التِّجارة الدولية عملية تبادل السلع والخدمات بين الدول. وتختلف عن التجارة المحلية التي تتم كلية داخل البلد الواحد. وتسمى التجارة الدولية أحيانًا بالتجارة العالمية أو التجارة الخارجية.
تسمح التجارة الدولية للدول بالتخصص في إنتاج المواد التي يتناسب صنعها مع الموارد الموجودة في تلك الدول. وتستفيد الدول من التجارة الدولية عن طريق إنتاج السلع التي تستطيع إنتاجها بتكلفة أقل، وشراء السلع الرخيصة التي ينتجها الآخرون. تُمكِّن التجارة الدولية من إنتاج سلع أكثر وإشباع رغبات إنسانية بطريقة أفضل، مما لو حاول قطر ما، إنتاج كل ما يحتاجه داخل حدوده الخاصة.
وبحلول أوائل التسعينيات من القرن العشرين، بلغت التجارة الدولية ـ والتي تقاس بالصادرات ـ حوالي ثلاثة تريليونات ونصف التريليون دولار أمريكي في السنة. وكانت أهم الأقطار المصدِّرة آنذاك ألمانيا والولايات المتحدة واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة. تُنفّذ معظم التجارة الدولية بوساطة المصدرين والمستوردين غير الحكوميين، ويدار جزء صغير بوساطة الحكومات. وتدار معظم التجارة الدولية في الدول الشيوعية بوساطة الحكومة.
لماذا تتبادل الدول تجارتها. تقوم التجارة بين الدول لنفس أسباب قيامها داخل الدولة الواحدة. فعلى سبيل المثال، التجارة بين أستراليا واليابان تشابه التجارة بين الولايات المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل ولايتي ويومينج ورود آيلاند. في كلتا الحالتين تتخصّص الأقاليم بسبب وجود موارد معيّنة لدى بعضها غير موجودة لدى البعض الآخر، مما يجعل مثل هذا التخصّص معقولاً ومربحًا. تمتلك كل من أستراليا وويومينج مساحة كبيرة من الأرض وعددًا قليلاً من السكان نسبيًا. ويعتبر هذا أفضل مزيج من الموارد الإنتاجية اللازمة للتربية المثلى للأبقار. تمتلك اليابان ورود آيلاند أراضي قليلة، بينما تمتلكان كثيرًا من العمال المهرة ورأس المال. ومثل هذا المزيج يحقق إنتاجًا صناعيًا أفضل. تتخصص أستراليا وويومينج في إنتاج الأبقار وبيع اللحوم لليابان ورود آيلاند. وفي المقابل تتخصص اليابان ورود آيلاند في المنتجات الصناعية وبيعها إلى أستراليا وويومينج.
تُشترى السلع وتُباع بناء على أسعارها، حيث يريد الناس دومًا شراء أرخص سلع متوفرة. وتنتج هذه السلع في الدول التي تكون تكلفة إنتاجها منخفضة، ولهذا السبب فإنّ أسعار السلع الصناعية اليابانية أقل من مثيلاتها في أستراليا.
تفيد التجارة الدولية الناس من طريقين رئيسيين: أحدهما، يستطيع المستهلكون الحصول على سلع أكثر وبتكلفة أقل من خلال التخصص والتبادل بدلاً من محاولة كل قطر الاكتفاء الذاتي وإنتاج كل شيء يحتاجه بنفسه. والآخر يجعل من الممكن أن تستخدم الموارد النادرة بكفاءة أعلى، إذا كان كل قطر يركز على السلع التي يستطيع إنتاجها بكفاءة أكبر من الأقطار الأخرى. يقرر المبدأ الاقتصادي للمزايا النسبية أن كل دولة يجب أن تركّز على السلع التي تستطيع إنتاجها بكفاءة عالية وتشتري من الدول الأخرى السلع التي لاتستطيع إنتاجها بكفاءة مماثلة.
يتم تبادل القدر الأكبر من التجارة الدولية بين الدول الصناعية المتقدمة. وتحدث هذه التجارة لأن دخل معظم الناس في تلك الدول، يسمح لهم بشراء كميات كبيرة من السلع، وكذلك لأن تلك الدول تمتلك معظم الصناعات المتخصصة. على سبيل المثال تصدر الولايات المتحدة الأمريكية الطائرات ومعدات الحواسيب لليابان، وفي المقابل تستورد السيارات ومعدات التسجيل والتلفاز الملون من اليابان.
سياسات التجارة الحكومية. تؤثر تلك السياسات في حجم التجارة بين الدول. يمكن أن تنتقل السلع في التجارة المحلية من مكان إلى آخر بحرية. أما في التجارة الدولية، فتضع الحكومات غالبًا عقبات مصطنعة ضد حرية التجارة من دولة إلى أخرى. إحدى هذه العقبات التعريفة الجمركية ونظام رسوم الاستيراد التي تُفرض على السلع القادمة إلى البلد. تجعل التَّعريفة هذه السلع أكثر غلاء ومن ثم تشجع المستهلكين على شراء سلع الشركات المحلية. وهناك حاجز تجاري آخر وهي الحصص التي يتم بموجبها تحديد كميات الواردات المسموح بها. وطبقًا لهذا النظام يجب على المستورد عادةً الحصول على ترخيص حكومي قبل إحضار السلع إلى البلد.
تقلِّص الحواجز التجارية غالبًا حجم التجارة الدولية، وترفع الأسعار للمستهلكين، وتحرم الدول من الاستفادة الكاملة من التخصّص. ومع هذا تضع جميع الدول مثل هذه العقبات لأسباب متعددة، منها عدم قدرة المنتجين والعمال المحليين على منافسة منتجي الدول الأخرى ذات الكفاءة العالية، ومن ثم يضغطون على حكوماتهم لتحميهم من المنافسة الأجنبية. وفي بعض الأحوال تفضِّل الدول عدم الاعتماد على مصادر العرض الأجنبي خاصة في حالة حدوث حرب. وتحمي الدول غالبًا الصناعات التي تعتبر أساسية للمصلحة الوطنية، على الرغم من أن هذه السلع يمكن استيرادها من دول أخرى بأسعار أقل في وقت السِّلم.
تفرض الدول الأقل نموًا قيودًا تجارية لتشجيع النمو الصناعي لديها، بدلاً من الاعتماد على الزراعة أو المعادن، وتحمي هذه الدول الصناعات الحديثة من مواجهة الصناعات القائمة في الدول الأكثر تطورًا، وذلك لأنهم يعتقدون أن هذه الصناعة هي المفتاح للتقنية الحديثة وللمؤسسات الاجتماعية وحتى للقوة العسكرية.
تمويل التجارة الدولية. تمتلك الدول المختلفة أنظمة نقدية مختلفة. ونتيجة لهذا يجب أن يكون المستوردون قادرين على مبادلة نقودهم بنقود الدول التي يشترون منها السلع. على سبيل المثال، يجب أن يدفع المستورد الماليزي الذي يشتري سلعًا من المصدر البريطاني بالجنيه الأسترليني. ويمكن أن يحصل بنك المستورد الماليزي على الجنيه من سوق الصرف الأجنبي التي تُباع فيها العملة الأجنبية وتُشترى، ويُعرّف معدل الصرف الأجنبي بأنه سعر وحدة العملة الأجنبية معبرًا عنها بالعملة المحلية.
تحتفظ معظم الدول بسجلات لمعاملاتها مع الدول الأخرى. وتسمى هذه السجلات بميزان المدفوعات. وإلى جانب الصادرات والواردات يشتمل ميزان المدفوعات على بنود أخرى مثل: المساعدات الأجنبية والاستثمارات الخارجية والدخل الناتج عن الاستثمارات ونفقات السياحة. وإذا كان على الدولة أن تدفع إلى الدول الأخرى أكثر مما تسلَّمته منها، فإنها تواجه عجزًا في ميزان مدفوعاتها.