دعا، هذا الثلاثاء، كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي إلى ضرورة إصلاح لغوي من خلال تنظيم ورشات مستمرة بين المجلس الأعلى للغة العربية والمؤسسات الإعلامية والجامعات، مؤكدا استعداد وزارته لدعم إقامة هذه الورشات وكل الجهود للنهوض باللغة العربية وحمايتها.
وأوضح خلال يوم دراسي حول “اللغة العربية في الصحافة المكتوبة” نظمه المجلس الأعلى للغة العربية بفندق الأروية الذهبية أن الهدف من تنظيم هذه الورشات هو تقويم الأخطاء الشائعة لتحسين من مستوى أداء المؤسسات الإعلامية خاصة الصحافة المكتوبة للحفاظ على سلامة لغتهم وترقيتها ووقف النزيف الذي يجتاح اللغة العربية خاصة وأن الجزائر تمتلك أكبر منظومة إعلامية في العالم العربي و الإفريقي “حيث يقدر عدد الجرائد ب80 جريدة يومية ولذلك لا يجب أن نترك هذه الجرائد تتوسع بدون الإهتمام بمضامينها وبمستوى أدائها لكي نجنب اللغة العربية الكثير من المآسي” .
هذا واعتبر ميهوبي أن الكثير من المؤسسات الإعلامية لا تنفق أموالها في حماية اللغة العربية مما جعلها عرضة للانتقادات، داعيا في هذا الصدد كل وسائل الاعلام الى الاستثمار في مجال ترقية اللغة العربية في العناوين الناطقة باللغة العربية عن طريق جلب المدققين اللغويين ونشر كتيبات لتجنب الأخطاء اللغوية الشائعة حتى تكون لديها مصداقية أكبر.
كما أكد على الحاجة إلى أمن لغوي في زمن العولمة ويكون الأمن اللغوي – حسبه -بإنتاج اللغة للوصول إلى لغة منتجة مثل لغة المصطلح تراعي خصوصية المجتمع وموروثه الفكري.
كما أشار كاتب الدولة إلى التراخي والإهمال الذي حدث في التعامل مع اللغة العربية بعد الاستقلال كون أن اللغة الرسمية أصبحت تتساوى مع لغة الشارع من خلال اللجوء إلى منطق تعويم اللغة، معتبرا أن مستوى اللغة في الصحافة يشهد حالة انحدار فالصحفي لا يحترم مبناها ومعناها ولا يجتهد في استعمال اللغة المناسبة مما يجعل اللغة العربية عاجزة على أن تكون في موقع متقدم على حد تعبيره.
وقال ميهوبي في ذات السياق:”نحن بحاجة الى لغة الزجاج وليس لغة الخشب أي لغة شفافة بعيدة عن الغموض والالتباس”.
ولد خليفة: الصحف بحاجة لمدققين ومترجمين
أما رئيس المجلس الأعلى للغة العربية محمد العربي ولد خليفة فأكد من خلال كلمته الافتتاحية على أهمية اللغة العربية كلغة جامعة وموحدة وهي ليست في خصومة أو في تنافس مع اللغة الامازيغية ولا مع لغات أخرى وإنما هي تقوم بوظيفة جامعة لكل الجزائريين كما هو الحال بالنسبة لبلدان العالم التي تهتم بالتجانس الثقافي .
و أضاف العربي ولد خليفة في ذات السياق أن اللغة العربية ليست خصما للأمازيغية فهي لسان و تراث وطني تمت دسترته بمبادرة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ولا شك أن افتعال الصراع بينهما لن يكون إلا لصالح لغة أخرى تسعى الى مزيد من التغلغل في الألسنة و القلوب بعد أن غادرت جيوشها وإدارتها العنصرية الديار والحقول”.
وتطرق رئيس المجلس الأعلى للغة العربية إلى التقدم والازدهار الكبير الذي عرفته الصحف الناطقة باللغة العربية ،حيث حظيت بمقروئية كبيرة، معتبرا أن الصحافة المكتوبة من أهم الوسائط التي تساعد على تعميم استعمال العربية في المجتمع .
كما ركز العربي ولد خليفة على حاجة الصحافة الجزائرية إلى مدققين لغويين وكذا مترجمين لتتمكن من استعمال لغة سليمة، داعيا إلى ضرورة الانفتاح على كل اللغات وعدم الإقصاء والتهميش لأي لغة من اللغات .
من جانبه ركز الأستاذ عبد العالي رزاقي في مداخلته على مكانة اللغة العربية في الصحافة العربية خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر ما بين 1830 إلى 1962 مبرزا سعي فرنسا لاستئصال جذور الجزائر العربية والإسلامية من خلال القضاء على اللغة العربية وإحلال الفرنسية مكانها .
كما أشار رزاقي إلى أن جل الصحف التي أصدرتها فرنسا في بداية الاحتلال كانت باللغة الفرنسية وعرفت تطور كبير في اللغة فيما بعد لدرجة أننا نستطيع مقارنتها بصحف ما بعد الاستقلال.
هذا وقد شكلت مكانة اللغة العربية في الصحافة المكتوبة واللغة العربية وتطور اللغة الصحفية في الجزائر بعد الاستقلال ومستويات اللغة في الصحافة الجزائرية ودور الصحافة في ترقية اللغة العربية أهم محاور هذا اليوم الدراسي الذي عرف مشاركة عدد من الأساتذة الجامعيين ومديري النشر للصحف ومسؤولي هيئات التحرير لعناوين صحفية.