مع إجراء قرعة مونديال 2010، أقرت قاعات التحرير الفرنسية والعالمية تعبئة عامة في صفوفها، وأعدت ورقة عمل شاملة بهدف تسليط الأضواء على الفرق الـ32 المشاركة، و"تدقيق" العرس الكروي العالمي من مختلف زواياه. "الخضر" العائدون إلى المنافسة بعد غياب فاق العقدين سيأخذون قسطا كبيرا من "ملف" كأس العالم، وسيحضون بمعالجة غير مألوفة في تاريخ تغطية الصحافة الأوروبية لشؤون الكرة الأوروبية. الزميل محمد الوضاحي، مراسل قناة الجزيرة الرياضية من باريس، والمتوغل بحكم نشاطه على مدار الساعة في كواليس الكرة والإعلام الفرنسيين والأوروبيين، لمس لدى الزملاء الأجانب اهتماما لا مثيل له حيال الكرة الجزائرية. حديث كبير يدور في أروقة قاعات التحرير ومدرجات الصحافيين في ملاعب فرنسا وأوروبا حول "خطة طريق" الصحافة لمناسبة المونديال.
قبل ستة أشهر على إجراء المنافسة، مؤشرات عديدة تدل على أن المنتخب الجزائري مقبل على رواج كبير على أعمدة الجرائد وقنوات التلفزيون، ليس في فرنسا فحسب وإنما في ربوع أوروبا والعالم.
قبل أيام قليلة، اختار المدير العام لقنوات الجزيرة الرياضية ناصر بن غانم الخليفي أعمدة الشروق اليومي للكشف - ولو باختصار - عن بعض تفاصيل تغطية قناتكم لأطوار المونديال، وووعد بمفاجآت حتى يتسنى للمشاهد العربي معايشة حملة ممثل العرب الوحيد في أحسن الظروف. وفي انتظار كشف النقاب عن تفاصيل برنامج الجزيرة الرياضية خلال الأسابيع القادمة، دعنا نتحدث عن صورة "الحضر" في مرآة الإعلام الغربي..
كل المؤشرات توحي بأن الكرة الجزائرية مقبلة إلى غاية افتتاح المونديال على رواج إعلامي لا مثيل له في تاريخ تغطية شؤون الكرة العربية. منذ أيام، تتردد في قاعات التحرير الفرنسية وعلى هامش الأحداث الكروية أخبار مفادها أن "جزائر الساحرة المستديرة" ستكون حاضرة بقوة على صفحات الجرائد، وعلى شاشات القنوات التلفزيونية. لقد علمت من خلال دردشاتي اليومية مع الزملاء أن عددا كبيرا من الجرائد في طليعتها يومية "ليكيب" الرياضية ومجلة "فرانس فوتبول" ومحطات راديو وتلفزيون تتأهب لإرسال فرق لإعداد ريبورتاجات حول الأجواء السائدة في الشارع الجزائري قبل موعد جنوب إفريقيا. وفي الوقت ذاته، إرتأى زملاء آخرون اجتياز بحر المانش ونهر الراين وجبال البيرينيه والألب لإعداد بورتريهات عن المحترفين الجزائريين الذين يلعبون في صفوف أندية بريطانية وبرتغالية وألمانية وإيطالية.
بغض النظر عن تحقيق عودة الكرة الجزائرية إلى محفل المونديال بعد غياب دام 24 عاما، ساهم تأهل "الخضر" في ظهور صورة "جزائر الكرة" من جديد على الواجهة الإعلامية العالمية. ما هو تعليقك؟
الأمر لم يشاهد منذ زمن طويل. لقد غابت الكرة الجزائرية عن أعمدة الصحف وشاشات التلفزيون الغربية متأثرة بتراجع النتائج في المنافسات الدولية. ولولا عمل الجزيرة الرياضية التي بقيت تسلط الأضواء على يوميات الجزائر الكروية في السراء والضراء لعانى المشهد الكروي الجزائري من كسوف كلي على الواجهة الإعلامية العالمية. مؤشرات العودة تحت الأضواء العالمية بدأت تلوح في الأفق قبل مواجهتي القاهرة والخرطوم، فقد تسارعت وسائل إعلامية كثيرة في مطلع الربيع الفارط لتوجيه عدسات كاميراتها وآلات تصويرها نحو أبناء سعدان عندما وصلوا إلى حد القناعة ان الفريق كفيل بالتألق وشق طريقه باتجاه جنوب افريقيا على حساب أبطال افريقيا. رؤية "جزائر الكرة" لم تقتصر على الأجهزة الإعلامية الكلاسيكية، بل رسمت بصماتها على شبكة العنكبوت، والدليل على ذلك تربع أسماء وعبارات "المنتخب الجزائري" و"الكرة الجزائرية" و"عنتر يحيي" و"الخضر" ضمن قائمة الأسماء الأكثر طلبا على بوابات "غوغل" و"ياهو"، ناهيك عن الصفحات المنشأة بالنص والصورة والفيديو على شبكات "الفيس بوك" و"اليو تيوب" و"الديلي موشن".
تتجول على مدار الأسبوع في ربوع فرنسا لإعداد تقارير حول الدوري الفرنسي للدرجة الأولى الذي تبثه الجزيرة الرياضية على قنواتها. كيف استقبل الشارع الفرنسي والأحياء "الجزائرية" و"المغاربية" صعود "الخضر" إلى جنوب افريقيا؟
ثمة تعاطف كبير مع منتخب الجزائر. فالمتجول في حي "باربيس" الشعبي في باريس وغيرها من الأحياء التي امتزج تاريخها بتاريخ الهجرة الجزائرية والمغاربية في فرنسا تعيش يوميا على إيقاع العرس الكروي الجزائري. شوارع بأكملها تزينت بالألوان الخضراء والبيضاء والحمراء، وقمصان برموز الإتحاد الجزائري تربعت على واجهات المحلات في باريس ومرسيليا وليون وتولوز وليل وغيرها من المدن ذات التواجد الجزائري والمغاربي الواسع. "بوستير" الفريق الذي هزم الفراعنة غير بعيد عن ضفاف النيل بات من الصور الأكثر تسويقا في بورصة "اللوازم والذكريات الرياضية"، وكل المؤشرات تدل على أن "الحمى الخضراء" بسطت حرارتها على الشارع الكروي الفرنسي، خاصة وأن معظم أسماء المنتخب الجزائري لها قصة حب طويلة مع الأندية الفرنسية