على مدى سنوات تتجاوز الأربع كان برنامج "نورة" اليومي ينقسم بين النوم الطويل بعد السهر الطويل ثم الاستيقاظ الكسول لتبدأ نشاطها بتبديل شرائح الهاتف الجوال ومن خلالها ومع شبكة الانترنت كان الاصدقاء الالكترونيون يختفون ويظهرون واحدا تلو الآخر.
تتذكر "نورة" كيف اشتبكت في أولى صداقاتها بعد التقاط رقم جوال مميز جراء عبثها في خدمة البلوتوث في السوق وباستشارة زميلة إلكترونية مطلقة يضم رصيدها ستة ايميلات وأربع شرائح جوال مع قائمة طويلة من أصدقاء "المسنجر" الجهاز ارسلت "نوره" لعابث السوق رسالة من شريحة اشترتها لهذا الغرض وزودته ببريدها الإلكتروني الجديد.
وبعد عدة مراسلات بدأت معه حكاية البدايات المعهودة من التظاهر بعدم الاهتمام ثم الأسئلة الروتينية وكان أن قدمت له نفسها باسم وشخصية مختلفة – بناء على وصفة صديقتها- وبعد ثلاثة اسابيع من الحوارات اليومية الحميمة اعطته بعض المعلومات الشخصية وتدريجيا انتقل الحوار المسنجري الى الصوت ثم الجوال ولما طلب الصديق الالكتروني اللقاء وحدد استراحة أهله مكانا خافت "نورة"وأحرقت شريحتها وحلمها في صديقها.
لم يكفها ما حصل ففي واحدة من مغامراتها التقطت عبر منتدى حواري شبحا إلكترونيا توقعت بعد ستة أشهر من الحوارت والاتصالات أنه جدير بثقتها وبعد أول لقاء مشبوه معه عرفت أنها وقعت بين براثن ذئب بشري فدفعت ثمن الحوارات الساخنة كثيرا من البكاء والخوف والذل في ليلة سوداء لم تنم بعدها حتى سقطت من الإعياء.
(هو) زوجها اليوم – وكأغلب الأيام- وحيد في الغرفة المجاورة منذ ثلاث ساعات يتصفح منتداه الالكتروني ويجري الحوارات ويتبادل الملفات والهمس والمكالمات مع الأعضاء والعضوات (ونوره) تتظاهر بمشاهدة التلفزيون وترسل دموعا لا تجد لها من يمسحها. (الأنيق) كان صديق "نوره" الالكتروني الأخير وزوجها الحالي منذ خمسة أشهر مرت كسنوات تقيلة. لا تعرف هل خدعها أم هي من خدعت نفسها، لم تنس أولى صدماتها معه حين سمعت زوجها "الأنيق" ثول اسبوع الزواج في حوار حميم جدّا مع " الرايقة" ملكة جمال المنتدى التي اشتهرت بأنها بعثت صورها المثيرة من خلال "المسنجر" لعدد من أعضاء المنتدى لتفوز بالترشيح. وكانت "نورة" العضوة السابقة والزوجة الحزينة اليوم من ضمن اللذين بادروا لترشيحها وكتبت انذاك بجماس معززة ترشيح "الرايقة" لجمالها وجرأتها وتمردها على التقاليد!. قال لها " الأنيق" حين احتجت.. لاتنسي انا المشرف على المنتدى واعرف كل مراسلاتك الخاصة فلا تتحدثي عن الأخلاق. وعلى ايقاع قهقته في الغرفة المجاورة تذكرت رد أمها بعد أن هددتها أنها ستتزوجه حبيبها الالكتروني بالقوة حين قالت الأم الأرملة.. انا نصحتك واذا مصرّة الله يهني سعيد بسعيده.
فايز بن عبدالله الشهري - صحيفة الرياض