لم يكن يوم 21 جانفي 2001 عاديا بالنسبة للطفل حمراوي محمد الأمين، حيث تعرض منزل أسرته لحادث أليم إثر انفجار قارورة لغاز البوتان أودت بحياة والديه وشقيقه ليصبح أمين بين ليلة وضحاها يتيما يصارع النجاة من الحروق العميقة التي تعرض لها وشوّهت الكثير من أجزاء جسمه، وبقي في مستشفى وهران لمدة تزيد عن شهرين قبل أن يقرر الأطباء بتر يده التي تعفنت نتيجة الحروق الغائرة، لكن وبمجهود شخصي وسعي حثيث من جدته، تمكن هذا الطفل الذي كان في السادسة من عمره آنذاك من الحصول على فرصة للعلاج بالخارج وبالتحديد بمستشفى مدريد باسبانيا ولم يكن يدري الطفل "حمراوي" أن القدر سيجمعه بمجرة نجوم ريال مدريد في تلك الآونة والتي ضمت الأسطورة زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو، بالإضافة لكل من روبيرتو كارلوس،رونالدو البرازيلي، ماكيليلي، كاسياس وغيرهم،
وشاءت الصدف أن يكون المستشفى في شارع واحد مع ملعب سانتياغو برنابيو الشهير فآلام الحروق وصعوبة العلاج بالنسبة لطفل لم يتجاوز سن السادسة، لم يكن لشيء أن يخفف عنه مصابه سوى مشاهدته اليومية للاعبي النادي الملكي عبر نافذة غرفته، وهم يدخلون لإجراء التدريبات في البيرنابيو.
عم محمد الأمين المدعو "هواري" والذي رافقه طيلة فترة العلاج لمس في عيني ابن أخيه رغبة في التقرب من هؤلاء النجوم فتوجه إلى حارس الملعب وشرح له كل تفاصيل القصة المؤلمة، فوعده هذا الأخير بأن يتحدث إلى اللاعبين لترتيب لقاء معه، وهو ما حصل بالفعل إذ ألح زين الدين زيدان على رفقائه بعد أن سمع القصة المحزنة من أجل القيام بزيارة إلى هذا الطفل اليتيم في المستشفى، لكن عمه تسرع وأخذه عند مدخل الملعب لالتقاط الصور وأخذ أوتوغرافات خوفا من أن لا يأبه نجوم بحجم هؤلاء بطفل مثل محمد الأمين، لكن زين الدين زيدان غضب كثيرا وقال لعم الطفل بأنه وعده والكل كان سيأتي للتضامن معه والتخفيف عنه .
لاعبو ريال مدريد الذين التقوا حمراوي محمد الأمين وهو يضع ضمادات على وجهه ويده وفي حالة تشوّه كبيرة تأثروا كثيرا لما شاهدوه، خاصة بعد سماعهم لتلك القصة المؤلمة التي انتهت بفقدان صغير في السادسة لكل عائلته وبقي وحيدا يأمل النجاة والعودة مجددا إلى الحياة.
- إدارة ريال مدريد أرسلت له دعوة لحضور كلاسيكو 2004
من الذكريات الجميلة التي لا تزال عالقة في ذهن حمراوي محمد الأمين خلال فترة علاجه باسبانيا هو تلقيه لدعوة، خاصة من إدارة ريال مدريد لحضور كلاسيكو 2004 بالبيرنابيو رفقة المرافق له، وهو عمه هواري وبالفعل فقد وجد محمد مكانا خاصا به في المقدمة وبالقرب من المنصة الشرفية للسانتياغو برنابيو أين يجلس كبار الشخصيات، وعلى رأسهم رئيس النادي الملكي فلورونتينو بيريز وحقق حلما يراود الجميع لحضور ولو مرة واحدة لمتابعة أغلى وأشهر كلاسيكو في العالم، مما يعطي درسا رائعا في الإنسانية والاحترافية داخل أندية بحجم النادي الملكي الذي يخصص جزءا مهما من الاشتراكات السنوية المجانية لفئة المعوقين والأطفال المحرومين، وهذا ما كان سيحدث للطفل حمراوي حين وعده زيدان بتسجيل اسمه ضمن قائمة المشتركين لكن الاتصال انقطع بينهما بعد ذلك.
يحب كاسياس لحد الجنون ويحلم بملاقاة " زيزو "
الطفل الوهراني عاش نهائي كأس العالم بين اسبانيا وهولندا على الأعصاب خاصة وأن نجمه الأول "ايكر كاسياس" كان على موعد مع التتويج باللقب الأول لاسبانيا في تاريخ كأس العالم، ويكن محمد الأمين حبا كبيرا للحارس كاسياس الذي عامله بعطف وإنسانية كبيرة عندما كان يعالج بمستشفى مدريد .
وبعد فوز الاسبان بالمونديال خرج محمد الأمين للاحتفال في شوارع وهران وكأن الأمر يتعلق بفوز الخضر بكأس العالم، ومن المشاهد التي أثرت فيه حسب
قوله تلك الصور التي أظهرت الحارس كاسياس يذرف دموع الفرحة عقب تتويج الماتادور بأول لقب عالمي في أول مرة يقام فيها المونديال على أراضي القارة السمراء .