يُعتبر الثالث والعشرون أفريل من كل عام تاريخا رمزيا للاحتفال بالأدب العالمي، إذ توفي في هذا اليوم سنة 1616 كل من الأديب الإسباني الشهير “ميغال دو سيرفانتيس”، والمسرحي العالمي البارع “وليام شكسبير”، إضافة إلى إينكا جارسيلاسو دي لا فيجا، كما أن هذا اليوم هو تاريخ ميلاد أو وفاة عدد من المؤلفين المشهورين من أمثال (موريس دروان) الذي توفي في 16 أفريل 2009، فضلا عن ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، جوزيف بلا، ومانويل ميجيا فاليجو.
واختير 23 أفريل يوما للكتاب في المؤتمر العام الذي عقدته (اليونيسكو) في باريس عام 1995، تقديرا لجمهور الكتاب والمؤلفين، وكذا تشجيعا للقراءة بين الجميع، وبشكل خاص بين الشباب، وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية جمعاء.
وإذا كان اختيار اليونسكو لهذا اليوم قبل 15 عاما من قبيل الوفاء لأولئك الذين بصموا على صفحة التاريخ من خلال ما قدموه للإنسانية جمعاء دون تفريق أو تميز، فهل بقي للوفاء شيء من الصمود في ظل ما تفرضه النظم المعلوماتية الحديثة، عالم التكنولوجيا بكامل وسائلها من شبكة الانترنت والأجهزة المرئية والسمعية والأقمار الصناعية المختلفة التي حاصرت الإنسان وزجت به في عالم من التيه غابت فيه كل الاتجاهات، وأصبح المولود فيها لا يعرف من أي المنافذ سيخرج.
لقد كانت الحقيقة العلمية تجزم في شقها المعرفي وعلى مدى تاريخ كامل بأنّ الكتاب والحياة هما عصب الحياة وسرها، وأصل الحضارة الإنسانية ونموها وتطورها، وأنّ تاريخ حضارات الأمم سواء في الماضي أو الحاضر مقرون بالاهتمام بالعلم والعلماء، غير أنّ ما يقول به فقه الواقع يشير إلى درجة عالية من القلق سببها التسارع الحياتي، بفعل ما خلّفته العولمة الالكترونية والمعلوماتية واللغوية، بالإضافة إلى تزايد تعقيدات الحياة التي جعلت من الكتاب ينزاح إلى مرتبة ثانية، ولكن هذا لا يعني فقدانه قيمته وجوهره.
وفي الجزائر، وبفعل الأزمات الكثيرة والمتنوعة التي عاشها المواطن في مراحل خلت ، فإن علاقة الإنسان بالكتاب هي على درجة أقل بكثير من نظيرتها، بسبب عدد من العوامل الاجتماعية وانشغال الناس بالحياة المادية ومتطلباتها.
كما أنّ للعامل الاقتصادي دوره في صناعة هذه الأزمة، خصوصا إذا ما أخذنا الغلاء في سعر الكتاب الذي فيه غلاء واضح، هذا بالإضافة إلى جودة الطباعة التي انعكست سلبا على درجة إقبال المهتمين اللذين وجدوا أنفسهم يعيشون أزمة حقيقية من نوعية الطباعة الرديئة.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن في هذا المقام تجاهل دور المدرسة في هذه الأزمة، حيث ركزت في مختلف أطوارها على تعليم مهارات القراءة دون العمل على غرس ثقافة المطالعة لدى الطالب، بالشكل الذي يرسخ مكانة الكتاب لدى الطالب ويجعل منه (رجل الغد) كأداة فاعلة في الوساطة بين عالم الكتاب وحركية التنمية في المجتمع في كامل مجالاتها.