سيكون العالم هذا الاثنين على موعد هام مع قمة النووي العالمية، والتي يراهن الكثير عليها في حل الكثير من القضايا التي تشكل مصدر القلق الرئيس للإنسانية خلال القرن الحالي، وأي كانت النتاج التي ستخلص إليها، سيتحدد على ضوئها مستقبل البشر ومصيره على سطح كوكب الأرض.
ولعل المتتبع لهذه القمة في ظل الأوضاع الدولية ليرتد إليه صدى بعضا من الملفات التي شكلت من عناوينها الرئيسة مادة دسمة للتعاطي الإعلامي منذ سنوات متعددة، وذلك لما يمكن أن يقود إليه انحرافها عن سلطة العقل إلى ما لا يحمد عقباه.
وعلى ذلك ستكون القمة التي تدوم يومين بواشنطن المدخل الملائم والجاد لاضطلاع القادة الأربعين المدعوين لحضور قمة الرئيس الأمريكي بارك أوباما، لاتخاذ ما يرونه صوابا نحو تفعيل الإجراءات الكفيلة والضامنة للسير نحو عالم خال من أسلحة الخراب الشامل.
وإذا كانت القمة قد سبقت بما يمكن أن يوسم ببادرة حسن نية بين قطبي النووي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بتوقيعهما على معاهدة (ستارت 2) في العاصمة التشيكية براغ، والتي تنص على تقليص الأسلحة الإستراتيجية ، غير أن الفكرة تبدو إلى حد كبير بعيدة عن نظرية الواقع السياسي الدولي في كامل أبعادة الأمنية والاقتصادية والسياسية والإيديولوجية، والواقعية بشكل عام .
ولعل الباعث المؤشر على هذا ، هو ثنائيات التسلح النووي بين كل من باكستان والهند ، اللتين ما استقرت الأحوال بينهما مذ انفصال باكستان عن الهند، ناهيك عن الصراع الإيديولوجي بين الجارتين، اللتين بلغ بينهما سباق التسلح النووي إلى الذروة بينهما، فضلا عن الدور الإسرائيلي في المنطقة الهندية ونوعية العلاقات التي تربط مومباي بتل أبيب، وعلى ذلك سيكون أول ما تصادفه هذه القمة ، هو نوعية الضمانات وجديتها التي يمكن تقديمها للجارتين ، فضلا عن الضمانات التي يمكن ان تحفظ الحد الأدنى للقضايا السيادية بين الدولتين الجارتين، وفي هذا الباب تجدر الإشارة إلى قضية رئيسة تشكل نقطة تحدي القادة المؤتمرين بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تتعلق بالطرفين مضافا إليهما كوريا الشمالية ، إذ الثلاثي ليسوا أطرافا في معاهدة حظر الانتشار النووي.
موازاة مع ذلك، سيكون النووي الإسرائيلي أول المشكلات التي ستطرق لها القادة في هذه القمة، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار الرفض المطلق لإسرائيل أي حديث عن منشئاتها النووية، منذ التسعينيات من القرن الماضي ، فضلا على عن مقولة الأمن القومي الإسرائيلي التي برزت عقب الثورة الإسلامية في إيران، والتي توجت في الرأي العام الإسرائيلي والرأي العام الأوربي والأمريكي، تحت مقولة الخطر القادم والساعي إلى محو إسرائيل من الخارطة، وعلى ذلك تبرز ذريعة التعنت الإسرائيلي في هذه القمة أكثر من أي وقت مضى، وتفرض على المؤتمرين بواشنطن ضرورة الخوض في الملف النووي الإيراني، الذي تصر طهران منذ بدأ الحديث حوله على سلميته، فضلا عن ذلك جانب السرية الكبير الذي تفرضه إسرائيل على برنامجها النووي، وهو ما يشكل نقطة تحدي للمشاركين في مؤتمر غد، إذ هم مطالبون بتفعيل موقف دولي صريح وواضح إزاء الموضوع، حتى يعطي الشرعية لقمة الغد ، وإلا فإن أي من القرارات الهادفة إلى تفكيك المشروع النووي الإيراني والكوري الشمالي سوف تكون أبعد من أي احترام ، بل الأبعد من ذلك يمكن أن تقود العالم إلى ما لا يحمد يعقباه
إذن:
o إلى ما ستنتهي قمة واشنطن؟
o هل يتحقق مسعى أوباما برؤية عالم خال من الأسلحة النووية؟
o هل ستنجح قمة الغد في كبح سباق التسلح، ومحاصرة طموحات دول عديدة تسعى لامتلاك أسلحة نووية؟
o كيف ستتعامل القمة مع إسرائيل التي ترفض الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي؟
نترك الإجابة لما ستسفر عليه القمة من بيان يقرر مصير العالم .