عرض فيلم “ذاكرة 8 ماي 1945″، ليلة السبت بباريس، احياءا للذكرى الـ65 لمجازر الثامن ماي بسطيف، قالمة وخراطة ومدن جزائرية أخرى، وأتبع العرض المؤثر الذي احتضنه مقر المركز الثقافي الجزائري بنقاش مفتوح.
وعاد الفيلم (52 دقيقة) الذي أنجزته مريم حميدات بالتعاون مع فرانسوا نماتا، إلى ما حدث قبل 65 عاما، من خلال شهادات جزائريين نجوا من تلك المجازر الرهيبة، وصوّر هؤلاء المأساة بكل زواياها الرهيبة والشنيعة والتي استمرت إلى غاية شهر سبتمبر من سنة 1945.
واعتمدت المخرجة على الذاكرة، ولم تستعمل أرشيف تلك الحقبة، حيث أعطت الكلمة لرجال ونساء عايشوا الحدث، وأسهبوا في نقل ما شاهدوه قبل ست عشريات ونصف.
وكانت معظم الشهادات مؤثرة مثل شهادة ذلك الشيخ الذي روى كيف تم دفن عائلته (والده وأمه وشقيقيه وأخته) أمامه على بعد حوالي خمسين مترا من المكان الذي كان يختبئ فيه، مثل لقطة مؤثرة أخرى لجزائري آخر بالرغم من مرضه وكبر سنه (87 سنة)، أبى إلاّ أن يحمل العلم الوطني خلال مظاهرات 8 ماي 1945 .
وصرّحت المخرجة: “احتراما للنساء اللواتي التقيتهن، لم أرد إدماج في عملي كل الشهادات حول عمليات الاغتصاب والعنف الجسدي التي تعرضت له هذه النساء”، مؤكدة:”إنّه فيلم تاريخي أعطى الكلمة لمواطنين بسطاء وكل أولئك الأشخاص المجهولين الذين عايشوا أحداث الثامن ماي المأساوية . ”
وعقب نهاية عرض الفيلم، تطرق المؤرخان الفرنسيان جيل مانسرون وجان لويس بلانش، إلى جانب المؤرخ الجزائري محمد رباح صاحب الكتاب “طرق و رجال” حلقة نقاش تطرقوا خلالها إلى ما حدث على مدار أربعة أشهر في الشرق الجزائري.
بهذا الصدد، أوضح جان لويس بلانش:” في ذلك اليوم أصيب السكان الأوروبيون بنوبة جنونية من التقتيل”، واستنادا إلى شهادات أكيدة أشار المؤرخ إلى أنّه:” في سبتمبر 1945، ألقت مائة شاحنة فرنسية جثث جزائريين ودفنوها في مقابر جماعية في الضاحية القسنطينية”.
كما أوضح بلانش أنّ باريس أعلنت وقتذاك عن مقتل 30 ألف شخص في نهاية شهر ماي 1945، بيد أنّه أشار إلى أنّ الحصيلة تفوق بكثير هذا العدد، طالما أنّ المجازر تواصلت خلال الأربعة أشهر اللاحقة، فيما قدّر العدد الرسمي للأوروبيين الذين لقوا مصرعهم بـ104 أشخاص.
من جهته، أشار جيل مانسرون إلى أنّ مجازر الثامن ماي، شكّلت منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر، مضيفا أنّ ذكرى هذه المجازر بقيت راسخة في أذهان مناضلي حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية الذين فجروا الثورة المسلحة في الفاتح نوفمبر 1954 .