لا يختلف اثنان من المهتمين بمتابعة التقنيات المعلوماتية على ان شبكات التواصل الاجتماعي شكلت سمة عام 2009، الذي شهد ارتفاعا غير مسبوق بشعبية هذه المواقع - تويتر وفيسبوك على وجه الخصوص.
السبب يعود بالطبع الى التطور المذهل الذي شهدته تكنولوجيا الاتصال مما وفر وسائل استثنائية لنقل خدمات يحتاجها الناس في عملهم وحياتهم اليومية. فضلا عن وقوع أحداث كبيرة كالتي عاشتها ايران في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية صوبت أعين أجهزة الإعلام ومؤسسات البحث والمنظمات المختلفة وحتى الأفراد إلى مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها مصدرا هاما لنقل المعلومة وإيصالها الى أي مكان.
وتكرس خلال هذه الأحداث وأحداث أخرى مشابهة دور المجتمع في نشر المادة الخبرية والصحافية، بلمح البصر ودون عناء، مما افرز قيما جديدة للثورة المعلوماتبة، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن إجراءات منع وسائل الإعلام التقليدية من الوصول لمكان الحدث لم تعد مجدية في هذا العصر.
نعرض هنا للتطور الذي شهده عالم التقنيات خلال العام الذي يختتم أول عقد في الألفية الثالثة:
عام الشبكات الاجتماعية:
مع إدراك الحاجة الملحة الى الاتصال السريع والمباشر في أي وقت ومن كل مكان، طورت شبكات التواصل الاجتماعي أدواتها، في الوقت ذاتة أدركت مؤسسات كبرى (دول وحكومات وشركات) وسياسيون بارزون ضرورة النظر في إقامة صلة مباشرة مع الآخرين جمهورا وأفرادا ومنظمات عبر أحدث وسائل التكنولوجيا.
لكن الأمر الأكثر إثارة هو اتساع رقعة استخدام هذه المواقع لتصبح مصدرا للخبر العاجل وأداة لإيصال المادة الصحفية، خصوصا من مناطق تتعذر فيها التغطية الإعلامية لأسباب مختلفة.
وتقفز الى الذهن، في هذا الصدد، الأحداث الإيرانية التي أعقبت الانتخابات كمثال واضح على الدور الذي لعبته تلك المواقع في نقل الأحداث بالنص والصورة الى متلقيها عبر الإنترنت أو عبر وسائل الإعلام، متجاوزة دور المدونات الإلكترونية التي كان لها السبق في أحداث سابقة كما هو الحال أيام في العراق.
وفي منحى مشابه استخدمت تلك المواقع وسيلة لاتصال السياسيين بالجمهور والشركات بالمستهلكين.
فقد أصبحت أداة في الحملات الانتخابية، كما جرى في الانتخابات الأمريكية الأخيرة. واستثمر القائمون علي حملة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، موقع تويتر الاجتماعي لإيصال صوتهم الى الناخب، الأمر الذي تكرر مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية والأحداث التي تلتها.
ووجد رجال الأعمال والشركات في تلك المواقع، تويتر وفيسبوك مثلا، طريقة مثلى من حيث السرعة والتكاليف، للاتصال بالمستهلكين.
هذا الأمر جعل من انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ونشر المدونات السريعة سمة لعام 2009، الذي شهد ارتفاعا غير مسبوق بشعبية هذه المواقع - تويتر وفيسبوك على وجه الخصوص - بسبب تقديمها خدمات يحتاجها الناس في عملهم وحياتهم اليومية، فضلا عن إقامة صلات مع آخرين والعثور على أشخاص انقطعت الصلة بهم لسبب ما.
وقد شهد العام انضمام أعداد كبيرة من مستخدمي المواقع الاجتماعية بصورة عامة. وسجل موقع فيسبوك رقما مذهلا إذ وصل عدد المشتركين فيه الى 350 مليونا، بينما ضاعف تويتر بمقدار عشر مرات عدد مستخدميه، من اربعة ملايين في بداية العام إلى 40 مليونا في أواخره، حسب مواقع البحث والإحصاء الإلكتروني.
وارتبط ذلك التطور في ظهور الهاتف الذكي بديلا عن الهواتف المحمولة المعهودة، مما أتاح للمستخدم فرصة اصطحاب جهاز يزاوج ما بين تطبيقات الكومبيوتر المحمول وخدمات هاتف الموبايل التقليدية وذلك بعد أن أطلقت الشركات نسخا جديدة مثل آي فون جي 3 أس، وأندرويد فون. وحقق ذلك نجاحا مذهلا للشبكات الاجتماعية في نقل المعلومة نصا وصورة الى بقاع العالم في لحظات.
40 عاما على الإنترنت ونهاية احتكار الحرف اللاتيني:
وواصلت الشبكة الإلكترونية، خلال العام، تطوير أدواتها حتى أنها وصفت هذا العام بأنها "تتمخض في عامها الأربعين عن أحد أهم مواليدها"، بعد إعلان المنظمة التي تشرف على نطاقات الشبكة والمعروفة باسم "إيكان" عن الموافقة النهائية على استخدام الأحرف غير اللاتينية كالعربية والصينية والهندية في عناوين الإنترنت.
وسيشهد العام 2010 نهاية احتكار الحرف اللاتيني لعناوين الإنترنت. وهذا يعني أنه سيكون بوسع أكثر من نصف مستخدمي الشبكة عبر العالم والذين يتحدثون لغات لا تكتب بالحرف اللاتيني، أن يضعوا عناوين مواقع إلكترونية بلغاتهم الأصلية. علما أن العدد الحالي لمستخدمي الإنترنت يقدر بـ 1.6 مليار مستخدم من جميع أنحاء العالم.
وبعد سنوات من البحث والاختبار، جاء تصديق إيكان أثناء مؤتمر عقد في أكتوبر/ تشرين الأول 2009 في سيول عاصمة كوريا الجنوبية.
والمؤتمر إحياء لمرور 40 عاما على الكائن الإلكتروني الذي شهد قفزات كبرى في مسيرة نموه؛ تمثلت بتطوير تقنيات ضخ حزم المعلومات عبر كوابل خاصة تبعها الانتقال الى وسيلة استخدام خطوط الهاتف وجاءت بعد ذلك مرحلة النطاق العريض (البرودباند) لتكون الشبكة ركنا مهما من أركان النشاط البشري بإتاحة المعلومة ومصادرها بأكثر السبل سلاسة.
وخلال ذلك وإثره أضيفت تقنيات مهمة أصبحت من حياتنا مثل البريد الإلكتروني وما تبعه من تطورات شكلت مجتمعة سمة عصرنا الراهن.
كما شهد هذا العام إعلان شركة مايكروسوفت عن الاختبار الأولي للنظام التشغيلي لويندوز – 7 في بداية العام، وأطلقته في الخريف، في موعده المقرر على العكس من سلفه نظام فيستا الذي تأخر سنتين عن الموعد المحدد لإطلاقه.
وبالرغم من أن فيستا كان نظاما متطورا، لكن من بين الميزات المضافة التي يتضمنها ويندوز – 7 وجود تسهيلات أكثر في ما يتعلق بالوساط المتعددة "ملتي ميديا" كما أنه أكثر سرعة من فيستا خصوصا في أجهزة الكومبيوتر المحمولة، إضافة الى التحسينات من حيث الشكل.
المكتبة الرقمية العالمية
كان إطلاق منظمة اليونسكو في ربيع عام 2009 اضغط هنا المكتبة الرقمية العالمية ، دليلا آخر على دور تكنولوجيا المعلومات في نشر المعرفة وإيصالها للمستخدم بأيسر السبل.
وتشكل هذه المكتبة أرشيفا للمراجع والوثائق والمخطوطات النفيسة ومن بينها مقتنيات العشرات من المؤسسات الثقافية والفكرية العالمية
واعتبرت المكتبة التي انضمت الى مواقع أخرى للإرشيف المكتبي أهمها موقع جوجل ومكتبة الاتحاد الأوروبي، خطورة أخرى في طريق التفاعل الثقافي والحضاري العالمي.
وتضم المكتبة وثائق ومراجع من أهمها أرشيف مكتبة الكونجرس ومساهمات من المكتبة الوطنية العراقية ودار الكتب والمحفوظات المصرية ومكتبة الاسكندرية ومشاركات من مكتبات وجهات عربية وعالمية كثيرة.