حملت الصحف البريطانية مصر قسطا كبيراً من مسؤولية التوتر الحاصل بين الجزائر والقاهرة، سيما بعد أن انساق السياسيون وراء حملات تعبئة الجماهير وتهييجهم ودفعهم للانتقام من الجزائريين الذين فازوا فوق البساط الأخضر لملعب أم درمان بالسودان.
وقد تباينت مواقف الصحف العالمية واتجاهاتها حيال الأزمة التي نشبت بين الجزائر ومصر مؤخرا بسبب مباراة كرة القدم التي حسمت التأهل للخضر بعد فوزهم في المباراة الفاصلة، حيث منحت القضية قسطا كبيرا من اهتمامها وتباينت آراء الصحفيين بخصوصها، واعترف الجميع أن الجزائر كانت الضحية خلافا لما يدعيه المصريون بخصوص ما حدث في السودان.
الصحف البريطانية: "مبارك يسكب البنزين على النار"
ففيما وصفت صحيفة "التايمز" تعليق النجل الأكبر للرئيس مبارك على الأحداث الأخيرة بالمثير للفتن بين الجزائر ومصر، خرجت صحيفة "الغارديان"، لتؤكد أن خطاب الرئيس مبارك نفسه ساهم في تعزيز مشاعر الغضب لدى المصريين من كل ما يرمز للجزائر ما تسبب في حدوث أعمال شغب في مصر ومطاردة الجزائريين هناك.
وتحت عنوان "مبارك يسكب البنزين على النار مع تصاعد شغب كرة القدم"، أكدت الغارديان أن تصريحات رئيس جمهورية مصر وتعهده بحماية مواطنيه في الخارج، ساهمت فى تعزيز الأزمة القائمة، موضحة أن مبارك ـ على حد وصفها ـ "لم يفعل شيئاً لتهدئة التوتر". واستندت الغارديان إلى صحفي معارض يدعى "حازم الحملاوي"، لتنقل عنه قوله "إن عصابة مبارك ضربت وقتلت مصريين أكثر من أي مشاغبين".
التايمز: "نجل مبارك الأكبر ساهم في تأجيج الأزمة"
من جهتها، لم تغرد صحيفة "التايمز" بعيداً عن موقف الصحف البريطانية، لكنها اهتمت بتعليق النجل الأكبر للرئيس مبارك، والتى حمل فيها الجزائر حكومة وشعباً مسؤولية ما لحق بمشجعى بلاده من ترويع وإرهاب سواء عقب المباراة فى السودان، الأمر الذى تزامن مع اعتداءات على الجالية المصرية فى الجزائر، وتدمير الشركات المصرية العاملة هناك وعلى رأسها أوراسكوم، المقاولون العرب، مصر للطيران وغيرها، وهو ما اعتبره المحللون تأجيجا للصراع الذي نشب بين البلدين.
الصحف الأمريكية: "الجزائريون ردوا على ما تعرضوا له في القاهرة"
وعلى خلاف الصحافة البريطانية، حملت وسائل الإعلام الأمريكية الجانبين المصرى والجزائرى مسؤولية الأزمة رغم اعترافها الصريح بأن الجزائريين ردوا على ما تعرضوا له في القاهرة في مباراة السودان.
وأوضحت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن خطاب مبارك الأخير، سعى لاحتواء الأزمة وتهدئة غضب المصريين مما لحق بهم من إهانات، لكن الصحيفة أكدت فى الوقت نفسه أن مشجعي البلدين أخطأوا، فالمصريون ـ على حد وصفها ـ تعرضوا لبعثة المنتخب الجزائري خلال تواجدها فى القاهرة، وألقوهم بالحجارة، فيما رد المشجعون الجزائريون الصاع صاعين خلال المباراة الفاصلة فى أم درمان.
لوس أنجليس تايمز: "الشرطة المصرية تعاطفت مع المشاغبين"
وألقت "لوس أنجلوس تايمز" اللوم على مصر، لاستدعاء سفيرها لدى الجزائر للتشاور بشأن آخر التطورات، معتبرة أن ذلك الموقف فاقم الأزمة بشدة، لكنها عادت وأشارت إلى أن مبارك لم يعط أي تصريح جازم بأن هناك اتجاها لقطع العلاقات مع الجزائر، أو تصعيد الموقف أكثر مما هو عليه، بل قال "نحن لا نريد أن ننجر وراء ردود أفعال متهورة".
وقالت الصحيفة "بدت قوات الشرطة المصرية، التى تعرف بقدرتها على سحق المظاهرات حتى قبل أن تبدأ، كما لو أنها تتعاطف مع المشاغبين". وترى "لوس أنجلوس تايمز" أن جميع الأطياف السياسية والإعلامية والشعبية اجتمعت على أمر واحد وهو ضرورة اللتنفيس عن الغضب الشديد المتأجج فى قلوب المصريين بسبب الأحداث الأخيرة، التى أثرت بعمق على الروح الوطنية فى وقت كان يبحث المصريون فيه عن الإلهام ومشاعر الفخر من دولة شابها الفساد وتفشي البطالة وفشل الخدمات الحكومية.