قدمت الشركات المتخصصة في إنتاج الأجهزة الالكترونية الترفيهية في معرض سيبت الدولي آخر الصيحات في عالم الشاشات التلفزيونية، والمتمثلة في الأجهزة المزودة بتقنية العرض ثلاثي الأبعاد، والتي يصفها الخبراء بـ"تقنية المستقبل".
تحتدم المنافسة بين الشركات الكبرى المصنعة لأجهزة الترفيه الالكترونية في تقديم تلفزيونات مجهزة بتقنية ثلاثية الأبعاد، فقد أعلنت تقريبا كل الشركات المصنعة للتلفزيونات عزمها طرح أجهزة ثلاثية الأبعاد خلال العام الجاري. وفي إطار معرض سيبت الدولي لتكنولوجيا المعلومات، الذي استمر من الثاني من مارس/آذار وحتى اليوم السبت 6 مارس/آذار، خُصصت إحدى قاعات العرض لتقديم الأجهزة ثلاثية الأبعاد المخصصة للاستخدام المنزلي أو في أماكن العمل.
وتقنية عرض مشاهد ثلاثية الأبعاد ليست بالأمر الجديد، بل هي معروفة منذ نحو مائة عام، وكل ما يتطلبه هو عرض لقطتين لنفس المشهد مأخوذتين من نقطتين مختلفتين، وتعرضان في نفس اللحظة حتى يمكن للمخ تكوين المشهد الثلاثي. وقد اعتمد السينمائيون قديماً في هذا الأمر على فلترة الصورة التي تراها كل عين من خلال النظارات ذات العدستين، الواحدة حمراء والأخرى خضراء. أما التقنية الجديدة فهي تعتمد على عرض الصور بشكل متتالي وبسرعة فائقة، الأمر الذي يقلل من إضاءة الصورة ومن دقتها، وهو أمر كان يصعب تطبيقه على شاشات أجهزة التلفزيون القديمة التي تعتمد على تقنية أنبوب أشعة الكاثود.
لذلك، فلا عجب أن الطفرة في التطبيقات ثلاثية الأبعاد جاءت مع أجهزة التلفزيون المسطحة والعالية الدقة، بحسب بيرند دوكشتاين من معهد هاينريش هيرتس في برلين، واحد من ضمن 60 معهدا تابع للمؤسسة الألمانية فراونهوفر. ويصف دوكشتاين عملية تجسيم المشاهد بطريقة ثلاثية الأبعاد، قائلاً: "تعتمد التقنيات الحديثة على أن يرتدي المشاهد نظارة خاصة تظهر الصور للعين اليسرى ثم اليمنى بشكل متتابع: فعندما أرى بعيني اليمنى صورة ما، تكون العين الثانية مغطاة والعكس صحيح، ويحدث ذلك بتسلسل فائق السرعة، وهنا يكمن التطور التقني. وبالتالي بإمكان أجهزة التلفزيون الحديثة تغيير الصور بتردد فائق لدرجة لا تجعل المشاهد يلاحظ بالمرة هذا التغيير."
من جهتها، أعلنت كل من سوني وتوشيبا وسامسونغ وال.جي عزمها طرح موديلات جديدة من التلفزيونات قادرة على عرض الصور بالتقنية الثلاثية الأبعاد. وتؤكد أولريكه كولمان، المحررة في مجلة "كمبيوتر سي تي" أن هذه التقنية ستغزو الأسواق، لافتة إلى أن ذلك الأمر قد يتطلب فترة من الزمن." ولكنها تقول إن "من يريد بداية من الشهر القادم رؤية أفلام أو برامج تلفزيونية بالتقنية الثلاثية الأبعاد، فيتعين عليه اقتناء جهاز تلفزيون مجهز بتلك التقنية ونظارة خاصة ومشغل أقراص "بلو راي" ثلاثي الأبعاد، مقابل ما لا يقل عن 3000 يورو."
تطبيقات خارج نطاق الترفيه
أما معهد هاينريش هيرتس، فيعرض تقنية أخرى لعرض مشاهد ثلاثية الأبعاد تتميز بصور فائقة الدقة والوضوح دون الاعتماد على نظارات، بيد أنه يتعين على المشاهد أن يقف تماماً أمام الشاشة، يفصله عنها خط مستقيم، وإلا فإنه يرى بدلا من ذلك صور مزدوجة. ويصف بيرند دوكشتاين هذه الأجهزة بالشاشات الثلاثية الأبعاد المخصصة للمشاهد الواحد، وبالتالي فلا يمكن لعدد من الأشخاص الجلوس معاً لمشاهدة التلفزيون. لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أن هذا الجهاز، الذي يتميز بصور فائقة الدقة، قد صمم للاستخدام في المجالات العملية، في تطبيقات الأجهزة الطبية أو التدريس والتدريب أو في مجال التحكم عن بعد في أجهزة الروبوت التي تعمل في مناطق لا يمكن للإنسان الوصول إليها مثلاً، أو التحكم حركة أجهزة ما، فهذه الشاشة تمكن الشخص من رؤية المحيط بشكل واضح تماماً وبالتالي من التحكم الصحيح في الجهاز.
وقد تغزو هذه التقنية كافة المجالات الحياتية، بما ذلك صالة الجلوس والمكتب والمصنع والمطبخ أيضا، فقد أنشأ معهد هاينريش هيرتس في معرض سيبت الدولي مطبخا تقوم فيه امرأة بالتحكم في عدد من الأجهزة عن بعد. ويقول دوكشتاين: "إن الأمر ليس غبيا كما قد يبدو للبعض في الوهلة الأولى، فكل واحد منا يمكنه تخيل الموقف إذا ما كان بصدد خلط عجين ما يحتوي على الكثير من الدهون، واضطر إلى تصفح كتاب طبخ، فمن الأكيد أنه ينزعج جدا عندما يرى بقعا دهنية على الكتاب." ويؤكد الخبير إنه من خلال هذه التقنية، يمكن تصفح الكتاب فقط بمجرد تحريك الإصبع عن بعد، دون الحاجة إلى لمس الكتاب.