من شوارع القيروان إلى شوارع مهدية مرورا بقصور مدينة الجام إلى الحمامات، جربة، نابل وسوسة المطلة على البحر الفيروزي وصولا إلى شوارع العاصمة التونسية كشارع الحبيب بورقيبة، شارع قرطاج وشارع باريس تجد العلم الجزائري حاضرا جنبا إلى جنب مع العلم التونسي ليس من أجل زيارة رسمية للرئيس أو أحد الوفود الجزائرية بل لمناصرة الفريق الوطني الجزائري في بلاد "نيلسون منديلا" الذي لا تفصلنا تراجيدية أحداثه إلا أيام معدودة فقط، حيث يتقابل الفريق الوطني مع نظيره السلوفيني.
أجواء جزائرية في شوارع ومدن تونس
صور تجعلك لا تشعرك مطلقا بالغربة أوالابتعاد عن الجزائر، فالأجواء الجزائرية حاضرة بكل تفاصيلها، خاصة في شارع "الكورنيش" المقابل لشاطئ أبو جعفر الذي يذكرك بكورنيش وهران أو كورنيش جيجل، حيث تسمع أغاني خاصة بالفريق الوطني.
جميع التونسيين الذين التقينا بهم أجمعوا على استحقاق "الخضر" في الوصول إلى جنوب إفريقيا متمنين فوزهم بكأس العالم حيث صرحوا لنا أن الجزائر وشعبها أقرب من قلوب التونسيين ليس لقرب البلدين فحسب، وإنما لمعطيات متعلقة بتواضع الشعب الجزائري، مثلما قال محمد 25 سنة طالب جامعي "اسأل كل الشعب التونسي إن رغبت، فلن تجد واحدا يفضل فريقا عربيا آخر على الجزائر"، وشاطره في الرأي زميله زهير قائلا "نحن نحب المنتخب الجزائري لأنه الأقرب لقلوبنا إنه شعب متواضع، مقارنة ببعض الفرق العربية الذين يحتقرون المنتخبات الأخرى ويتملكهم الغرور ".
فيما قال شكري الذي يملك محلا لبيع الملابس الرياضية حيث كانت الألوان الجزائرية من أعلام وأقمصة تحمل أرقام الفريق الوطني حاضرة بقوة إلى درجة ظننا للحظة أننا فعلا في أحد محلات حسيبة أوباب الوادي "أنا نموت على "الخضر"" ونحبهم "برشا برشا". إنه فريق خارق للعادة ويستحق التشجيع، فالشيء الذي قدمه للكرة العربية عموما والمغاربية خصوصا جعلنا نحب الجزائر ونفتخر بها بشكل أكبر ".
أما محرز صاحب محل الحلويات الشرقية فقال لنا "أشجع الجزائر، وسأتابع كل مبارياتها فأنا لي جذور بربرية، وفي كل الأحوال لم تترشح تونس، فالأحسن أن تترشح الجزائر فنحن شعب واحد وحتى الحدود لم تفرقنا يوما .."
ومن جهة أخرى أجمع أغلبية التونسيين، الذين التقيناهم في معظم شوارع ولايات تونس مثل القيروان ومهدية والحمامات والعاصمة أن "الجزائر أنقذت الموقف وحفظت ماء وجه البلدان المغاربية وسيكون فريقا يحسب له حسابه في جنوب إفريقيا"، كما حظي كريم زياني بأكبر إعجاب، حيث يعتبرونه النجم الأول دون منازع في الخضر، لما يمتلكه من قدرات بدنية وفنية عالية، كما نال حارس وفاق سطيف فوزي شاوشي إعجاب الشارع التونسي خاصة في المقابلة الأخيرة بين المنتخب الجزائري والمصري.
" محل " رؤساء وأمراء العالم يتزين بألوان الفريق الوطني
من بين المحطات التي وقفنا عندها أثناء تواجدنا بعاصمة الجارة المكان المسمى "السويقة" وهي آخر محطة تقود زوار تونس القادمين من شارع الرئيس الراحل "الحبيب بورقيبة" وهي عبارة عن خليط من البنايات العربية القديمة، حيث تتناسق مع الأشياء المعروضة للبيع من لوازم تقليدية كالألبسة، والحجارة المنقوشة والصينيات والأواني النحاسية وغيرها من الأشياء التي تزخر بها المدن القديمة والعريقة، تجد خرائط وأقمصة مرقمة بأرقام الفريق الوطني وتحتها عبارات مختلفة "فيفا لالاجيري"، معاك يـ"الخضرا".
في حين دخلت "الشروق" أكبر مجمع للصناعات التقليدية في "سويقة" حيث يقصدها كل رؤساء وأمراء العالم من بينهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حيث علقت صورته رفقة والي ولاية تونس وبعض الشخصيات، كما اطلعنا على العبارات التي كتبها في السجل الذهبي الخاص بالمحل مختومة بإمضائه، والتي وصف فيها العلاقات الجزائرية التونسية بالحبل المتين الذي لا يمكن لأحد أن يقطعها مهما طال الزمن، كما تزينت جميع زوايا المحل بالألوان الوطنية حيث صرح صاحب المجمع "بشير بن غوربل" أن الخضر يستحقون الفوز لقد قدموا الكثير طوال مشوار التصفيات وتعبوا أكثر للوصول إلى المونديال ونحن سنشجعه من كل قلوبنا
شاشات عملاقة لمناصرة الخضر في المونديال
وفي الضفة المقابلة فإن السلطات التونسية اتخذت كل الإجراءات اللازمة لمشاركة حلم كل السياح الجزائريين الوافدين إليها في مونديال جنوب إفريقيا، حيث ستؤمّن مشاهدة مباريات الفريق الوطني، من خلال توفير الشاشات العملاقة في المقاهي، والأماكن العامة.
وفي هذا السياق كشف إلياس مسلم المندوب الجهوي للسياحة بالقيروان لـ"الشروق" أن الشعب التونسي يعشق المنتخب الجزائري ولهذا فإن وزارة الشباب والرياضة التونسية قامت بشراء الإشتراكات من القنوات الرياضية التي ستبث مباريات "الخضر" في مونديال جنوب إفريقيا، كما أن المقاهي وقاعات الشاي والشوارع الكبرى التي ستجهّز بشاشات عملاقة ستكون مع الموعد، وهذا ما سيجعل سياح الجزائر يشعرون أنهم في بلدهم الثاني .
ومن جهته قال ممثل الديوان الوطني ومندوب بالنيابة للسياحة بـ"مهدية" محسن بوسفارة أنه سيتم توفير شاشات عرض عملاقة تقدم المقابلات العالمية في جميع محافظات الجمهورية لإتاحة المجال أمام السياح خاصة الجزائريين وعشاق كرة القدم عموماً لمتابعة بطولة كأس العالم، مضيفا أن الأفراح الكبرى ستكون عنوانا تونسيا كلما فاز في جنوب إفريقيا كما حصل في العشرين من جوان الماضي، تزامنا مع الفوز الكبير الذي حققه رفقاء زياني في لقاء الخضر مع مصر بـأم درمان بالسودان حيث حول السياح الجزائريون المدن السياحية التونسية إلى أفراح شارك فيها التونسيون