" التدخلات الفوقية حرمتني من المشاركة في مونديال مكسيكو "
" بن شيخة وماجر الأجدر لتدريب الخضر ... أو مدرب أجنبي من طينة ليبي وفينغر "
بصدر رحب استقبلنا الدولي الجزائري الأسبق كمال جحمون وخصّنا بهذا الحوار الشيّق، والذي كشف فيه عن الكثير من الحقائق التي عاشها كلاعب منذ بدايته الصعبة مع مولودية الجزائر والأسباب التي دفعته الى الانسحاب، فضلا عن الظلم الذي تعرّض له في 86 بعد إبعاده من التشكيلة الوطنية التي خاضت مونديال مكسيكو. كما تحدث لاعب أولمبي المدية السابق عن العلاقة الجيدة التي كانت تربطه بالمدرب الروسي روغوف، الذي كان يلقبه أنذاك بـ"جاك مون" وعن مواقف كثيرة صادفته خلال مشواره الكروي الطويل...
" بوقرة أحسن لاعب جزائري وأتوقع مستقبلا زاهرا لبودبوز وجابو "
كمال جحمون الذي قدم الكثير لكرة القدم الجزائرية سواء مع الأندية الكبيرة التي لعب لها أو مع المنتخب الوطني في الثمانينيات اختفى فجأة عن الانظار، والجزائريون يتساءلون الآن عما حل بصاحب الصاروخيات؟
في الوقت الحالي أنا إطار بمديرية الشبيبة والرياضة لولاية البليدة، كما أشرف على التكوين على مستوى دائرة العفرون من خلال مدرسة سوناطراك التي تضم 300 لاعب من مختلف الفئات العمرية، الى جانب ذلك كانت لدي تجارب عديدة في التدريب مع فرق من الجهوي، والآن أنا استعد لنيل إجازة الدرجة الثالثة في التدريب .
حدثنا عن بداياتك الكروية التي مهدت لك الطريق للعب في صفوف أندية كبيرة والمنتخب الوطني؟
بدأت مسيرتي في نجم العفرون وتدرجت في مختلف الفئات انطلاقا من الاصاغر الى الاشبال أين قضيت سنة واحدة، وبعدها الاواسط اين ساعدتني بنيتي الجسدية وطول قامتي على لفت انتباه مدرب الاكابر، الذي منحني فرصة اللالتحاق بالاكابر في سن 16 واستغللت ذلك في صالحي، حيث سجلت اول هدف لي في اول ظهور امام نادي العطاف بقذفة من بعيد، هذه اللحظة كانت تاريخية بالنسبة لي وساعدتني على البقاء مع الأكابر والاستفادة بعدها من العديد من المدربين خاصة عيسى حمادي الذي ساعدني كثيرا في تطوير إمكاناتي، حيث كان يقوم بعمل مميز في التكوين ولا أنسى بقية المدربين على غرار محمد مناد وعبد القادر اغيلي وبن تركي الهادي .
من فريق يلعب في الأقسام السفلى إلى أندية كبيرة . كيف تم ذلك؟
حدث ذلك بسرعة بعدما فزت بكأس الجمهوية مع فريق الناحية العسكرية الاولى، حيث سجلت الهدف الثاني الذي سمح لنا بالتتويج سنة 1981، وبعدها مباشرة تلقيت اتصالات عديدة من أندية الدرجة الاولى على غرار اتحاد العاصمة، اتحاد البليدة، شباب قسنطينة، اتحاد الحراش، مولودية العاصمة، فوقع اختياري الأخير على مولودية العاصمة بعدما اقنعني رئيس الفريق عبد القادر ظريف الذي تنقل من أجلي الى العفرون، حينها وجدت أمامي نجوما أمثال باشي وعزوزي، لكن لم أتمكن من اللعب آنذاك وغادرت الفريق بسرعة رغم أني حضرت مع المولودية لمدة ثلاثة أشهر كاملة .
لماذا غادرت المولودية بهذه السرعة؟
صراحة.. لقد مررت بفترة صعبة لأن الانتقال من فريق صغير إلى فريق توج بكأس افريقية ومدجج بالنجوم لم يكن سهلا عليّ، خاصة أن اللاعبين لم يسهلوا عليّ الاندماج في الفريق ولم يساعدوني.. لهذا فضلت الانسحاب من الفريق بطريقة ودية على أن أتعرض الى المشاكل وكان ذلك في صالحي، فقررت العودة الى نجم العفرون وساهمت في إنقاذه من السقوط الى القسم الشرفي، بعدها اتصل بي محمد معوش والتحقت باتحاد البليدة الذي اعتبره فريقي الثاني بعد العفرون، حيث لعبت له لمدة خمس سنوات قمت خلالها بتفجير كل طاقاتي، وهو ما سمح لي بتقمّص الألوان الوطنية عندما تم استدعائي لمنتخب الآمال 1983 سنة من طرف الثنائي معوش ولكاك ... وأتذكر جيدا مشاركتي في أول تربص لي في الهند .
طموحي كان كبيرا آنذاك وهو الالتحاق بالمنتخب الوطني الاول، لهذا كنت مجبرا على اللعب في القسم الأول ومغادرة اتحاد البليدة، الذي يبقى صاحب الفضل الكبير لما وصلت له، وتلقيت آنذاك عروضا عديدة لكنني أصررت على العودة الى مولودية الجزائر كتحد لكل ما حدث معي سنة 1983، خاصة مع بعض اللاعبين الذين أجبروني على مغادرة المولودية من الباب الضيق .
ومتى كان ذلك؟ وهل صادفتك نفس المشاكل؟
عدت إلى العميد سنة 1986 وأمضيت أوقات رائعة ولمدة ثلاث سنوات رفقة جيل جديد، حيث لعبت الى جانب مرزقان، معيش وحفيظ دراجي عندما كان لاعبا... وآخرين، كما أتذكر اختياري أحسن لاعب للشهر قبل بلومي في تلك الفترة في أول نسخة من هذه الجائزة في البطولة الوطنية... كما استفدت من خبرة مدربين كبار أمثال زوبا في السنة الاولى مع المولودية وهو الذي نجحت معه... لقد كان "شيخا" بكل ما تعنيه هذه الكلمة في كرة القدم. وفي الموسم الثاني مع العميد، كدنا نتوج بلقب البطولة مع كرمالي، لكن اكتفينا بالمركز الثاني خلف شبيبة القبائل. وبالمناسبة لا يمكنني أن أنكر مساعدة علي بن شيخ، مرزقان وبويش ناصر الذين لم يبخلوا عليّ بالنصائح وساعدوني في الاندماج مع الفريق، وأستغل هذه الفرصة لشكرهم، خاصة أن المولودية كانت بوابتي نحو الاحتراف في أوروبا.
إذن المولودية ساعدتك على الاحتراف بأوروبا؟
السنوات التي قضيتها في مولودية العاصمة ساعدتني على تطوير إمكاناتي، ما لفت أنظار نادي ماتز الفرنسي، حيث التحقت به وأمضيت معه لموسمين، لكن نقص تحضيري البدني دفع إدارة النادي لإعارتي مؤقتا لفريق بيجيي من الدرجة الثالثة حتى أكسب خبرة أكبر، وبعدها كان من المفترض أن أعود مجددا لماتز، لكن لسوء حظي تعرّضت لظروف قاهرة أجبرتني على العودة الى الجزائر .
ماذا تقصد هنا؟
الوالدة، رحمها الله، كانت مريضة جدّا ما استدعاني العودة إلى الوطن والوقوف إلى جانبها، فعدت مجددا إلى نجم العفرون، وبعدها التحقت بشباب بلوزداد رغم أنني كنت أفكر في الاعتزال .
كيف كانت تجربتك مع الشباب؟
في البداية وجدت معارضة كبيرة من أنصار الشباب الذين عارضوا قدومي لأنني متقدم في السن، 31 سنة، ولا يمكنني تقديم الاضافة للفريق، حيث وصفوني بـ"العجوز"، لكن مع نهاية الموسم تغيّرت المعطيات بعد أن أنهيت البطولة كوصيف لهداف البطولة عبد الحفيظ تاسفاوت بـ19 هدفا، وأصرّ الأنصار بعدها على بقائي بعد أن أنقذت الشباب من السقوط عندما سجلت في مرمى اتحاد عنابة في الجولة الأخيرة... بعد ذلك التحقت بأولمبي المدية وسجلت معه في نهائي كأس الجمهورية سنة 1995 واحدا من أحسن أهداف هذه المنافسة بقذفة صاروخية من حوالي 30م، لكن لسوء الحظ خسرنا في الأخير بهدف لهدفين أمام فريقي السابق شباب بلوزداد .
ألا تعتقد بأنك تأخرت نوعا ما في الاحتراف بأوروبا؟
بالفعل لكن القرار لم يكن بيدي، رغم أني تلقيت عروضا كثيرة وأنا في سن 23 من أندية فرنسية، على غرار ريدستار ولانس وناد نمساوي، لا أتذكر اسمه، وسيون السويسري، إضافة فريق ألماني من الدرجة الثانية.. في ذلك الوقت كنت ألعب لمنتخب الامال حققت نتائج جيدة معه وتحصلت في العديد من الدورات التي شاركت فيها على لقب أحسن هداف على غرار دورة اليابان 1984 وفرنسا ودورة أخرى في اندونيسيا، ما ساعدني على البروز رفقة بلخطوات وتلمساني وكنا مطلوبين بقوة في أوروبا... لكن قانون الاتحادية آنذاك منعني من الاحتراف لأن السن القانونية للاحتراف كانت محددة بـ28 سنة .
كيف التحقت بالمنتخب الوطني الأول؟
أستغل هذه المناسبة لأكشف عن حقيقة لم يسبق لي التطرق إليها سابقا.. لقد كنت مرشحا للمشاركة في مونديال 1986، حيث استدعاني سعدان رفقة عماني على عجل، رغم أننا كنا نشارك في دورة ودية باليابان مع منتخب الآمال، لكن تم إبعادنا في آخر لحظة بسبب "تدخلات فوقية"، وهو ما أثر كثيرا على معنوياتي ...
بعد المونديال تم استدعائي الى المنتخب الوطني وكان لي شرف الاحتكاك بلاعبين كبار على غرار ماجر، عصاد وبلومي وموندياليين آخرين. كما سجلت في اول اختبار لي... بعدها تولى المدرب الروسي روغوف العارضة الفنية للمنتخب الذي كان معجبا بامكاناتي وبنيتي المورفولوجية وكان يشجعني كثيرا ويدفعني الى تطوير إمكاناتي ويقحمني كأساسي في المنتخب .. لقد كنت أحترم كثيرا هذا المدرب الذي كان قريبا مني، حيث كان يلقبني بـ " جاك مون " .
كلاعب دولي سابق إلى ماذا ترجع تدهور مستوى " الخضر " في الأونة الأخيرة؟
أعتقد أننا أفرطنا في تدليل اللاعبين.. الإشهار.. المنح العديدة والأموال الطائلة التي يتلقونها مقابل الدفاع عن الألوان الوطنية... صحيح أنهم صنعوا ملحمة أم درمان وأهلوا الجزائر الى المونديال، لكنهم خذلونا بعد ذلك في كأس أمم إفريقيا وحتى كأس العالم، أين كانوا قادرين على التأهل للدور الثاني بسهولة لو لعبوا بطريقة أحسن.. شخصيا لا أعتبر التعادل مع انجلترا إنجازا، كما يعتبره البعض... الآن يجب إعلان حالة الطوارئ وإعادة المنتخب إلى السكة الصحيحة قبل مواجهة المغرب، خاصة بعد أن أصبحنا ننهزم أمام أضعف منتخبات العالم، كما حدث في إفريقيا الوسطى .
كيف ترى حظوظ " الخضر " في التأهل الى كأس إفريقيا 2012؟
المهمة أصبحت صعبة، لكنها ليست مستحلية... أنا واثق بقدرتنا على اجتياز عقبة المنتخب المغربي في الجزائر وحتى في المغرب... صحيح أن المنتخب المغربي يضم لاعبين محترفين ممتازين على غرار العربي والشماخ، عكس منتخبنا الوطني، إلا أن قوة منتخبنا الوطني تكمن في روحه العالية وليس في نجومه، وهو ما صنع الفارق في كل مرة، وخير شاهد على ذلك المباراة الحاسمة أمام المنتخب المصري في أم درمان.. كما أود الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن لاعبينا المحترفين يشعرون بأنهم مجبرون على رد الديْن للجزائريين الذين وقفوا إلى جانبهم في الفترات السابقة، لهذا أتوقع رد فعل قوي منهم أمام المغرب شهر مارس المقبل .
الفاف تسعى إلى تدعيم العارضة الفنية بمدرب أجنبي . ما هو رأيك؟
بن شيخة صديق عزيز.. لقد كان مدافعا قويا وتمكن من إثبات نفسه كمدرب مع مولودية الجرائر، شباب بلوزداد وأخيرا مع النادي الافريقي التونسي ومكانته مع الخضر مستحقة، لكن من المستحن تدعيم العارضة الفنية بكوادر محلية وأعتقد أن أحسن ثنائي بإمكانه قيادة المنتخب الوطني في الوقت الحالي هو ماجر بخبرته في الملاعب وبن شيخة بصرامته وكفاءته أو حتى الاستعانة بمصطفى دحلب أو نورالدين قريشي كمستشارين .
إذن أنت ضد فكرة الاستنجاد بالمدرب الأجنبي؟
ليس هذا بالتحديد... بل أنا ضد الاستعانة بمدربين متواضعين مثل كفالي أو المدربين البلجكيين الذين لم يقدموا أي شيء لـ"الخضر"... إذا أردنا جلب مدرب أجنبي كبير للمنتحب علينا استقدام مدربين من طينة مانشيني، ليبي أو فينغر.
برأيك من هو أحسن لاعب في المنتخب الوطني؟
مجيد بوقرة هو الأحسن دون أي منازع، حيث فرض نفسه وطور إمكاناته مع غلاسكو رينجرز وأتوقع له النجاح أكثر، كما أتوقع شأنا كبيرا لرياض بودبوز في المستقبل .
هل أنت مع خيار اللاعب المحلي أو المحترف في " الخضر " ؟
أنا مع خيار اللاعب المحترف، لأن العديد من اللاعبين المحليين لا يستحقون اللعب في المنتخب الوطني، إذا ما استثنينا بعض لاعبي وفاق سطيف على غرار يخلف، حشود وجابو الذين أتوقع لهم اللعب كأساسيين مستقلا مع المنتخب الوطني.