دعا المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الأعلى للغة العربية اليوم بفندق الأروية الذهبية بالجزائر العاصمة إلى محاربة ظاهرة التهجين اللغوي التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على اللغة العربية الفصحى التي تعتبر رمز الهوية العربية الإسلامية وهذا من خلال تعميم استعمال اللغة العربية وتحبيبها للجمهور وتوثيق التعاون مع النخبة والخبراء ومنظمات المجتمع المدني .
واعتبر ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، في كلمته الافتتاحية “التلوث اللغوي ظاهرة طارئة باعتبار أن التراث الشعبي الجزائري كان دوما قريبا من الفصحى وتميز بسلاسة التعبير وبلاغة المعنى على غرار النصوص المسرحية والتمثيليات المقدمة في الإذاعة التي اعتمدت الفصحى ونصوصا من التراث العربي الإسلامي والحديث”.
وأكد أنه “على الرغم من التقدم الهائل الذي شهدته اللسانيات منذ منتصف القرن الماضي واستعانتها بالتجارب المخبرية والرياضيات والعلوم المجاورة لازال الجدل دائرا بين المختصين حول النظام الداخلي للغة الطبيعية ومستويات التخاطب والتواصل بين الناطقين بها”.
وأضاف ولد خليفة مؤكدا : “اللغة هي سلطة الثقافة وركن الهوية الجماعية ولا أهمية لها بدون مستخدميها فإذا تراجعت وشابها الهجين وكثر فيها الدخيل تزعزعت الذات الثقافية وضعف الانتماء وأقبلت شرائح من النخبة إلى الهجرة إلى لغة أخرى “.
وخلال أشغال اليوم الدراسي قدمت عدة مداخلات حول مفهوم التهجين وخطره على اللغة العربية.
وفي هذا الصدد قدم الدكتور عبد الجليل مرتاض، الأستاذ بجامعة تلمسان، مداخلة حول “التهجين اللغوي في جزائر العهد العثماني”، فاعتبر أن ظاهرة التهجين اللغوي في الجزائر طبيعية كون اللغة العربية انتشرت في بلاد المغرب العربي نابعة من الكلام المتواصل به فرديا وليس من اللغة المتواصل بها جماعيا ، حيث أن السكان المحليين الذين اختلطوا بذوي اللسان الوافدين كانوا يسمعون مفردات وتراكيب جديدة عليهم سماعا صوتيا.
وأشار المتحدث إلى أن اللغة العربية بدأت تتهجن بصورة أكثر لفتا للانتباه في عهد الدايات والباشوات حيث عمت في نهاية العهد التركي لغة هزيلة وركيكة لا هي بالفصحى ولا هي بالعامية، وقدم مرتاض بعض الأمثلة من الأشعار المهجنة بكلمات عامية أو مختلة عروضيا .
وقدم الدكتور فيصل الأحمر في مداخلته تعريفا للتهجين اللغوي والذي يعني إقحام مفردات وتعابير من لغة أوربية داخل الخطاب المحكي والمكتوب للغة من العالم الثالث.
وربط الظاهرة بالظرف الاستعماري وبصلات الهيمنة السوسيولوجية والتي تتبعها صلات هيمنة ثقافية، مشيرا إلى دور العولمة حيث أن العديد من المفردات الأعجمية دخلت اللغة العربية ومن ذلك أسماء عدد من الأدوات التكنولوجية والكهربائية دخلت العربية قبل تعريبها
وشكل موضوع “التهجين اللغوي في الحوار التخاطبي” محور مداخلة قدمتها الباحثة صفية مطهري التي أوضحت أن ظاهرة التهجين اللغوي لاتقتصر على المجتمعات المستعمرة بل تتعداه إلى تهجين لغة أوربية أخرى مثلما هو موجود في كندا حيث يقوم بعض الكنديين بتهجين لغتهم الفرنسية بالإنجليزية.
واعتبرت الباحثة أن أهم خطر تواجهه اللغة العربية هو اللفظ الدخيل الذي لم يخضع لمقاييس العربية وبناءها ونظامها الصوتي
وتطرقت الأستاذة صليحة خلوفي إلى تنوع الظواهر اللغوية في الإعلانات الإشهارية حيث أكدت أن احتلال العامية حصة الأسد في لغة الخطاب ألإشهاري من الأخطار التي تهدد اللغة الفصحى حيث تستعمل في الإشهار الدارجة المختلطة بأسماء العلامات التجارية باللغة الأجنبية فيكون الترويج لألفاظ ومعاني اللغة الأجنبية إلى جانب الترويج للسلعة التجارية .
وفي تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة أن اليوم الدراسي حول ظاهرة التهجين هو مجرد محطة من المحطات الهامة للتأكيد على أهمية هذه اللغة التي تمتد على أكثر من ألفي عام، وأكد أن علاج ظاهرة التهجين اللغوي يبدأ من المدرسة وخاصة المرحلة الأساسية .