أجندة حافلة للسينما الجزائرية سنة 2009

شهدت سنة 2009 أحداثا سينمائية تركت بصماتها راسخة في تاريخ أرشيف السينما الجزائرية سيما الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم العربي إلى جانب المهرجان الإفريقي للسينما دون أن ننسى ذكر انطلاق تصوير الفيلم الجديد لرشيد بوشارب المعنون ب “الخارجون عن القانون” إلى جانب عرض فيلمه الاخير ” لندن ريفر” بقاعة الموقار بمناسبة الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة فيما خلق فيلم مسخرة الحدث السينمائي بتتويجه في العديد من المهرجانات الدولية وبالتالي تشريفه للفن السابع الجزائري دون أن ننسى ذكر الجوائز التي حاز عليها فيلم ” حراقة” للمخرج الجزائري المغترب بفرنسا مرزاق علواش كما تم أيضا تخصيص تكريمات للسينما الجزائرية سواء عربيا أو غربيا مثلما كان الحال بمارسيليا بفرنسا و بطوكيو باليابان وبالقاهرة بمصر.
على غرار السنوات الفارطة حلت الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم العربي على الوهرانين ، تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وبإشراف من وزارتي الثقافة والاتصال وولاية وهران ،هذه السنة في الفترة الممتدة ما بين 23-30 جويلية 2009 وقد تقرر تغيير موعد الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم العربي، الذي كان محدد مابين 2-9 جويلية 2009 مثلما أعلن عنه محافظ المهرجان حمراوي حبيب شوقي العام الماضي، لتزامنه مع الحدث القاري المتمثل في احتضان الجزائر فعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني ،المنظم في الفترة من 05 إلى 20 جويلية ،وعرف المهرجان في افتتاحه تنظيم العديد من التكريمات خاصة بوجوه فنية من مصر يسرا، الجزائر عبد القادر علولة وفلسطين رشيد مشهراوي وذلك على ركح المسرح الجهوي لوهران وامام جمع غفير من المدعويين .
وشاركت في مسابقة المهرجان عشرة أفلام عربية وهي من سورية “أيام الضجر” لعبد اللطيف عبد الحميد ومن الإمارات “الدائرة” لنواف الجناحي وهو أول عمل للمخرج وثلاثة أفلام من مصر هي “خلطة فوزية” للمخرج المصري مجدي أحمد علي و”ميكانو” لمحمود كامل مع خالد الصاوي وتيم حسن ونور و”دكان شحاتة” للمصري خالد يوسف بمشاركة هيفاء وهبي.
كما تمثلت المشاركة الجزائرية بفيلم عبد الكريم بهلول “رحلة إلى الجزائر” وأيضا “بن بولعيد” لأحمد راشدي بينما شارك المغرب بفيلم “كازانيغرا” لنور الدين لخماري وكان هذا الفيلم لقي نجاحاً كبيراً لدى عرضه في الصالات المغربية كما نال بطلاه جائزة التمثيل في مهرجان دبي السينمائي الدولي الأخير.
وشاركت تونس بفيلم “سينيسيتا” لإبراهيم لطيف أما من فلسطين فشارك فيلم “ملح هذا البحر” لآن ماري جاسر في المسابقة بجانب فيلم “الليل الطويل” للسوري حاتم علي والذي وضع له السيناريو هيثم حقي.
وترأس رشيد مشهراوي لجنة التحكيم التي ضمت الكاتب الجزائري واسيني الأعرج والمخرجة التونسية كلثوم برناز والنجمة المصرية نبيلة عبيد والمخرجة السورية واحة الراهب والناقد المغربي مصطفى المسناوي والسعودية مريم الغامدي محمد.
وتضمن المهرجان مسابقة للأفلام القصيرة ولجنة تحكيم خاصة بها تترأسها الكاتبة الدرامية اللبنانية كلوديا مرشليان.
كما تضمن عدداً من الأفلام خارج المسابقة بينها “ثلاثون” لفاضل جزيري و”عيد ميلاد” ليلى لرشيد مشهراوي و”أنا غزة” لأسماء بسيسو و كل ما “تريده لولا” لنبيل عيوش و”مسخرة” لالياس سالم. واختار المهرجان عنوانا لندوته الفكرية هذا العام “السينما العربية بين الرؤى القديمة والرؤى الحديثة” شارك فيها كل العديد من النقاد البارزين على الساحة الفنية السينمائية.
وبعد حجبها العام الماضي نظم المهرجان مسابقة أفضل مقال نقدي للكتاب والنقاد السينمائيين العرب وقيمتها خمسة آلاف دولار عن مقال نشر خلال العام ما بين تاريخي المهرجان بعدما قامت لجنة مختصة باختيار المقال الفائز بهدف ترقية وتشجيع النقد السينمائي. للإشارة تلقت اللجنة عشرة ترشيحات ثلاثة منها من الجزائر وسبعة من باقي الدول العربية وفي الأخير فاز بها الصحفي والناقد السينمائي المصري المقيم في لندن أمير العمري على جائزة قلم الأهقار الذهبي.
وأسدل الستار سهرة 30 جويلية بمسرح الهواء الطلق على المهرجان بتوزيع الجوائز على الفائزين في المنافسة الخاصة بالأفلام الطويلة والقصيرة حيث نال فيلم “خلطة فوزية” على جائزة الأهقار لأفضل فيلم طويل فيما عادت جائزة أحسن ممثلة لإلهام شاهين عن نفس الفيلم أما جائزة أحسن ممثل رجالي فعادت للمثل حسان قشاش في دور البطل في الفيلم مصطفى بن بولعيد الذي عن حاز الفيلم الجزائري “قوليلي” للمخرجة صبرينة دراوي على جائزة الأهقار الذهبي لأفضل فيلم قصير ليختتم الحفل، الذي حضره جمع كبير من نجوم المهرجان والجمهور الوهراني إلى جانب وزير الاتصال السابق عبد الرشيد بوكرزازة و السلطات المحلية ،على وقع موسيقى الأغنية الرايوية الخفيفة من أداء الشاب بلال.
أما فيما يخص المهرجان الدولي للسينما الذي كان شعاره “بانوراما على السينما الإفريقية” فقد تم تنظيمه في الفترة الممتدة من7 إلى19 جويلية الفارط ،في إطار البرنامج العام لفعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني الذي احتضنته بلادنا من 05 إلى 20 جويلية


، وقد عرفت التظاهرة، التي افتتحت بقاعة ابن زيدون برياض الفتح،عرض أكثر من 120 فيلما بين خيالي و وثائقي، حيث تم عرض 88 فيلما أجنبيا مطولا و 29 فيلما جزائريا و 13 فيلما قصيرا من إفريقيا و أفرو-أمريكي.
و فيما يتعلق بالانتاجات السينمائية، برمج المنظمون أربعة أفلام وثائقية و يتعلق الأمر ب”الجزائر و حركات التحرر” الذي أنجزه جزائري و جنوب إفريقي و “المهرجان الثقافي الإفريقي سنة 1969 ” و “مبادرة الشراكة الجديدة من اجل تنمية إفريقيا (النيباد)” و “النساء الإفريقيات و التنمية”.
وتم عرض هذه الأفلام على مستوى ستة أماكن منها قاعات السينما الأربع لكل من رياض الفتح (كوسموس و ألفا و بيتا و محمد زينات) فضلا عن شاشات عملاقة بكل من حديقة الحيوانات ببن عكنون و الرويبة.
كما تم أيضا تخصيص أربع حافلات متنقلة للعروض السينمائية عبر ولايات الجزائر و البليدة و بومرداس و تيبازة.
وعلى هامش المهرجان كرمت أهم الوجوه السينمائية الإفريقية فضلا عن إعداد دليل خاص بالسينما الإفريقية باللغات الثلاث العربية و الإنجليزية و الفرنسية.
للإشارة فقد شهدت الفعالية تنظيم الملتقى الدولي حول السينما الإفريقية بفندق الاوراسي والذي خلص فيه المشاركون إلى المطالبة بإرساء قواعد “نيباد للسينما و الثقافة” في إفريقيا قصد إحياء الفن السابع في القارة .
ومن جهتها احتضنت مدينة سيدي بلعباس الطبعة التاسعة لمهرجان الفيلم الامازيغي، نظّم تحت رعاية وزارة الثقافة، والتي اهديت هذه السنة إلى سكان غزة ، في الفترة الممتدة من 11 إلى 15 جانفي، مساندة للشعب الفلسطيني في محنته وتأكيدا على رفض الجزائر للعدوان الإسرائيلي، وذلك من خلال برمجة العديد من النشاطات التضامنية من بينها عرض عدد من الأفلام لمخرجين فلسطينيين، كما عزفت الأركسترا السيمفونية الوطنية التي أشرفت على افتتاح التظاهرة مقاطع موسيقية تضامنا مع غزّة أمّا عن برنامج التظاهرة، فشهدت المسابقة الرسمية للمهرجان مشاركة 19 فيلما منها أربعة أفلام طويلة وتسعة أفلام قصيرة وأربعة أفلام وثائقية وفيلمين ترفيهيين لتتنافس على “الزيتونة الذهبية” و التي فاز بها المخرج المغربي علاوي المحرزي فيما حجبت الثلاث الجوائز خلال هذا اللقاء السنوي المخصّص للسينما الناطقة بالأمازيغية.
وإلى جانب المسابقة الرسمية شهدت التظاهرة أيضا عرض العديد من الأفلام عبر نوافذ المهرجان المختلفة بداية ببانوراما الأفلام الأمازيغية، التي ستشهد عرض ستة أفلام وعروض الأفلام الأجنبية التي تقترح على الجمهور 12 فيلما من جنسيات مختلفة وكذا عروض الشاحنات المتنقّلة. وبعد ايرلندا في 2005 ولبنان في 2007 سويسرا في 2008 ستكون السينما الإيرانية ضيفة المهرجان في طبعته المقبلة، وذلك بهدف اكتشاف هذه السينما التي فرضت نفسها وتميّزها لتكون في الجانبين الفني والتقني الأكثر تتويجا في المحافل الدولية خلال السنة الجارية. كما ستكون الطبعة فرصة لاكتشاف السينما المغربية من خلال برمجة عدد من الأفلام القصيرة المنتجة في الفترة ما بين ( 2008-2004) على غرار “طاولة العقاب” لعبد اللطيف فضيل، “زواج على الشاطئ” لمحمد أمين و”التبرك” لرشيد أزمير..
هذا فيما يتعلق بالمهرجانات أما فيما يتعلق بالأفلام فقد شهدت الساحة السينمائية الدولية تألق فيلم ” مسخرة” للمخرج الجزائري المغترب بفرنسا الياس سالم ، خلق هذه السنة الحدث مثلما كان الحال بالنسبة إليه العام الفارط، حيث توج بعدة جوائز دولية ناهيك عن ترشحه لنيل جائزة الأوسكار الخاصة بالأفلام الأجنبية إلا أن الحظ لم يسعفه للحصول عليها كان آخرها جائزة المهرجان الرابع عشر للفيلم العربي بواشنطن الأمريكية وكانت الفرصة مواتية لاقتراح عرض الفيلم في مختلف مدن الولايات المتحدة سنة 2010 بالتنسيق مع سفارة الجزائر بالولايات المتحدة الامريكية.

فيما استطاع فيلم “حراقة “للمخرج الجزائري المغترب أيضا بفرنسا مرزاق علواش من جهته حصد الجوائز والتألق دوليا حيث تمكن من افتكاك جائزة النخلة الذهبية في الدورة الثلاثين لمهرجان البندقية ويتناول علواش في شريطه موضوع المهاجرين غير الشرعيين الحالمين بمواسم هجرة مستمرة نحو فردوس الشمال وهو موضوع طالما تطرقت إليه الأعمال المغربية الوثائقية والسينمائية وفرض نفسه على المبدعين السينمائيين في السنوات الأخيرة.
ومن جهته عرض المخرج الجزائري المغترب بفرنسا رشيد بوشارب فيلمه الأخير” لندن ريفر” بقاعة الموقار خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الفارطة بحضور المرشح عبد العزيز بوتفليقة ويروي هذا الشريط قصة شاب إفريقي مسلم تعرف على فتاة إنجليزية مسيحية وعاشا معا تحت سقف واحد في أجواء من المودة والمحبة إلى أن حدثت كارثة لندن وتمثلت في تفجيرات إرهابية وقعت بمترو تلك المدينة.
كما كانت السينما الجزائرية حاضرة بمعهد الثقافات الأسيوية لجامعة صوفيا بطوكيو وذلك في الفترة الممتدة من 19 إلى 20 ديسمبر الفارط بمناسبة تنظيم فعاليات مهرجان الشريط الوثائقي الجزائري حيث تم فيه عرض فيلم ” الصين لا تزال بعيدة” للمخرج مالك بن إسماعيل.
“الصين لا تزال بعيدة” ،إنتاج مشترك جزائري – فرنسي، وهو فيلم يصور قصة سكان قرية “غسيرة” الجزائرية في أحضان جبال الأوراس مهد الثورة الجزائرية،خاصة الأولاد منهم، حيث يكشف المخرج مالك بن إسماعيل النقاب عن حقيقة مفعمة بالأحاسيس وحافلة بالتناقضات.
كما حلت السينما الجزائرية ضيفا على مواطني مدينة مرسيليا الفرنسية وذلك في إطار وقفة خاصة حملت عنوان ” سينما من الجزائر” تنظمها الجمعية المحلية السينمائية ” أفلام” التي تهتم بالتعريف بالسينما العربية.
وفي ذات السياق تعرف الجمهور السينمائي المارسيلي في الفترة الممتدة ما بين 5 نوفمبر إلى 6 من الشهر القادم على العديد من الأفلام الجزائرية والتي بلغ عددها 40 فيلما مطولا ، سواء تلك التي أنتجت خلال الحقبة الذهبية للسينما الجزائرية أو حديثا، ونذكر منها فيلم ” حسان طيرو” للمخرج محمد لخضر حمينة إلى جانب فيلم “الخارجون عن القانون ” لتوفيق فارس وهي أفلام تتناول الثورة التحريرية المباركة. وقد اختار المشرفون على التظاهرة عرضها تزامنا مع الذكر الـ 55 لاندلاع ثورة نوفمبر الخالدة.
كما عرض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ،من 10 إلى 20 نوفمبر الفارط، 12 فيلما جزائريا في إطار تكريم دورتها ال 33 للسينما الجزائرية في تقليد جديد تصبو منه إدارة المهرجان إلى تكريم السينما العربية والاحتفاء بها كل عام ممثلة في دولة بعينها.
واعتبر منظمو المهرجان أن هذا التكريم جاء تقديرا لعراقة تاريخها الذي يعود إلى البدايات الأولى للسينما العالمية وتميز مبدعيها الذين استطاعت أفلامهم المنافسة في اكبر المحافل والمهرجانات و في مقدمتهم صاحب السعفة الذهبية في مهرجان كان المخرج الكبير محمد الأخضر حامينة.
وتم خلال هذا التكريم دعوة نخبة من نجوم وصناع السينما الجزائرية.
كما نظم قسم خاص بهذه السينما تعرض فيه اثنا عشر فيلما جزائريا من بين أفضل وأحدث ما أنتج خلال السنوات الخمس الأخيرة.
والى جانب ما سبق ذكره كانت أجندة الفن السابع الجزائري حافلة بأحداث لا تقل أهمية عن سابقتها إلا أن المقام لا يسعنا لذكرها جلها في انتظار ما سيسفر عنه العام الجديد من أحداث أخرى و الذي نأمل أن يكون فال خير للفن السابع الجزائري.