المِثاليَّة في الفلسفة نظرية يرى أصحابها أن الحقيقة المطلقة كامنة في عالم يتعدى عالم المادة (المحسوس). ويرون أن الحقيقة كامنة في الوعي أو العقل أو الروح. وطبقًا لهذه النظرة، فإن الحقيقة إما عقلية أو روحانية. ويُطلق على النظرة الفلسفية المعارضة المادية، حيث تمسَّك المادّيون بأن الحقيقة تتكون من الأشياء الموضوعية المادية وحدها وتحكمها قوة مادية بحتة.
في أوائل القرن الثامن عشر، ادَّعى الأسقف الإنجليزي والفيلسوف جورج باركلي، أن العالم الطبيعي ليس إلا مجموعة من الأفكار في العقل الإلهي والأرواح الفردية. وبالنسبة لباركلي، فإن العالم الطبيعي لا وجود له مستقلا عن العقل.
وكان معظم الناس في البداية ينظرون باستخفاف إلى المثالية. لأنها تبدو وكأنها تُنكر حقيقة وجود كل ما نعرفه عن أن هذا العالم مكون من مجرّات وجبال وأشجار وناطحات سحاب. وتقول إحدى القصص: إن صمويل جونسون ـ وهو الكاتب الإنجليزي الشهير في القرن الثامن عشر ـ ركل حجرًا وقال كلماته الشهيرة ¸هكذا يمكنني دحض باركلي·.
يرى معظم المثاليين أن تعليق صمويل أمر لا يتصل بالموضوع. وادعى باركلي أنه لم ينكر وجود العالم المادي أو أنه حقيقي. فمثاليته نظرية تدور حول حقيقة العالم المادي وليس وجوده. وزعم باركلي أن الأشياء المادية هي أمر حقيقي، ولكنها لا يمكن أن توجد بدون الله والأرواح الأخرى. وبالنسبة لباركلي فإنه يرى أنه ليكون لأي شيء وجود، فلابد أن يكون من خلال روح ما.
وفي أواخر القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، حاول الفلاسفة الألمان مثل إيمانويل كانط وهيجل وآخرين من المتأثرين بالمثالية بشتى الطرق، حاولوا إظهـار أن الحقيقة أمر روحاني، أو أنها تعتمد على العقل دون إنكار لحقيقـة العالم المـادي. وفي الواقـع، فإن المثاليـين كثـيرًا ما يجادلون في أن الحقيقة التي تنفصل تمامًا عن العقل، لا يمكن لنا معرفتها. ومن وجهة نظر المثالية، فإن الواقعية ـ وهي وجود الأشياء المادية منفصلة عن العقل ـ هي التي تؤدي إلى الشك والريبة في حقيقة العالم.
استمر المفكرون المحْدَثُون في الجدل حول فكرة طبيعة الحقيقة. فالواقعيون الميتافيزيقيون يعتقدون أن الحقيقة أمرموضوعي ـ بمعنى أن وجودها وطبيعتها منفصلان عن عقولنا. ومع ذلك فإن معظم الواقعيين الميتافيزيقيين يوافقون على أننا لا نعرف العالم إلا كما يبدو لنا فقط، وأن الطريقة التي يبدو بها العالم لنا، تعتمد على عقولنا وحواسنا وخلفياتنا الثقافية. ويعتقد الواقعيون بأن كلاً من وجهتي النظر لا يمكن أن تكون صادقة. وقد توصلوا إلى حل هذا الخلاف بين وجهتي النظر برفض فكرة أن الحقيقة مستقلة عن عقولنا.