السلام
عليكم..
إن أكثر المشكلات المدرسية انتشاراً وأهم ما يعني به الأطفال والآباء
والمعلمون مشكلة عدم مقدرة الأطفال عن السير في دراستهم سيراً طبيعياً، مما
يدفع القائمين على تربيته إلى وصفه بالكسل والإهمال والتأخر وهذه اللفظة
يسيء الناس استعمالها لأن الأطفال ليسوا كسالى بطبيعتهم، حيث ان بلادة
الطفل ليست أمراً إرادياً يعتزمه إذ أن هناك عوامل كثيرة تؤدي إلى هذه
الحالة العقلية التي لا يمكن أن يعد الطفل مسؤولاً عنها والتي لا يمكن
القضاء عليها، إلا إذا أحسنا دراسة الطفل وبيئته دراسة طيبة، ولن نجني
شيئاً إذا حاولنا إصلاح هذه المشكلة في الأطفال بالقوة، والعقاب، والسخرية،
والتحقير، بل ينبغي لآباء والمعلمين، أن يبذلوا كل جهد للوقوف على ما يدفع
الطفل لاتخاذ هذا الموقف السلبي ويستلزم هذا أولاً فحصاً طبياً دقيقاً،
وثانياً فحصاً سيكولوجياً وثالثاً بحثاً في تاريخ حياة الطفل وردوده
الانفعالية ومواقف بيئته الحالية ثم نظرته إلى المستقبل. إذ كثيراً ما تؤدي
الشكوك والمخاوف وتوقع حصولها في المستقبل دوراً كبيراً في تحديد موقف
كثير من الأطفال. وهناك حالات أخرى قلما يفهمها الآباء أو المعلمون تتمثل
في أولئك الصغار الذين يسرفون في الحركة ولا يستقرون حتى ليكون من المحال
عليهم أن يركزوا انتباههم. وليس هناك من شك في أنهم ليسوا متخلفين في
الذكاء. فلو أمكن استثارة ميل هؤلاء الأطفال استثارة كافية لبدا منهم في
الغالب تفوق عقلي ممتاز وكثيراً منهم من طراز الذين تحلق أذهانهم في عالم
الأخيلة حتى ليكون عسيراً عليهم، بل محالاً في بعض الأحيان، أن يتبعوا نظام
العمل المدرسي الرتيب أولئك الحالمون الذين يستمدون من المتعة السلبية
أكثر مما يستمدون من الجهد الفعال، ومن ثم فليس هناك أمل في تقييد هذا
الطراز من الصغار بقيود الأعمال المدرسية الرتيبة لأنهم يعيشون في دنيا
كلها طلاقة وحرية وأوهام، يحلقون فيها على أجنحة الخيال. ومن هذا الطراز قد
يخرج لنا نوابغ المخترعين وفحول الشعراء والفنانين فمن المحتم علينا أن
نلتمس فيهم كفاياتهم الخاصة فإذا عثرنا عليها وجب أن نعمل على إنضاجها أو
تنميتها على خير الوجوه فإذا أراد المعلم أن يؤدي خير ما عليه ألزمه أن
يعرف التلميذ معرفة كاملة دقيقة، يعرف حياته الغريزية والانفعالية أو يدرك
أفراحه وأتراحه ويبذل من جهده للوقوف على القوى التي تعرقل الطفل أو تكفه
عن العمل، وعلى الوسائل التي يمكن أن تبعثه على بذل خير الجهود والتوفر على
الإنتاج وينبغي أن لا يرى الطفل في المعلم حاكماً بأمره، بل ناضجاً مشيراً
يلجأ إليه أوقات الضيق بالتجاوب معه وبذلك يسري بين المعلم والتلميذ تيار
من الكهرباء النفسية، حتى لقد ينساب العلم من عقل المعلم إلى عقل التلميذ
انسياب الماء في الأنابيب من المرتفعات ذلك هو المعلم الذي تبقى ذكراه في
عقول النشء..
منقول للفائده..