يحل عيد الفطر علينا هذا العام في أجواء خاصة نستذكر فيها بقلوب حزينة الصحفيتين البارزتين “غنية شريف” و”كتيبة حسين” اللتين رحلتا في 24 أوت الماضي، لكنّ روحيهما لا تزالان تنبضان بقوة مع غرة العيد.
وسيظلّ رمضان 2010 محفورا في ذاكرة الإذاعة الجزائرية التي فقدت فيه “غنية مخوخ” المعروفة باسم غنية شريف وكتيبة حسين، بعد مسار طويل حافل بالعطاءات في القناة الإذاعية الثالثة، تاركتين ورائهما فراغا رهيبا يصعب سده.
لا نزال نستشعر روح غنية وأفكارها النابضة التي ظلت حريصة على إنضاجها خلف الميكروفون كرئيسة تحرير متخصصة، وعلى أهبة العيد نحتفظ بإسهامات “أم ناريمان” في ”ضيف التحرير”، ”مباشرة من البرلمان” و”بكل صراحة”، فضلا عن متابعاتها الميدانية والنقاشات التي كانت تديرها باقتدار حول قضية الصحراء الغربية.
العيد يهلّ علينا أيضا، ونحن نفتقد المرحومة “كتيبة حسين” التي لعبت دورا محوريا لسنوات طويلة في التعريف بإرث الجزائر الحضاري وموسيقاها التراثية، عبر حصتها “أغاني حياتنا” التي تحولت على مر السنين إلى مرجع أساسي للكثير من الباحثين والهائمين بالتاريخ الفني للجزائر، ولم يكن المرض العضال ليحول دون استمرار كتيبة شأنها في ذلك غنية، في الاستمرار قدما على درب الإبداع الإذاعي ومراعاة خصوصيات بلد شاسع مثل الجزائر التي هي أكبر من دولة وأصغر من قارة، وما يتصل بذلك من حتمية ضمان التوازن في التغطية الإعلامية والوفاء بموجبات مبدأ الخدمة العمومية وإيصالها إلى سائر المتلقين، وهو منطلق ارتكزت عليه الإذاعة الجزائرية، وساعد على بلورة تجربتها تاريخيا، على نحو يمهّد لافتتاح آفاق مبتكرة أوفر أداء وأكثر فعالية.
وتعانقنا غرة العيد، ونحن نستعيد بحنين ذكريات صحفيين رحلوا عنا قبل عام، وهما الفقيدان مريم ياسين ومحند ساعو، اللذين تركا بصماتهما واضحة في سماء الإذاعة الجزائرية، تماما مثل الصحفية المخضرمة “باية قاسمي” التي فارقتنا في 25 أفريل الماضي، وقبلها المرحوم “شوقي مدني” إضافة إلى ما لا يقلّ عن سبعة صحفيين رحلوا عنا خلال العام 2009.
وإذ نحتفل بعيد الفطر وقلوبنا خاشعة لقضاء الله ، فإنّ الأكيد أنّ من رحلوا عنا، سيبقون أحياء بيننا بمساراتهم المهنية الاستثنائية وتفانيهم وشجاعتهم.