أبدى الشارع الجزائري رفضه "مصالحة" زاهر ـ روراوة، ورصدت "الشروق" مشاعر عدم الرضا حيال هذه الخطوة، من خلال استطلاع ميداني مس أفرادا من شرائح وفئات عمرية مختلفة، وتقاطعت تصريحات جل المستجوبين، في تأكيدهم على ضرورة اعتذار المصريين عن مختلف الإساءات التي صدرت منهم، وعلى رأسها التطاول على الشهداء، وهذا كشرط مسبق قبل أي حديث عن التصالح. كما لمست "الشروق" شعورا عاما بالامتعاض من تلبية رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، الدعوة، وهو الشعور الذي تفاوت بين العتاب والغضب الشديد.
خيبة وغضب وحديث عن " صفقة "
يعتقد هشام ذو الـ 25 سنة، أن رئيس الاتحادية المصرية لكرة القدم سمير زاهر، "هو من دبر الاعتداء على المنتخب الجزائري، وارتكب أخطاء أخرى كثيرة في حق شعبنا"، ويؤاخذ هذا الشاب المشتغل في حقل الإعلام الآلي على محمد روراوة "انسياقه وراء نفاق زاهر، الذي نجح في جعله يصالح المصريين قبل أن يظهروا ندمهم ويعتذروا عن إهانة شهدائنا " .
أما رابح، وهو سائق سيارة أجرة في العقد السادس، وأخ لشهيد، فذهب إلى القول بوجود مصلحة شخصية وراء التقاء الرجلين، ويبدي غضبه، لأن ما وصفه بـ"الصفقة" تم على حساب كرامة الجزائريين. وفيما كنا نتحدث مع صالح كان زبونه الجالس على المقعد الأمامي للسيارة يؤمّن على كلامه، قبل أن يتدخل قائلا "المطلوب هو الاعتذار، وسيزول الإشكال، يمكن أن نتغاضى عن اعتدائهم على الفريق الوطني، وتلفيقهم الاتهامات، أما بالنسبة لسب الشهداء فهو خط أحمر ولن نرضى بأقل من الاعتذار".
مشاعر الغضب والخيبة التي اعتملت في نفوس الجزائريين، لخصها مراد في عبارة "هل أصبحنا بلا كرامة وبلا شخصية؟ يسبونا ويعتدون علينا لما يريدون، ثم يصالحونا متى يريدون"، ويضيف قائلا "ما حدث سيجعل الشعوب والدول الأخرى تتجرأ علينا ونفقد احترامنا وهيبتنا".
ينبغي استشارة الجزائريين
خلال جسّ "الشروق" نبض الشارع؛ أجمع عديد المستجوبين على أن روراوة لا يحمل تفويضا من الجزائريين للتعامل باسمهم مع هذا الملف الخطير، وفي هذا الإطار تقول نسيمة إن "روراوة والمسؤولين الذين سمحوا له بالذهاب إلى قطر، كان يتعين عليهم أن يستشيروا الجزائريين أولا، لأن القضية ليست قضية مسؤولين، بل قضية كرامة شعب ".
"أنا لا أقبل لا مصالحة ولا أي كلام من هذا القبيل، والقضية واضحة، هي حكاية مصالح شخصية على حسابنا، المصريون لم يعتذروا ولا أعتقد أنهم سيعتذرون يوما ما"، هذا ما قاله لـ"الشروق" جليل، وهو أستاذ في التعليم المتوسط، وهو يرى كذلك بأن روراوة "لا يمثل إلا نفسه، وأتحداه هو أو غيره إن كان سيقنع الجزائريين بما فعله " .
عدد من المستجوبين عادوا إلى كرونولوجيا الأحداث، بدءا من الاعتداء على حافلة المنتخب ورفض الاعتراف بالواقعة، ثم اتهام الجزائريين بالاعتداء على المناصرين المصريين في أم درمان، مرورا بحملة الشتم المركزة التي طالت الجزائر بلدا وشعبا ورموزا، كل هذه الأحداث جعلت الحكم على لقاء الدوحة بالفشل، لاسيما وأنه كان شاهدا على الأحداث، عند تنقله إلى القاهرة لمتابعة مباراة فريقي البلدين، ويستحضر تلك الأحداث بمرارة: "عندما جاءوا عندنا استقبلناهم بالورود، ولما ذهبنا إليهم ضربونا في الملعب وفي الشارع وفي الطريق وفي الفندق والمطار وفي كل مكان، حتى رجال البوليس ضربونا وحرضوا الناس على ضربنا.. ثم أفرغوا حقدهم من خلال الفضائيات، حتى الفنانات الهابطات شتمن الشهداء، فعن أية مصالحة يتحدث روراوة ومن يكون روراوة حتى يصالح باسمنا؟".
الشهداء ظلموا مرتين !
ما إن سمع الكهل حميد سؤالنا عن لقاء روراوة بزاهر، حتى قام غاضبا من كرسيه، "أنا لا أقبل هذه المصالحة، الشهداء تعرضوا للظلم مرتين، مرة لما شتمهم المصريون في القنوات الرسمية وقالوا بلد المليون جزمة قديمة، والمرة الثانية لما تبادل روراوة القبلات مع زاهر، والظلم الثاني أشد من الأول " حسب رأيه .
في حين يقترح أسامة على زاهر مصالحة من نوع خاص، فهو يقترح تنظيم المصالحة بساحة عمومية بإحدى المدن الجزائرية، ويقترح على " الكابتن " الحضور إلى هناك للاصطلاح مع الجزائريين ..
إلا زاهر .. .
أجمع كثير من المواطنين الذين التقتهم "الشروق" لدى نزولها إلى الشارع على عدم اعتراضهم على المصالحة كمبدإ، على أن تكون مقرونة بالاعتذار والاعتراف بالإساءات التي لحقت الجزائريين، لكنهم أعلنوا اعتراضهم على شخص سمير زاهر. وفي هذا السياق، يتهم عبد الرحمن، رئيس الاتحادية المصرية بأنه المتسبب في الأزمة: "أليس هذا زاهر الذي دبر الاعتداء على حافلة المنتخب، بعد أن أعطاهم الأمان ووعدهم بالحماية الكاملة؟ ثم ظهر بعدها على الشاشات وهو يكذب حصول الاعتداء؟". ومقابل المشاعر "غير الودية" التي يكنها الشارع الجزائري لسمير زاهر، فهناك من يشهد له بميزة واحدة على الأقل، وهي " الدهاء " ، ومن بينهم صالح الذي يسجل هنا أن رئيس الاتحاد المصري " ثعلب ماكر ضحك على الاتحادية الجزائرية وعلى رئيسها ".