“غاندي الصحراء الغربية”: المرأة التي أحرجت العالم وكسرت انف المغرب

شكل اسم “امينتو حيدار” العنوان الأبرز في نضال الشعب الصحراوي هذا العام ، حيث شدت إليها كل الأنظار من منظمات دولية وهيئات ودول وشخصيات لتستحق بجدارة أن تكون نجمة الإعلام الأولى عبر العالم، موقعة بذلك نهاية حلقة من مسلسل طويل لاتزال فصوله مستمرة في سبيل نيل الحرية والاستقلال.

و لأول مرة منذ عدة سنوات يحس الشعب الصحراوي بطعم انتصار حقيقي مدوي، انتصار شريف سجله له كل العالم بالصورة والصوت وعلى المباشر.
عادت الناشطة الحقوقية الصحراوية، أمينتو حيدار، التي انتزعت لقب “غاندي الصحراء الغربية”، إلى لعيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة واضعة بذلك حدا لإضراب عن الطعام بمطار لانثاروتي الاسباني لمدة 32 يوما كاملة أدخلها إلى المستشفى بسبب تدهور شديد في حالتها الصحية وهي التي منعت من العودة إلى وطنها بعد منع طائرتها من الهبوط بمطار العيون ونفيها إلى جزر الكناري.
و سيبقى يوم السابع عشر ديسمبر 2009 منعطفا حقيقيا للصحراويين نحو طريق العزة والأمجاد، معلنا عن بداية لمرحلة جديدة لا يعتريها ذل ولا استكانة.
فالصمود الذي تسلحت به المناضلة الصحراوية دق الأجراس في كل عواصم العالم باسم الصحراء الغربية، لتعبر معها القضية الصحراوية إلى محافل الفعل الدولي.
عودة اميناتو حيدار إلى الصحرا ء الغربية “انتصار للعدالة”

قالت اميناتو حيدار من العيون، أن بشائر الاستقلال على وشك التحقيق، معتبرة عودتها إلى وطنها المحتل انتصارا حقيقيا للعدالة ولمحبي السلام وللشعب الصحراوي بصفة خاصة:

كما أطلقت اميناتو حيدار نداءا للإفراج عن المعتقلين الصحراويين في السجون المغربية، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك أكثر من اجل إقرار حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره:

و أعرب الرئيس الصحراوي عن آماله في أن تكون هذه العودة “خطوة أولى على طريق التكوين العاجل لآلية الأمم المتحدة تسهر على حماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية و مراقبتها و التقرير عنها”.
وهنأ الرئيس الصحراوي بهذه المناسبة حيدار على “شجاعتها و صمودها وإصرارها على التشبث بالحق والقانون والمقاومة السلمية المشروعة وتحملها في سبيل ذلك لأصعب الظروف رغم حالتها الصحية المتأثرة بسنوات الاعتقال والاختفاء القسري”.
من جهته، أعرب ممثل جبهة البوليساريو في اسبانيا محمد خداد عن “ارتياحه” لعودة الناشطة الصحراوية لحقوق الإنسان اميناتو حيدر إلى العيون المحتلة قائلا “نحن مرتاحون لهذه النهاية السعيدة،أخيرا عادت إلى وطنها وأسرتها” مذكرا أنه يوجد “العشرات من الأشخاص معتقلين بسبب علاقتهم بنزاع الصحراء الغربية”.
أضربت عن الطعام بسبب الظلم و انتهاك حقوق الإنسان

تم توقيف المناضلة الصحراوية لحقوق الإنسان أميناتو حيدار يوم 13 نوفمبر بمطار العيون بالأراضي الصحراوية المحتلة لدى عودتها من نيويورك حيث تلقت جائزة “الشجاعة المدنية” التي منحتها إياها مؤسسة جون تراين من أجل مقاومتها السلمية بالصحراء الغربية.
وقد قامت السلطات المغربية بطرد المناضلة الصحراوية من أجل حقوق الإنسان أميناتو حيدار التي حرمت من جواز سفرها يوم 14 نوفمبر من العيون نحو جزيرة لانثاروتي بجزر الكناري حيث شرعت في إضراب مفتوح عن الطعام مطالبة بعودتها إلى الصحراء الغربية.
و كانت حيدار أوضحت حينها قائلة أنه بالرغم من الإضراب عن الطعام إلا أن “معنوياتي جد عالية أكثر من أي وقت مضى”، مؤكدة أن الرسالة التي تسلمتها من طفليها “زادت من قوتها و عزيمتها على مواصلة نضالها”.
و بعد أن أكدت أن جبهة البوليزاريو “هي الممثل الشرعي الوحيد” للشعب الصحراوي أضافت المناضلة الصحراوية أنه من واجب الحكومة الإسبانية إيجاد حل “للوضعية التي تسببت في خلقها” بعد قبولها استقبال المناضلة عقب طردها من الصحراء الغربية.
و من جهة أخرى طلبت المناضلة الصحراوية لحقوق الإنسان “من العالم وبالخصوص من الأمهات” دعم مطلبها بالعودة إلى الصحراء الغربية موجهة “نداء ملحا للدفاع عن حقوق شعبي الشعب الصحراوي”.
و عبرت حيدر عن استنكارها قائلة “في الوقت الذي نحيي فيه يوما مقدسا بالنسبة للبشرية يوم المثل و المبادئ التي تضمن الحقوق الأساسية أجد نفسي كمدافعة عن حقوق الإنسان مضربة عن الطعام بسبب الظلم و انتهاك حقوق الإنسان”.
وقد كتبت المناضلة الصحراوية “اليوم و ككل يوم يمضي أتألم عندما أفكر في رفاقي المسجونين. أتألم كذلك عندما أفكر في المدافعين عن حقوق الإنسان السبعة الذين سيمثلون أمام المحكمة العسكرية بسبب قرار تعسفي اتخذته الحكومة المغربية و قد يحكم عليهم بالإعدام. كما أنني أفكر في الشعب الصحراوي المضطهد و المعرض يوميا لقمع الأمن المغربي في الأراضي الصحراوية المحتلة”.
قضية “حيدار“… إنقلب السحر على الساحر
إن الملحمة التاريخية التي خاضتها حيدار منذ أكثر من ثلاثين يوما قد عرت الكثير من المواقف و فضحت زيف و كذب الشعارات التي لطالما تغنى بها البعض و زايد بها البعض الأخر، و كشفت للعيان مدى ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب حينما يتعلق الأمر بمصالحه.
لقد إنقلب السحر على الساحر كما يقال، فعودة أمينتو لأرض الوطن بشروطها هي وحدها درس يلقن للعالم بأسره، بالرغم من كل ما ردده مسئولو الرباط بأن حيدار لن تعود إلا إذا قدمت اعتذارا للملك وأعلنت أنها مغربية، وهو ما يجعل المغرب يخسر معركته التي دخلها على كل الأصعدة.
لقد وضعت “قضية حيدار” الحكومة المغربية في موقف لا تحسد عليه و لم تحسب له حساب عندما أقدمت على اتخاذ قرار إبعادها قسرا عن وطنها ، حيث ظنت أنها بذلك القرار الجائر و المنافي لكل القوانين و الأعراف الدولية ستغلق ملف “حيدار” نهائيا في الوقت الذي كانت فيه قد أسدت لها و للقضية الصحراوية خدمة جليلة من حيث لا تدري مما ينم عن تخبط سياسي لا مثيل له .
على خلفية قضية حيدار… إطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات بات ضروريا
حركت قضية الناشطة الصحراوية أمينتو حيدار الرأي العام الدولي وشدت انتباه العالم إلى القضية الصحراوية، كما كشفت تراخي المجموعة الدولية في حل هذا النزاع الذي تجاوز ثلاثة عقود، الأمر الذي عجل بضرورة انطلاق الجولة الخامسة من المباحثات “فور الإمكان” .
فخيار الاستفتاء يلوح عليه القادة الصحراويون بشدة، وهو ما تدعمه الأمم المتحدة وتعمل عليه من خلال بعثتها (المينورسو)، بالإضافة إلى توصية مجلس الأمن الأخيرة التي دعا فيها إلى إجراء مفاوضات بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمغرب، دون شروط مسبقة للتوصل إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
و كان طرفا النزاع قد التقيا بالنمسا شهر أوت، في محادثات غير رسمية تهدف إلى كسر الجمود الذي أعقب مفاوضات “مانهاست” الأمريكية التي التقى بها الطرفان على طاولة المفاوضات في أربع مناسبات من جوان 2007، برعاية أممية، لكنهما لم يتوصلا إلى حل يذكر بعد تعنت المغرب إزاء الحل المقدم من طرف جبهة البوليساريو في أفريل 2007، والقاضي بتنظيم استفتاء حر ونزيه في الصحراء الغربية، يختار فيه الشعب الصحراوي وحده، إما الاستقلال “الحكم الذاتي” أو الاندماج مع المغرب.
جاء هذا بعد جولتين قام بهما المبعوث الأممي كريستوفر روس الذي عين في بداية السنة الجارية من طرف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلفا للدبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم الذي انتهت مهامه في نوفمبر 2008.
ودشن روس أول زيارة له إلى المنطقة بتاريخ الأربعاء18 فيفري 2009، في إطار بعث المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو، وخلالها قام بزيارته لمخيمات اللاجئين بالصحراء الغربية، والجزائر والمغرب قبل أن يتوجه إلى مدريد ثم إلى باريس.
كما قام بزيارة ثانية للمنطقة في أواخر جوان الماضي، وفي ختامها عبر عن تفاؤله بخصوص التوصل إلى اتخاذ خطوة أولى نحو حل لقضية الصحراء الغربية، وأشار إلى أن حل النزاع من طرف منظمة الأمم المتحدة يسير في الطريق السليم.
آخر مستعمرة في إفريقيا ..أين المصير؟

لقد عانى الشعب الصحراوي كثيرا من تبعات حرب ظالمة شنت ضده في سنة 1975 من طرف الدولة المغربية، وهو اليوم يعيش في ظروف صعبة.
وكانت آخر لائحة لمجلس الأمن الاممي (1987) قد طالبت المغرب وجبهة البوليزاريو أن “يواصلا مفاوضاتهما تحت إشراف الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية مع مراعاة الجهود المبذولة منذ 2006 و كذا المستجدات التي طرأت من أجل الوصول إلى حل سياسي مقبول من كلا الطرفين و يفضي إلى استفتاء حول تقرير مصير الشعب الصحراوي”.
والهدف من هذه المفاوضات هو التوصل إلى حل سياسي للنزاع في الصحراء الغربية يحترم حق تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وعلى بعد أيام من انتهاء مهلة إنهاء خطة عمل العشرية العالمية الثانية للقضاء على الاستعمار، والمحدد بعام 2010، لا زال الشعب الصحراوي ينتظر الدعم من المجتمع الدولي وأن تلعب الأمم المتحدة دورا نشطا في البحث عن حل عادل لهذا الصراع المأساوي، فأي مصير ينتظره؟.