بعيدا عن كاميرات التلفزيون وأعين المعجبين والمتتبعين نزل معلق الجزيرة الرياضية زميلنا حفيظ دراجي ضيفا على "الشروق" أمس، فكانت لنا معه جلسة حميمية بدون ضوابط ولا قيود، خضنا معه في الحديث أولا عن المنتخب الوطني وما قدمه في المونديال ومنتخب ما بعد المونديال، كما تطرقنا معه لتجربته في القناة القطرية التي أغلقت عامها الثاني، فكان الرجل صريحا إلى أبعد الحدود، وهو الذي لديه باع في الصحافة الرياضية الجزائرية، ولا سيما بحكم معايشته لعديد المراحل التي مرت بها هذه الأخيرة والتنوع الذي حصل في مشواره العملي بين القناة التلفزيونية الجزائرية العمومية وقناة الجزيرة الرياضية المختصة .
أعلمكم أن فيلما مفصلا عن كل صغيرة في المونديال بصدد التحضير وسيبث مفصلا في الأسابيع القليلة المقبلة ويتضمن جزءا هاما عن المشاركة الجزائرية .
" من مصلحة مؤسسة التلفزيون التعامل مع الجزيرة إلى غاية 2018 "
- حفيظ ... كأس العالم انتهت والجزيرة الرياضية كانت القناة رقم واحد طيلة هذه المنافسة، كم قدرت أرباحها؟
في البداية أقول إن الجزيرة الرياضية استثمرت 40 مليون دولار كتكاليف تغطية نهائيات كأس العالم دون الحديث عن المصاريف الأخرى، وأظن أن الأرباح كبيرة ولا يوجد بحوزتي الأرقام، لكن المؤكد أن الجزيرة الرياضية لا تبحث عن الأرباح بقدر ما تهدف لتقديم خدمة رياضية لكل المشاهدين دون استثناء، والجزيرة الرياضية لا تبحث عن الربح من خلال بطاقات الاشتراك، لكن من خلال الإشهار والمبالغ التي يذرها على القناة، أعتقد أن الهدف الأول للجزيرة الرياضية ليس ماليا، بل إشهارا بالدرجة الأولى، بدليل أن القناة رفعت عدد قنواتها إلى 15 بعدما كانت بالأمس القريب تقدر بأربع قنوات فقط، وهي التي تضاف إلى قناة الجزيرة الإخبارية التي تملك هي الأخرى عددا من القنوات الفرعية، أظن أن السياسة المتبعة على مستوى إدارة الجزيرة الرياضية بدأت تعطي ثمارها على مستوى الطبقة الشعبية العربية وغيرها، بدليل أنها تحولت إلى المرجع رقم واحد لما يتعلق الأمر بالأخبار والمباريات الكروية وحتى الأحداث الرياضية الأخرى، و هو أكبر دليل على النجاح الذي هي بصدد تحقيقه .
- وهل تعتقد أن تغطية المونديال الأخير كانت ناجحة؟
بطبيعة الحال كانت ناجحة وربما أكثر، لقد سخرت القناة إمكانات كبيرة لإنجاح الحدث، وأوفد حوالي 150شخص إلى جنوب إفريقيا من صحفيين، تقنيين ومحللين من الطراز الرفيع من أمثال ماتاوس، تاراغونيس، فينغر، وغيرهم من الأسماء الكبيرة التي نشطت المونديال من خلال التواجد على البلاطو أو في الملاعب المختلفة، وأعلمكم أن فيلما مفصلا عن كل صغيرة في المونديال بصدد التحضير وسيبث مفصلا في الأسابيع القليلة المقبلة ويتضمن جزءا هاما عن المشاركة الجزائرية .
- لكن النقطة السوداء التي أغضبت مشتركي الجزيرة كانت التشويش الذي بقي سائدا إلى غاية آخر يوم من المونديال؟
أظن أن مسؤولي الجزيرة الرياضية على علم بالجهات التي ظلت تشوش وسترد عليهم في الوقت المناسب، كما أظن أن من مصلحتها الآن ومن باب الحفاظ على سمعتها الطيبة لا تريد الدخول في صراعات مباشرة مع المشوشين، كما أن كل من تابع مسار الأحداث خلال المونديال يعرف الجهة التي كانت تشوش .
- الجزائريون لم يفهموا سبب بث بعض المباريات التي اشتراها التلفزيون الجزائري في القنوات المفتوحة؟
أظن أن التلفزيون الجزائري لما اشترى 22 مباراة من المونديال لم يطلب الاستثنائية، لهذا فبث المباريات في القنوات المفتوحة ليس ذنب الجزيرة الرياضية طالما أنه لم يكن هناك اتفاق مسبق بين التلفزيون الجزائري والقناة.
- بصراحة حفيظ، كم يقدر عدد المشتركين الجزائريين في الجزيرة الرياضية؟
يفوق امائة ألف مشترك، فالجزائر والمملكة العربية السعودية هما الأكثر من حيث المشتركين في القناة، بينما البلدان العربية الأخرى فعدد المشتركين متواضع جدا .
- لذلك تركز الجزيرة الرياضية كثيرا على السوق الجزائرية؟
هذا عاد جدا، طالما أنه يوجد عدد كبير من المشتركين، كما تسعى الجزيرة لضمان عدد أكبر وتشجيع المشاهد الجزائري والعربي بصفة عامة على الانضمام لعائلة مشتركي القناة .
- لكن مقارنة بالبلدان العربية الأخرى، التمثيل المصري ضعيف على مستوى الجزيرة الرياضية، ما السبب في رأيك؟
لا أعتقد ذلك، طالما أن هناك عددا كبيرا من المثريين على مستوى القناة، سيما على مستوى الأقسام التقنية، وحتى في التحرير، يوجد بعض الزملاء من مصر أحدهم معلق، وأحيطك علما أن القناة تحرص على تلبية كل الرغبات، بدليل في نهائي المونديال تم تعيين ستة زملاء للتعليق على المباراة، وهذا بهدف تمكين الجميع من متابعة المباراة مثلما يريدون .
- وكيف تقييم السنتين اللتين قضيتهما لحد الآن على مستوى القناة؟
الحمد لله، أظن أن التجربة ناجحة إلى أبعد الحدود، طالما أنها سمحت لي بالعمل مع صحفيين من جنسيات مختلفة وهذا هام جدا، كما سمحت لي بإبراز مؤهلاتي جيدا من خلال التركيز فقط على التعليق، أنا الذي لم تتح لي الفرصة في السابق للعمل كما يجب بسبب المسؤوليات التي تقلدتها آنذاك، ففي بعض الأحيان كنت أقدم الحصص دون أن أحضرها، لكن الآن أعمل بحرية وبتركيز كبيرين، والفرصة سمحت لي بتغطية كأس أمم أوروبا، وثم المونديال وسط إمكانات كبيرة .
- هل ندمت على عدم التوجه للخارج من قبل؟
لا، لم أندم، حتى في التلفزيون الجزائري تعلمت الكثير وكانت الفرصة آنذاك أمامي لتقلد عديد المسؤوليات، والتلفزيون الجزائري يبقى في نظري مدرسة كبيرة وعريقة، أعتز بالتعلم والعمل فيها .
- تؤكد إذن أن مستوى الصحفيين الجزائريين عال؟
ومن قال لك العكس ! ؟ الصحفي الجزائري ينجح أينما حل أو ارتحل، لأنه ببساطة عمل في ظروف صعبة و برز، فطبيعي جدا أن يبرز ويتألق لما تكون ظروف العمل أفضل .
- لكن الزملاء الصحفيين غضبوا منك كثيرا يوم صرحت أن الصحفي الجزائري لا يحسن التحدث بالعربية بطلاقة لسان؟
لا. لم أقل هذا، بل بالعكس.. قلت إن لا أحد يشكك في مستوى الجزائريين من مثقفين وصحفيين، لكن لأسباب تاريخية متعلقة بالاستعمار، يجدون بعض الصعوبات لما يتحدثون اللغة العربية الأكاديمية، ولا زلت أتذكر أيام كنت في التلفزيون، حيث واجهت في عديد المناسبات صعوبات للعثور على محللين من التقنيين، ممن يحسنون التحدث بالعربية السليمة، ولم يسبق أن شككت يوما في مستوى ومؤهلات الصحفيين الجزائريين .
- يشاع وسط الإعلاميين الجزائريين أنك بصدد العمل لإدخال الجزيرة الرياضية إلى الجزائر من الباب الواسع، ما تعليقك؟
لا يمكنني القيام بذلك، لأن قرار عودة الجزيرة إلى الجزائر يتعلق بالسيادة الوطنية وليس بإمكاني القيام بهذا الأمر، والجزائر لديها قيادة سياسية تتكفل بمثل هذه القرارات الهامة، بل أقول إن من مصلحة التلفزيون الجزائري التعامل مع الجزيرة في المستقبل، طالما أنها اشترت كل حقوق بث مباريات كأس أمم إفريقيا والأندية إلى غاية 2018، وحتى بخصوص التعاملات مع التلفزيون الجزائري، أظن أن الجزيرة تتفهم قرارات الدولة الجزائرية، وهي تعمل على تسهيل العمل مع التلفزيون الجزائري والجزائر على حد سواء.
- وما ذا عن حصة " بكل روح رياضية؛ التي تنشّطها
ستعود بعد شهر رمضان، الحصة نجحت بالرغم من قصر المدة التي بثت فيها، صحيح أن هناك عدة نقائص لاحظتها و كل المشاهدين، وسنحاول تصحيحها، وإن شاء الله ستكون نافذة ناجحة للتعبير عن مشاكل الكرة العربية في كل البلدان، والحصة في الواقع منبر هام جدا للتعبير بكل شفافية عن مشاكل الكرة
- البعض يرى أنك لا تصلح لهذه الحصة والمنابر الكروية، بل للتعليق فقط؟
حتى أنا سمعت هذا الكلام، ربما يقولون هذا الكلام لأنهم لم يسبق لهم أن شاهدوني أنشط حصصا مثل حصة بكل روح رياضية، لهذا يرون أنني لا أصلح سوى للتعليق، مع العلم أنني سبق ونشطت حصصا من هذا النوع لما كنت في التلفزيون الجزائري، وهي حصص سياسية، وأعد متتبعي الحصة بأنها ستتحسن كثيرا وسيتعودون عليّ أكثر مستقبلا .
- رغم أن المنتخب الوطني غادر المونديال من الدور الأول إلا أن موقفك معروف وعبرت عنه على المباشر؟
أظن أن المنتخب الوطني تطور كثيرا، والكتابة علمتني الكثير، وأنا من خلال هذه الكتابات التي أسهم بها في الحقل الكروي، أسعى لتطوير مستوى الوعي الكروي لدى طبقات الشعب الجزائري، وبأن لدينا منتخبا قادرا على التحسن وتقديم الأفضل مستقبلا.
- وعبارة " قولوا لأبنائكم " لا زالت تصنع الحدث وسط الشعب الجزائري؟
بطبيعة الحال، أردت من خلالها مطالبة الجيل الجديد من أبناء الجزائر بإبقاء ثقتهم دائما في المنتخب الوطني مهما كان الحال، نحن الذين لم نشارك في المونديال منذ 24 سنة كاملة، ولا يجب ـ بمجرد المشاركة هذه في المونديال ـ أن نتوقف ونفقد الأمل في المنتخب.
- إذن أنت من مباركي فكرة الاحتفاظ بالناخب الوطني رابح سعدان؟
لست لا مع بقاء سعدان ولا مع رحيله، أنا شخص محايد، سيما في مثل هذه المور، حتى الحديث عن المدرب الأجنبي يجب أن نحلل الوضع جيدا، خاصة ما يتعلق بتكلفته التي غالبا ما تكون غالية جدا ويجب إحضار هذه الإمكانيات، وحتى فيما يتعلق بسعدان، أظن أنه لم يكن ضعيفا حتى نرفض بقاءه . وأؤكد أن هذا موقفي الشخصي ولا يلزمني إلا أنا، طالما أن لدي قناعتي بخصوص هذه النقطة .
وماذا عن مستقبل المنتخب الوطني؟
أظن أنه سيكون جيدا، طالما أن الأخطاء الماضية ستصحح مستقبلا واللاعبون كسبوا ثقة وتجربة كبيرتين .
- وما رأيك في تطبيق الاحتراف في البطولة الوطنية؟
لقد جاء في الوقت المناسب، لأن التغييرات الحاصلة في المنتخب الوطني وعديد المجالات، تفرض علينا دخول الاحتراف، سيما وأن السلطات العمومية قررت منح كل الإمكانات البشرية والمادية لنجاح التجربة، وأطلب فقط من الفاف أن تتعامل بليونة مع التجربة، وتسهيل المهمة على الفرق حتى تتعود على النظام الجديد .
- ومتى ستظهر نتائج النظام الجديد؟
بعد سنتين على الأقل .