بمناسبة مرور 14 عاماً على حصول البطلة السورية غادة شعاع على الميدالية الذهبية العربية الأولى والوحيدة في مسابقة السباعي في أولمبياد أتلانتا 1996, خصص موقع الجزيرة الرياضية لقاءاً خاصاً مع البطلة السورية والعربية.
يذكر أن بداياتها كانت مع كرة السلة, لكنها انتقلت لألعاب القوى وسرعان ما بدأت بتحقيق النتائج المميزة، فازت بلقب غوتزيس – النمسا, وما زالت تحتفظ بالرقم القياسي الآسيوي حتى الساعة (6942 نقطة).
تسببت الإصابة في منعها وحرمانها من تحقيق نتائج مبهرة بعد الانجاز التاريخي في أولمبياد أتلانتا 1996، وكانت أفضل نتيجة حققتها بعد ذلك هي الميدالية البرونزية في بطولة العالم 1999 في إشبيلية.
في حديث عبر الهاتف معها, حدثتنا غادة شعاع عن تجربتها وأمنياتها.
- ما هو شعور غادة شعاع بعد مرور 14 عام على حصولها على الميدالية العربية الأولى والوحيدة في مسابقة السباعي؟
طبعاً هذا شعور لا يحس به إلا البطل او البطلة, لها ذكريات كثيرة وعزيزة. كما تعلمين, الحاضر والمستقبل هام, ويجب على المرء التفكير بهما والتخطيط لهما, لكن للماضي دائماّ ذكرياته الخاصة.
- ما هي برأيك الأسباب وراء عدم تحقيق أي عربي لأي انجاز يذكر بهذه المسابقة تحديداً؟
مسابقة السباعي هي مسابقة معقدة وصعبة, وأعتقد, برأيي الخاص ومن متابعاتي للألعاب والبطولات, من الصعب في هذه الفترة أن يتمكن أحد من تحقيق أي إنجاز في هذه المسابقة, هذا من وجهة نظري طبعاً. هناك احتمال بسيط جداً أن يتمكن أحد رياضيي المغرب العربي من تحقيق نتيجة ملفتة في المسابقات المتوسطة المسافات, ولكن أكرر, من الصعب جداّ لأية عربية أخرى, على وجه التحديد, أن تتمكن من إحراز أية نتيجة تذكر بالسباعي.
لماذا برأيك؟ ما هو التحضير الخاص الذي مكن غادة شعاع من تحقيق هذا الانجاز؟
سؤال مهم جداً, يجب على الانسان أن يتعب جداً من أجل تحقيق نتيجة مماثلة, خاصة وأن في تلك الفترة لم يكن الإعلام قوياً ولم يكن هنالك أنترنت وقنوات فضائية تساعد على تغطية النجاح والتطور, ومع الأسف وحتى هذه اللحظة, لا تعطي القنوات الفضائية والبرامج الرياضية أهمية لهذه الرياضة. أنا لست ضد كرة القدم, لكن أتمنى من الفضائيات التركيز على هذه الألعاب مثل تركيزها على كرة القدم. مع الأسف نرى الآن تراجع كبير بمستوى هذه الألعاب, لقد ذكرت هذا الأمر من قبل وأعيد وأكرر, العالم كله الآن يحضر لألعاب لندن 2012, ولكن أين نحن من هذه التحضيرات؟ مع الأسف نحن متأخرين جداً. يجب على الاتحادات الرياضية العربية العمل بجد من أجل تحسين صورة اللاعب العربي.
من خلال إقامتك في ألمانيا منذ فترة طويلة, ما هو الفرق الذي لمستيه في التحضير والإعداد للرياضيين بين بلادنا وألمانيا تحديداً؟
بالدرجة الأولى هناك مقومات يجب أن تتواجد عند الرياضي, ليس من السهل أن تكتشفي بطل رياضي! هنا الناس تقدر الرياضي وتحضره بشكل صحيح, ألمانيا توفر أفضل الظروف وكل التسهيلات, فالبطل الأولمبي مشروع طويل الأمد وليس شغل سنة او سنتين. أنا مررت بظروف صعبة جداً, لم يتوفر لي أي من هذه المقومات.
لا يوجد عندنا جدول زمني للمدربين والمدربات. هذه الرياضات الفردية بحاجة إلى الصبر ونحن "ما عنَدنا صبر". بالطبع ليس هناك مستحيل, نستطيع أن نغير إن أردنا, ألعاب لندن هي بمثابة الاختبار الأخير للدول العربية. يجب من خلال مشاركاتهم في لندن 2012 أن يقيسوا معاييرهم ومن بعدها "كل شي بيصير".
حصل الكثير من الرياضيين العرب على مناصب هامة في بلادهم بعد تحقيقهم لنتائج رياضية هامة, أين غادة شعاع من هذا الأمر؟
هذا سؤال حساس, أنا لا أحب المناصب, ليس تكبر, ولكن إن حصل وعرض علي أي منصب في بلادي سوف أرفضه. أنا إنسانة عملية, لا أحب الكراسي, أفضل أن أوضع بمكان أو منصب يمكنني من تقديم أي فرق. وأكرر, سوف أرفض أي منصب لأنه من المفروض أن تكون هناك بنية تحتية مناسبة وهذا أمر لا يحدث بين ليلة وضحاها. نحن متأخرين جداً مقارنة مع دول عربية أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر.
حتى الآن لم يعرض علي أي منصب في بلدي لكن إن عاد الأمر لي, أفضل من سوريا ترشيحي مثلاً للانضمام للجنة الأولمبية, مع الأسف الشديد, لم يفكر أحد بهذا الأمر. أنا أملك الأحقية والأسبقية بالترشح ولكن مع الأسف, نحن منسيين من بلداننا وإعلامنا, على الرغم من التطور الملحوظ والكبير في مجال التكنولوجيا والاتصالات.
بالحديث عن الإعلام والفضائيات, يذكر أنه كان لك تجربة مميزة مع قناة الجزيرة الرياضية كمحللة رياضية بعدة مناسبات, كيف تصفينها, وهل هناك احتمال لتكرار هذه التجربة مع الجزيرة أو غيرها؟
لم أكن أؤمن كثيراً بهذا الأمر ولكن وجهة نظري تغيرت الآن مع وجود كل هذه المحطات الفضائية. الآن أرغب بالعمل في أية محطة فضائية عربية ولكن مع الأسف لا تفكر محطاتنا الاستفادة من الاسماء الكبيرة التي حققت نتائج مميزة والتي تعد على أصابع اليد الواحدة. أرجو من الفضائيات الاهتمام بنا أكثر وإيجاد لنا مكاناً مناسباً في صفوفها.
كما لدي رجاء خاص, أن يستضيفوا محللين مختصين بهذا المجال, أتمنى فعلاً أن يركزوا على هذه النقطة. فليس من العدل أن يجلس أمثالي يشاهد أناس غير مختصين يحللون أمراً غير متمكنين منه. هذا أمر يحزنني فعلاً.
أما بالنسبة لتجربتي مع الجزيرة, قد كانت تجربة ممتازة أعتز بها جداً, لكن للأسف انقطع الاتصال بيننا نهائياً بعدها. وأقول الآن, أذا حصلت على فرصة مماثلة, في الجزيرة أو غيرها من المحطات العربية الكبيرة, لن أرفض على الرغم من سعادتي وارتياحي في ألمانيا وفي عملي الحالي.
بالمناسبة, تعملين الآن بمجال التجميل, جميلة هذه الخلطة بين المجالين المتناقضين نوعاً ما!
"تضحك" تعلمين, لم يكن لدينا الوقت الكافي للاهتمام بأنفسنا أو حتى التفكير بهذا الأمر. ربما الآن هذه فرصة للتعويض.
بالعودة إلى موضوعنا, هل تعتقد غادة شعاع أن الإصابة في أواخر التسعينات, حرمتها من تحقيق نتائج هامة أخرى؟
للأسف للأسف الشديد, أثرت الإصابة علي جداً جداً جداً. كنت أرغب بتحطيم الرقم العالمي, وكنا أنا ومدربي نعمل على هذا الأمر, لولا هذه الإصابة كنت, والله أعلم, قد حققت نتائج مذهلة. لكن هذا نصيبي وقدري وأشكر الله على كل شيء.
أرسلني الرئيس بشار الأسد إلى ألمانيا للعلاج, وبالمناسبة, قد تمكنت من تحقيق بعض النتائج الهامة بعد الإصابة أهمها الميدالية البرونزية في بطولة العالم في إشبيلية. لكن مع الأسف, لم أسمع كلمة مبروك من أحد في بلدي. وأنا حتى هذه اللحظة, لم أتلقى التكريم المناسب في بلدي. لا يجب أن يعامل الأبطال بهذا الشكل. صحيح أنني أحمل الجنسية الألمانية, ولكن لبلدي الأولية دائماً, يجب أن تأمرني سوريا بالعودة إلى بلدي والاستفادة من خبراتي وأنا بالطبع سوف ألبي, بل أتمنى العودة وإفادة بلدي ما استطعت.
ما هي مشاريع غادة شعاع المقبلة؟
كما ذكرت سابقاً، أعيش الآن في ألمانيا, مرتاحة وسعيدة جداً فيها وبعملي. أتمنى أن أحصل على عرض من القنوات العربية الرياضية, فأنا أحزن عندما أرى معظم اللذين شاركوا معي في المسابقات والبطولات على شاشات التلفاز, ليس هذا فقط, ولهم وجودهم أيضاً في اللجنة الأولمبية.
للأسف, في بلادنا لا يفخرون بأبطالهم. أتمنى أن يصل ندائي هذا عبر موقعكم وعبر اسم الجزيرة الرياضية. فأنا أتمنى أن أرى أسماءاً جديدة لامعة في عالم اللعبة , ولكن أتتمنى أن يتم الاهتمام أكثر بالأبطال السابقين أيضاً.