تختلف نظرة المتتبعين للشأن الثقافي في بلادنا إلى واقع الإعلام الثقافي وما حققه في مختلف المراحل التي عاشتها بلادنا بداية من مرحلة الحزب الواحد إلى غاية الانفتاح الذي شهده قطاع الإعلام.
ففيما يرى البعض، في تصريحات لموقع الإذاعة الجزائرية، أن الإعلام الثقافي في بلادنا يشهد قفزات نوعية بفضل مبادرات بعض الإعلاميين الشباب والذين يمارسون الكتابة الإبداعية، يشير آخرون إلى أن خدمة الإعلام الثقافي ما زالت ناقصة وبحاجة إلى إعادة النظر خاصة في ظل غياب الإلمام بهذا النوع من الإعلام عبر تغييبه في كثير من الأحيان من على صفحات الجرائد والتنازل عنه لمساحات الإشهار.
ويرى رئيس القسم الثقافي بجريدة “صوت الأحرار” القاص و الإعلامي يوسف شنيتي أن “علاقة الإعلام بالثقافة هي علاقة بنيوية إلى حد التداخل”.
واعتبر أن “الصفحات الثقافية في الجرائد اليومية أصبحت الضحية الأولى للإشهار بحيث تحذف من الجريدة وهو أمر معمول به –حسبه– في الصحافة المكتوبة الجزائرية ونظيرتها في البلدان العربية”.
ويشير شنيتي إلى بعض الأخطاء من حيث المفهوم و مشاكل اللغة (من جانب الدلالة و المعنى و التوظيف) بالإضافة إلى إشكالية الترجمة التي تغير معنى النص الأصلي في “أحيان كثيرة” في الصفحات الثقافية.
في هذا الإطار دعا المتحدث إلى ضرورة الإطلاع على تجارب الدول العربية الرائدة في مجال الإعلام الثقافي، مشيرا إلى “أهمية تناول الثقافة كحدث بحد ذاته”.
من جانبه يؤكد رئيس القسم الثقافي لجريدة الفجر رشدي رضوان أن الإعلام الثقافي في الجزائر خطا خطوات كبيرة بعد عاصمة الثقافة العربية 2007 بحيث أن هناك انتعاش كبير مع بعض الإضرابات باعتبار أن الإعلام الثقافي كان مغيبا قبل سنوات فهو الآن – في نظر المتحدث- يبحث عن خصوصياته في المشهد الإعلامي بصورة عامة.
و يشير رشدي رضوان، وهو مبدع وإعلامي، إلى الدور الذي يضطلع به منتدى الإعلام الثقافي الذي تأسس مؤخرا على يد نخبة من الإعلاميين المشتغلين في الحقل الثقافي حيث يهدف المنتدى إلى استثمار الهبة الإعلامية ووضعها في سياقها الطبيعي للوصول إلى إعلام ثقافي حقيقي يكون موازيا للإنتاجات الثقافية التي تشهدها الجزائر مؤخرا.
وقد استهل المنتدى دورته الأولى بورشتي تدريب على كتابة التحقيق الصحفي والنقد السينمائي إلى جانب ندوتين عن “الإعلام الثقافي في المؤسسات الإعلامية” و”الإعلام الثقافي بين النخبوية والجماهيرية”. وشارك فيه إعلاميون من دول عربية.
أما الإعلامي عبد القادر بوعزارة فيعتبر أن الإعلام الثقافي لم يستفد من النقلة النوعية التي شهدها مجال الإعلام.
ويوضح بوعزارة في هذا الإطار قائلا :”الإعلام الثقافي إذا ماقرناه بالإعلام الثقافي الذي كان سائدا في عهد الحزب الواحد ما زال متأخرا جدا وأنا أدعو إلى ضرورة إقامة إعلام ثقافي وإعلام علمي أيضا لأن المعلومة العلمية ناقصة أيضا”ز
ويوضح:”الإعلام العلمي لم يعد له مكان على كل المؤسسات الفاعلة في الوطن، وعلى المؤسسات الثقافية أن تهتم بالإعلام الثقافي عبر صحافتها حتى تساهم في إنعاش هذا الجانب وبدون ثقافة لا يمكن أبدا ان نتطور وان نعمل على تربية الشعب وصقل مواهبه في جميع المجالات”.
أما الشاعر والإعلامي الفلسطيني نجوان درويش، وهو متابع حصيف للمشهد الثقافي الجزائري، فيؤكد أن هناك العديد من المواضيع الثقافية التي تتطرق إليها الصحافة الجزائرية بجرأة إلا أنه لاحظ في الوقت ذاته أن المادة الإعلامية التي تنشر في الصفحات الثقافية محدودة.
و أفاد أن هذا الإشكال يتكرر في العديد من الدول العربية إلا أن حدته تختلف من بلد إلى آخر مبرزا أيضا مشكلة الإخراج الذي يخضع له الخبر الثقافي في الجرائد اليومية.
و ألح درويش على ضرورة تكوين الصحفيين العاملين في المجال الثقافي من خلال تخصيص ورشات تدريبية مستمرة لتحسين أدائهم في هذا الميدان.