أخيراً أُُسدل الستار على الجدل الدائر في مصر والجزائر طيلة الشهور السبعة الماضية، بقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم الثلاثاء 18-5-2010م بمعاقبة منتخب مصر لكرة القدم باللعب مباراتين في تصفيات كأس العالم المقبلة على بُعد 100 كيلو متر من العاصمة القاهرة، فضلاً عن غرامة قدرها 100 ألف فرنك سويسري.
وحقيقة الأمر أن العقوبات نزلت برداً وسلاماً على الطرف المصري، الذي كانت جماهيره تخشى عقوبات أشد وطأة مثل خصم نقاط من رصيد منتخبها قبل خوض تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 2014 في البرازيل.
كما جاءت العقوبات لترضي إلى حد بعيد الطرف الجزائري، الذي كان يريد فقط منذ بداية الأزمة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أن يخرج أحد من المسؤولين في اتحاد كرة القدم المصري ويعتذر عما قام به بعض الصبية من قذف حافلة المنتخب الجزائري بالحجارة وهي في طريقها للفندق قادمة من مطار القاهرة الدولي.
قرارات الاتحاد الدولي أمس جاءت في وقت لم يتوقعه أحد، حتى الطرفين المصري والجزائري اللذين حضرا أمس في زيوريخ جلسة استماع كانت هي الأخيرة في هذا المسلسل، فقد كان الجميع يظن أن العقوبة ستفرض بعد عشرة أيام من الآن.
وبصرف النظر عما حدث من جدل ومشاحنات عبر وسائل إعلام كلا الطرفين على مدار الشهور الماضية، يجب الانطلاق منذ هذا اليوم نحو آفاق أكثر اتساعاً في علاقة مصر والجزائر الرياضية على وجه الخصوص، خاصة مع استمرار تلاقي فرق البلدين في المواجهات القارية والتي ستبدأ عقب انتهاء كأس العالم المقبلة في جنوب أفريقيا.
صفحة جديدة
الآن.. والآن فقط يمكن أن تُطوى "صفحة سيئة" من الجدل المتبادل بين الطرفين وإلقاء كل طرف باللوم على الآخر، فقد جاءت عقوبات الاتحاد الدولي "ذكية للغاية".. إذ نجحت في إرضاء كلا الطرفين.
وعلى ذلك، بات مطلوباً من رئيسي اتحاد كرة القدم في مصر سمير زاهر، وفي الجزائر محمد روراوة أن يأخذا بزمام المبادرة نحو تهدئة الجماهير المصرية والجزائرية، وأنه يَجدُر بالمسؤولين عن الإعلام في كلا البلدين (خاصة نقابة الصحفيين لدى كل طرف) بضرورة الحفاظ على ميثاق الشرف الصحفي وتفعيل بنوده في الصفحات والمجلات وكافة المطبوعات الرياضية هنا وهناك، وتحذير الصحفيين من إثارة الجماهير بموضوعات مفتعلة لا تهدف إلا لجني عائد بيع تلك الصحف، وزيادة انتشارها.
كما يجب على المسؤولين عن البرامج التليفزيونية في قنوات كلا البلدين الترفع عن شحن الجماهير ببرامج لا تُغني ولا تُسمن من جوع، والتركيز على بث الروح الرياضية بين بلدين شقيقين.
ولعل مسك الختام، التأكيد على وجوب ترفع الجماهير والإعلاميين في مصر والجزائر عن الصغائر، فلدينا جميعاً الآن هدف واحد.. هو مساندة منتخب الجزائر في كأس العالم.. فيجب علينا دعمه والوقوف خلفه باعتباره ممثل العرب الوحيد، نتمنى له الوصول إلى الأدوار النهائية في المونديال، وتقديم أداء مشرف يثبت أن الكرة العربية ما زالت تنبض بالحياة وسط الكبار.