحكم بإلزام المتهمين بارتكاب جنحتي استهلاك أو الحيازة بغرض الاستهلاك للمخدرات والمؤثرات العقلية المنصوص عليها بالمادة 12 بالخضوع لعلاج إزالة السم تحت متابعة طبية.

وخلاصة القول أن العقوبات التكميلية وتدابير الأمن ما هي إلا وسائل تكمل العقوبة الأصلية إذا عجزت عن تحقيق الهدف المسطر لها في الردع، فتأتي العقوبة التكميلية مكملة للعقوبة الأصلية مشكلة في الأخير عقوبة شاملة تحقق الغرض المطلوب وهو الإيلام والإصلاح أو الوقاية من الجريمة.

ــــــــــــــــــــ

(1) د. أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص266.

المبحث الثاني: آليـات تجسيد العقـاب وفعاليتها



لكي تتحقق فكرة العقاب لابد من وجود وسائل وآليات تجسده وإلا أصبحت فكرة العقاب فكرة نظرية فقط، ولعل أهم هذه الآليات تتمثل في القاضي ذلك أن من أهم الخصائص التي تتميز بها العقوبة أنها لا تكون مخالفة لمبدأ الشرعية وكذا صادرة عن سلطة مختصة وهي القاضي، أما الآلية الثانية فهي الوسيلة التي تتجسد فيها العقوبة وتنفذ وهي السجون.

المطلـب الأول: القــاضـي



المؤكد انه لا يجوز توقيع العقوبة على الجاني إلا بناءا على حكم يصدر من المحكمة المختصة تقرر فيه أن المتهم ارتكب الجريمة المنسوبة إليه، فعمل القاضي الجنائي هنا يتناول أمرين:

الأول هو تقرير مسؤولية المتهم والثاني هو تعيين نوع العقوبة وتحديد مقدارها إما بتشديدها أو بتخفيفها أو بوقفها في الحد المسطر له قانونا (1)، ومنه فالقاضي يعد الأساس في تفعيل العقوبة أو في الحد منها فإذا أراد تفعيل العقوبة شددها وإذا أراد الحد منها أوقفها أو خففها.

الفرع الأول: القـاضي وتشديد العقـوبة



تتراوح العقوبات المقررة في التشريع الجزائري بين حدين، حد أدنى وحد أقصى باستثناء عقوبتي الإعدام والمؤبد، وللقاضي سلطة مطلقة في تقدير العقوبة بين هذين الحدين دون حاجة إلى تسبيب أو تبرير، فإذا ما التزم القاضي بهما فلا يقوم أي سبب للتشديد ولو رفع العقوبة إلى الحد الأقصى المقرر، وقد نص المشرع على حالات خاصة يجوز فيها للقاضي أن يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة وهو ما يسمى بالظروف المشددة(2).

أولا: الظروف المشددة الخـاصة



وتنقسم إلى ظروف مشددة واقعية وظروف مشددة شخصية.

1) الظروف المشددة الواقعية: وهي ظروف تتصل بالجريمة فتغلط من تجريم الفعل، مثل حمل السلاح والليل واستعمال العنف، فالسرقة المعاقب عليها بالمادة 350 تعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات لكن إذا رافقها ظرف من هذه الظروف تصبح العقوبة من سنتين إلى عشر سنوات، ودور القاضي في هذه الحالة ينحصر في حسن التكييف الأمثل للجريمة فإذا أراد تشديد الجريمة كيفها ضمن الظرف المنصوص عليه كظرف مشدد والعكس صحيح.

2) الظروف المشددة الشخصية: وتتصل بالصفة الشخصية للفاعل أو الشريك كصفة القاضي أو الكاتب في جريمة الرشوة فيعاقب من10إلى 20 سنة بدلا من سنتين إلى عشرة طبقا للمادة 48 من قانون مكافحة الفساد.

ــــــــــــــــــــ



(1) د ،إسحاق ابراهيم، ص160

(2) د، أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص302

ثانيا: الظـرف المشدد العـام

والمقصود بالظرف المشدد العام هو حالة العود التي تتمثل في الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد الحكم عليه نهائيا في جريمة سابقة،(1) فهذه الحالة تتكون من تكرار وقوع جرائم متماثلة أو مختلفة يرتكبها شخص واحد مع هذا الظرف، وأن تكون إحدى هذه الجرائم قد حكم فيها نهائيا قبل ارتكاب الجريمة الأخرى(2)، وقد عالج المشرع الجزائري أحكام العود في القسم الثالث من الباب الثالث من المادة 54 مكرر إلى 59 بموجب تعديل 06/23، والعود هو ظرف مشدد عام يرفع ويشدد عقوبة الجاني إذا توافرت شروطه القانونية وهو تعبير وإصرار من جانب الجاني على مخالفة أحكام القانون الجنائي ويدل فوق ذلك هي عدم كفاية العقاب الأول لزجره وإصلاحه، والفرق بينه وبين التعدد المنصوص عليه بالمواد 32 و33 و34 من قانون العقوبات هو أن العود يكون فيه حكم نهائي في حين أن التعدد لا يفصل بينه وبين الجرائم المرتكبة حكم، فالعود قرينة على سوء السلوك وهو ما يجيز للقاضي أن يشدد العقوبة المقررة للجريمة الثانية دون أن يغير نوعها، ويجيز له أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة بشرط عدم تجاوز حد العود، وتشديد العقوبة بسبب العود هو من النظام العام فيجوز للمحكمة تطبيقه من تلقاء نفسها ولو لم تطلبه النيابة وهو ما تناولته المادة 54 مكرر 10 من قانون العقوبات.

الفرع الثاني: القاضي وتخفيف العقـوبة



ظروف التخفيف هي أسباب متروكة لتقدير القاضي تخوله حق تخفف العقوبة في الحدود التي عينها القانون وهي ظروف تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته وبشخص المجرم الذي ارتكب هذا الجرم، وهي تتشابه مع الأعذار المخفقة لأنها تؤدي إلى تخفيض العقوبة وإنزالها إلى الحد الأدنى الذي حدده القانون لكن تختلف عن الأعذار، فهذه الأخيرة قد تولى القانون بيانها وألزم القاضي بإتباعها أما الظروف المخفقة فهي غير مبينة ولا محددة وقد تركها القانون لمطلق لتقدير القاضي وتناول المشرع الظروف المخفقة بموجب المواد من 53 إلى 53 مكرر08 بموجب تعديل 06/23.

فقد كانت ظروف التخفيف قبل التعديل أكثر مرونة بالنسبة للقاضي وكان له أن ينزل بالعقوبة إلى يوم واحد وبالغرامة الى5 دج بغض النظر إن كان المتهم مسبوقا أو غير مسبوق، إلا أنه وبعد التعديل فقد سحبت من القاضي هذه السلطة فوجب عليه أن يميز إن كان الشخص مسبوق أو غير مسبوق، فإذا لم يكن الشخص مسبوق فلا يجوز له النزول بالعقوبة عن شهرين و20,000 دج، أو الحكم بإحدى هاتين العقوبتين فقط شرط ألا تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة بمعنى أن القاضي لا يمكنه الخروج عن الحد المقرر قانونا، أما إذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة فله أن يستبدلها بالغرامة على ألا تقل عن 20,000 دج وألا تتجاوز 500,000 دج هذا إذا لم يكن الشخص مسبوقا، أما إذا كان الشخص مسبوقا فلا يمكن للقاضي النزول بالعقوبة عن ــــــــــــــــــــ



(1) د،احسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص303.

(2) جندي عبد الملك، المرجع السابق، ص 270.

الحد الأدنى المقرر للجنحة والغرامة ويتعين الحكم بهما معا في حالة النص عليهما معا، ولا يمكن استبدال الحبس بالغرامة بأي حال وهو مانصت عليه المادة 53 مكرر04.

كما يمكن إفادة الشخص المعنوي بظروف التخفيف فيجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي أما إذا كان الشخص المعنوي مسبوقا فلا تنزل الغرامة عن الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي حسب المادة 53 مكرر07 هذا فيما يتعلق بظروف التخفيف، أما الأعذار القانونية كما سبق بيانه فقد حددها القانون على سبيل الحصر في مواد مختلفة كعذر الاستفزاز الذي أشارت إليه المادة 52 والمواد 277 إلى 283 ق.ع، وعذر صغر السن المنصوص علي بالمواد من49 إلى51 ق.ع وهذه الأعذار تخفض العقوبة إلى الحد المقرر لها قانونا.

والغرض من ظروف التخفيف هو تمكين القاضي من مراعاة درجة إجرام الفعل وإجرام مرتكبة وجعل العقاب متفقا وحالة المتهم الخاصة كالبواعث التي دفعته لارتكاب الجريمة والعواطف التي ساقته والتأثير الذي أحدثه في ذهنه الشريك وجهله بالقانون، ومنح ظروف التخفيف هو من سلطة قاضي الحكم وحده دون قضاة التحقيق ولا النيابة.

وفلسفة ظروف التخفيف أن القاضي إذا أراد استعمال الرأفة والنزول بالعقوبة لا يكون ملزما بتبيان هذا النزول بل كل ما هو مطلوب منه هو مجرد القول بأن هناك ظروف مخففة الإشارة إلى النص الخاص بها ولا عجب أن الرأفة شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحيانا أن يحددها حتى يصورها بالقلم واللسان ولهذا لم يكلف القانون القاضي ببيانها ولا تسبيبها.



الفرع الثالث: القـاضي ووقف العقـوبة

الأصل في العقوبة التي ينطق بها القاضي هو تنفيذها غير أن المشرع أجاز في حالات معينة وضمن شروط محددة وقف تنفيذ العقوبة، فقد نص قانون العقوبات الفرنسي على ثلاث صور لوقف تنفيذ العقوبة هي وقف التنفيذ البسيط ووقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار ووقف لتنفيذ المقترن بالالتزام بالقيام بعمل للمصلحة العامة(1)، وهذه الصور لم يكن القانون الجزائري إلى غاية تعديله بموجب القانون 04/14 يعرف إلا واحدة منها وهي وقف التنفيذ البسيط ثم أضاف وقف التنفيذ الجزئي بموجب هذا التعديل.

أولا: شروط وقف التنفيذ (2)

1) يجوز تطبيق نظام وقف التنفيذ في كل الجنح والمخالفات كما أنه جائز في الجنايات بشرط إذا قضي فيها على الجاني بعقوبة الحبس بفعل إفادته بالظروف المخفقة طبقا للمادة 53 من قانون العقوبات إما إذا حكم عليه بالمؤبد أو الإعدام فلا يجوز إفادته بوقف التنفيذ طبقا للمادة592 من قانون العقوبات.

2) يجوز تطبيق هذا النظام إذا لم يكن المحكوم عليه قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام.

ــــــــــــــــــــ

(1) د.عصام عفيفي عبد البصير، تجزئة العقوبة " نحو سياسة جنائية جديدة دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة "، بلا طبعة، دار النهضة العربية، القاهرة 2004، ص 43.

(2) د، إسحاق ابراهيم ،المرجع السابق ، ص206.

3) يجوز تطبيق هذا النظام في المخالفات حتى ولو كان المتهم مسبوقا قضائيا لأن القانون استثنى الجنايات والجنح فقط.

4) يستفيد من هذا النظام أيضا المحكوم عليهم في الجنايات والجنح العسكرية والسياسية.

5) لا يكون وقف التنفيذ إلا في العقوبة الأصلية والمتمثلة في الحبس والغرامة فقط ومن ثم لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبات التكميلية ولا تدابير الأمن.

ويمكن للقاضي أن يأمر بوقف التنفيذ الجزئي للعقوبة وهذا منذ تعديل المادة 593 من قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 04/14 فالقاضي له أن يحكم بتنفيذ جزء من العقوبة والأمر بوقف تنفيذ الجزء الأخر

والجدير بالذكر أن نظام وقف التنفيذ ليس حقا للمتهم ولا دفاعه فهو رخصة يمنحها القاضي متى توافرت شروطه(1)، ويقرر القاضي بكل سيادة لمن يراه مستحقا بحسب ظروف الدعوى وشخصية المتهم مثله مثل ظروف التخفيف وما على القاضي إلا تسبيب حكمه عند منحه وقف لتنفيذ، أما عند عدم منحه فإنه غير ملزم بتسبيب الرفض كما أوجب القانون بالمادة 594 إ.ج القاضي بإنذار المحكوم عليه بأنه في حالة صدور حكم جديد عليه بالإدانة فإن العقوبة الأولى ستنفذ دون أن تلبس بالعقوبة الثانية بمعنى أن المحكوم عليه مقيد بفترة الاختبار بعدم إتيان جريمة جديدة .

ثانيا: أثـار وقـف التنفيـذ

1) إن العقوبة مع وقف التنفيذ هي عقوبة جزائية وبهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ في صحيفة السوابق القضائية في القسيمة رقم01 ورقم 02 المادة 618 و623 من قانون الإجراءات الجزائية ما لم تنته فترة الاختبار وتحسب هذه العقوبة في حالة العود كما أنها لا تحول دون دفع المصاريف القضائية والتعويضات المدنية ولا تحول أيضا دون تطبيق العقوبات التكميلية.

2) أنها عقوبة تزول بانقضاء مهلة التجربة دون عارض و يعتبر الحكم القضائي الصادر في جناية أو جنحة مع وقف التنفيذ كأن لم يكن إذا لم يرتكب المحكوم عليه جناية أو جنحة من القانون العام خلال خمس سنوات من ذلك الحكم ويترتب على ذلك عدم تسجيل العقوبة في القسيمة رقم 02 من صحيفة السوابق القضائية(2).

ولعل النقد الذي وجه إلى هذا النظام هو أن المجرم يفلت من العقوبة في ظله كما أن المجرم يعود بعد ارتكاب الجريمة لنفس البيئة التي يعيش فيها ولذلك لا يتحقق الردع العام ولا الردع الخاص، لكن عودة المجرم إلى بيئته ليست عيبا ولكنها ميزة لأنه سيقوم بأعبائه العائلية وينتج في عمله ويساعد أسرته فلا تنحدر للإجرام، كما أن هذا النظام ينطوي على إيلام غير مقصود فالمجرم في فترة الاختبار تجده يحرص كل الحرص على عدم اقتراف جريمة جديدة فينصلح حاله ويصبح قدوة لمجتمعه.

وواجب القاضي في هذا الشأن أن نتيجة وقف التنفيذ تتوقف على حكمة القاضي وحسن تصرفه في تطبيق النصوص القانونية فعلى القاضي أن يستعمل حكمته مسترشدا بالغرض الذي قصده المشرع فلا يقضي بالإيقاف جزافا وإلا كان مشجعا على ارتكاب ــــــــــــــــــــ

(1) د،عصام عفيفي عبد البصير، المرجع السابق، ص46.

(2) د احسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 330.



الجرائم فيبعث على الاعتقاد بأنها تكون دائما غير معاقب عليها ولا يرفض الإيقاف بصفة مضطردة إنما يجب عليه أن يبحث قبل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
kaiser
عضو ملكي
عضو ملكي
kaiser


الجنس : ذكر

نقاط التميز : 1185

عدد المساهمات : 1013
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
الأوسمة : الجريمة والعقاب 12210
الجريمة والعقاب 510


الجريمة والعقاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجريمة والعقاب   الجريمة والعقاب Emptyالإثنين مايو 09, 2011 3:30 pm

والغرض من الإفراج المشروط أنه يفتح للمحبوس باب الخروج من السجن وفي نفس الوقت يهدده بالعودة إليه إذا سلك سلوكا سيئا و بهذا فهو وسيلة للإصلاح إذ يشجع المحبوس أثناء سجنه بانتهاج السلوك الحسن ويبعث لديه أمل الإفراج عنه ،ويسهل له طريق الاندماج في الهيئة الاجتماعية و سبيل الانتقال من السجن إلى الحرية التامة كما يساهم في التخفيف من ازدحام السجون.

2) الورشات الخارجية : هو نظام يسمح فيه للمحبوس المحكوم عليه نهائيا بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية تحت رقابة إدارة السجون لحساب الهيئات والمؤسسات العمومية أو المؤسسات الخاصة التي تساهم في إنجاز مشاريع ذات منفعة عامة بعد إبرام اتفاقية بين المؤسسة العقابية والمؤسسة المستخدمة , ويرجع المحبوس بعد انتهاء العمل إلى المؤسسة العقابية (2).

وقد تبناه المشرع الجزائري في المواد من 100إلى103من قانون السجون، وميزة هذا النظام أنه يشجع المحبوس خاصة منه الذي كان إجرامه لغرض اقتصادي من استرجاع مكانته في المجتمع في إظهار حسن نيته بتعويض المجتمع عن الجريمة وقيامه بعمل ذا مصلحة عامة اتجاهه و في الواقع فان نظام الورشات الخارجية غير معمول به كثيرا خوفا من تحمل المسؤولية في حالة فرار المحبوس .

3) الحرية النصفية:هو نظام يسمح المحكوم عليهم بمغادرة السجن دون مراقبة في مقابل تعهد كتابي يلتزم بموجبه مراعاة التعليمات التي تبلغه بها إدارة السجن حول سلوكهم خارج السجن مثل احترام أوقات الدخول والخروج والمواظبة والاجتهاد في المهمة التي استفاد المحكوم عليهم بالحرية النصفية بسببها كمتابعة الدراسة في إطار التعليم العام أو التكوين وقد تناول المشرع الجزائري هذا النظام بموجب المواد 104إلى 108من قانون السجون ، وهذا النظام يسمح للمحبوس من إتمام تكوينه أو تعليمه حتى لاتكون العقوبة عائقا له في بناء نفسه وإصلاحها .

4)العقوبة البديلة بالنسبة للأحداث : الحدث هو الشخص الذي لم يبلغ 18سنة كاملة ولا يتخذ في حق الحدث إلا تدبير من تدابير الحماية والتهذيب كتسليمه لوالديه أو وضعه تحت المراقبة أو وضعه في مؤسسة للتكوين بدلا من عقوبة الحبس وهو مانص عليه قانون الإجراءات الجزائية في الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجزائية وفي الباب الخامس من قانون السجون.

ــــــــــــــــــــ

(1) د، أحس بوسقيعة ،المرجع السابق، ص334 .

(2) ا، عبد اللطيف ازرتيني، بدائل العقوبات السالبة للحرية في التشريع المغربي بين ألنضري والتطبيقي، (انترنيت).

5) الغرامة : وقد حلت الغرامة كعقوبة بديلة في الكثير من الجرائم البسيطة كالمخالفات المتعلقة بقانون المرور وبعض الجنح البسيطة ، وعادة تكون الغرامة بديلة للحبس قصير المدة الذي لاتكون فعالية منه .

6) وضع المدان باستهلاك المخدرات في مؤسسة علاجية: المادة 06 من قانون 04/18المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية .

7) سحب رخصة السياقة: المادة 76 من قانون 04/16 المتعلق بقانون المرور .

8) الصفح : والصفح يضع حدا للمتابعة الجزائية ونص عليه المشرع بموجب تعديل قانون العقوبات رقم 06/ 23 في خمس جرائم وهي (جرائم القذف والسب المعاقب عليهما بالمادة 298 و 299 من قانون العقوبات والمادة 303 مكرر المتعلقة بجنحة المساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص والمادة 330بالنسبة لجريمة ترك الأسرة والمادة 331عدم دفع النفقة ومخالفة الضرب والخفيف المنصوص عليهما 442).

9) الشكوى: نص عليها قانون العقوبات في جريمتين وهي جريمة الزنا المنصوص عليها 339 من قانون العقوبات وجريمة السرقة بين الأصول والفروع المادة 368 من قانون العقوبات و لايمكن أن تتخذ الإجراءات إلا بموجب شكوى الزوج المضرور في الزنا وأحد الأصول في السرقة ، وتعد الشكوى والصفح بديل للمتابعة القضائية وليس بديل للعقوبة.

ثانيا البدائل المقترحة للعقوبة :

1) التصالح الو جوبي المسبق: ويكون خاصة في الجرائم الإدارية والمالية أو الاقتصادية

2) نزع التجريم عن بعض الجرائم لتعلقها بمسائل مدنية :مثل جنحة التعدي على الملكية العقارية التي عادة ماتستند إلى أدلة إثبات مدنية كإثبات الملكية بموجب عقد مدني أو قرار إداري وجنحة إصدار شيك بدون رصيد.

3) الوساطة والتفاوض مع المتهم في الجرائم البسيطة : كالتفاوض على مبلغ تعويض مقابل عن الضرر الذي لحقه في الجريمة دون اللجوء إلى إجراءات المتابعة الجزائية .



الفرع الثالث: تأجيل العقوبة

نظام تأجيل العقوبة يسمح بتأخير لعقوبة إلى وقت لاحق لسبب من الأسباب التي حددها القانون وفلسفة هذا التأجيل تقوم على فكرة عدم تعارض العقوبة مع الظروف القاهرة للمتهم التي قد تزيد في معاناته في حال تنفيذ العقوبة دون تأجيلها وميزة هذا النظام أن العقوبة تتأخر لمدة زمنية معينة فقط وبعد انقضاء هذه المدة تنفذ العقوبة وهناك نوعان من هذا النظام أتى بهم المشرع في قانون السجون نظام توقيف العقوبة ونظام تأجيل العقوبة .

1)التوقيف المؤقت للعقوبة :وهو نظام يسمح لقاضي تطبيق العقوبات بتوقيف توقيف تطبيق العقوبة السالبة للحرية لمدة لاتتجاوز ثلاثة أشهر إذا كان باقي العقوبة المحكوم بها على المحبوس يقل عن سنة واحدة أو يساويها في الأحوال المحددة بنص المادة 130و133من قانون السجون و هذه الأسباب هي:

*إذا توفي أحد أفراد عائلة المحبوس

*إذا أصيب أحد أفراد عائلة المحبوس بمرض خطير

*إذا اثبت المحبوس أنه هو الكافل الوحيد للعائلة

*للتحضير في المشاركة في الامتحان

*إذا كان المحبوس خاضعا لعلاج طبي خاص



2)التأجيل المؤقت لتنفيذ العقوبة :هو نظام يسمح بتأجيل تنفيذ العقوبة المحكوم بها إذا قرر النائب العام المختص إقليميا أو وزير العدل ذلك في الحالات المحددة في القانون، بشرط أن يكون المحكوم عليه غير محبوس، وليس معتاد الإجرام، وأسباب منح هذا النظام حددتها المواد من 15إلى 20من قانون السجون وهي كالآتي:

*إذا كان المتهم مصاب بمرض خطير يتنافى ووجوده في الحبس

*إذا توفي أحد أفراد عائلته

*إذا كان متكفل بالعائلة

*إذا كانت لديه أشغال فلاحيه أو صناعية ولا يوجد من يتكفل بخدمتها .

*إذا كان له امتحان

*إذا كان زوجه محبوسا وكان من شأن حبسه إلحاق ضرر بالقصر

*إذا كانت حاملا أو مرضعة

*إذا كان المحكوم عليه مستدعى للخدمة الوطنية

وتجدر الإشارة،ان المشرع اثر تعديل 06/23 أضاف قسما رابعا في قانون العقوبات نص فيه على إجراء جديد أطلق عليه اسم الفترة الأمنية يهدف إلى حرمان المحكوم عليه من تدابير التوقيف المؤقت للعقوبة، كما يحرمه من نضام الورشات الخارجية وإجازات الخروج ،والإفراج الشروط، والحرية النصفية ،وكل ما يتعلق بنظام البيئة المفتوحة .

ومدة الفترة الأمنية ،أنها تساوي نصف العقوبة المحكوم بها،لكن وفي حالة الحكم بالسجن المؤبد فتكون مدة الفترة الأمنية خمسة عشر سنة ،مع إمكانية رفعها إلى ثلثي العقوبة المحكوم بها ، او جعلها عشرون سنة ، اوتقليصها ما دون ذلك .

وإذا ورد نص على تطبيق الفترة الأمنية في جرائم معينة ،فان مدة الفترة الأمنية تساوي او تزيد عن عشرة سنوات ، مع مراعاة طرح السؤال بشان استفادة المتهم بالفترة الأمنية بالنسبة لمحكمة الجنايات .

أما بالنسبة للجرائم التي لم يرد فيها نص على تطبيق الفترة الأمنية ، فانه يمكن لجهة الحكم التي تحكم بعقوبة سالبة للحرية مدتها تساوي او تزيد عن خمس سنوات، أن تحدد فترة امنية لا يستفيد خللها المحكوم عليه من أي تدبير ، ولا يجوز ان تفوق مدة الفترة الأمنية ثلثي العقوبة المحكوم بها ، وفي حالة السجن المؤبد يمكن تقليص هذه المدة الى عشرة سنوات .










الخاتمـــــــة



من خلال دراستنا لموضوع الجريمة وفعالية العقاب خلصنا في الأخير إلى أن الجريمة مفهوم متغير يتطلب دائما سن قوانين جديدة للتصدي لها، وتبني سياسة عقابية حديثة لتفعيل دور العقاب، وهو ما أخذ به المشرع الجزائري من خلال تطوير المنظومة التشريعية والتي جاءت تماشيا مع الاتفاقيات الدولية الرامية إلى مكافحة الجريمة وتجلى ذلك فيما يلي:

1/ إدخال إجراءات جديدة ومتميزة في التحري لمكافحة الجريمة وذلك بإجازة اللجوء إلى التصنت والتقاط الصور والتسرب و الترصد الإلكتروني والتسليم المراقب.

2/ تمديد الاختصاص القضائي لبعض الجرائم مما يسمح بمتابعتها وملاحقتها.

3/ إنشاء هياكل جديدة لم تكن معروفة سابقا مهمتها مكافحة بعض الجرائم الخطيرة مثل الديوان الوطني لمكافحة الفساد والديوان الوطني لمكافحة التهريب وإنشاء محاكم خاصة لمعالجة مسائل الفساد.

4/ إشراك المجتمع المدني للمساهمة في مكافحة الجريمة مثلما نص على ذلك قانون التهريب.

5/ الخروج عن المبدأ العام في التقادم إذ استثنيت بعض الجرائم من التقادم كما هو الحال في جريمة الرشوة وتحويل عائدات الجريمة إلى الخارج.



أما فيما يتعلق بالعقاب فإن المشرع أحدث تغييرا جذريا في السياسة العقابية من حيث:

1/ الإنتقال من فكرة الردع إلى فكرة الإصلاح وإعادة التأهيل بإمكانية التعلم في السجن وأخذ الشهادات وإجراء الإمتحانات.

2/ النص على كرامة المحبوس ومعاملته الحسنة واللائقة كإنسان.

3/ إيجاد وسائل بديلة للعقوبة المقيدة للحرية خارج المؤسسات العقابية مما يعرف بنظام البيئة المفتوحة.

4/ مرافقة النصوص الردعية إجراءات وقائية وعلاجية كما هو الحال في قانون المخدرات.

5/ تفعيل العقوبات التكميلية وإبراز دورها في العقاب .

6/ إدماج العقوبات التبعية مع العقوبات التكميلية والتقليص من تدابير الأمن.

7/ إقرار نظام الفترة الأمنية وذلك بمكانية حرمان المحكوم عليه من أي تدبير.

8/ إقرار مسؤولية الشخص المعنوي وتقرير عقوبات له.

و في الاخير نورد بعض الاقتراحات التي رأيناها مفيدة بعد دراسة هذا الموضوع و هي كالآتي :

1/ تفعيل دور المجتمع المدني بإشراكه في مكافحة كل الجرائم دون حصره في جريمة محددة (التهريب).

2/ نزع التجريم لبعض الجرائم ذات الطابع المدني لكثرة ارهاق القضاة بها .

3/ التوسيع في فكرة التصالح امام النيابة.

4/ اعادة ادماج جميع القوانين الخاصة في قانون العقوبات حتى يمكن اخضاعها للمبادئ العامة التي جاءت فيه.

5/ عدم التنازل عن اختصاص التشريع للسلطة التنفيذية، خاصة عندما يتعلق الامر بحقوق و حريات الأفراد.

6/ اعادة النظر في تناسب العقوبات المقررة .

7/ تفعيل العقاب و ذلك بارجاع مفهوم السجن الحقيقي.

8/ التوسيع في عقوبة الغرامة .

9/ تطبيق عقوبة الاعدام او إلغاؤها.

10/ الاختيار الانسب للقضاة الجنائيين.
تمت بحمد الله



قــائمة المراجــع
-الكـتـب:
-الدكتور أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، الطبعة الثالثة، دار هومة، الجزائر 2006
-الدكتور احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجزء الاول، دار هومة، طبعة 2006
-الدكتور احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجزء الثاني،دار هومة،طبعة ثالثة.
-الدكتور احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجرائم الاقتصادية و بعض الجرائم الخاصة،الجزء الثاني،طبعة 2006
-الدكتور احسن بوسقيعة، المنازعات الجمركية،الطبعة الثانية، دار هومة.
-الدكتور احسن بوسقيعة، قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية، طبعة 2006
-الدكتور احسن بوسقيعة، قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية،طبعة 2006
-الدكتور احمد مجحودة، أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري و القانون المقارن،الجزء الأول،الطبعة الثانية، دار هومة،الجزائر 2004
-الدكتور إسحاق ابراهيم منصور، علم الإجرام و العقاب،بلا طبعة،ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر93
-الدكتور عصام عفيفي عبد البصير، تجزئة العقوبة"نحو سياسة جنائية جديدة دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة"،بلا طبعة، دار النهضة العربية،القاهرة 2004
-المستشار فايز سيد اللمساوي و اشرف فايز اللمساوي، موسوعة التهريب الجمركي،المجلة الكبرى،دار الكتب القانونية، مصر طبعة 2004
-الأستاذ امجد سعود قطيفان الخريشة، جريمة غسيل الأموال، دراسة مقارنة،دار الثقافة،طبعة 2006
-الأستاذ جندي عبد الملك،الموسوعة الجنائية،الجزء الخامس، الطبعة الثانية،دار العلم للجميع،بيروت بدون تاريخ.
CODE DE PROCEDURE PENALE FRANÇAIS
-المحاضرات:
-القاضي مخلوفي بغداد، محاضرة ، الوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب، بمجلس قضاء معسكر.
-القاضي ناصر جبار، محاضرة،سلسلة المداخلات حول تعديل قانون الإجراءات الجزائية، مجلس قضاء معسكر.
-القاضي عبدلي هواري، محاضرة،التعليق على الامر05/06، مجلس قضاء معسكر.
-الأستاذ عبد الله خبابة، محاضرة،الأشكال الجديدة للتجريم على ضوء الاتفاقيات الدولية، مجلس قضاء برج بوعريريج.
-الأستاذ محمد عطوي، محاضرة، البدائل في العقوبة و اجراءات المتابعة، مجلس قضاء برج بوعريرج.
-الأستاذ عبد اللطيف ازرتيني، بدائل العقوبة السالبة للحرية في التشريع المغربي بين النظري و التطبيقي.
-قـوانـين:
-قانون العقوبات.
-قانون الإجراءات الجزائية .
-قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين .
-قانون الأسرة .
-القانون المدني.
-أمر رقم 75/80 المؤرخ في 15/12/75 المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجريمة والعقاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفساد و الجريمة المنظمة
» الجريمة المستحيلة في الفقه و القضاء
» إسدال الستار على الجريمة التي هزت المجتمع المصري
» مصر: مرتكب مذبحة (المقاولون العرب) نفذت الجريمة ثأرا لكرامتي
» اللائحة الجزائرية حول تجريم ترويج الجريمة في الإعلام تلقى دعما دوليا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بعزيز التعليمية :: فضاء تعليم العالي و التكويني :: المرحلة الجامعية و الدراسات العليا | Premier cycle et aux études supérieures :: منتدى كلية الحقوق و القانون-
انتقل الى: