أكدت المحامية والناشطة الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم بأن المعركة القانونية لاسترجاع حقوق الشعب الجزائري قد بدأت وأن فرنسا اليوم تعيش خوفا حقيقيا جراء ما اقترفته من جرائم حرب ضد الإنسانية وضد الطبيعة حين أقدمت على إجراء تجاربها النووية في الصحراء الجزائر ظنا منها أنها ستدخل بذلك مصاف الكبار فسقطت من أعين الصغار والكبار. وأضافت بن براهم أن دليل خوف فرنسا ومحاولة إخفاء عارها كذلك هو امتناعها عن تسليم الأرشيف الجزائري في الحقبة الاستعمارية.
وقالت المحامية بن براهم في الندوة التي نظمت بمنتدى المجاهد في الذكرى الـ 50 للتفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء اليوم السبت بأن فرنسا كذبت على هيئة الأمم في تقريرها الذي قدمته عام 1957 عن طريق ممثلها، وقالت بأنها ستجري مجرد تجارب نظيفة في منطقة رقان وهي تخلو تماما من الساكنة ولا تشكل أي خطر على المنطقة، فكذبت فرنسا التي كانت تريد بتلك التجارب كسب سلاح نووي غير مبالية بالنتائج وتجردت من كل إنسانية فاستباحت الإنسان والأرض.
وكشفت بن براهم عن حصول الجزائر وبصعوبة على”تقرير سري عسكري ” يقول بأنه كان يتواجد ما يقارب 40 ألف جزائري متواجد في منطقة إجراء التجارب النووية الفرنسية آنذاك وفي كل 10 كلم تتواجد جماعة تضم 500 شخص وهذا ما يكشف عن وجود أعداد كبيرة من الضحايا، وهذا حسب المختصة في شؤون القانون جريمة متواصلة لتجارب ملوثة منذ 1960 لاتزال إلى يومنا آثارها تحصد الأرواح وهذه حقائق تسعى فرنسا لإخفائها والتستر عليها خصوصا أن التجارب الفرنسية كانت باستخدام مادة البلوتونيوم التي يبقى خطر مفعولها على الأرض وعلى الإنسان 24400 سنة .
وقالت بن براهم التي ترأس جمعية مناهضة الفكر الاستعماري بأن ما ساعدها وشجعها هي وزملاءها الناشطين في مجال التحقيقات حول موضوع مخلفات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية هو المعركة التي خاضتها جمعية قدماء المحاربين في الجيش الفرنسي وخصوصا محامي الجمعية الأستاذ “توسي ليار” الذي دافع عنهم باستماتة كبيرة أمام الهيئات القضائية ورفع دعوة جزائية مع التأسيس كرف مدني أمام قاضي تحقيق محكمة باريس يطلب فيها فتح تحقيق ضد مجهول بسبب الأضرار والأمراض التي يعاني منها مدنيون وعسكريون سابقون في الجيش الفرنسي، وهذه السابقة التي تحاكم فرنسا أمام محاكمها وبالفعل فصلت محكمة باريس وأيدتها المحكمة العليا الفرنسية في القضية و أدانت الدولة الفرنسية والدفاع الوطني الفرنسي بتهمة ارتكاب جريمة كبيرة التفجيرات نووية التي ألحقت أضرار بهؤلاء، وهذا برأي بن براهم دافع خصوصا وأنه حكم يتضمن اعتراف دولة بجرائمها، وتحركت فرنسا بفعل هذا الضغط -تضيف بن براهم- لتصدر قانونها الأخير لتعويض ضحاياها من التجارب النووية. وهذا القانون تقول بن براهم أنه استثنى الجزائر وضحايا تماما وكأنه لم يحدث شيء فكان الدليل الذي يثبت الإدانة.
وعن الإجراءات القانونية التي يشتغل المختصون عليها في هذا الملف ، قالت بن براهم أنه يجري العمل الآن لتنصيب جريمة جديدة في قانون العقوبات وهي جريمة الدولة ومادام أن هذه التجارب النووية قامت بها الدولة الفرنسية وأمر بها رئيسها آنذاك الجنرال شارل ديغول، إذن هذه جريمة دولة، وتدخل في إطار تجريم الاستعمار الفرنسي وستجر فرنسا حتما إلى المحاكم الدولية.
من جانبه أكد الباحث في المجال النووي عمار منصوري بأن “فرنسا كانت على دراية تامة بكل ما قد يترتب عن هذه الجرائم النووية” من آثار جسيمة على أشكال الحياة في المنطقة إلا أنها قامت بإجراء عمليات اليربوع الأزرق و الأخضر و الأحمر و الأبيض ما بين ال13 فيفري 1960 و 25 أفريل 1961 و التي فاقت قدرتها التفجيرية التي وصلت الى 600 كيلو طن القدرة التدميرية لقنبلة هيروشيما اليابانية بـ 40 مرة.
وأكد بأن “الأضرار المترتبة عن هذه التجارب الفرنسية بمناطق جنوب الجزائر ستستمر في الظهور مع مرور الزمن في الوقت الذي تبقي فيه الجهات الفرنسية الأرشيف مغلقا”.
من جهتها أكدت آسيا موساي المختصة في الأورام السرطانية بأن التعرض للإشعاعات النووية يسبب 18 نوعا من السرطان على غرار سرطان الثدي و الغدد “الدرقية و الكظرية و التناسلية و النخامية” و سرطان الرئة و الكبد و القولون و العظام و غيرها.
كما تسبب هذه الإشعاعات أيضا تشوهات خلقية سواء بالنسبة للأشخاص البالغين أو الصغار و حتى الأجنة مع مرور الوقت و ذلك مهما كانت نسبة تعرضهم للأشعة.
كما تبقى آثار جرائم الاستعمار شاهدة على فظاعتها وفي هذا الصدد قدمت بالمناسبة بعض الشهادات الحية لأشخاص تعرضوا لهذه الإشعاعات على غرار شنافي محمد من العاصمة الذي اعتقلته السلطات الاستعمارية سنة 1960 و أجبرته على العمل لمدة 3 أشهر في قاعدة بـ “رقان” تحضيرا لإجراء التجارب النووية و جعلته موضوع تجريب و هو يعاني من عدة أمراض مزمنة.
كما روى بوجلال عمار من ولاية برج بوعريريج الذي شارك في شق طريق الوحدة الإفريقية بـ “عين أمقل ” (1987-1989) هو أيضا معاناته مع مجموعة من الأمراض سرطان الغدد “النخامية و الدرقية و الكظرية التناسلية” وأمراض القلب و العيون والكوليستيرول إضافة الى شلل نصفي .