بوتفليقة يدعو للتعاون لتحقيق الأمن الغذائي العربي والإفريقي

دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، اليوم الأربعاء، “أن بناء مجموعة اقتصادية و تكنولوجية وصناعية و فلاحية عربية قادرة على الاستمرار يقتضي صياغة إستراتيجية فلاحية و صناعية بالوسائل و الأدوات اللازمة إلى جانب الإطار المؤسسي الملائم”.
وأضاف في رسالة للمشاركين في أشغال الدورة ال31 للمنظمة العربية للتنمية الفلاحية ألقاها بدلا منه السيد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية،:” بات من الضروري استحداث تقنيات فلاحية جديدة قادرة على حل العديد من مشاكل الإنتاج في مجال الفلاحة”، معتبرا أن ” البحث عن التفاعل بين مجالات الابتكار و الفلاحة و التكوين التي تشجع التناسق بين النشاطات الفلاحية وأقطاب البحث لخدمة التنمية يكتسي أهمية بالغة و هو يعد من جوانب عديدة مفتاح التنمية المكثفة للفلاحة القائمة على أسس متجددة و صلبة”.
وعن انعكاس الأزمة المالية والركود العالمي خلال السنوات الماضية على القطاع الزراعي العربي، حث الرئيس على ضرورة “مراعاة هذه الحقائق في الحلول المنتظرة للمشاكل التي تواجه الفلاحة العربية لكي تكيف بشكل أفضل السياسات الوطنية المتظافرة في نطاق المخططات العربية المشتركة التي يتعين عليها أن تضطلع بدور مهيكل بالغ الأهمية”.
وبمجرد مروره على المشروع الأولي القاضي بضرورة تحقيق الاندماج الفلاحي العربي، أعاد الرئيس أذهان المجتمعين إلى “القمة العربية المنعقدة بالجزائر في 2005 و التي طلبت من المنظمة العربية للتنمية الفلاحية إعداد إستراتيجية عربية للتنمية الفلاحية المستديمة لفترة 2005-2025 و التفكير في السبل الكفيلة بتحقيق الاندماج الفلاحي العربي و تلبية حاجات الدول العربية من المنتجات الفلاحية و تعزيز تنافسية منتجاتها في الأسواق الدولية”.
و طفح يلقي بالحقائق والمرجعيات التي حركت المسعى حين تقدم في شرح فكرته قائلا ان”وعينا بهشاشتنا الاقتصادية و عزمنا على تخفيف آثارها السلبية على فلاحتنا من اجل رفع استقلاليتنا الغذائية أسهم في تبني القمة العربية بالرياض المنعقدة في مارس 2007 للإستراتيجية العربية للتنمية الفلاحية المستديمة”.
كما لم يخف رئيس الجمهورية إعجابه الواعي بإعلان الرياض الصادر في افريل 2008 و الذي دعا إلى إطلاق برنامج عربي عاجل للأمن الغذائي و الذي صادقت عليه القمة العربية الاقتصادية بالكويت في جانفي 2009, و الذي عكس أهمية مضاعفة القدرات الإستراتيجية الإضافية التي تضمن الأمن الغذائي لكل بلد عربي. هذه الإشكالية الأمن الغذائي التي لم تمر عليه مرور الكرام .
و في ذات الإطار تطرق الرئيس بوتفليقة إلى “سياسة التجديد الفلاحي والريفي الطموح التي تنتهجها الجزائر منذ 2008 والتي تستهدف غايتين أساسيتين تتمثلان في تحسين الأمن الغذائي لبلداننا و ترقية التنمية المتوازنة و المنسجمة للأقاليم الريفية”.
و لتحقيق هذا التصور الحضاري الذي يشكل مبدأ من مبادئ الاستقلالية والسيادة أكد رئيس الجمهورية على ضرورة إعداد “ثلاثة برامج كبرى تخص تعزيز الرصيد الإنتاجي الفلاحي من خلال برامج فرعية تخص البذور و الشتلات والفحول وتعبئة المياه واقتصادها ومكننة الفلاحة وتخصيب التربة و حماية الصحة الحيوانية والنباتية و تكثيف الإنتاج في الفروع الإستراتيجية و أخيرا ضبط التصرف في المنتجات الفلاحية وإحداث هياكل التخزين”.
وفيما يخص الشطر الثاني من الهدف على اعتبار الالتصاق الوظيفي ، فأكد الرئيس انه “سيتم تحقيقه من خلال خمسة برامج كبرى تتمثل في محاربة التصحر و حماية أحواض الأنهار و حماية و تعزيز الثروة الغابية و حماية الأنظمة البيئية و استصلاح الأراضي”.
ومن منتجات هذه الإستراتيجية حسب رئيس الجمهورية أن “هذه البرامج تسهم في تحسين المستوى المعيشي و المداخيل للأسر الريفية ، و كذا إعادة النشاط للمناطق الريفية” ، موضحا أن “المشاريع الجوارية للتنمية الريفية المدمجة هي الأدوات المثلى التي يتم من خلالها التنفيذ”.
وفي سياق متصل، ذكر الرئيس أن سياسة التجديد الفلاحي والريفي تشمل أيضا “ثلاثة برامج أخرى تتعلق بتعزيز الخدمات الفلاحية و الغابية وتعزيز القدرات البشرية و تعزيز التأمينات و التمويل الريفي”.
وأوضح رئيس الجمهورية ، أن سقف الطموح الوطني الذي تتضمنه سياسة التجديد الفلاحي و الريفي هو ترقية الاستثمار الخاص في الفلاحة من خلال إحداث جهاز للشراكة بين القطاعين العمومي و الخاص من اجل الاستعمال الأفضل لقدراتنا الفلاحية و تعزيز قدرتنا الإنتاجية الفلاحية لا سيما في مجال البذور و الشتلات و الفحول.
و من ثمة، يستطرد رئيس الجمهورية ” ان هذه الشراكة تهدف أيضا إلى إحداث أقطاب الامتياز في المجال الإنتاجي و التقني و التنظيمي والمالي من اجل ترقية الهياكل المؤسساتية التي تشجع الإنتاجية انطلاقا من المزارع النموذجية العديدة الموجودة عندنا”.
ويضيف الرئيس “تمنح خطة العمل المشتركة بين إفريقيا و الوطن العربي منطقتنا امتيازا هاما لا سيما من اجل تطوير الترابط بين الفلاحة و الصناعة و بين المؤسسات الصغيرة و المؤسسات المتوسطة و كذلك بين المقاولين و الموزعين من اجل دعم الاقتصاد الفلاحي و تقليص تبعيتنا للأسواق الدولية”.
وبالضرورة مما كان وما سيكون ، أضاف رئيس الجمهورية ، في هذا السياق ، انه “حتى و أن كان المجال الفلاحي هو المجال الذي سجلنا فيه اضعف تقدم باتجاه تقليص الحواجز التجارية في العالم, فان مصالح البلدان النامية و البلدان المتقدمة على حد سواء تملي على هذه البلدان مجتمعة التزامات ملموسة حتى يتم تناول مشكل التنمية الفلاحية من منظور أوسع”.
و من هذا المنطلق يتعين علينا-يستطرد الرئيس -”معالجة مسالة تغير المناخ الذي يؤثر على إنتاجيتنا و على تكاليف الإنتاج و تنافسية الفلاحة في بلداننا و يقضي على المستثمرات الصغيرة للفلاحة الريفية و تعرض سكان الأرياف الذين يعيشون عليها لسوء التغذية و المجاعة والأمراض”.
و أردف رئيس الجمهورية قائلا “سواء تعلق الأمر بالاقتصاد الفلاحي أم بالتنمية المستدامة فإننا مرتبطون بالوتيرة التي يمكن أن يتم عليها تنظيم أنفسنا حتى نستوعب الكم الهائل و المعقد من المعارف الجديدة و نتحكم فيه لنصبح قادرين على انتقاء نشاطات ذات الأولوية و إيجاد الحلول لمشاكل الفلاحة في بلداننا بفضل التعاون الإقليمي المكثف”.
و خلص بوتفليقة إلى القول أن “الوضع حرج و لا مناص لنا من جعل تصحيح الأوضاع في هذه المستويات المختلفة من خلال إضفاء الشفافية و الوضوح على تعاوننا في مجال الفلاحة, فهما السمة المميزة للبرامج الطويلة الأمد التابعة للمنظمة العربية للتنمية الفلاحية”.