مقهى الإنترنت «إن صح الجزء الأول من تسميته» مكان مختلف عن غيره من المقاهي.. مكان سمة رواده الانعزال عن العالم الخارجي.. والالتصاق بأجهزة كمبيوتر يعملون عليها، وهم في صمت مستمر خلال فترة الجلوس والاستخدام.. تقطعه بين فترة وأخرى أصوات لطقطقة مفاتيح لوحة الكيبورد، أو للنقر على أزرار الفأرة، أو لحديث منخفض باستخدام «الهيدفون» على أحد برامج الدردشة..
واليوم.. لا يخلو معظم مقاهي الإنترنت أينما وجدت في مجتمعنا، ومهما اختلفت الخدمات التي تقدمها، لا تخلو من عنصر النساء الذي يطعّم العديد من أجهزة الكمبيوتر التي تحتويها.. والملاحظ أن الفتيات من طبقات وفئات عمرية مختلفة.. يقصدن هذه الأماكن أسوة بالشبان.. في وقت غزت فيه التقنية كل فرد، وأصبح تعلمها والإفادة من الخدمات التي تقدمها ضرورة للذكر والأنثى على حد سواء.
ضرورة في الأغلب..
الكثير من الفتيات اللواتي يرتدن مقاهي الإنترنت يؤكدن أن الغاية من ارتياد المقهى تكون لأمر ذي أهمية.. حيث توضح «رشا» الطالبة في كلية التربية قسم الإرشاد النفسي أنها تقصد المقهى المجاور لكليتها بين فترة وأخرى بغرض تصفح بعض المواقع التي تمدها بمعلومات حول حلقة بحث معينة تقوم بإعدادها، وتقول إن هذه المقاهي هي المكان المفضل بالنسبة لمعظم طلاب الجامعات على اختلاف الجنسين إناثا كانوا أم ذكوراً.. نظراً للسرعة وكثرة النتائج المتوافرة على شبكة الويب مقارنة بعملية البحث التقليدية في المكتبات العامة.
على حين تبين «صفاء» الطالبة في كلية العلوم الطبيعية أنها تقصد مقهى الإنترنت بين فترة وأخرى، وبصورة مستمرة منذ نحو سنتين، وبغرض الاتصال مع أقربائها في الخارج وتحديدا في ألمانيا، وتضيف: أجور الاتصالات التقليدية مرتفعة كثيراً مقارنة بالاتصال عن طريق برامج المحادثة الشائعة في مقاهي النت وتوفر ميزات إضافية كإمكانية التواصل البصري وإرسال الملفات، وبالنسبة لي كفتاة لا أجد مشكلة في التعامل مع هذه البرامج أو في ارتياد المقاهي.. فما المانع؟.
وللترفيه أيضاً..
تستخدم «سيرين» خريجة هندسة مدنية شبكة الإنترنت المتوافرة في مقاهي الإنترنت بالقرب من مكان سكنها بغرض زيارة بعض المواقع التي تقدم محتوى ترفيهياً.. وتقول إنها تهتم بالنصائح التي تقدمها مثل هذه المواقع حول العناية بالبشرة أو الحفاظ على الرشاقة، وتتابع الجديد من أخبار الفنانين وغير هذا وذاك من المواقع الترفيهية كمواقع الأغاني والنكت.. وكل ذلك خلال فترة وجودها في المقهى الذي يوفر هذه الخدمات..
أما «هيا» فتقول إنها ترتاد مقهى الإنترنت مثل كثيرات غيرها بغرض متابعة ما يحتويه صندوق الوارد خاصتها من رسائل الكترونية جديدة مرسلة إليها في بريدها الالكتروني حيث تقوم بقراءة هذه الرسائل والرد عليها أو إعادة توجيهها، وتتابع.. في أحيان أخرى يكون غرض حضوري في المقهى للدردشة وبناء صداقات افتراضية جديدة وتكون هذه الصداقات أحياناً من دول أخرى عربية وأحياناً من البيئة المحلية نفسها وتؤكد في نهاية حديثها أن ذهاب الفتاة إلى مقاهي الإنترنت أمر طبيعي وعادي يؤكد مساواة المرأة بالرجل وحقها في الانتفاع من التقنية واستخدامها مثله على حد سواء.
أوقات محددة
يقول السيد «أيهم» مالك لأحد مقاهي الإنترنت: إن هذه الأمكنة لا تخص جنساً دون آخر، فالزبائن لديه من كلا الجنسين، ويضيف صحيح أن نسبة الترجيح للذكور الذين يرتادون المقهى باستمرار لكن الزبائن من الجنس الآخر لا يقلون شأنا أيضا، ويوضح أن الفتيات لهن أوقات محددة لارتياد المقهى تزداد أعدادهن فيه هي في فترة الدوام الصباحي الذي يمتد من العاشرة حتى الرابعة ظهرا وهو وقت يتزامن مع أوقات دوامهن في الجامعة، على حين أن النسبة تقل جداً حتى تكاد تنعدم في الأوقات المسائية.
غرف خاصة
بعض مقاهي الإنترنت يخصص أقساماً خاصة لزوارها من الفتيات حيث يبين «سامر» صاحب أحد المقاهي في منطقة البرامكة أنه يقوم بهذا الإجراء تجنباً لأي إحراج يمكن أن يحدث نتيجة وجود أجهزة مختلطة، ويضيف بالقول: هناك بعض الفتيات يفضلن الجلوس بمفردهن لذلك قمت بتخصيص قسم من المقهى لهذا الغرض لكن هذا القسم في كثير من الأحيان لا يشغل بشكل كامل على حين يغص القسم الخاص بالذكور بالزبائن لذلك أضطر في بعض الأحيان إلى تحويل جزء من الذكور لقسم الإناث في حال لم يمانعوا.
لكن الملاحظ في معظم مقاهي الإنترنت أن الشكل الغالب لتوزيع الإناث والذكور هو الشكل المختلط للذكور والإناث على السواء وهذا بحسب الكثير من أصحاب المقاهي في المنطقة نفسها.
المعيار هو التدخين
يتحدث السيد «أمين» عن معايير أخرى يتبعها في المقهى الذي يتولى إدارته فيقول: لا أميّز عند توزيع الأجهزة للزبائن بين الذكور والإناث، والمعيار الذي أتبعه هو التمييز بين المدخنين وغير المدخنين، وعندما يأتي المستخدم لحجز جهاز ما أسأله إن كان من المدخنين أو لا وبحسب الإجابة يتحدد مكان جلوسه، فلدي لكل فئة منهم قسم خاص.
ويتابع الخلاف لا يكون في حال كان المستخدم ذكرا أو أنثى.. ولا أذكر أن أي شكوى جاءتني بهذا الغرض من الذكور ولا من الإناث.. لكن الكثير من الزبائن غير المدخنين يشتكون في حال تم وضعهم بجانب مدخن وخاصة أن فترة الجلوس تمتد لساعات وساعات للبعض منهم.
نكهة خاصة
يقول «زين».. طالب جامعي ومرتاد دائم لمقاهي الإنترنت إنه يرى وجود فتيات في المقهى مظهر مقبول ومنتشر بكثرة في هذه الأيام ويضيف: بالنسبة لي كشاب أرى أن وجود الفتاة في المقهى يعطيه «نكهة خاصة» ويشعرني بالاطمئنان إلى كون من أتحدث معهم في صفحات الدردشة دون أن أعرف هويتهم من المحتمل جداً أن يكونوا إناثاً فعلاً.